سقف أسعار النفط الروسي ليس الخطة البديلة المأمولة

توقعات بأن تشهد أسواق النفط تقلبات أكثر في الأسابيع المقبلة

روسيا بحاجة إلى أسطول ناقلاتها الخاص أكثر من أي وقت مضى عندما تتضرر من عقوبات الاتحاد الأوروبي
روسيا بحاجة إلى أسطول ناقلاتها الخاص أكثر من أي وقت مضى عندما تتضرر من عقوبات الاتحاد الأوروبي المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

من المتوقع أن تشهد سوق النفط تقلبات أكثر في الأسابيع المقبلة. اعتباراً من 5 ديسمبر، سيكون استيراد الخام الروسي عبر البحر إلى الاتحاد الأوروبي، مع استثناءات طفيفة، غير قانوني بالنسبة إلى شركات الاتحاد الأوروبي التي تقدم خدمات مثل التأمين والتمويل للسفن الحاملة للنفط في أي مكان في العالم.

إذا جرى التصديق على الجولة الأخيرة من العقوبات فإن استخدام السفن الأوروبية في هذه التجارة لن يكون قانونياً أيضاً.

يمكن أن يكون الاضطراب هائلاً، فقد فقدت موسكو بالفعل جزءاً كبيراً من سوقها الأوروبية، إذ تجنّب المشترون بضائعها حتى قبل بدء تنفيذ الحظر، لكنها ما زالت تشحن نحو 630 ألف برميل يومياً إلى دول الاتحاد الأوروبي.

مع ذلك، يُعَدّ حجم الشحنات المنقولة على مستوى العالم على متن سفن مملوكة لشركات أوروبية أكبر بكثير.

طالع أيضاً: معاناة روسيا الحقيقية في أسواق النفط تبدأ في فبراير 2023

خيارات روسيا

ليس لدى روسيا خيارات عديدة واضحة لإعادة توجيه هذه السعة، وتقريباً لا توجد خيارات قريبة. ارتفعت المبيعات إلى الهند، وبدرجة أقل إلى الصين وتركيا، في الأسابيع التي أعقبت أمر الرئيس فلاديمير بوتين قواته بغزو أوكرانيا. لكن هذا التدفق بلغ ذروته في يونيو وتراجع قليلاً في الأشهُر الأخيرة.

قد لا ترغب نيودلهي وبكين وأنقرة في زيادة أحجام الشحنات دون تخفيضات أكبر للأسعار. من المؤكد أنهم سيرون احتمالية تعثر الخام الروسي بسبب العقوبات الأوروبية باعتباره فرصة لمفاوضات صعبة حول ما يرغبون في دفعه.

بخلاف تلك الدول الثلاث، لم تحقق روسيا نجاحاً كبيراً في إيجاد عملاء آخرين. كما أنها تواصل إرسال شحنات عبر المحيط الأطلسي إلى أصدقائها في كوبا بين الحين والآخر. وانتهى المطاف بواحد أو اثنين في مصر أو في الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة.

جرى إرسال نحو 3 ملايين برميل إلى سريلانكا، لكن الناقلات التي تبحر في هذا الطريق اضطرت إلى الرسوّ قبالة ميناء كولومبو لأسابيع حتى تتمكن الحكومة من إيجاد الأموال اللازمة لدفعها.

إذا تقلص حجم الأسطول المتاح لنقل النفط الروسي مع خسارة السفن الأوروبية، فإن الفترات الطويلة من تعطل السفن المتبقية ستثير مزيداً من الصداع لموسكو.

عادةً ما يستغرق شحن النفط الخام من بحر البلطيق إلى الهند السفن ما لا يقل عن أربعة أضعاف مدة تسليم الشحنات إلى روتردام، لذا فإن نقل نفس الحجم سيتطلب أربعة أضعاف عدد السفن. ولا شك أن التأخيرات المطولة ستؤدي إلى زيادة هذا الاحتياج إلى أبعد من ذلك.

سقف الأسعار

سعت وزارة الخزانة الأميركية إلى التغلب على هذه المشكلة من خلال اقتراح سقف لأسعار الخام الروسي، وهي فكرة اكتسبت زخماً لدى الساسة في الدول الحليفة، حتى في ظل رفضها في أماكن أخرى.

المفهوم بسيط: إذا دفع المشتري أقل من السعر الذي لم يُتفَق عليه بعد، فيمكنه استخدام السفن الأوروبية وتأمين التمويل والتأمين. والهدف من ذلك هو الحفاظ على تدفق الخام الروسي مع تقليص عائدات الكرملين.

يبدو أن الرأي السائد في واشنطن هو أنه إذا جرى تحديد سقف سعر الخام الروسي عند مستوى أعلى من تكلفة الإنتاج فإن روسيا سيكون لديها حافز لمواصلة التصدير. لكن ما لا يبدو أنهم يفهمونه هو أن القرار بالنسبة إلى روسيا هو قرار سياسي لا تجاري.

اقرأ أيضاً: تحديد سقف لأسعار النفط الروسي يهدد بأزمة يسعى دُعاته لتجنبها

قال بوتين أكثر من مرة إنّ بلاده لن تبيع الخام للمشترين الذين يسعون لفرض سقف للأسعار، في حين أن ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء قال بعد اجتماع "أوبك+" الأخير في فيينا إنّ الآلية غير مقبولة، محذراً أيضاً من أنه قد يجبر روسيا على وقف بعض الإنتاج مؤقتاً.

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين كانت مخطئة عندما قالت إنّ سقف الأسعار سيساعدنا في الحفاظ على أسواق الطاقة العالمية ذات الإمدادات الجيدة، لكن هذا لن يحدث، فأنا لا أعتقد بإمكانية بيع برميل واحد من الخام الروسي بسعر محدد.

التدفق الحر للنفط

لكن هذا هو خيار بوتين، ولن يكون التدفق الحر لنفطه بديلاً لفكرة سقف السعر، بل تنفيذ عقوبات الاتحاد الأوروبي بكامل قوتها. يهدف الاقتراح الأميركي إلى توفير طريقة لتجنب تلك العقوبات، حتى لو رفض الرئيس الروسي الاستفادة منها. كما أن الكرملين سيراهن على أن وقف مضخات النفط في سيبيريا سيضر بالمشترين أكثر من روسيا، وهو حساب سبق أن أجراه بالفعل للغاز الطبيعي.

هل يمكن لأسواق النفط الصمود في وجه هذه الخسارة، إضافة إلى خفض قدره مليونا برميل يومياً في أهداف "أوبك+" التي ستدخل حيز التنفيذ في نوفمبر؟

طالع المزيد: وكالة الطاقة الدولية: قرار "أوبك+" بخفض الإنتاج سيرفع أسعار النفط ومخاطر الركود العالمي

أول شيء يجب أخذه في الاعتبار هو أن تحرك "أوبك+" في الغالب مجرد خدعة، إذ يمكن أن يكون الخفض الفعلي من مستويات الإنتاج المسجلة في سبتمبر أقل من عُشر الرقم الرئيسي، وهي خطوات كافية بالكاد لتنفيذ المهمة المطلوبة. في الوقت نفسه، يجري تخفيض توقعات الطلب نتيجة لارتفاع الأسعار والركود الوشيك. هذان العاملان قد يعنيان أن العالم يحتاج إلى خام روسي أقل في الأشهُر المقبلة.

لكن مع وجود عديد من الاضطرابات وبذل روسيا كل ما في وسعها لإبقاء الأسواق في حالة تأهب مع اقتراب الموعد النهائي لتنفيذ العقوبات، لا تتوقع أن تبدأ الأسواق فصل الشتاء في حالة هدوء.