"رينو" و"نيسان" تقتربان من اتفاق تاريخي لإعادة تشكيل تحالف مشترك

الشركة الفرنسية تسعى لتقليص حصتها بعد عقدين من الشراكة مع العملاقة اليابانية

إزاحة الستار عن نموذج سيارة شركة "رينو" لطراز "إيفر تروفي4 " الكهربائية بالكامل في يوم افتتاح معرض باريس للسيارات في باريس بفرنسا، يوم الإثنين 17 أكتوبر 2022
إزاحة الستار عن نموذج سيارة شركة "رينو" لطراز "إيفر تروفي4 " الكهربائية بالكامل في يوم افتتاح معرض باريس للسيارات في باريس بفرنسا، يوم الإثنين 17 أكتوبر 2022 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

دخلت شركة "رينو" المراحل الأخيرة من عقد اتفاق خلال الأسبوع الجاري لتقليص حصة ملكيتها في شركة "نيسان موتور"، الشريكة اليابانية، وإعادة تشكيل تحالفهما الذي استمر لعقدين، وفقاً لشخص مطلع على المفاوضات.

كشف الشخص، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته لأن الخطط غير معلنة، عن أن الاتفاق سيسمح لشركة تصنيع السيارات الفرنسية بالشروع في عملية فصل مخطط لها لنشاط السيارات الكهربائية. ومن المقرر أن يوقع الطرفان اتفاقية غير ملزمة بعد أن تم الانتهاء من التفاصيل بصورة كبيرة في أواخر الأسبوع الماضي.

أوضح أشخاص على دراية بالمحادثات أنه على الرغم من أن وضع ترتيبات لإقامة فعالية في طوكيو في 15 نوفمبر المقبل للإعلان عن الاتفاق، فإن المناقشات لا تزال جارية، وربما يتأخر التوصل للاتفاق النهائي. وصعدت أسهم "رينو" 3.2% صباح أمس في بورصة "يورونكست".

فصل النشاط الكهربي

بحسب الخطة، ستقلص شركة تصنيع السيارات الفرنسية حصة ملكيتها لصالح "نيسان" بمرور الزمن إلى 15% من 43% في الوقت الحالي. في المقابل، ستستثمر "نيسان" مبلغ يتراوح ما بين 500 مليون دولار إلى 750 مليون دولار مقابل حصة ملكية تصل إلى نحو 15% في نشاط السيارات الكهربائية في "رينو"، والتي تحمل اسم "أمبير" (Ampere)، والتي تم فصلها عن عمليات محرك الاحتراق التقليدي ومجموعة نقل الحركة من قبل الرئيس التنفيذي لشركة "رينو"، لوكا دي ميو.

الرئيس التنفيذي لشركة "رينو" لوكا دي ميو يزيح الستار عن نموذج السيارة الكهربائية بالكامل "إيفر تروفي4" في باريس
الرئيس التنفيذي لشركة "رينو" لوكا دي ميو يزيح الستار عن نموذج السيارة الكهربائية بالكامل "إيفر تروفي4" في باريس المصدر: بلومبرغ

سيخفف التعديل على حصص الملكية من عدم التوازن الذي كان مصدر خلاف على مدى أعوام. رغم أن "رينو" تمتلك حصة كبيرة في "نيسان"، فقد باعت شركة صناعة السيارات اليابانية 4 ملايين سيارة في 2021 مقابل 2.7 مليون سيارة فرنسية. زرع اعتقال كارلوس غصن في 2018، الذي أُرسل لإدارة الشراكة عندما أنقذت "رينو" "نيسان" قبل عقدين، البذور المبكرة لإجراء تغيير في التحالف. وهرب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي السابق من اليابان في ديسمبر 2019 وهو متواجد بلبنان في الوقت الحالي.

"رينو" تستكشف بيع حصة في "نيسان" لدعم تحولها إلى السيارات الكهربائية

قال أحد الأشخاص إن "نيسان" تعتزم بدء جلب الأموال النقدية من الصين من أجل الصفقة عقب فترة وجيزة من توقيع الاتفاق غير الملزم، وذكر أن شركة صناعة السيارات اليابانية ما زالت مستعدة للانسحاب في حال طلبت "رينو" شروطاً مختلفة أو حاولت الحكومة الفرنسية، وهي مستثمر كبير في "رينو"، إلى عرقلة الخطة. ورفض ممثلا "رينو" و"نيسان" التعليق على الموضوع.

الجانب الفرنسي

في حديثه، يوم الثلاثاء، على هامش مؤتمر قمة باريس للسيارات، قال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير إنه يقيم محادثات مع "دي ميو"، وإنه على وشك الاجتماع به. أضاف: "نرغب فقط في ضمان أن القرارات التي تتخذها رينو ستحمي التحالف، وهو ما يصب في مصلحة رينو".

بدأ المسؤولون التنفيذيون مناقشة خطة الفصل منذ فبراير الماضي، إذ تسعى "رينو" إلى تدعيم مستقبلها في سوق السيارات الأوروبية المتغيرة، التي تعد بمثابة الدعامة الرئيسية للشركة. وتصاعدت المناقشات في وقت سابق من الشهر الجاري عندما التقى ماكوتو أوشيدا الرئيس التنفيذي لـ"نيسان" والرئيس التنفيذي للعمليات أشواني غوبتا في اليابان مع "دي ميو" وفرانسوا بروفوست، النائب الاول الرئيس الشركة لشؤون التنمية والشراكات الدولية.

تدهور الاقتصاد المتوقع يهدد تعافي مبيعات السيارات الأوروبية

تتخذ شركات صناعة السيارات خطوات لم يسبق لها مثيل لعبور مرحلة التحول للسيارات الكهربائية. قالت شركة "فورد موتور" في شهر مارس الماضي إنها بصدد فصل نشاط السيارات الكهربائية سريع النمو ونشاط البرمجيات عن أصول محركات الاحتراق التقليدية التي ستركز على الحد من التكاليف وتبسيط العمليات التشغيلية. وخلال السنة الماضية، أنهت شركة "دايملر" ما يفوق قرن من الزمن من تصنيع السيارات والشاحنات في موقع واحد، مع إدراج شركة "مرسيدس بنز غروب" وشركة "دايملر تراك هولدينغ" بالبورصة بصورة منفصلة.

خطط "رينو"

وفقاً لخطط "رينو"، سيقع مقر الكيان المخصص للسيارات الكهربائية والبرمجيات في فرنسا، وسيوظف 10 آلاف فرد تقريباً مع حلول 2023. أما الكيان الثاني، وهو عبارة عن شراكة مع مجموعة "تشجيانغ جيلي هولدينغ غروب" الصينية، فسيركز على محركات الاحتراق الداخلي التقليدية والمحركات الهجينة، وسيقع مقره خارج فرنسا، ويعمل به أيضاً 10 آلاف موظف تقريباً.

نوه الشخص إلى أن إحدى العقبات المحتملة قد تتمثل في قلق الحكومة اليابانية بشأن نقل تكنولوجيا محركات الاحتراق الداخلي إلى شركة "أوروباي" (Aurobay)، وهو مشروع مشترك بين "جيلي" وشركة "فولفو كار"، ومستثمرين آخرين.

"سوني" و"هوندا" تطلقان مشروعاً مشتركاً للسيارات الكهربائية

أوضح الأشخاص أن المديرين التنفيذيين من "رينو" و"نيسان" يستهدفون إزاحة الستار عن الاتفاق بشكل رسمي الشهر المقبل. وأضافوا أن جميع أعضاء مجلس الإدارة من "رينو" و"نيسان" و"ميتسوبيشي موتورز"، العضو الأصغر في التحالف الثلاثي، سيحضرون الفعالية بطوكيو.

رؤية دي ميو

قبيل ذلك، من المقرر أن تتحدث "رينو" مع المستثمرين في يوم أسواق رأس المال المحدد بتاريخ 8 نوفمبر، إذ من المتوقع أن يعرض "دي ميو" تحديثاً للأهداف المالية علاوة على خطة فصل الشركتين.

صرح "دي ميو" للصحفيين في 13 أكتوبر أثناء مؤتمر صحفي حول خطط "رينو" لإعادة التصنيع، بأن المحادثات مع "نيسان" حول "عدة" مشاريع "معقدة وستستغرق بعض الوقت". رغم ذلك، قال إنه متفائل تجاه إمكانية إبرام اتفاق مع "نيسان" خلال الأسابيع المقبلة حول بعض المشروعات قيد النقاش.

قال "دي ميو" عن المحادثات: "نعمل من خلال إطار فكري سليم، وتوجد لدينا بوادر مثيرة للاهتمام".

كشف الشخص المطلع عن أن الاتفاقية تشتمل على بنود تحظر بيع "رينو" للأسهم لمنافس أو لمستثمر نشط. لا تمتلك "رينو" خططاً للبيع فوراً لأنه ستضطر لأن تكون عرضة لتراجع القيمة من خلال البيع بالأسعار الحالية، وستحاول إجراء عملية بيع منظمة للأسهم.

خيارات أخرى

يعد وضع الأسهم في صندوق ائتماني ومنح "نيسان" حق الأفضلية لأي سهم معروض للبيع أحد الخيارات التي تُناقش، بحسب الشخص المطلع على المحادثات.

ستُحدد أيضاً حقوق التصويت لـ"رينو" في "نيسان" فور بدء سريان الاتفاق. وقال الشخص إن التعديلات ستتطلب إبرام اتفاقية تشغيل جديدة بين الشركات.

صرّح رئيس شركة "رينو" جان دومينيك سينارد، يوم الإثنين، في معرض باريس للسيارات عندما سئل عن المناقشات الجارية: "نتكلم يومياً". وأضاف أن شركة تصنيع السيارات على "صلة وثيقة وشفافة لأقصى درجة في التعامل مع الحكومة الفرنسية" فيما يتصل بمحادثات التحالف.