استقالة ترَس لن تجنب الأسر البريطانية ألم غلاء المعيشة

سيناريو الضرائب الأعلى والعودة إلى التقشف هو المرجح بغض النظر عمن سيتولى رئاسة الحكومة

رئيسة الوزار البريطانية المستقيلة ليز ترَس
رئيسة الوزار البريطانية المستقيلة ليز ترَس المصدر: بلومبرغ
Andrea Felsted
Andrea Felsted

Andrea Felsted is a Bloomberg Opinion columnist covering the consumer and retail industries. She previously worked at the Financial Times.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بعد أن ألقى وزير المالية البريطاني جيريمي هانت، بسياسة ليز ترَس الاقتصادية في سلة المهملات يوم الإثنين، ارتفعت أسهم شركات تجارة التجزئة البريطانية.

ربما كان ذلك سابقاً لأوانه. في حين أن الخطة الاقتصادية التي تم الاستهزاء بها كثيراً، تلك التي قدمتها ليز ترَس التي استقالت من منصب رئيسة الوزراء يوم الخميس، تسببت في انخفاض الجنيه الإسترليني وأثارت أزمة في سوق الذهب، إلا أن خفض العبء الضريبي بشكل كبير كان سيخفف من وطأة ارتفاع الأسعار على العديد من الأسر البريطانية، ويمنح الشركات مساحة أكبر للاستثمار. بغض النظر عمن سيخلف ترَس، فإن الضرائب الأعلى، والعودة إلى التقشف، تبدو أكثر ترجيحاً. كلاهما ليس جيداً لثقة المستهلكين أو الإنفاق.

ليز ترَس تستقيل من رئاسة الحكومة البريطانية

سيستمر الحد الأقصى لأسعار الطاقة حتى أبريل 2023، بينما لم يكن من المقرر أن يدخل خفض ضريبة الدخل حيّز التنفيذ حتى أبريل المقبل. ومع ذلك، فإن الطمأنينة التي كانت ستحصل عليها الأسر بشأن تكاليف الطاقة بعد أبريل قد ولّت. كان من الممكن أن يساعد التخفيض الضريبي أيضاً في تعويض التكلفة المرتفعة للضروريات– إذ بلغ تضخم المواد الغذائية 14.8% في سبتمبر، وهو أعلى معدل منذ 40 عاماً، وفقاً لمكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة.

كل الشرائح تكبح الإنفاق

كل هذا قد يكون له تأثير نفسي على المستهلكين، ما يجعلهم يفكرون مرتين قبل الشراء، وبالتالي سيضعف الزخم التجاري لموسم أعياد الميلاد، فيما يبدو العام المقبل أكثر صعوبة مع أسعار فائدة أعلى، ما يزيد من الأعباء على البريطانيين.

بعد إقالة كوارتنغ.. حزب المحافظين يتجه لفترة ما بعد ترَس

تبدو تكاليف الرهن العقاري هي الخسائر الأكثر وضوحاً، لكن أي اقتراض لتمويل المشتريات على نطاق واسع سيتأثر أيضاً. في هذا السياق، حذّر رئيس مجموعة "ماركس آند سبنسر" (Marks & Spencer)، أرشي نورمان، هذا الأسبوع من أن بعض الأسر لن تكون قادرة على سداد قروضها العقارية العام المقبل، إذا ارتفعت أسعار الفائدة بشكل حاد كما هو متوقع. سيكون بعض عملاء "ماركس آند سبنسر" من بين أولئك الذين سيعانون من ذلك.

يتركز معظم الاهتمام حتى الآن على أفقر البريطانيين، لكن ارتفاع تكاليف الاقتراض أدى إلى انتشار الألم بين أصحاب الدخول المتوسطة وحتى بعض أصحاب الدخول المرتفعة. كان من الممكن أن تتمكن المستويات العليا من الطبقة الوسطى التي تتعرض لضغوط، من تعويض بعض تكاليفها المتزايدة من خلال الخطة التي تم التخلي عنها الآن لإلغاء معدل الضريبة الأعلى البالغ 45%.

التضخم في المملكة المتحدة في خانة العشرات بدفع أسعار الغذاء

قد تضطر هذه الفئة -التي تمكنت من تجاوز أزمة تكلفة المعيشة بفضل المدخرات- إلى كبح جماح إنفاقها قريباً، على سبيل المثال على الضيافة والعطلات والسلع باهظة الثمن كالسيارات، ومشاريع تجديد المنازل، والأثاث. قد يضر ذلك بقطاعات الأزياء الفاخرة والممتازة ذات الأسعار المعقولة إذا كبحت هذه الفئة الإنفاق على الملابس أيضاً.

قد تخفّض أيضاً الأسر الأكثر ثراءً نفقاتها عندما يتعلق الأمر بالعلامات التجارية في متاجر البقالة- هنا، تبدو أعمال البيع بالتجزئة الخاصة بـ"أوكادو غروب" (Ocado Group) -وهو مشروع مشترك مع "ماركس آند سبنسر"- معرضة للخطر بشكل خاص، إذ إنها تواجه منافسة ليس فقط من المتاجر الأكثر فخامة لدى "تيسكو" (Tesco)، و"جيه سينسبري" (J Sainsbury)، لكن أيضاً من متاجر التجزئة الألمانية التي تقدّم تخفيضات مثل "ألدي" (Aldi)، و"ليدل" (Lidl)، والتي تعمل جميعها على تحسين منتجاتها من الدرجة الأولى.

التأثير على متاجر التجزئة

أصبح بعض المتسوقين قلقين بالفعل.

قال خوسيه أنطونيو راموس كالامونتي، الرئيس التنفيذي الجديد لشركة "أسوس" (Asos)، هذا الأسبوع إن التجارة كانت "متقلبة". إذ أعلن متجر التجزئة عبر الإنترنت -وعملاؤه الأساسيون من فئة مشتري الأزياء في العشرينيات من العمر- أن نسبة إرجاع المشتريات تتأثر أيضاً. فقد بات المتسوقون يرجعون مشترياتهم مثل البدلات والفساتين المصممة خصيصاً، والتي تتطلب أن تكون ذات مقاس ملائم للغاية، ما يزيد من احتمال إرجاعها، لكن من الممكن أيضاً أن يكون بعض العملاء يتراجعون عن تبذير سابق بعد تعرضهم لوابل من الأخبار السيئة.

إن الجائزة المترتبة على قيام وزير المالية هانت بعكس 60% من التخفيضات الضريبية التي فرضها سلفه كواسي كوارتنغ، ووضع سقف لالتزامات الحكومة في مجال الطاقة، هي الاستقرار المالي على المدى الطويل. قد يكون هذا، جنباً إلى جنب مع حقيقة أن تقييمات قطاع التجزئة قد انخفضت خلال العام الماضي، هو ما يأخذه المستثمرون في عين الاعتبار.

على من يراهن البريطانيون رئيساً للوزراء إذا رحلت ترَس؟

التضخم وموسم الأعياد

في الواقع، فإن سوق الرهن العقاري في حالة استقرار. لن يكون عيد الميلاد موسماً فاشلاً كلياً. بافتراض عدم وجود عودة لزيادة حالات كوفيد، سيكون الموسم هو الأول من بين ثلاثة يكون فيه الاقتصاد مفتوحاً بالكامل، وحتى الأشخاص الأكثر تعرضاً للضغوط، سيضعون الأولوية للإنفاق على عائلاتهم خلال موسم الأعياد.

تكاليف الرهن العقاري ببريطانيا ترتفع لأعلى مستوى في 14 عاماً عند 6.5%

يمكن دائماً تمديد دعم الطاقة، واستهداف الأشخاص الأكثر احتياجاً. في الوقت ذاته، إذا كان من الممكن السيطرة على التضخم، وتجنب خفض الوظائف على نطاق واسع، فستكون هناك فرصة جيدة لأن ينجو المستهلكون في المملكة المتحدة -وأولئك الذين يبيعون لهم- من الاضطرابات الحالية ويجعلونها أقل تأثيراً في عام 2024.

يقوم الناس بإجراء معظم التغييرات الجذرية على عادات الإنفاق الخاصة بهم، عندما يفقدون وظائفهم أو يرون أنه يتم الاستغناء عن الآخرين- وهذان الأمران لم تصب بهما المملكة المتحدة في الوقت الحالي.

لكن على المدى القصير، فإن الجهود المبذولة لتهدئة الأسواق وكبح التضخم تعني استعداداً صعباً لموسم عيد الميلاد بالنسبة إلى تجارة التجزئة والمطاعم التي عانت طويلاً، وربما يكون شهر يناير، أكثر بؤساً.