الدولة الآسيوية قد تحقق مكاسب اقتصادية عظيمة إذا أمّنت مناخاً أفضل للاستثمار
شبّه نغوين فو ترونغ، الأمين العام للحزب الشيوعي في فيتنام، حملته ضد الفساد بـ"الأفران المشتعلة" التي انكوى بنيرانها المئات من كبار المسؤولين والمديرين التنفيذيين للشركات وغيرهم على مر السنين. وبرغم أنَّ وضع الدولة تحسن بأكثر من 30 نقطة خلال العقد الماضي على مؤشر مُدركات الفساد العالمي، لكنَّها حلت في المركز 87 العام الماضي من أصل 180 مركزاً على المؤشر. الآن؛ وبينما يسعى الاقتصاد الأسرع نمواً في جنوب شرق آسيا إلى تعزيز جاذبيته كوجهة للاستثمار الأجنبي في خضم الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، يبدو أنَّ المعركة تشتعل مجدداً.
قال ترونغ، الذي فاز بفترة رئاسة ثالثة للحزب العام الماضي في واقعة نادرة الحدوث، خلال خطاب متلفز إنَّ "كل عضو أو قيادة في حزب بحاجة إلى تحمل مسؤولية أن يكونوا نموذجاً يحتذى به. وكلما ارتفع المنصب والرتبة؛ زادت المسؤولية التي يجب على المرء تحملها".
اقرأ أيضاً: تصعيد حملة مكافحة الفساد في فيتنام.. وإقالة وزير الصحة
شُكّلت 8 فرق تفتيش للتعامل مع قضايا الفساد، بما في ذلك اللجان وأجهزة الحزب، وفقاً لـ"اللجنة التوجيهية المركزية لمكافحة الفساد. وذكرت محطة "في تي في" المملوكة للدولة أنَّ الرئيس أكد في اجتماعات مع الناخبين في هانوي خلال أكتوبر الجاري أنَّ الحملة ضد الفساد مستمرة، مع ظهور مزيد من الحالات.
في الأشهر الستة الأولى من 2022، تم تأديب 295 عضواً حزبياً بسبب الفساد وسوء التصرف المتعمد، وفقاً لما نُشر على الموقع الإلكتروني للحزب. في الفترة نفسها، أُطلقت الإجراءات الجنائية في 297 قضية ضد 682 فرداً بتهمة الرشوة، مع استرداد أكثر من 9 تريليون دونغ (أي ما يعادل 371 مليون دولار). كما اعتقلت الشرطة عدداً من المديرين التنفيذيين كجزء من التحقيقات في الاحتيال المزعوم المرتبط بإصدار سندات الشركات والتلاعب في أسعار الأسهم. على سبيل المثال:
حذرت فيتنام من أنَّ الفساد قد يُعرّض شرعية الحزب واحتفاظه بالسلطة للخطر مع زيادة حالات عدم تسامح الشعب مع الكسب غير المشروع، لتردد الدولة بذلك أصداء تحركات الرئيس شي جين بينغ في دولة الصين الشيوعية المجاورة.
بصرف النظر عن ذلك؛ فإنَّ فيتنام، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 100 مليون نسمة، لديها الكثير لتكسبه اقتصادياً إذا تمكنت من تعزيز صورتها كمكان لممارسة الأعمال التجارية. كان المصنعون العالميون يستكشفون طرقاً لتنويع سلاسل التوريد الخاصة بهم بعيداً عن الصين، التي عانت من عمليات الإغلاق الوبائي والحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وقد استفادت فيتنام من هذا.
وتعادل صادراتها الآن أكثر من 100% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لبيانات البنك الدولي، مما يجعلها واحدة من أكثر الدول اعتماداً على التجارة في العالم. تسعى فيتنام أيضاً نحو تصنيف بورصتها على أنَّها "سوق ناشئة" بدلاً من تصنيفها الحالي كـ"سوق واعدة"، وهو المستوى الأدنى والأكثر مخاطرة، وهذا يمكن أن يجلب المزيد من الاستثمار الأجنبي.
اقرأ أيضاً: فيتنام تستهدف دفع الاقتصاد الرقمي إلى 20% من الناتج المحلي في 2025
بصفتها مشاركةً في الإطار الاقتصادي الجديد لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ للولايات المتحدة؛ فإنَّ فيتنام لديها أيضاً فرصة لزيادة روابطها مع أميركا، عدوتها السابقة في زمن الحرب وأكبر سوق تصدير لها.
يُزج الناس في السجن، وحُكم على بعضهم بالإعدام. لكن في دولة فيتنام التي تخضع لسيطرة حزب واحد بشدة، من الصعب أن نستبعد وجود دوافع أخرى خفية بخلاف دعم الشرعية. تصنف "فريدوم هاوس"، وهي مجموعة مناصرة لحقوق الإنسان، مقرها الولايات المتحدة، فيتنام على أنَّها "ليست حرة"، فقد سجلت العام الماضي 19 نقطة فقط من أصل 100. واتهمت جماعات حقوق الإنسان الحكومة مراراً بتضييق الخناق على المعارضة. أما منظمة الشفافية الدولية، وهي مجموعة لمكافحة الفساد مقرها برلين، فقد أعطتها درجة 39 من أصل 100 العام الماضي، مقارنة بـ31 في 2012، وهو العام الذي كانت حكومة رئيس الوزراء آنذاك نغوين تان دونغ محاطة بسلسلة من الفضائح. زادت الاعتقالات مرة أخرى بعد تولي إدارة جديدة السلطة في 2016:
في 2021، عاقبت لجنة مكافحة الفساد 618 عضواً حزبياً بتهمة "الفساد أو المخالفات المتعمدة". كما أعلنت تقديم 390 قضية فساد للقضاء واستعادة ما لا يقل عن 400 مليون دولار من الأصول.
لا تظهر الحملة أي بوادر للتباطؤ، وشُكّلت لجان توجيهية لمكافحة الفساد بحيث تعمل في كل مدينة ومحافظة، وقد حث رئيس الحزب في خطاب ألقاه في أغسطس المسؤولين على المثابرة والحزم بالنظر إلى الفساد "الخطير" في بعض القطاعات والمحليات، بحسب الموقع الإلكتروني للحكومة. كما أمر ترونغ بتسريع إجراءات المحاكمة في بعض القضايا الكبرى.
اقرأ أيضاً: كيف تغدو فيتنام حليفاً تجارياً قوياً للولايات المتحدة؟
دعا رئيس الوزراء فام مينه تشين في أكتوبر إلى أن تكون حملة مكافحة الفساد أكثر صرامة وفعالية، وفقاً لبيان آخر على الموقع الإلكتروني للحكومة.
في وقت سابق، قالت تران خانه هين، رئيسة الأبحاث في شركة "فن دايركت سكيورتيز"VnDirect Securities) ) إنَّ تحركات الحكومة عززت الثقة بين المستثمرين الأجانب. لكنَّها أضافت أنَّ المستثمرين يريدون أن يروا "مدى صمود وجدية السلطات".