مصنع لأنابيب النحاس في باسير غودانغ، بولاية جوهور الماليزية المصدر: بلومبرغ

العالم يراقب سوق السلع

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

اقترح لويد بلانكفين، الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة "غولدمان ساكس"، في منتصف سبتمبر، أن الاستثمار في السلع "ليس أمراً سيئاً". في ذلك الوقت كانت أسعار معظم المواد متدنية للغاية، وكانت فئة الأصول لا تزال تندرج ضمن النظرة التي تصنفها على أنها البطة القبيحة بين شقيقاتها.

ولنلق نظرة بعد أربعة أشهر على ذلك الحديث، مع ارتفاع أسعار السلع. دعا كل من "غولدمان ساكس"، و"بنك أوف أمريكا"، و"أوسبراي مانجمنت" إلى سوق صاعدة مع بدء حزم التحفيز واللقاحات في مساعدة العالم على الخروج من أزمة فيروس كورونا. انضمت "جي بي مورغان تشايس" أيضاً إلى المجموعة، ونصحت العملاء بزيادة انفتاحهم على المواد مع تقليل الاستثمارات في السندات.

لم تكن السلع بهذه الجاذبية منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما كانت الصين تخزن كل شيء من النحاس إلى القطن بينما تسبب فشل المحاصيل وحظر التصدير في جميع أنحاء العالم إلى زيادة أسعار المواد الغذائية، مما أدى في النهاية إلى الإطاحة بحكومات خلال الربيع العربي. يبدو الوضع الآن مشابهاً في الكواليس، مع وصول مقاييس واسعة لأسعار السلع إلى أعلى مستوياتها خلال ست سنوات.

سوق صاعدة بدأت بالتشكل

قال هيبر كاردوسو، كبير المسؤولين التجاريين في "هيدج بوينت غلوبال ماركتس" (HedgePoint Global Markets)، الوحدة الخاصة بالسلع في "إي دي آند إف مان كابيتال ماركتس" (ED&F Man Capital Markets) التي اشترتها شركتان استثماريتان: "فجأة أصبح العالم بأسره يتطلع إلى أسواق السلع. هناك معدلات فائدة منخفضة أو سلبية تغذي التضخم، وهناك مليارات الدولارات المتاحة للبحث عن العوائد. إنه تغيير هيكلي في الطريقة التي ننظر بها إلى السلع".

ويتزاحم المضاربون الآن، مع اقتراب رهانات صناديق التحوط على ارتفاع الأسعار من أعلى مستوياتها منذ عام 2011 على الأقل وتبلغ قيمتها 120 مليار دولار تقريباً، وفقاً للحسابات التي تشمل 20 من أصل 23 مادة في مؤشر بلومبرغ للسلع.

واحتاجت وول ستريت لبعض الوقت لتلاحظ أن السوق الصاعدة للسلع بدأت في التبلور. بدأت الدعوات للصعود في نهاية العام الماضي وبداية عام 2021، لكن بلانكفين تحدث عنها بهدوء في فعالية افتراضية محورها المعادن في 16 سبتمبر من تنظيم شركة "سي إم إي غروب".

وقال في الحدث: "أنا كمستثمر، ومن وجهة نظر التضخم، أعتقد أن الاستثمار في القطاعات المادية التي لا تزال لا تحظى بالتقدير الكافي ليس أمراً سيئاً الآن. قرر الجميع أننا لن نعاني من ضغوط تضخمية مرة أخرى، وأن أسعار النفط لن ترتفع مرة أخرى. أنا لا أعتقد ذلك."

منذ ذلك الحين، قفزت القيمة النظرية للرهانات المتفائلة بصعود السلع بأكثر من 30 مليار دولار. حتى وقت قريب، كان هذا المجال من الأسواق المالية متروكاً للخبراء الحريصين على تحليل أساسيات العرض والطلب.

صعود قوي لسوق السلع الزراعية

ارتفعت الأسواق الزراعية بأكثر من 30% خلال الفترة نفسها، حيث سجلت الذرة مؤخراً أعلى مستوى لها في سبع سنوات، بينما وصل سعر فول الصويا والقمح إلى أعلى مستوياته منذ عام 2014. وتعتمد الصين على المحاصيل الأمريكية وروسيا، أكبر مصدر للقمح في العالم، وفرضت ضريبة تصدير تبلغ ضعف ما خططت له سابقاً. حتى سوق السكر المحاصر شهد ارتفاعاً في أسعاره وصولاً إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2017.

قال فرانسيسكو بلانش، رئيس أبحاث السلع العالمية في "بنك أوف أمريكا"، إن النحاس واجه اضطرابات في الإمدادات، ولا يزال بإمكان سعر هذا المعدن أن يرتفع بأكثر من 20% ويتجاوز 10000 دولار للطن المتري.

وقال بلانش لتلفزيون بلومبرغ يوم الجمعة:

يواجه النحاس وبعض المعادن الصناعية الأخرى قصة مختلفة، فهناك عجز هيكلي سيستمر لعدة سنوات أثناء انتقالنا إلى حالة تحييد الكربون من قطاع الكهرباء، والسيارات أيضاً

أثر سعر الدولار على سوق السلع

يشهد سوق النفط، الذي تضرر من الوباء الذي تسبب في إبقاء السيارات بعيداً عن الطرق وحجز الطائرات على الأرض في جميع أنحاء العالم، انتعاشاً بعد طرح اللقاحات وقررت المملكة العربية السعودية خفض الإنتاج للشهرين المقبلين. يحتفظ المضاربون حالياً بأكبر رهانات متفائلة بصعود خام برنت في 11 شهراً.

قال مايكل تران، المحلل في "آر بي سي كابيتال ماركتس": "من المؤكد أن أسواق النفط تشهد كواليس أكثر إيجابية منذ عدة سنوات، من حيث الجوهر والزخم. سيمنح طرح اللقاح، والزيادة المحتملة في الطلب، والمقاربة السعودية في هذا السوق، المستثمرين درجة من الراحة".

أدى ضعف الدولار إلى إعادة السلع إلى الوراء في الوقت الذي بدأ فيه المستثمرون في التساؤل عن مقدار الزيادة التي يمكن أن ترتفع بها الأسهم. ويقول كاردوسو من "هيدج بوينت" إن أسعار الفائدة منخفضة للغاية حتى في الأسواق الناشئة مثل البرازيل، وهناك المزيد من الأموال المتاحة مع ابتعاد المستثمرين عن السندات الحكومية.

قال توم فينلون من شركة "براونزفيل جي تي آر"، وهي شركة تجارية ولوجستية يقع مقرها في هيوستن: "تقول إحدى وجهات النظر أن الدولار سيكون ضعيفاً جداً على المدى الطويل، ومع اقتراب موعد جولة أخرى من التحفيز، سنجد أنفسنا ضمن ظرف آخر حيث سيضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى العمل فعلاً على ضبط التضخم. عندما يصبح الدولار رخيصاً، عليك شراء شيء ما. عادةً ما يؤدي هذا إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية".