هل يمكن أن تتعلم ميلوني من إخفاقات برلسكوني؟

احتفظ النموذج الأصلي للشعبوية الحديثة بنفوذه لكنه لم ينجز شيئاً عندما غرق الاقتصاد الإيطالي.

جورجا ميلوني، زعيمة حزب أخوة إيطاليا، تتحدث إلى جانب سيلفيو برلسكوني، زعيم حزب فورزا إيطاليا
جورجا ميلوني، زعيمة حزب أخوة إيطاليا، تتحدث إلى جانب سيلفيو برلسكوني، زعيم حزب فورزا إيطاليا المصدر: بلومبرغ
Rachel Sanderson
Rachel Sanderson

Rachel Sanderson is an Australian politician representing the seat of Adelaide in the South Australian House of Assembly for the South Australian Division of the Liberal Party of Australia since the 2010 election. Sanderson has served as the minister for Child Protection in the Marshall Ministry since 22 March 2018.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إذا كانت جورجا ميلوني قد توقعت مروراً سلساً لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في إيطاليا، فإنها لم تعول على رغبة حليفها في التحالف سيلفيو برلسكوني الدائمة في السيطرة، حيث بدأ رئيس الوزراء الإيطالي الذي تولى رئاسة الوزراء ثلاث مرات في تقويض حكومتها اليمينية المتطرفة حتى قبل تسمية وزرائها. لكن ميلوني لديها ما تتعلمه من برلسكوني أيضاً، فهو يُقدّم قصة تحذيرية لجميع الشعبويين عن مدى السرعة التي يمكن أن يتحول فيها وعدهم بالتغيير إلى واقع سلبي بسبب التهور والفساد.

برلسكوني، الذي يحتفل بمرور 28 عاماً في سياسة الخطوط الأمامية، هو النموذج الأصلي للشعوبية الحديثة، وهو نموذج لشخصيات من أمثال دونالد ترمب إلى بوريس جونسون وميلوني نفسها. حيث استهل عودته إلى مجلس الشيوخ الإيطالي بعد تسع سنوات من طرده بتهمة الاحتيال الضريبي من خلال مهاجمة ميلوني، الزعيمة الجديدة لائتلافهم بعد أن فاز حزب "إخوة إيطاليا" الذي شاركت في تأسيسه بأصوات أكثر بكثير من برلسكوني أو رابطة ماتيو سالفيني الشهر الماضي.

تفويض جورجا ميلوني لتصبح أول رئيسة وزراء في تاريخ إيطاليا

هجوم شخصي يشنه برلسكوني على ميلوني

برلسكوني منزعج من تضاؤل نفوذه السياسي، ولذا هاجم ميلوني شخصياً واصفاً إياها بأنها "مغرورة، ومتسلطة، ومتعجرفة، وسخيفة" في ملاحظات تم تسريبها إلى الموالين لحزبه وإلى وسائل الإعلام. ثم قوض سلطتها من خلال تملقه لصديقه القديم فلاديمير بوتين. وفي مشهد استمر 48 ساعة من التعظيم الذاتي، ألقى بظلال من الشك على مكانتها كعضو مسؤول في الاتحاد الأوروبي وسياستها المؤيدة لأوكرانيا ضد بوتين؛ وكذلك طول عمر حكومتها. بحلول نهاية الأسبوع، عندما كانت ميلوني متجهة إلى الرئيس سيرجيو ماتاريلا للحصول على الضوء الأخضر الرسمي لتشكيل الحكومة، أخبرني كبار المصرفيين أنهم كانوا يتوقعون ألا تستمر أكثر من ستة إلى تسعة أشهر.

إن مشهد برلسكوني البالغ من العمر 86 عاماً، والذي تظهر عليه آثار البوتوكس والسمرة، وهو يعيد إحياء علاقة صداقة مع بوتين ويسعى لتأكيد إرادته على ميلوني البالغة من العمر 45 عاماً، قد كشف أنه ما يزال، بشكل لا لبس فيه، غير لائق للمنصب. إلا أنّ مسار حياته السياسية غير العادية والمروعة يحمل دروساً للقادة الجدد.

الاقتصاد الإيطالي يغرق في مزيد من التدهور

من المفيد أن نتذكر أنه عندما صعد برلسكوني إلى المسرح السياسي، اعتقد الملايين من أنصاره أن حداثته وجرأة ريادته في الأعمال ستصلح الاقتصاد الإيطالي المتصلب. لكن بدلاً من ذلك، فإن اهتمامه بالربح الشخصي لشركته الخاصة، وفساده وأفعاله الجنسية، ورغبته في أن يكون محبوباً من قبل الناخبين، جعلته غير قادر على قول الحقائق الصعبة وتطبيق شعبيته على السياسة. في نهاية المطاف، مات وعد برلسكوني وسط نار من الغرور، وغرق الاقتصاد الإيطالي في مزيد من التدهور.

إن ملخص إخفاقات برلسكوني يستدعي إعادة سرده بينما يقطن نسله السياسي الحكومات في جميع أنحاء العالم.

المستثمرون يترقبون تعيين وزير جديد للمالية الإيطالية.. فمن هو الأوفر حظاً؟

كانت أكثر مخالفاته إثارة للاهتمام هي الملحمة المروعة لحفلاته الجنسية، والتي جعلت "بونغا-بونغا" مصطلح سخرية يُسمع به في جميع أنحاء العالم، وألغي في الاستئناف حكم إدانته بدفع أموال مقابل ممارسة الجنس مع شابة قاصر. ومع ذلك، فإن المشهد المخزي لمحاكمة رئيس وزراء في ميلانو، لم يلوث سمعة برلسكوني فحسب، بل سمعة إيطاليا. حيث أسفرت محاكمات برلسكوني للاحتيال والضرائب عن إدانات تم إبطالها لاحقاً ثم انقضت مهلتها في خمس مناسبات منفصلة، مما قوض سيادة القانون في البلاد التي كانت تتمتع بالفعل بسمعة متزعزعة بين المستثمرين الأجانب.

لكن عيبه الأكبر كان عدم فعل أي شيء تقريباً لوقف تدهور القدرة التنافسية الاقتصادية لإيطاليا ونمو عبء ديونها، حيث تُرك الأمر لرؤساء الوزراء المتعاقبين من التكنوقراط، بمن فيهم ماريو دراجي، لمحاولة تنفيذ الإصلاحات بعد فوات الأوان. بدلاً من ذلك، استخدم برلسكوني سلطته السياسية الهائلة ونفوذه لمساعدة إمبراطوريته الإعلامية الخاصة "ميدياست" (Mediaset)، وتعزيز ثروة عائلته، من خلال إعادة كتابة قوانين الإعلام والمنافسة. حيث خفف قانون غاسباري لعام 2004 قواعد مكافحة الاحتكار للسماح لبرلسكوني بأن يصبح مالك الإعلام الخاص المهيمن عبر التلفزيون والمطبوعات والإعلان. بشكل مذهل، قدم نفس السناتور الذي يقف وراء مشروع القانون، ماوريتسيو غاسباري، هذا الشهر اقتراحاً لتعديل القانون المدني يمكن أن يمهد الطريق لتصنيف عمليات الإجهاض على أنها جريمة قتل، وهو هدف رئيسي لحكومة ميلوني اليمينية الجديدة.

برلسكوني صانع الملوك

على الرغم من كل ذلك، يبقى برلسكوني، وحصوله على 8% من الأصوات في انتخابات الشهر الماضي وضعه في منصب صانع الملوك. والصحيح أيضاً أنه أنشأ مخطط البقاء للشعبوية الحديثة، كما ساعد جهاز إعلامي مرن في خلق أسطورة برلسكوني ثم ساعد في الحفاظ عليها. ومن المعروف أن الكلاب العجائز تلتزم بالحيل القديمة. واللافت للنظر أن جزءاً من جدال برلسكوني مع ميلوني كان رغبته في أن يكون أحد رجاله في وزارة العدل. وهذا ليس من قبيل الصدفة في الوقت الذي يواجه فيه محاكمات جديدة بشأن الفساد.

"صندوق النقد" يتوقع ركود اقتصاد إيطاليا بضغط أزمة الطاقة

السر الآخر لنجاحه هو القاعدة الأصلية الثابتة التي استغلها. وعدت رؤية حزبه "فورزا إيطاليا" بدولة مليئة بالنجاح الاقتصادي (والجنسي) السهل، وحكومة عدم التدخل حيث كان "الآخر" المشيطن (في حالة برلسكوني الشيوعيون والقضاة) هو المسؤول عن جميع مشاكل الإيطاليين.

ميلوني على دراية بكتيب قواعد اللعب الذي يقدمه برلسكوني. ويعود الفضل في النجاح الانتخابي لحزبها "إخوة إيطاليا" إلى استخدام برلسكوني لوسائل الإعلام والقوة الوطنية. كما يأتي نجاحها بعد حملة بارعة حول القانون والنظام ضد التهديدات التي تتعرض لها "العائلة الطبيعية" وما يسمى لوبي مجتمع الميم. كما أنها تحتفظ بالسلطة ضمن الأسرة، حيث تمنح وزارة رئيسية للزراعة والسيادة الغذائية إلى شقيق زوجها. ولكن في الوقت الذي تشكل فيه الحكومة، فقد حان الوقت للانتباه إلى إخفاقات برلسكوني أيضاً، خاصة الضرر الذي أحدثه - وما يزال بوسعه إحداثه- من خلال الاهتمام بنفسه.