الاستقرار السياسي في المملكة المتحدة لن يمنع قسوة الشتاء

ما ستفعله الحكومة سيحدد مقدار الألم الذي ستواجهه الشركات والمستهلكون في الأشهر المقبلة

ريشي سوناك، رئيس وزراء المملكة المتحدة الجديد
ريشي سوناك، رئيس وزراء المملكة المتحدة الجديد المصدر: بلومبرغ
Marcus Ashworth
Marcus Ashworth

Marcus Ashworth is a Bloomberg Opinion columnist covering European markets. He spent three decades in the banking industry, most recently as chief markets strategist at Haitong Securities in London.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بدأ الشعور بالحياة الطبيعية يتسلل مرة أخرى إلى السياسة البريطانية بعد ترشيح ريشي سوناك من قبل حزب المحافظين لمنصب رئيس الوزراء المقبل. إلا أن جسامة المهمة المالية التي تنتظره لم تتضاءل، وما ستفعله الحكومة بعد ذلك على الصعيد المالي سيحدد إلى أي مدى يشعر بنك إنجلترا بأنه يتعين عليه رفع أسعار الفائدة- ومقدار الألم الاقتصادي الذي ستواجهه الشركات والمستهلكون في الشتاء القادم.

ريشي سوناك رئيس وزراء المملكة المتحدة الجديد

يُشار إلى أن الأسواق المالية رحّبت بتعيين سوناك لأنه يعِد بالاستقرار السياسي، وذلك بعد اندفاع ليز ترَس الكارثي نحو النمو عبر التخفيضات الضريبية غير المموّلة التي أدت إلى تدمير الجنيه الإسترليني وإلى ارتفاع عائدات السندات الحكومية في الشهر الماضي. أصبح الجنيه الإسترليني أقوى بنحو 10% مقابل الدولار من أدنى مستوى قياسي وصل إليه في 26 سبتمبر، بينما هدأت عائدات السندات الحكومية البريطانية من المستويات المرتفعة التي دفعت صناديق التقاعد إلى حالة من الانهيار.

في ذروة الأزمة الأخيرة، كان مستثمرو السندات على وشك تحميل المملكة المتحدة ما يصل إلى 20 مليار جنيه إسترليني إضافية في تكاليف الفائدة السنوية، وما تزال العائدات أكثر من ضعف المستوى الذي بدأته هذا العام، إلا أن بريطانيا لم تعد تبدو منبوذة في السوق بالنسبة لنظرائها في الولايات المتحدة وأوروبا.

توقعات برفع أسعار الفائدة

الأهم من ذلك أنه مع امتناع الحكومة عن التصرف بتهور وتراخٍ مع السياسة المالية، قلّص المتداولون توقعاتهم بشأن مقدار التشديد الذي سيشعر البنك المركزي البريطاني بالحاجة إليه. وقد ساعدت تعليقات نائب محافظ بنك إنجلترا بن برودبنت الأسبوع الماضي حول "ما إذا كان يجب رفع أسعار الفائدة الرسمية بنفس القدر الذي يُسعّر حالياً في الأسواق المالية" على تخفيف التكهنات حول ذروة الأسعار، وتعززت بتحليله بأن معدل الفائدة القياسي 5% يمكن أن يمحو ما يصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي.

كما أيّدت زميلته في لجنة السياسة النقدية، كاثرين مان، ملاحظاته في عطلة نهاية الأسبوع، قائلة إنه "ربما تم تسعير المنحنى بشكل مبالغ فيه". ومن المتوقع أن يقدم اجتماع بنك إنجلترا الأسبوع المقبل زيادة بمقدار 75 نقطة أساس والتي سترفع معدل الفائدة الرسمي إلى 3%.

سوناك يحذر: المملكة المتحدة تواجه "تحدياً اقتصادياً عميقاً"

في الواقع، قوّض الاضطراب الأخير اقتصاد المملكة المتحدة، حيث أظهرت الأرقام التي نُشرت يوم الإثنين أن مسح شركة "ستاندرد آند بورز غلوبال" (S&P Global) المركب لمديري المشتريات في المملكة المتحدة لشهر أكتوبر انخفض إلى 47.2، أي أقل من مستوى 50 الذي يشير إلى الانكماش. وما يزال هناك ما هو أسوأ في المستقبل، حيث انخفض مؤشر الطلبات الجديدة للشركات المصنّعة إلى 38.6. كما تتوقع بلومبرغ إيكونوميكس الإطاحة بنسبة 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي للمملكة المتحدة بسبب توابع ستة أسابيع من السياسة الاقتصادية لترَس، وأن ينكمش الاقتصاد العام المقبل بنسبة 1.4%.

علاوةً على ذلك، ما تزال هناك فجوة كبيرة تبلغ نحو 30 مليار جنيه إسترليني (34 مليار دولار) في الخطط الاقتصادية للحكومة والتي سيرغب مكتب مسؤولية الميزانية في رؤيتها مغلقة. ويحتاج بيان ميزانية الحكومة المقرر تسليمه في 31 أكتوبر من قبل وزير المالية الحالي جيريمي هانت، إلى تعزيز الاستقامة المالية للحكومة. وفي الأشهر المقبلة، يتعين على إدارة سوناك توضيح ما سيحل محل الحد الأقصى الشامل لأسعار الطاقة الذي قدّمته ترَس ومن المقرر الآن أن تنتهي صلاحيته في أبريل.

تحديات اقتصادية صعبة بانتظار خليفة ترَس

يُذكر أن سوناك أظهر بعض البراعة عندما كان مستشاراً، مع كل من خطط إجازة العمل خلال الجائحة ودعمه للمطاعم بعد الإغلاق. وسيكون هذا الإبداع، جنباً إلى جنب مع العزيمة الفولاذية وأكثر من مجرد ضربة حظ، ضرورياً لإصلاح الأذى الذاتي الذي تعرضت له المملكة المتحدة في الشهر الماضي.