رئيس الوزراء وائتلافه يسعون للاستفادة من المكاسب التي حققوها في استطلاعات الرأي
تعقد ماليزيا انتخابات عامة مبكرة في 19 نوفمبر، لمحاولة وضع حد للمشهد السياسي الفوضوي الذي حل بالدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، منذ الهزيمة التاريخية لائتلاف الجبهة الوطنية، الذي حكم لفترة طويلة، منذ 4 سنوات. تفكك تحالف المعارضة، الذي حقق فوزاً مفاجئاً في الانتخابات بعد 22 شهراً بسبب خلافات داخلية، مما أدى إلى عودة الجبهة الوطنية إلى السلطة في نهاية المطاف.
رغم ذلك، مع وجود العديد من الائتلافات في سباق الانتخابات هذه المرة وزيادة عدد الناخبين بالملايين من الشباب الجدد بالإضافة لمخاطر الاضطرابات بسبب الأمطار الموسمية، قد يكون عهد سيطرة حزب واحد على المشهد السياسي الوطني ذهب أدراج الرياح منذ فترة طويلة.
يسعى رئيس الوزراء الماليزي، إسماعيل صبري يعقوب، وائتلافه الهش، إلى الاستفادة من المكاسب التي حققوها مؤخراً في استطلاعات الرأي المحلية ومن تشتت المعارضة، لتحسين فارق أغلبيتهم المتمثل في أربعة مقاعد في مجلس النواب الذي يضم 222 مقعداً، إذ إن التصويت يجري تقريباً قبل سنة من الموعد المقرر.
يمكن لتفويض أقوى أن يسمح للحكومة بدفع خطط تخفيضات في الميزانية لتحسين المالية العامة دون حاجة لعقد صفقات مع المعارضة، أو حتى تعليق العمل بالقوانين التي تضمن الديمقراطية مثلما فعل رئيس الوزراء السابق. تُعتبر ماليزيا شريكاً تجارياً رئيسياً مع كل من الولايات المتحدة والصين، لكن السياسة الخارجية حظت باهتمام محدود في هذا السباق الانتخابي.
اقرأ أيضاً: ماليزيا.. رئيس الوزراء يحلّ البرلمان ويدعو إلى انتخابات مبكرة
رغم ذلك، قد تكون النتائج مهمة جداً لرئيس الوزراء السابق وزعيم ائتلاف الجبهة الوطنية، نجيب عبد الرزاق، الذي يقضي عقوبة مدتها 12 عاماً في السجن لدوره في فضيحة احتيال بمليارات الدولارات مرتبطة بصندوق التمويل السيادي "1 إم دي بي" (1MDB). قدّم نجيب التماساً للحصول على عفو رئاسي، وهي خطوة يدعمها حزبه، لذا قد يُحسّن فوزاً كبيراً من فرص الحصول على ذلك العفو الرئاسي. من شأن ذلك أن يردد واقعة العفو الذي حصل عليه زعيم المعارضة، أنور إبراهيم، بعد فوز ائتلافه في انتخابات 2018.
اللاعبون الرئيسيون هم:
ائتلاف الجبهة الوطنية: عقب إعادة تشكيله من جبهة التحالف في 1973 بعد أعمال شغب بين الأعراق في 1969، بين المنتمين لعرقية الملايو والصينيين، فاز الائتلاف بالانتخابات 13 من أصل 14 مرة. في أوج قوته، تكوّن الائتلاف من 14 حزباً، ,ولعب دوراً في تجسيد هوية سياسات الدولة ونظام المحسوبية. تسببت عملية احتيال "1 إم دي بي" في انقلاب الناخبين على الحزب. يتكون الائتلاف الآن من المنظمة الوطنية المتحدة للملايو التي يتبع لها رئيس الوزراء الحالي، والرابطة الماليزية الصينية وحزب المؤتمر الهندي الماليزي وحزب شعب صباح المتحد.
السنة | 2008 | 2013 | 2018 |
المقاعد | 82/222 | 89/222 | 122/222 |
الأصوات | 46.7% | 50.9% | 45.6% |
من المتوقع أن تظل المشاكل الاقتصادية في الصدارة، إذ يعاني الماليزيون من ارتفاع تكلفة المعيشة وضعف الرينغيت الماليزي ومخاوف من تباطؤ عالمي العام المقبل. قالت قرابة 70% من الأسر منخفضة الدخل، في مسح أجراه البنك الدولي، إنها غير قادرة على الوفاء باحتياجاتها الأساسية الشهرية. وتشمل المشكلات الأخرى:
هناك 5.8 مليون ناخب جديد، بعدما خفضت الحكومة الحد الأدنى لسن التصويت من 21 عاماً إلى 18 عاماً، وجعلت تسجيل الناخبين أوتوماتيكياً. لم يجر اختبار ما إذا كان هؤلاء الناخبون سيدلون بصوتهم. قال نحو 67% من الشباب المسلمين الماليزيين، في مسح أجراه مركز "ميرديكا" (Merdeka) مؤخراً، إنهم غير مهتمين بالسياسة، فيما قال 77% إن السياسة أكثر تعقيداً من أن يفهمونها.
عامل آخر قد يؤثر على المشاركة في التصويت هو الأمطار الموسمية في الشمال الشرقي سنوياً، التي تتسبب عادةً في فيضانات كبيرة. وجّهت المعارضة انتقادات لإسماعيل وحزبه فيما يتعلق بالتوقيت، لأنه يجازف بتحويل الموارد عن إدارة الكوارث. أدت الفيضانات في أواخر العام الماضي إلى مقتل العشرات، وتسببت في خسائر بلغت قيمتها أكثر من 6.5 مليار رينغيت.
اقرأ أيضاً: الرينغيت الماليزي يتجه نحو أعنف هبوط شهري منذ 2016
مهاتير، الذي قاد المنظمة الوطنية المتحدة للملايو لمدة 22 عاماً، ويُعَد أطول رؤساء الوزراء بقاءً في السلطة، إلى أن تقاعد في 2003، أنهى خلافه مع أنور لفترة سمحت بإنهاء عهد ائتلاف الجبهة الوطنية المتواصل وإرسال نجيب إلى السجن. لكن جذور الضغينة بين مهاتير وأنور كانت عميقة، ولم يمض وقت طويل قبل أن يتسبب العداء بينهما في انهيار حكومة تحالف الأمل في 2020.
من المفارقات أن الزعيمين خسرا منصبهما لصالح نائبيهما، ياسين ومحمد عزمين علي، اللذين قادا من الانشقاقات ما يكفي لاستبدال الزعيمين بالتحالف الوطني. لم تستمر إدارة محي الدين لفترة طويلة، واستُبدِل هو الآخر في أغسطس من العام الماضي.
برغم عدم الاستقرار السياسي شبه المتواصل والضرر الذي تسببت فيه الجائحة، تعافت ماليزيا سريعاً. الدولة، التي تفتخر بتقديم أحد أسرع برامج التطعيم ضد فيروس كوفيد-19 في العالم، فاجأت الجميع بتحقيق نمواً في الناتج المحلي الإجمالي، بلغ 8.9%، في الربع الثاني من 2022. تهدف خطة الإنفاق لعام 2023، التي حظيت بالموافقة مؤخراً وتبلغ 80 مليار دولار، لخفض الضرائب، وفي الوقت نفسه أيضاً تضييق العجز المالي من خلال الدعم الأكثر تحديداً للمستفيدين منه.
أدى ارتفاع أسعار الطاقة في العام الجاري إلى توزيعات أرباح أكبر من شركة النفط الماليزية "بتروليوم ناشيونال" (Petroleum National) المملوكة للدولة، التي ساعدت الحكومة على دفع فاتورة الدعم المتضخمة. لكن عدم اليقين بشأن مصير الميزانية أثار رياحاً معاكِسة للرينغيت، الذي هبط إلى أدنى مستوياته في 24 سنة مقابل الدولار. ضعف العملة خبر سيء لماليزيا، التي تعد مستورداً صافياً للمواد الغذائية.