البنك المركزي المصري يفاجئ السوق برفع الفائدة 200 نقطة.. ويعتمد سعر صرف مرناً للجنيه

مصر ترفع أسعار الفائدة 500 نقطة أساس منذ بداية العام

مبنى البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة
مبنى البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

فاجأ البنك المركزي المصري الأسواق برفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس، كما قرّر اعتماد سعر صرف مرناً للجنيه مقابل العملات الأجنبية استناداً لآلية العرض والطلب في السوق، بما يواكب توصية صندوق النقد الدولي بهذا الإطار، ويؤشر لقرب توقيع اتفاق برنامج التمويل معه.

"المركزي" كان خالف توقُّعات المحللين، باجتماع لجنة السياسة النقدية في سبتمبر، عندما أبقى على أسعار الفائدة دون تغيير، في حين كانت معظم التقديرات تشير إلى رفع بمقدار 100 نقطة.

قرار اليوم، الذي جاء في اجتماع استثنائي، تضمّن رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس، لتصل إلى 13.25% و14.25% و13.75% على التوالي. كما رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 13.75%.

البنك المركزي عزا خطوة الرفع إلى استهدافه استقرار الأسعار على المدى المتوسط، في ظلّ الضغوط التي يعانيها الاقتصاد المصري، ولم يشهد أي مثيل لها منذ سنوات، حيث واجه تخارجاً لرؤوس أموال المستثمرين الأجانب، فضلاً عن ارتفاع في أسعار السلع.

الجنيه المصري يتراجع 14% بعد اعتماد سعر صرف مرن للعملة

في وقت لاحق من اليوم تراجع الجنيه المصري بأكثر من 14% أمام الدولار اليوم الخميس في أعقاب القرار المفاجئ للبنك المركزي المصري باعتماد سعر صرف مرن للعملة ورفع سعر الفائدة، بلغ سعر الصرف 22.50 جنيه للدولار فور القرار، قبل أن يخفف التراجع إلى 22.25 جنيه.

يرى آلن سانديب، رئيس البحوث في "نعيم المالية"، أنَّ التوقُّعات كانت تشير إلى "رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس. ومع ذلك؛ ليس من المستغرب من الناحية الموضوعية ما حدث، بالنظر إلى الاتجاهات التضخمية والتحركات من قبل البنوك المركزية الأخرى في جميع أنحاء العالم".

ونوّه "المركزي" بأنَّه تمّ اتخاذ إجراءات إصلاحية لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وتحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل. وتحقيقاً لذلك؛ سيعكس سعر الصرف قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى بواسطة قوى العرض والطلب في إطار نظام "سعر صرف مرن"، مع إعطاء الأولوية للهدف الأساسي للبنك المركزي والمتمثل في تحقيق استقرار الأسعار.

الاعتمادات المستندية

كما قرر البنك المركزي المصري الإلغاء التدريجي للتعليمات الصادرة بتاريخ 13 فبراير 2022 والخاصة باستخدام الاعتمادات المستندية في عمليات تمويل الاستيراد، حتى إتمام الإلغاء الكامل لها في ديسمبر 2022، وفق البيان. وهو ما يؤشر للعودة إلى النظام القديم من خلال "مستندات التحصيل".

يأتي ذلك في وقت تزدحم به الموانئ المصرية بالبضائع التي تحتاج إلى اعتمادات دولارية من أجل الإفراج عنها، برغم كل التيسيرات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة في الآونة الأخيرة من أجل تخفيف حدّة التكدس بالموانئ.

كخطوةٍ أولى لإلغاء الاعتمادات المستندية، أعلن المركزي بعد ساعات قليلة من اجتماعه الاستثنائي عن رفع حد الشحنات المستثناة من هذه الاعتمادات إلى 500 ألف دولار بدلاً من 5 آلاف دولار سابقاً

"المركزي المصري" يَعِد الصناعيين بحلول "جذرية" لمشكلاتهم قريباً

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أكّد خلال مؤتمر مصر الاقتصادي، مطلع الأسبوع، على عمل حكومته لإلغاء الاعتمادات المستندية خلال الفترة القليلة المقبلة، تنفيذاً لتعهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل نحو أسبوعين، بحل "معوقات الاعتمادات المستندية"، إذ قال إنَّ هذه المشكلة "ستُحلّ خلال شهرين بحد أقصى".

في الاعتمادات المستندية يكون التعامل بين بنك المستورد وبنك المصدّر، وتكون البنوك لاعباً أساسياً بالعملية، فيما يكون التعامل في مستندات التحصيل بين المستورد والمصدر بشكل مباشر، وبناءً على ثقة قديمة بينهما في التعامل، ويكون دور البنك وسيطاً فقط، كما تتطلب الاعتمادات المستندية مبالغ أكبر، وتستغرق العملية وقتاً أطول مقارنة بمستندات التحصيل.

أشرف هلال، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية والأدوات المنزلية في اتحاد الغرف التجارية، قال لـ"الشرق" إنَّ "رفع الفائدة له جانب إيجابي على المودعين، وآخر سلبي على الشركات التجارية والمصانع، لأنَّنا نضطر لرفع تكلفة المنتجات، وبالتالي؛ ارتفاع الأسعار. رفع الفائدة لا يقلل معدلات التضخم، والدليل أنَّ البنك المركزي رفع الفائدة مرتين خلال العام، ولم تتراجع أرقام التضخم"، متسائلاً هل رفع الفائدة هو الحل الوحيد أم ماذا؟

التضخم في سبتمبر عند أعلى مستوى منذ نحو 4 سنوات

رئيس وزراء مصر: الأولوية كبح جماح التضخم وليس سعر صرف الجنيه

إلى ذلك، أكّد "المركزي"، في بيانه اليوم، أنَّه سيعمل على بناء وتطوير سوق المشتقات المالية، بهدف تعميق سوق الصرف الأجنبي ورفع مستويات السيولة بالعملة الأجنبية.

التضخم

توقَّع المركزي المصري في بيانه اليوم ارتفاع معدل التضخم عن مستهدفه السابق البالغ 7% في المتوسط خلال الربع الرابع من العام الحالي 2022.

تسارع التضخم في المدن المصرية خلال سبتمبر الماضي مسجلاً 15% على أساس سنوي، مواصلاً بذلك مساره الصعودي عند أعلى مستوى منذ نوفمبر 2018، في حين أنَّ التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار السلع الأكثر تقلّباً، قفز إلى 18% في سبتمبر.

وسعر الفائدة الحقيقية بمصر (معدل الفائدة الاسمي مطروحاً منه معدل التضخم)، يبلغ نحو 1.75% وفقاً لآخر بيانات.