"الفيدرالي" قد يرفع الفائدة إلى 5% ويتسبب بركود عالمي

استطلاع بلومبرغ يشير إلى توقعات كبيرة برفع الفائدة 75 نقطة أساس الأسبوع المقبل

مبنى "مارينر إس إيكلس" حيث مقر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة، يوم 17 سبتمبر 2021.
مبنى "مارينر إس إيكلس" حيث مقر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة، يوم 17 سبتمبر 2021. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

خلال الاجتماع الذي يعقدونه الأسبوع المقبل، سيُبقي مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على موقفهم المتشدد، ما يمهد الطريق أمام رفع أسعار الفائدة لتصل إلى 5% بحلول مارس 2023، وهي زيادات من المرجح أن تقود الولايات المتحدة والعالم إلى ركود اقتصادي، وفقاً لما ذكره خبراء اقتصاديون استطلعت بلومبرغ آراءهم.

ستزيد اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس للاجتماع الرابع على التوالي، عندما يعلن صناع السياسة النقدية قرارهم عند الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيت واشنطن الأربعاء المقبل، حسب ما جاء في الاستطلاع.

حصل مسؤولو السياسة النقدية على سبب إضافي لمواصلة مسار رفع أسعار الفائدة، حيث أظهرت بيانات رسمية يوم الجمعة، ارتفاع تكاليف التوظيف بوتيرة ثابتة خلال الربع الثالث، كما أن مقياس التضخم المفضل لدى البنك المركزي، لا يزال بعيداً أعلى بكثير من هدفه البالغ 2%

حسب استطلاع بلومبرغ، من المتوقع رفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة أخرى في ديسمبر المقبل، ثم بمقدار ربع نقطة خلال كل من الاجتماعين التاليين. وكانت توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي الصادرة في اجتماع سبتمبر الماضي، قد أشارت إلى أن أسعار الفائدة ستبلغ 4.4% هذا العام، ثم ترتفع إلى 4.6% في العام المقبل، قبل البدء في عمليات التخفيص في عام 2024.

توقعات الزيادة

يرى خبراء الاقتصاد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي مصمم على عدم التحول في سياسته النقدية من حربه ضد التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته في 40 عاماً. سيتجسد الانتقال إلى ذروة أعلى لأسعار الفائدة، في نمو أسعار المستهلك، عدا الغذاء والطاقة، اللذين ارتفعا بأكثر من المتوقع خلال الشهرين الماضيين.

يُذكر أن استطلاع بلومبرغ، شارك فيه 40 خبيراً اقتصادياً، وأُجري خلال الفترة من 21 إلى 26 أكتوبر الجاري.

بيانات الاقتصاد الأميركي تظهر أن "الأسوأ لم يأت بعد"

قال جيمس نايتلي، كبير خبراء الاقتصاد الدولي في شركة "آي إن جي غروب"، في رده على استطلاع الرأي: "لا تزال ضغوط التضخم شديدة، ومن المنتظر أن يزيد بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في نوفمبر المقبل. ونتوقع في الوقت الراهن زيادة بمقدار أقل يبلغ 50 نقطة أساس في ديسمبر المقبل، مع الأخذ في الاعتبار تدهور الاقتصاد وظروف السوق. لكن المخاطر تميل نحو زيادة قدرها 75 نقطة أساس".

موقف الفيدرالي

قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، إن البنك المركزي ملتزم تماماً باستعادة استقرار الأسعار، ولطالما استشهد بسلفه، بول فولكر، الذي رفع أسعار الفائدة إلى مستويات لم يسبق لها مثيل للتصدي لمعدل التضخم في أوائل ثمانينيات القرن الماضي. وحذّر باول من أن العملية ستكون مضنية، نظراً لأن الهدف هو إدارة نمو أدنى من الاتجاه السائد، للحد من ضغوط الأسعار، كما أن البطالة ستتفاقم إثر ذلك.

محضر "الفيدرالي الأميركي" يُظهر الحاجة إلى مزيد من رفع الفائدة لهزيمة التضخم

لم يفقد باول وزملاؤه الأمل في أنهم يستطيعون تحقيق هبوط سلس للاقتصاد. لكن للمرة الأولى في استطلاعات الرأي قبيل انعقاد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، يتوقع غالبية خبراء الاقتصاد -ثلاثة أرباعهم- حدوث ركود محتمل في غضون العامين المقبلين، فيما يتوقع أغلب باقي الخبراء حدوث "هبوط حاد" مع فترة يكون فيها النمو صفرياً أو سلبياً في المستقبل.

رأي بلومبرغ إيكونومكس:

"أعتقد أن أهم أمر يتعين مراقبته، هو طريقة توصيل باول لفكرة التحوّل نحو إبطاء وتيرة زيادة أسعار الفائدة. سيرغب في تفادي ترك انطباع بأن التحول أمر وشيك، خصوصاً عندما يكون التضخم الأساسي لا يزال يكتسب زخماً. سيهيئ الأسواق لزيادة 50 نقطة أساس في ديسمبر، لكن سيرفق ذلك أيضاً بمخطط نقطي يبين أسعار الفائدة عند 5%. - آنا وونغ، كبيرة خبراء الاقتصاد الأميركيين

توقعات الخبراء

يرى خبراء الاقتصاد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يكون مفرطاً في تشديد سياسته النقدية، حيث تضع توقعات الاقتصاديين متوسط ذروة أسعار الفائدة المستهدفة عند 4.75%. وقد حذّر 75% من خبراء الاقتصاد من وجود مخاطر أكبر تتمثل في أن البنك المركزي سيزيد أسعار الفائدة بدرجة كبيرة، وسيتسبب بأعباء لا لزوم لها، عوضاً عن عدم رفعها بما يكفي، وبالتالي الإخفاق في السيطرة على التضخم.

مهمة الاحتياطي الفيدرالي لتحجيم التضخم لم تنته بعد وستستغرق وقتاً

قال توماس كوستيرغ، كبير خبراء الاقتصاد الأميركيين في "بكتيت ويلث مانجمنت": لا يزال هناك تقليل من أهمية التأخر في السياسة النقدية. قد لا يكون هناك شعور بالتأثير الكامل للتشديد الحالي في السياسة النقدية قبل منتصف عام 2023، وبحلول ذلك الوقت، ربما يكون قد فات الأوان. هناك خطر كبير من احتمال حدوث خطأ في السياسة النقدية".

قد تكون هناك تداعيات اقتصادية غير مباشرة على الأسواق العالمية، إذ يتوقع ثلثا الخبراء ركوداً على مستوى العالم خلال العامين المقبلين.

50 نقطة أساس

بينما يشير متوسط توقعات خبراء ​​الاقتصاد إلى رفع الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في ديسمبر، إلا أن ثلثهم تقريباً يتوقعون زيادة بمقدار 75 نقطة أساس.

يماثل المسار الذي يتوقعه خبراء الاقتصاد لأسعار الفائدة، المسار المتوقع من قبل الأسواق، حيث يتوقع المستثمرون زيادة بمقدار 75 نقطة أساس الأربعاء، وويميلون نحو زيادة بواقع 50 نقطة أساس في ديسمبر المقبل، فيما يترقبون بلوغ أسعار الفائدة ذروتها عند حدود 4.8%.

معدل البطالة في أميركا يهبط إلى 3.5% ويضغط على الفيدرالي لمواصلة التشديد النقدي

في حال رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة مرة أخرى بمقدار 75 نقطة أساس الأسبوع المقبل، فإن مجموع الزيادات البالغ 375 نقطة أساس منذ مارس الماضي، سيشكّل أكبر رفع لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي منذ ثمانينيات القرن الماضي، عندما كان فولكر رئيساً لبنك الاحتياطي الفيدرالي وكان يتصدى لمعدل التضخم المرتفع.

قال غويل ناروف، رئيس شركة "ناروف إيكونوميكس": "في ظل الخيار الذي يواجهه بنك الاحتياطي الفيدرالي للقيام بما هو كثير للغاية، أو قليل جداً، على الأرجح سيقع اختيار أعضاء البنك على فعل الكثير للغاية، مع وجود هدف لتفادي تمادي معدلات التضخم التي واجهها فولكر من سبعينيات القرن الماضي.

ميزاينة الفيدرالي

يتوقع خبراء الاقتصاد أن يواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي عمليات الخفض المعلنة لميزانيته العمومية، والتي انطلقت في يونيو الماضي مع جولة تصريف الأوراق المالية مستحقة السداد. يقلص بنك الاحتياطي الفيدرالي الأصول لما يصل إلى 1.1 تريليون دولار سنوياً. يتوقع خبراء الاقتصاد بلوغ الميزانية العمومية 8.5 تريليون دولار بحلول نهاية العام الجاري، لتتراجع إلى 6.7 تريليون دولار في ديسمبر 2024.

خروج الاحتياطي الفيدرالي من عادة التقشف النقدي الجديدة قد يكون صعباً

يوجد انقسام ضئيل في وجهات النظر حول ما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي سينتقل إلى بيع الأوراق المالية المدعومة بالرهون العقارية ضمن عمليات التخفيض، إذ توقع 57% حدوث هذا التحرك، في حين لا يوجد إجماع في الرأي حول توقيت ذلك.

من المنتظر أن يُبقي بيان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة على صياغته اللغوية التي تقدم توجيهات حيال أسعار الفائدة التي تعد بتواصل الزيادات بلا تغير، دون تحديد حجم التعديلات، رغم أن ربع الخبراء يترقبون صياغة أكثر مرونة تدل على ارتفاعات أقل لأسعار الفائدة.

خلافات داخلية

يتوقع ثلث خبراء الاقتصاد تقريباً أن يكون هناك خروج عن الإجماع خلال الاجتماع، الذي سيكون الثالث في عام 2022. أبدت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في مدينة كانساس سيتي، إستر جورج، رأياً مخالفاً في يونيو الماضي لصالح ارتفاع أقل، محذرة من أن التغييرات المفاجئة للغاية في أسعار الفائدة قد تقوّض قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي على إنجاز مسار سعر الفائدة بحسب ما هو مخطط له. عارض هذا الرأي رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، جيمس بولارد، في مارس الماضي، بوصفه من المتشددين.

إلى جانب تباطؤ زيادة أسعار الفائدة، يتوقع خبراء الاقتصاد أن يعكس بنك الاحتياطي الفيدرالي مساره في نهاية الأمر، رداً على تراجع النمو ومعدل التضخم. يتوقع غالبيتهم أن يبدأ أول خفض صغير لأسعار الفائدة في النصف الثاني من 2023، مع تخفيضات بمقدار أكبر خلال عام 2024.