أسهم عمالقة التكنولوجيا في "وول ستريت" ما زالت مرتفعة رغم خسارتها 370 مليار دولار في أسبوع

تقارير الأرباح كشفت بوضوح مدى تأثر الإنفاق الاستهلاكي بالتضخم وإضرار رفع أسعار الفائدة بالاقتصاد

متجر "ميتا" في بورلينغيم، بولاية كاليفورنيا، الولايات المتحدة
متجر "ميتا" في بورلينغيم، بولاية كاليفورنيا، الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عمليات البيع التي طالت أسهم شركات التكنولوجيا الكبيرة هذا الأسبوع وأفقدتها 370 مليار دولار من قيمتها السوقية رغم ارتفاع السوق ككل، لم تبدّل النظرة إلى هذه الأسهم، والتي تعتبر أن أسعارها لا تزال مرتفعة بشكل كبير.

ما من أسماء كبيرة لشركات في "وول ستريت"، يمكن القول إن أسعار أسهمها رخيصة. وقد أصبح المستثمرون بالفعل، يعتبرون أنها أكثر خطورة، بدلاً من أن تكون أكثر جاذبية بعد تراجعها الحاد، بغض النظر عن الارتفاعات التي سجلتها يوم الجمعة.

في الوقت الذي توالى فيه صدور تقارير الأرباح السلبية على مدى الأسبوع، لجأ المستثمرون وبشكل محموم إلى عقود خيارات البيع لحماية أنفسهم من الخسائر المتزايدة.

لاتزال غالية

صحيح أن أسعار أسهم شركات مثل "ألفابيت" و"أمازون" و"مايكروسوفت" قد انخفضت بالفعل، لكنها تبقى بعيدة بشكل كبير عن أن تكون جاذبة للشراء.

يقول مارك هيفيل، كبير مسؤولي الاستثمار في "يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت" (UBS Global Wealth Management)، إن جزءاً من المشكلة، هو أن المحللين بحاجة إلى خفض تقديراتهم لأرباح تلك الشركات، لتعكس الضعف في أساسيات الاقتصاد الذي كشفت عنه تقارير النتائج المالية عن الربع الثالث، وهو ما سيؤدي إلى تراجع أسعار الأسهم المعتمدة على الأرباح المتوقعة.

أضاف هيفيل: "تقديرات أرباح شركات التكنولوجيا مرتفعة للغاية في ظل ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة وتراجع ثقة الشركات وتشديد الأوضاع المالية".

الأسبوع المنصرم

واحدة تلو الأخرى، أجمعت شركات التكنولوجيا العملاقة على توجيه رسائل متشابهة تقريباً على مدار الأسبوع، ألا وهي: تباطؤ المبيعات، من أجهزة الكمبيوتر الشخصية إلى الإعلانات الرقمية والتجارة الإلكترونية، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وتصاعد التضخم. وحتى نمو أعمال الحوسبة السحابية التي يُمكن الاعتماد عليها لمقاومة الركود، نظراً لأن خدماتها تساعد الشركات على توفير الأموال، فقد بدأ يتباطأ أيضاً.

تمثل رد فعل المتداولين في التخارج بأعداد كبيرة من الأسهم، وقد تسبب ذلك في زيادة معاناة أسهم بارزة، حيث تحولت من أسهم تقود السوق على مدار العام، إلى أسهم منبوذة، بل وإلى عقبة أمام تحقيق انتعاش مستدام للسوق.

نتائج أعمال الشركات الكبرى تعبث بمؤشرات البورصة الأميركية

تعكس تداولات عقود الخيارات الخاصة بأسهم كبريات شركات التكنولوجيا، عودة المستثمرين إلى الحذر والمضاربة، أو حتى توقعاتهم باحتمال حدوث المزيد من الهبوط، حيث ارتفع إجمالي عدد عقود خيارات البيع على أسهم "أبل"، و"ميتا بلاتفورمز"، و"نتفلكس"، و"أمازون"، "ألفابت" و"مايكروسوفت" من مستوياتها المنخفضة إلى أعلى مستوى لها منذ مايو الماضي، وفقاً للبيانات التي جمعتها بولمبرغ.

خسرت القيمة السوقية لشركتي "مايكروسوفت" و"ألفابيت" الأربعاء، أي في اليوم التالي لإعلان نتائجهما، نحو 280 مليار دولار، كما خسرت "ميتا بلاتفورمز" ربع قيمتها السوقية بعد قلق المستثمرين في أعقاب إعلان الشركة عن خطط لزيادة الإنفاق وسط تراجع الإيرادات للربع الثاني على التوالي. في الوقت ذاته، دفعت توقعات "أمازون" الأسوأ في تاريخها للنمو في الربع الأخير من العام، سهمها إلى التراجع 12% يوم الجمعة، لتتراجع قيمتها السوقية إلى أقل من تريليون دولار لفترة وجيزة.

قيمة "أمازون" السوقية دون تريليون دولار بعد توقعاتها القاتمة بشأن أعمالها

مرونة "أبل"

افتقر المستثمرون للأخبار الجيدة، إلى أن صدرت نتائج أعمال "أبل"، والتي كانت آخر شركات التكنولوجيا الخمس الكبرى من حيث المبيعات التي تعلن عن أرباحها. فقد تجاوزت إيرادات صانعة الأيفون الفصلية تقديرات "وول ستريت" بفضل تسارع مبيعات أجهزة كمبيوتر "ماك" والأجهزة القابلة للارتداء، مثل الساعات. لكن، وعلى الرغم من ذلك، حذرت "أبل" من عدم استمرار النمو الجيد خلال الربع الحالي.

أسهم "أبل" تنخفض بعد تسليط الضوء على إيرادات "أيفون" والخدمات

أدت نتائج "أبل" القوية نسبياً عقب تقارير الأرباح السيئة لباقي الشركات، إلى حالة من الارتياح في السوق، ودفعت بسهمها يوم الجمعة إلى تحقيق مكاسب بنسبة 7.6%، ما ساهم في ارتفاع مؤشر "ناسداك 100" و"ستاندرد آند بورز 500"، وإضافة نحو 150 مليار دولار إلى قيمتها السوقية.

تأثير السوق

تراجعت أسهم "مايكروسوفت" و"أمازون" و"ألفابت" بأكثر من 30% منذ بداية العام، مقابل انخفاض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 18% تقريباً، بينما كانت "أبل"، الشركة الوحيدة بين عمالقة التكنولوجيا، التي ترقى إلى مستوى فكرة أن أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى قادرة بمركزها المهيمن في السوق على حماية المستثمرين من تأثير تراجع السوق، حيث انخفض سهمها منذ بداية العام بنسبة 12% فقط.

أدى انخفاض أسهم كبريات شركات التكنولوجيا إلى تقلص وزنها النسبي على مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" إلى أدنى مستوى منذ أبريل 2020، عند 19%، إلا أن "أبل" و"مايكروسوفت" و"ألفابت" و"أمازون" و"ميتا بلاتفورمز"، ما زالت تتمتع بوزن نسبي يفوق الوزن النسبي لقطاعات المرافق والطاقة والمستهلك مجتمعة.

حتى الأسبوع الجاري، لم تُحبط التراجعات الحادة حماسة "وول ستريت" التي اتسمت بها تعاملات هذا الأسبوع، وسط التفاؤل باقتراب الاحتياطي الفيدرالي من التوقف المؤقت عن رفع أسعار الفائدة في ظل حالة الضعف التي يعاني منها الاقتصاد، حيث ارتفع مؤشر "ستاندرد آند بورز" للأسبوع الثاني على التوالي مسجلاً مكاسب وصلت إلى 4%.

الوجهة الآمنة

رغم ذلك، سجل مؤشر "بورصة نيويورك فانغ+" (+NYSE FANG) الذي يضم أسهم شركات "ميتا بلاتفورمز" و"أمازون" و"نتفليكس" و"ألفابت" أسوأ أسبوع على الإطلاق مقارنة بأداء مؤشر "ستاندرد آند بورز 500".

عادة ما كانت أسهم كبريات شركات التكنولوجيا، الوجهة المناسبة للمستثمرين للاحتماء من تداعيات الوباء قبل أن تصبح من بين أكبر الخاسرين في السوق هذا العام مع تطبيق مجلس الاحتياطي الفيدرالي برنامج تشديد نقدي، في أسرع وتيرة له منذ عقود.

قال مايكل أورورك، كبير استراتيجيي السوق في "جونز تريدينغ" (JonesTrading): "حتى عمالقة التكنولوجيا ليسوا محصنين ضد ذلك، وتكشف تقارير الأرباح بوضوح تأثير التضخم على الإنفاق الاستهلاكي، وإضرار رفع أسعار الفائدة بالاقتصاد".

الأميركيتان