هبوط مؤشر مديري المشتريات في الصين تحت وطأة سياسة صفر كوفيد

ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا وتداعي قطاع العقارات وانخفاض الصادرات تؤثر على نشاط الاقتصاد الصيني

مواطن يقود دراجة نارية بينما تتواجد دراجتان على جانبي الطريق في الصين.
مواطن يقود دراجة نارية بينما تتواجد دراجتان على جانبي الطريق في الصين. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

انكمش نشاط قطاعي التصنيع والخدمات في الصين في أكتوبر، وسط مؤشرات على إمكانية ازدياد الأمور سوءاً في الأشهر المقبلة، حيث تلتزم الحكومة بسياسات "صفر كوفيد" التي عطّلت النشاط بثاني أكبر اقتصاد في العالم.

انخفض كل من مؤشر مديري المشتريات الصناعي والمؤشر غير الصناعي، الذي يقيس نشاط البناء والخدمات، في الشهر إلى 49.2 و48.7 على التوالي، بما يخالف توقعات الاقتصاديين. عادةً ما تشير القراءة الأدنى من 50 إلى انكماش النشاط، بينما تشير إلى نمو عندما تتجاوز حاجز الـ50.

قال ريموند يونغ، كبير الاقتصاديين لشؤون الصين الكبرى في مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية، إن "بيانات اليوم تشير إلى أن الوقت ما زال مبكراً للمراهنة على انتعاش اقتصاد الصين" بالرغم من تسجيل البيانات الاقتصادية الأخيرة للربع الثالث مستوى أفضل من المتوقع. وأضاف أن "ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد وقطاع العقارات المتداعي وانخفاض الصادرات يؤثر على زخم النمو الصيني".

اقتصاد الصين ينمو أفضل من المتوقع في الربع الثالث ومبيعات التجزئة تتدهور

تخلت الأسهم الصينية عن خسائرها وحققت مكاسب يوم الإثنين. وارتفع مؤشر "سي إس آي 300" القياسي بنسبة 0.2% اعتباراً من الساعة 11:15 صباحاً بالتوقيت المحلي. كما انخفض العائد على السندات الحكومية الصينية لأجل 10 أعوام بمقدار نقطتي أساس إلى 2.64%، بينما تراجع اليوان الصيني 0.2% إلى 7.261 للدولار.

قيود كوفيد

بالرغم من أن البيانات الأخيرة أظهرت نمو الاقتصاد الصيني إلى 3.9% في الربع الثالث، كانت هناك إشارات ضعف مرة أخرى مع تفاقم تفشي كوفيد-19، مما أثار مزيداً من الاضطرابات للشركات والمقيمين. شهد يوم الأحد ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد حول البلاد إلى أعلى مستوياتها منذ أغسطس متجاوزة الـ2600 حالة، كما غادر العمال في أكبر مصنع لهواتف "أيفون" في البلاد، التابع لشركة "أبل"، هرباً من إجراءات كوفيد.

اقرأ المزيد: الصين تكثف عمليات الإغلاق وتشدد قيود كورونا في جميع أنحاء البلاد

كتب اقتصاديو "نومورا هولدينغز" بقيادة لو تينغ في مذكرة يوم الإثنين أنه من المتوقع أن تحافظ بكين على سياسات "صفر كوفيد" حتى مارس 2023 على الأقل. وأضافوا أن عمليات الإغلاق ستتفاقم على الأرجح "بسبب فصل الشتاء والمتغيرات الوبائية الأكثر عدوى"، متوقعين استمرار تراجع نمو الصادرات وتدهور قطاع العقارات أكثر "نظراً لعدم وجود حل شامل".

تراجعت المؤشرات المبكرة، بما فيها مبيعات السيارات والعقارات في أكتوبر، بينما تقلصت التجارة العالمية ومؤشر ثقة الشركات الصغيرة، مما يشير إلى توقعات قاتمة للاقتصاد.

تم تشديد الضوابط المفروضة للسيطرة على تفشي كوفيد في بعض المناطق قبل بدء فعاليات مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الذي يُعقد مرتين في العقد في أكتوبر، والذي حصل فيه الرئيس شي جين بينغ على ولاية ثالثة للحزب، مع تشديد القيود التي أضرت بإيرادات السياحة خلال العطلة الوطنية التي استمرت أسبوعاً في بداية الشهر.

اقرأ أيضاً: أباطرة الصين يخسرون 9 مليارات دولار بعد إحكام "شي" قبضته على السلطة

رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس":

قال ديفيد تشو وتشانغ شو، الخبيران الاقتصاديان: "بالرغم من أن مؤشرات مديري المشتريات في الصين لشهر أكتوبر قاتمة، فإن التوجه واسع النطاق نحو الانكماش ربما لا يعكس كل نقاط الضعف في الاقتصاد. كان الانخفاض في مؤشر مديري المشتريات الصناعي والمؤشر غير الصناعي إلى ما دون 50 أكثر حدة من المتوقع. علاوة على ذلك، انتهى المسح في 25 أكتوبر، قبل تطبيق قيود جديدة لاحتواء المزيد من حالات الإصابة بكوفيد. الرسالة واضحة وهي أن النمو سيتراجع مرة أخرى".

يبدو أن الأمور أصبحت أكثر خطورة منذ ذلك الحين. قدّر مسح صدرت نتائجه عن "نومورا هولدينغز" الأسبوع الماضي أن عدد الأماكن التي تمّ تطبيق إغلاق بها صعد إلى 9.2% من إجمالي الناتج المحلي للصين، مقارنة بـ7% في منتصف أكتوبر.

أقرّ تشاو تشينغ، المحلل في مكتب الإحصاء الوطني، في بيان مصاحب للبيانات، بتأثير قيود كوفيد على مؤشر مديري المشتريات، قائلاً إن الانخفاض في بيانات أكتوبر جاء بسبب تفشي الوباء بشكل متفرق. وأضاف أن "هناك حاجة لاستقرار أسس التعافي بشكل أكثر".

اقرأ أيضاً: الصين تضخ 116 مليار دولار لتهدئة الأسواق ودعم التمويل الضريبي

انتشار التدهور

كانت المؤشرات الفرعية لمؤشر مديري المشتريات ضعيفة في جميع المجالات، حيث انخفضت طلبات التصنيع الجديدة وارتفعت أسعار مدخلات الإنتاج وبدا أن فقدان الوظائف يزداد، حيث انخفضت المؤشرات التي تقيس العمالة في القطاع الصناعي وغير الصناعي على حد سواء. كذلك، تراجع المقياس الفرعي الذي يقيس أوقات تسليم الموردين، ما يدل على اضطراب لوجستيات التصنيع.

بينما أسهم دفع الحكومة للبنية التحتية في تعزيز إنتاج مواد البناء مثل الصلب، مما وفر بعض الدعم للتصنيع، فإن الانتعاش ما زال متوقفاً.

الصين تكثف عمليات الإغلاق وتشدد قيود كورونا في جميع أنحاء البلاد

قال هوي شان، كبير الاقتصاديين الصينيين في "غولدمان ساكس"، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ": "الخلاصة الرئيسية هنا تتمثل في إمكانية إجراء استثمارات أكثر في البنية التحتية والتصنيع، لكن ذلك يعتمد أيضاً على مقدار الفجوة التي يتعين سدها بين تباطؤ العقارات وتأثير كوفيد".

ربما يُظهر مؤشر مديري المشتريات الصناعي من "كايكسين" يوم الثلاثاء صورة أسوأ للشركات الأصغر والأكثر توجهاً نحو التصدير في البلاد. يتوقع الاقتصاديون أن يسجل المؤشر انكماشاً إلى 48.5، وهو أقل حدة بشكل هامشي فقط من قراءة سبتمبر البالغة 48.1. جدير بالذكر أن المؤشر دخل منطقة الانكماش منذ أغسطس.