مصادرة عملات مشفرة بقيمة 3 مليارات دولار من محتال "سيلك رود"

ثاني أكبر عملية مصادرة تقوم بها وزارة العدل الأميركية لعملات رقمية

 شعار بتكوين داخل بورصة للعملات المشفرة في برشلونة، إسبانيا.
شعار بتكوين داخل بورصة للعملات المشفرة في برشلونة، إسبانيا. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قال المدعون العامون إنهم صادروا عملات "بتكوين" تبلغ قيمتها نحو 3.4 مليار دولار من مطوِّر عقاري احتال على سوق "سيلك رود" (Silk Road) بالشبكة المظلمة "Dark web" منذ أكثر من عقد.

في ما يعد الآن ثاني أكبر عملية مصادرة عملات مشفرة تقوم بها وزارة العدل الأميركية، اكتشف محققون أكثر من 50 ألف "بتكوين" في منزل جيمس جونغ، القاطن بولاية جورجيا، خلال حملة شنتها في نوفمبر 2021. أُلقي القبض على جونغ، خريج علوم الكمبيوتر البالغ من العمر 32 عاماً، واعترف الأسبوع الماضي بارتكابه جريمة احتيال إلكتروني.

كانت الحملة جزءاً من تحقيق قاده مكتب المدعي العام الأميركي بمانهاتن عن مآل الآلاف من العملات المفقودة، التي يمكن أن تعود ملكيتها لمؤسس "سيلك رود"، روس أولبريخت. في توقيت مصادرة العملات، بلغ سعر تداول "بتكوين" أكثر من 60 ألف دولار، مما عزز قيمة المسروقات للمدعين بمليارات الدولارات. يجري تداول العملة الرقمية الآن بسعر 21 ألف دولار.

احتيال رقمي

تعود اتهامات جونغ إلى 2012، عندما سرق من "سيلك رود"، وهي سوق عبر الإنترنت مشهورة بتداول المخدرات والعملات المشفرة، أكثر من 53 ألف "بتكوين".

أنشأ جونغ سلسلة من الحسابات على "سيلك رود" لإخفاء هويته، وقام بإجراء أكثر من 140 معاملة في تتابع سريع لخداع المنصة ودفعها لتحويل عملات "بتكوين" إلى هذه الحسابات، وفقاً لملفات المحكمة. نقل جونغ بعد ذلك العملات الرقمية إلى حسابات أخرى تحت سيطرته.

اقرأ أيضاً: قادت عملية احتيال كبرى.. ملكة العملات المشفرة مطلوبة للعدالة في أميركا

قال داميان وليامز، المدعي العام الأميركي للمنطقة الجنوبية من نيويورك، في بيان: "لقرابة 10 سنوات، تضخمت مسألة مكان هذه الحصة الضخمة من عملات (بتكوين) المفقودة إلى أن أصبحت لغزاً بلغ حجمه أكثر من 3.3 مليار دولار. بفضل أحدث طرق تعقب العملات المشفرة وعمل الشرطة الممتاز المعتاد، تمكنت جهات إنفاذ القانون من العثور على هذه الخبيئة المذهلة من حصيلة الجرائم واستعادتها".

فشار وبطاطين وخزانة

يقول المدعون إنه جرى العثور على 50 ألف "بتكوين" في خزنة تحت الأرض وجهاز كمبيوتر أحادي اللوحة في علبة فشار تحت كومة من البطاطين في خزانة بدورة المياه. سلّم جونغ بعد ذلك أكثر من ألف "بتكوين" أخرى، كما وافق على مساعدة المدعين في الوصول لما تبقى من العملات وتوفير الدعم التقني للقيام بذلك.

قال محامي جونغ، مايكل باكنر، إن موكله أعاد "بالفعل كل عملات (بتكوين) التي حصل عليها بطرق غير مشروعة".

اقرأ أيضاً: الاحتيال الأكبر.. شقيقان يستوليان على استثمارات "بتكوين" بـ 3.6 مليار دولار

ذكر باكنر في بيان: "اعترف جونغ أنه مذنب في وقائع حدثت منذ أكثر من 10 سنوات عندما كان يبلغ من العمر 22 عاماً فقط. نظراً لارتفاع قيمة (بتكوين) على مدار العقد الماضي، فإن قيمة العملات التي أعادها أعلى بكثير من قيمتها عندما أخذها".

حصيلة جرائم أولبريخت

كانت العملات التي سرقها جونغ حصيلة جرائم أولبريخت، لذا لا يحتاج جونغ لدفع تعويض للضحية، وفقاً لاتفاق جونغ التفاوضي لتخفيف العقوبة. استخدم عملاء "سيلك رود"، الذي أغلقه مسؤولون أميركيون في 2013، عملة "بتكوين" للمتاجرة في المخدرات علانية وغسل الأموال وشراء أدوات للقرصنة. أُدين أولبريخت في 2015 بـ7 تهم ويقضي حكماً بالسجن مدى الحياة.

كانت عملية الخداع للإيقاع بأولبريخت وسوقه السيبراني فوزاً كبيراً لجهات إنفاذ القانون، في وقت كانت بدأت فيه للتو باستيعاب التقارب بين العملات المشفرة والجريمة. رغم أن الولايات المتحدة صادرت 175 ألف عملة "بتكوين" من سوق "سيلك رود" التابعة لأولبريخت، شك المدعون أن عشرات الآلاف من العملات الرقمية التي طلبها الموقع ما تزال مفقودة.

حقق المدعون فوزاً في 2020، عندما صادروا 69 ألف عملة "بتكوين"، بلغت قيمتها مليار دولار، من مجرم إنترنت سرقها من "سيلك رود" قبل القبض على أولبريخت.

مشروعات عقارية

تُظهِر سجلات المحكمة أن جونغ درس علوم الحاسب الآلي في جامعة جورجيا قبل أن يبدأ مشروعاً في مجال العقارات، "أر إي آند دي إنفستمنتس" (RE&D Investments)، مع كلايتون كيمكر، المطوِّر من ممفيس، في 2019. في مقابلة معه، قال كيمكر إن جونغ أخبره أنه جمع ثروته من "بتكوين" من خلال التعدين الأولي في الوقت الذي بدأ فيه قطاع العملات الرقمية في النمو.

اقرأ أيضاً: قرصان عملات مشفرة يسرق 77 مليون دولار من منصة تمويل لامركزي

قال كيمكر في مكالمة هاتفية: "هذه حقاً مفاجأة بالنسبة لي، لأنني اعتقدت أنه أحد مالكي (بتكوين) الذين بدأوا مبكراً وكان حظهم جيداً". كما أضاف أن جونغ كان يملك 80% من نشاطهم، فيما كان كيمكر، الذي كان يملك الحصة المتبقية، يساهم بالجهد والعمل.

كانت عمليات البناء جارية في إحدى مشروعاتهم، عندما اتصل جونغ بكيمكر على الهاتف العام الماضي ليبلغه أن جهات إنفاذ القانون شنت حملة على منزله. أوضح كيمكر: "قال إنهم صادروا كل ممتلكاته من العملات المشفرة، لذا لم يكن يملك سيولة، وكان في تلك الفترة يغطي تكاليف التشغيل شهراً بشهر. ظل فقط يقول ’لا أستطيع الحديث عن الأمر‘".

قضية جديدة

قال كيمكر إنه حاول شراء حصة جونغ من النشاط التجاري مرتين في العام الماضي في محاولة لإبقاء المشروعات مستمرة، لكن محاموه لم يوافقوا لأنهم لم يعرفوا إلام ستؤول القضية في المحكمة. في سبتمبر، رفعت مجموعة من الدائنين، من بينهم مقاولو بناء ووالد كيمكر، الذي يعمل مستشاراً للبناء، دعوى إفلاس قسري ضد "أر إي آند دي إنفستمنتس" في محكمة فيدرالية، مدعين أن الشركة تدين لهم بمبلغ 1.8 مليون دولار لأعمال غير مدفوعة الأجر.

كجزء من اتفاق جونغ التفاوضي لواقعة الاحتيال على "سيلك رود"، أعطى جونغ حصته التي تبلغ 80% في الشركة للحكومة. صادر المدعون أيضاً 661,900 ألف دولار نقداً و25 عملة "بتكوين" مادية تساوي قيمتها 174 عملة "بتكوين" رقمية، وفقاً لأمر المصادرة. أُفرِج عن جونغ بكفالة قدرها 310 آلاف دولار يوم الجمعة.

القضية مقيدة برقم (22-cr-00606) الولايات المتحدة ضد جيمس جونغ، محكمة المقاطعة الأميركية، بالمنطقة الجنوبية من نيويورك (مانهاتن).