كيف سلط بيع "ليفربول" الضوء على التقلبات المالية في عالم كرة القدم؟

لا أحد يجني أموالاً من امتلاك نادٍ لكرة القدم لكن الأرباح تتحقق في حالات البيع فقط

يورغن كلوب، وآدم لالانا، ومحمد صلاح يحملون كأس الدوري الإنجليزي احتفالاً بالفوز باللقب، بعد التغلب على نادي "تشيلسي" في موسم 2020، على ملعب "أنفيلد" في ليفربول، إنجلترا.
يورغن كلوب، وآدم لالانا، ومحمد صلاح يحملون كأس الدوري الإنجليزي احتفالاً بالفوز باللقب، بعد التغلب على نادي "تشيلسي" في موسم 2020، على ملعب "أنفيلد" في ليفربول، إنجلترا. المصدر: غيتي إيمجز
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يؤكد البيع المزعوم لنادي "ليفربول" لكرة القدم حقيقة مُقِلقة، مفادها أن لا أحد يجني أموالاً من امتلاك نادٍ لكرة القدم، وأنهم يربحون فقط من بيعه.

مجموعة "فينواي سبورتس غروب هولدينغز" (Fenway Sports Group Holdings LLC)، التي تمتلك أيضاً كلاً من نادي "بوسطن ريد سوكس" (Boston Red Sox) في دوري البيسبول الرئيسي و"بيستبيرغ بينغوينز" (Pittsburgh Penguins) من دوري الهوكي الوطني، تستكشف فرص بيع الفريق الإنجليزي.

وأفادت "بلومبرغ نيوز"، نقلاً عن تقدير لأحد المحللين، أن "ليفربول" قد يحقق أكثر من 5 مليارات دولار. ستمثل صفقة بهذا الحجم عائداً مذهلاً فوق مبلغ 300 مليون جنيه إسترليني (345 مليون دولار) التي دفعتها مجموعة "فينواي" في عام 2010 مقابل شراء النادي الإنجليزي. ولكن بدون بيع، سيشكّل "ليفربول" استثماراً سيئاً للغاية.

يُدار نادي "ليفربول" بشكل أفضل من معظم الأندية، في ظل ضوابط صارمة مفروضة على تكاليفه. ولكن خلال أكثر من عقد من تملك "فينواي" للنادي، لا يزال الفريق يحقق ربحاً تراكمياً قدره 27 مليون جنيه إسترليني فقط، أي ما يمثّل عائداً سنوياً قدره 0.8% فقط، وهو أمر مثير للشفقة بكل المقاييس تقريباً. بافتراض إعادة استثمار العائدات من الأسهم، فقد حقق مؤشر "إس آند بي 500" عائداً بنسبة 13% سنوياً للمستثمرين خلال الفترة نفسها.

مالكو "ليفربول" يدرسون بيع النادي الإنجليزي

تبادل الملكية

لذلك من أجل تحقيق أي شيء يشبه عائداً كبيراً، فأنت مضطر لأن تبيع النادي. هذا هو السبب في أنهم يتبادلون ملكية الأندية بشكل منتظم، حيث إن نصف الفرق الحالية في الدوري الإنجليزي الممتاز لديها مُلاك مختلفون عما كانت عليه قبل عقد من الزمان. وتُباع الأندية أملاً في تحقيق أرباح أفضل في المستقبل، بدلاً من الاستقرار المالي اليوم.

حتى عائلة "غليزر" (Glazer)، التي لطالما كانت مثار ازدراء المشجعين خلال ملكيتها لمؤسسة "مانشستر يونايتد" (Manchester United Plc)، حققت متوسط ​​عوائد نقدية بنسبة 5% فقط سنوياً منذ استحواذها في عام 2005. وقد تحقق أكثر من نصف ذلك من خلال بيع الأسهم.

يرجع ذلك إلى أن الأرباح مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأداء على أرض الملعب، وهي مسألة تتجلى بوضوح في نادي "ليفربول". كانت أكثر سنوات النادي ربحية تحت قيادة مجموعة "فينواي" هي عامي 2018 و2019، عندما وصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في عامين متتاليين، حيث فاز للمرة الثانية. وفي السنوات التي تلت ذلك، على الرغم من تعرض المجموعة لفترة مُعرقلة بسبب جائحة "كوفيد-19"، فقد كافحت من أجل جني الأرباح وفشلت في الاستثمار بكثافة في فريقها. وكنتيجة لهذا الاستثمار الضعيف جزئياً، يكافح الفريق من أجل تحسين الأداء هذا العام، ويظهر بشكل كبير خارج نطاق المنافسة على اللقب ويخاطر بعدم التأهل لدوري أبطال أوروبا العام المقبل.

للمرة الثانية.. مالك نادي بورنموث الإنجليزي يحاول بيعه

ازدهار وكساد

كان من الممكن أن يقضي الدوري الأوروبي الممتاز، الذي لم يدُم طويلاً، على هذا النوع من دورات الازدهار والكساد من خلال تبني نموذج أكثر اتساماً بالطابع الأميركي. فقد كانت الفرق نفسها ستشارك كل عام في أكبر مسابقة على مستوى أوروبا، مما يضمن إيرادات ثابتة وقابلة للتنبؤ. كانت هناك أيضاً خطط لتقديم حد أقصى للرواتب لتقليص تكاليف الأجور المتزايدة باستمرار، وهو تغيير أعجب المالكين الأميركيين لكل من أندية "ليفربول" و"مانشستر يونايتد" و"أرسنال". أما الآن فهذه الفكرة غير مطروحة، ولا بد أن احتمالية استقرار الأرباح بدت قاتمة للغاية.

لكن بعد ذلك، دفع المستثمر تود بويلي وشركة "كلير ليك" مبلغ 4.3 مليار جنيه إسترليني في وقت سابق من هذا العام لشراء نادي "تشيلسي". فجأة يبدو توقيت بيع "ليفربول" أمراً مناسباً. وعلى الرغم من أن الأرباح المستقبلية تبدو أكثر تعقيداً مما كانت عليه عندما كان الدوري الممتاز لا يزال احتمالاً واقعياً، فقد ارتفعت التقييمات إلى مستويات فلكية، حيث اجتذب "تشيلسي" ستة عروض شراء أخرى. لابد أن رئيس مجموعة "فينواي" جون هنري يعتقد بالتأكيد أن البيع أمر منطقي، لا سيما في ظل تأثير قوة الدفع الناتجة عن انهيار الدوري الممتاز، وتأثير الانجذاب للتقييم الكبير لصفقة "تشيلسي".

المشجعون خائفون من إفساد المالكين الأمريكيين كرة القدم البريطانية

هناك أطراف في اللعبة ليس لديها دوافع مالية كبيرة، مثل مالكي نوادي "نيوكاسل يونايتد"، و"مانشستر سيتي"، و"باريس سان جيرمان"، وهي الأندية التي تستفيد الحكومات الداعمة لها من السمعة الرنّانة لامتلاك فريق عالمي، بما يُعتبر بمثابة "غسيل رياضي" لسجلات حقوق الإنسان لديها.

بالنسبة للبقية، ستكون المشكلة دائماً هي ما الذي سيحدث بعد ذلك. مالكو "تشيلسي" الجُدُد هم شركة ملكية خاصة ستسعى بالتأكيد، في مرحلة ما، إلى التخلص من ملكيتها أيضاً. وبينما تستمر حالة الازدهار والكساد الحالية، ستكون فرق كرة القدم الأوروبية باستمرار تحت رحمة مالكيها الذين يبحثون عن المشتري التالي.