هالة إمبراطور التشفير بانكمان-فريد جعلت سقوطه صادماً

الانهيار السريع لبورصة الشاب الخارق يثير ذهول المستثمرين في القطاع

سام بانكمان-فريد.
سام بانكمان-فريد. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كان من المفترض أن يكون سام بانكمان-فريد مختلفاً عن رواد عالم التشفير التقليديين، فقد كان ذلك الشاب المعجزة البالغ من العمر 30 عاماً وصاحب الموهبة الخارقة في الرياضيات والذي بنى سريعاً إمبراطورية تشفير، ثم وسّعها بدهاء خلال أسوأ انهيار للقطاع الصيف المنصرم.

لكن أصبح المستثمرون في قطاع التشفير في حالة ذهول جراء الانهيار المفاجئ لجوهرة تاجه وهي بورصة التشفير "إف تي إكس" (FTX) التي طلبت الآن من منافستها الرئيسية، "بينانس هولدينغز"، إنقاذها.

وإذا كان الناس قد تعلموا شيئاً من انهيارات القطاع المذهلة في الربيع- مثلما حدث مع العملة المستقرة "تيرا دولار"، وصندوق التحوط "ثري أروز كابيتال"، وبنك "سيلزيوس نتوورك" - فهو أن روابط هذا النظام البيئي الوليد متشعبة بقدر ما هي هشة.

لكن بينما كانت "إف تي إكس" جزءاً من ذلك النظام البيئي، فقد بدت أكثر من مجرد بورصة: لقد كانت بمثابة منصة متكاملة وفخر لقطاع التشفير، مع دعمها المالي، وثقلها في صناعة السوق، وتمتعها بقوة ضغط في واشنطن، وميلها لتقديم عمليات إنقاذ وصلت إلى معظم أركان القطاع. السؤال الآن هو إذا كان من الممكن القضاء على العظيم سام بانكمان فريد بهذه السرعة- خلال ما لا يزيد عن بضعة أيام- فماذا يعني ذلك لأي شخص آخر في قطاعٍ كان محتدم النشاط في يوم من الأيام، والذي يعاني الآن من هبوط طويل شطب 2 تريليون دولار من قيمته السوقية؟

اقرأ أيضاً: "كوين بيس": لا نعتزم شراء "إف تي إكس" الأميركية

مظاهر خدّاعة

قال مارك وينستاين، شريك في "ميكانيزم كابيتال فينتشرز" (Mechanism Capital Ventures)، وهي شركة رأس مال مغامر تستثمر في التشفير: "أعتقد أنه إذا أثبتت السوق الهابطة الحالية أي شيء فهو أن المظاهر خدّاعة.. فحتى المستثمرين المؤسسيين المخضرمين يمكن أن يكتسحهم الاستثمار في الصفقات الساخنة ذات التقييمات غير المنطقية في سوق صاعدة".

يوم الثلاثاء، اجتاح القلق بشأن "إف تي إكس" والمصير غير المعروف لشقيقتها "ألاميدا ريسيرش" (Alameda Research) المجال المنهزم بالفعل، وتُرجمت التوترات إلى خسائر تزيد عن 10% لعملة بتكوين وإلى انخفاضات أكبر حتى في أجزاء أخرى من سوق العملات المشفرة، وقد يعتمد مدى الانخفاض في السوق على حجم العدوى، إن وجدت، من الانهيار المفاجئ لشركة "إف تي إكس".

لا شك أن تأثير "إف تي إكس" وبانكمان-فريد أكبر حتى من تأثير "ثري أروز كابيتال" الذي أطلق انهياره موجة من الألم عبر القطاع منذ شهر فقط. علاوة على ذلك، فإن نقص التفاصيل حول الاستحواذ المحتمل لـ"بينانس" على "إف تي إكس"، والسرعة التي أُحيطت بها بالأخيرة وضعا عالم التشفير على حافة التوتر، وقال أشخاص مطلعون إن بعض المستثمرين في "إف تي إكس" علموا أخبار الصفقة من "تويتر"، وهؤلاء المستثمرون غير متأكدين مما إذا كانوا سيتلقون أي أموال أم لا في حال مضت الصفقة قدماً مع "بينانس".

قائمة الخاسرين

تتضمن قائمة الخاسرين مستثمرين في بورصة بانكمان-فريد، التي قُدرت قيمتها بنحو 32 مليار دولار في جولة تمويل في يناير، ومن بينهم أسماء كبيرة مثل صندوق "رؤية" التابع لـ"سوفت بنك"، وصندوق المعاشات التقاعدية لمعلمي أونتاريو، والصندوق السيادي السنغافوري"تماسيك هولدينغ"، وصندوق التحوط "تايغر غلوبال مانجمنت"، وشركة "لايت سبيد فنتشر بارتنرز" (Lightspeed Venture Partners). بعد جولة التمويل في يناير، صرح بانكمان-فريد لـ"بلومبرغ" أن الأموال ستذهب على الأرجح لتمويل اندماجات واستحواذات، على أن تتضمن الأهداف المحتملة شركات المدفوعات وتلك التي تركز على الرموز غير القابلة للاستبدال والـ"ميتافيرس".

العملات المشفرة تهوي مع تزايد شكوك صفقة "بينانس– إف تي إكس"

لدى الشركات الأخرى المرتبطة ببانكمان-فريد علاقات قوية بلاعبين رئيسيين آخرين في القطاع، وستُلقي محنة "إف تي إكس" بظلال عدم اليقين عليهم جميعاً.

قدمت "إف تي إكس يو إس" (FTX.US)، الشركة الأميركية الشقيقة للبورصة، والتي لا تشملها الصفقة المبدئية مع "بينانس"، لمُقرضة العملات المشفرة "بلوك فاي إنك" (BlockFi) تسهيل ائتماني قابل للتجديد بقيمة 400 مليون دولار والذي جاء مع خيار الشراء المباشر للشركة. كذلك قدمت "ألاميدا ريسيرش"، وهي شركة تداول عملات مشفرة أسسها أيضاً بانكمان-فريد، قرض بقيمة 485 مليون دولار لشركة "فوييجر ديجيتال" لكنه فشل في الحيلولة دون إفلاس سمسارة العملات المشفرة، ثم فازت "إف تي إكس يو إس" في وقت لاحق بمزاد على أصول "فوييجر ديجيتال".

اقرأ المزيد: "ألاميدا ريسيرش" المقرض والمقترض والمستثمر في "فوييجر" المفلسة

موطن الألم

يقدر مستثمرو القطاع أن تكون "ألاميدا" نقطة ألم محتملة في مضي بانكمان-فريد قدماً، فالشركة مقترضة نشطة في قطاع التشفير وعلى الأغلب أدت التقارير بأن الشركة وضعت الكثير من الأصول في عملة "إف تي تي" (FTT) المشفرة التابعة لبورصة "إف تي إكس"، والتي انهار سعرها، وهو ما قد يكون شجع عقد الصفقة مع "بينانس"، ورغم قول بانكمان-فريد إن "إف تي إكس" و"ألاميدا" شركتان منفصلتان، فإن العلاقة الوثيقة بين الشركتين تعرضت لانتقادات.

قال مات والش، المؤسس المشترك لشركة "كاسل آيلاند فنتشرز" (Castle Island Ventures)، لرأس المال المغامر في قطاع التشفير: "السؤال الأبرز هو ماذا سيحدث لـ"ألاميدا" والديون التي على عاتقها".

تنحى بانكمان-فريد عن إدارة "ألاميدا" العام الماضي، لكن يُقدر أنه يمتلك جميع الشركة تقريباً وأكثر من 50% من "إف تي إكس"، وقال والش إن هذا النوع من هيكل الملكية لم يكن لينشأ في سوق أكثر تنظيماً وإن صفقة "بينانس" يمكن أن تساعد في إنهاء هذه المشكلة.

قال: "ليس من الممكن أبداً أن يكون مالك بورصة هو أيضاً مالك شركة تداول خاصة تمارس التداول في هذه البورصة".

رفضت كارولين إليسون، الرئيسة التنفيذية لـ"ألاميدا"، التعليق على صفقة "بينانس" و"إف تي إكس" وتأثيرها على "ألاميدا".

مزيد من التدقيق

بشكل عام، قال والش إن تعثر إف تي إكس "سيزيد بحدة تركيز المنظمين على جميع المشاركين في السوق" ويجذب المزيد من الانتباه إلى ما إذا كانت الرموز المميزة مثل "إف إف تي" هي بمثابة أوراق مالية غير مسجلة.

قال آرثر بريتمان، المؤسس المشترك لـ"تيزوس بلوكشتين" (Tezos blockchain)، في بيان إنه سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كان الاستحواذ على "إف تي إكس" من قبل "بينانس" سيسحب الدعم من شبكات بلوكتشين الرئيسية، وأشار إلى أن "إف تي إكس" كانت داعماً رئيسياً لشبكة بلوكتشين "سولانا" (Solana)، بينما تمتلك "بينانس" شبكتها الخاصة "بينانس سمارت تشين" (Binance Smart Chain).

الحملات التنظيمية تفتح شهية المستثمرين مجدداً على العملات المشفرة

أضاف: "لديّ فضول لأرى ما إذا كانت ستواصل "إف تي إكس" دعم "سولانا" تحت القيادة الجديدة أم أنهم سيتحولون إلى "بينانس سمارت تشين". من الجدير بالذكر أن الرمز المميز لـ"سولانا" تلقى ضربة يوم الثلاثاء وهبط 23%.

تشانغبنغ جاو
تشانغبنغ جاو المصدر: بلومبرغ

قال أفيشال غارغ، المؤسس المشترك والشريك في شركة رأس المال المغامر الذي يركز على التشفير في "إلكتريك كابيتال" (Electric Capital)، إن الصفقة المحتملة توضح "كيف يمكن أن تنهار الشركات الراسخة في هذا المجال بسرعة كبيرة" وتوضح كيف أن تشانغبنغ جاو، مؤسس "بينانس" أدار أمواله جيداً. وتابع: "هنا درسٌ عظيمٌ للمؤسسين في كيفية إدارة أعمالهم".

وفي النهاية، إذا قرر تشانغبنغ جاو، في إدارته لتلك الأعمال، عدم إتمام الاستحواذ على "إف تي إكس"، فقد يشهد القطاع المزيد من الاضطرابات.