أخيراً.. طرح مشكلات الغذاء على مائدة "كوب 27" وسط معاناة القطاع

القطاع الغذائي يمثل ثلث الانبعاثات ولا يحظى إلا بـ3% فقط من التمويل المناخي

عامل يحمل فول الصويا خلال حصاد في واينسفيلد بولاية أوهايو، الولايات المتحدة
عامل يحمل فول الصويا خلال حصاد في واينسفيلد بولاية أوهايو، الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعاني الزراعة بسبب تغير المناخ أكثر من أي قطاع آخر. لذا؛ كانت هذه هي اللحظة الفاصلة التي انتظر الكثير من الناشطين في قطاع الغذاء حدوثها لفترة طويلة. لأول مرة في تاريخ محادثات قمم المناخ خصصت رئاسة قمة المناخ "كوب 27" مصر يوماً كاملاً لمناقشة هذا الموضوع.

بدأ "يوم التكيف والزراعة"، أمس السبت، على خلفية أزمة غذاء عالمية، إذ يؤثر الطقس القاسي سلباً على المحاصيل بشكل كبير، ويرتفع تضخم أسعار الغذاء في كل أنحاء العالم، وتضغط الحرب في أوكرانيا على محاولات الوصول إلى سلال الخبز الرئيسية.

تتأثر مصر بكل هذه العوامل. تَعِد مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام، التي أطلقتها الدولة للتو، بتعزيز التمويل المناخي لأنظمة الأغذية الزراعية، والتي تعتبر في أمس الحاجة للتكيف مع تغير المناخ.

تمويل محدود

كما هو الحال دوماً؛ فإنَّ الأمر مرتبط بالمال. يُظهر تحليل صدر مؤخراً عن التحالف العالمي لمستقبل الغذاء أنَّ أنظمة الغذاء تمثل نحو ثلث الانبعاثات، ومع ذلك؛ خُصص 3% فقط من التمويل المناخي لها. قالت سارة فارلي، من مؤسسة روكفلر (Rockefeller Foundation)، إنَّ أغلب المعونات الزراعية، التي تبلغ قيمتها 655 مليار دولار، لها "تأثيرات خفية إما على أهداف المناخ أو التغذية"، لذا يجب تغييرها.

"بلومبرغ غرين" تنشر صوراً توثق انبعاثات الميثان في الصين خلال "كوب 27" بمصر

توالت إعلانات التمويل الزراعي على مدار الأسبوع الماضي. وتعهدت مبادرة تقودها أميركا والإمارات العربية المتحدة، يوم الجمعة الماضي، بتقديم 8 مليارات دولار إلى مشروعات البحث والتطوير الأكثر استخداماً للأساليب الصديقة للبيئة في الزراعة.

قدّمت عدة مؤسسات خيرية وحكومية تعهدات بملايين الدولارات. وقالت جاكلين نوفوغراتز، التي ترأس صندوق "أكيومن" (Acumen)، إنَّ هناك حاجة للاستثمارات "الصبورة" لدعم إنتاج الغذاء، ويجب أن تحتل احتياجات صغار المزارعين بؤرة التركيز.

يتمثل الجانب الآخر من كل ذلك بالطبع في كيفية التعامل مع التلوث الناتج عن الزراعة. بشكل محدد، تبدو مناقشة حالات تجشؤ الأبقار، التي تمثل جزءاً كبيراً من انبعاثات غاز الميثان على مستوى العالم، غائبة بشكل كبير عن قمة المناخ "كوب 27" مصر.

حقول مصر القاحلة جرس إنذار لقمة المناخ "كوب 27" في شرم الشيخ

يعتبر ذلك صُلب الموضوع، إذ إنَّ استخدام وسائل نظيفة في الزراعة يحتاج إلى توازن معقد لخفض الانبعاثات دون تقليل إمدادات الغذاء. ويعني ذلك أنَّ هناك حاجة لحلول الإمدادات الغذائية البديلة.

يعرض العديد من أجنحة الغذاء في "كوب 27" حلولاً من الزراعة العمودية إلى التعامل مع بواقي الطعام واللحم المُصنَّع في المعامل. وإذا كنا نريد تحقيق تقدّم كبير؛ فلا بد من توسيع نطاق هذه الحلول.

أخبار أخرى عن "كوب 27"

عرض مفاوضون هنديون اقتراحاً مفاده أنَّ نص البيان الختامي لـ"كوب 27" لابد أن يتعهد بـ"خفض" استخدام كل أنواع الوقود الأحفوري، وليس الفحم فقط. ظاهرياً، يبدو الأمر تقدماً، لكنَّ المتابعين عن كثب تكهنوا أنَّ الهند رأت الفكرة وسيلة للتعتيم وإبعاد التركيز عن الفحم. وتحرق الهند من الفحم ما يفوق أي دولة أخرى بخلاف الصين.

أصبحت المكسيك واحدة من الدول القليلة، في قمة المناخ، التي تشدد مساهمتها المحددة على مستوى الدولة، وهو الهدف الذي تحدده كل دولة بموجب اتفاق باريس. خلال مؤتمر صحفي مشترك مع مبعوث الولايات المتحدة، جون كيري، تعهد وزير الخارجية المكسيكي، مارسيلو إبرارد، بخفض الانبعاثات 35% بحلول 2030، أي أعلى من هدف سابق بلغ 22%. وبرغم ذلك؛ فإنَّ قاعدة المقارنة الأساسية ضعيفة إلى حد ما.

محور الغذاء ببرنامج "نُوفّي" المصري يستقطب ملياري دولار

أدلى "كيري" أيضاً بعدة تصريحات عن الخسائر والأضرار، موضحاً أنَّ المفاوضات المتعلقة بالقضية المهمة الخاصة بتعويض الدول الأكثر فقراً عن تأثير تغير المناخ لن تنتهي بموافقة الدول الغنية على التزامات مفتوحة. وأضاف: "هذا لن يحدث للعديد من الدول، لكنَّنا نشارك في حوار صادق حول كيفية إنجاح الأمر".

مظاهرات "كوب 27"

يحظى الدبلوماسي الأميركي المخضرم بشعبية. وقد قال عادل الجبير، مبعوث المملكة العربية السعودية لشؤون المناخ والسفير السابق في الولايات المتحدة، إنَّه سيلتقي "كيري" على العشاء. في مقابلة تلفزيونية، قال "الجبير" إنَّ العلاقات مع واشنطن ستكون قوية دوماً، برغم الاضطرابات التي حدثت مؤخراً بشأن سياسات إنتاج النفط. فبعد تدخله في أزمة بكين أولاً والرياض الآن؛ يواجه "كيري" بعض أكثر العلاقات الشائكة لأميركا في قمة المناخ الحالية.

وصلت المظاهرات إلى شرم الشيخ، السبت، وشارك ما يصل إلى 800 ناشط في مسيرة بالمنطقة الزرقاء، التي تخضع لإشراف الأمم المتحدة، وهم يغنون ويرددون شعارات تنادي بالمزيد من التحرك في قضية المناخ مع بداية الأسبوع الثاني من المفاوضات.

كان الأمر بعيداً كل البعد عن مشهد آلاف المحتجين وهم يسيرون في شوارع "جلاسكو" العام الماضي، إذ قررت المنظمات غير الحكومية أن تكتفي بموقع عقد القمة وتبتعد عن شوارع شرم الشيخ.