مايكل بلومبرغ لـ"الشرق": ما تحقق للمرأة السعودية بعامين تطلّب قرناً في أميركا

يجب مساعدة الدول "المنبوذة" في الشرق الأوسط على تغيير حكوماتها

المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

التطورات التي حدثت بين "ليلةٍ وضحاها" في السعودية بخصوص حقوق المرأة، استغرق تحققيها 100 عام في أميركا، بحسب مايكل بلومبرغ، مؤسس شركة "بلومبرغ"، لـ"الشرق".

الملياردير الأميركي، ومبعوث الأمم المتحدة الخاص لطموحات وحلول المناخ، نوّه في مقابلة مع الإعلامية آلاء جودي، على هامش مؤتمر بلومبرغ للاقتصاد الجديد المُنعقد في سنغافورة، بأن "المملكة شهدت تغيرات لافتة خلال العامين الماضيين، لاسيما بما يتعلق بالمرأة، والذي تطلّب إنجازها حوالي قرن من الزمن في الولايات المتحدة.. هذه حقيقة.. لقد حدث ذلك في السعودية بين ليلةٍ وضحاها".

العلاقة الأميركية السعودية

بالنسبة للعلاقة المضطربة مؤخراً بين بلاده والمملكة، اعتبر بلومبرغ أن "وجود توترات بين أيّ بلدين أمرٌ طبيعي. والسعودية لا تزال حليف لأميركا، ونحن نحتاجها لحفظ الاستقرار في الشرق الأوسط.. فالمنطقة حليف قديم للولايات المتحدة، كما نحن حليف قوي لعدد كبير من دولها".

شهدت علاقة البلدين تجاذباتٍ مؤخراً، لاسيما بعد اتهامات الإدارة الأميركية بأن السعودية لعبت دوراً بخفض تحالف "أوبك+"، الذي يضمّ روسيا أيضاً، لإنتاج النفط بمقدار مليوني برميل، للإبقاء على أسعار الخام مرتفعة، وهي الاتهامات التي دحضتها المملكة، ودول "أوبك"، مؤكدةً أن القرار فني بحت ويستهدف استقرار السوق.

بلومبرغ أشاد بالخطوات المحققة على صعيد "الاستقرار والتعاون والتبادل التجاري بين إسرائيل الدول العربية.. والذي كان مفقوداً، حيث كانت هناك خلافات كبيرة، حتى بين الدول العربية، لكنها أقلّ بكثير خلال هذه الفترة ممّا كانت عليه. وعلى الأرجح أن المنطقة ماضية بالاتجاه الصحيح، وهو وضع صحي للبلاد العربية ولإسرائيل وللجميع".

مطلع العام الماضي، عُقد اتفاقٌ في مدينة العلا السعودية، أنهى الخلاف بين المملكة والإمارات والبحرين ومصر من جهة، وقطر من جهةٍ أُخرى. وكان سبقه بمنتصف سبتمبر 2020 اتفاقية إبراهيم بين الإمارات والبحرين من جهة، وإسرائيل. في حين ما زالت مفاوضات فيينا المتعلقة بالاتفاق النووي الإيراني تعيش مدّاً وجزراً.

غير أن السياسي والإعلامي المخضرم يرى أن المشكلة تتمثل "بوجود بلدان مازالت منبوذة خارج نطاق الاتفاق والتعاون الذي تشهده المنطقة، أو تحاول بشكلٍ متعمّد الإضرار بالآخرين. وعلينا أن نجد طريقة لمساعدة هذه الدول على تغيير حكوماتها، وأن يبدؤوا التعاون من أجل مصالحهم ومصالح الآخرين".

النمو بالمنطقة

مؤسس وكالة بلومبرغ لفت إلى أن أعمال شركته في دول الشرق الأوسط "مستمرة في النمو، ويتجلّى ذلك من خلال منصات بلومبرغ الإخبارية التي تشهد تزايداً، وتنامي عدد الأشخاص الذين نجري مقابلات معهم من هذا الجزء من العالم. وهذان الأمران يمثلان مقياساً لنمو حجم أعمالنا في المنطقة".

قبل حوالي ثلاث سنوات، عقدت بلومبرغ اتفاقية تعاون مع الشركة السعودية للأبحاث والإعلام، تتعلّق بالمحتوى الخاص بقناة "الشرق" التي تمّ إطلاقها في 2020/11/11.

تحدّي المناخ

"على الجميع التحرّك لمجابهة تغير المناخ، وإلاّ فإننا سنهلك جميعاً، بحسب مايكل بلومبرغ. مشدّداً على أن "كافة الدول يجب أن تشارك بالجهود المناخية، إذ لو أن دولة أو دولتين لم تشاركا فإن الجميع سيعاني. وفي المقابل، إذا قامت دولة بخطوة مناخية جيدة فإن العالم كله يستفيد".

وأشاد بالخطوات التي اتخذتها أميركا، "حيث استقرّت معدلات الغازات الدفيئة، بينما تستمرّ بالارتفاع في الهند والصين، وبالتالي فإن الفارق بهذا الإطار يتسع مع الوقت. لكن مع ذلك، فإننا لا نزال عند مستوى انبعاثات مرتفع. ولا يمكننا القول إننا نحقق أداءً جيداً، بل إن أداءنا أقلّ سوءاً من الآخرين". مشيراً إلى إغلاق الولايات المتحدة والدول الأوروبية لحوالي 70% و50% من المنشآت العاملة بالفحم، على التوالي.

تشهد مدينة شرم الشيخ المصرية حالياً قمة للأمم المتحدة للمناخ "كوب 27" لمناقشة أبرز الخطوات اللازمة لمواجهة التحديات المناخية وتقليص الانبعاثات الكربونية. وجرى خلالها عقد النسخة الثانية لمبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" حيث قدّمت السعودية مبلغ 2.5 مليار دولار لتفعيل المبادرة. ومن أبرز القضايا الخلافية في القمة، الأضرار الناجمة عن الدول الصناعية الكبرى والتعويضات الواجب دفعها من قبلها للدول الفقيرة لملاقاة الاهداف المناخية.

خطورة التكنولوجيا

المرشح السابق لرئاسة الولايات المتحدّة علّق على اجتماع الرئيسين الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينغ، معتبراً أنه "من الجيد أنهما اجتمعا، فالأفضل للناس أن يتحاوروا بدل أن يتقاتلوا. والأمر الجدير بالانتباه أن الاجتماع استغرق 3 ساعات، ولا يمكن أن يتمخّض عن لقاء لهذه المدّة نتائج سلبية".

علاقة أكبر اقتصادين بالعالم شهدت توتراً متزايداً، مطلع أغسطس، مع زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى جزيرة تايوان.

بلومبرغ تابع: "عندما يتوقف الحوار تقع الخلافات، خصوصاً في هذا العالم حيث قد تتطور الأمور في أي وقت على نحو أكثر خطورةً بسبب التكنولوجيا.. فالتكنولوجيا شيء مفيد ولها مزايا عديدة، لكنها أيضاً تجعل العالم أكثر خطورة، وهذا يتطلّب قيادةً أفضل من كافة الدول لحل مشاكلهم أو تخفيفها على الأقل".

وأكّد أن "أيّاً من الطرفين لا يتحمل انفجار الأوضاع في العالم.. فكل من أميركا والصين لديه حجم استثمارات ضخمة في سوق الآخر، وتتبادلان حجماً هائلاً من الأعمال التجارية.. وسنستمر بذلك في بيئةٍ قائمة على التعايش".

رغم أنه يَعتبر نفسه غير مخوّل لإبداء نصائح استثمارية، إلاّ أن مايكل بلومبرغ وجّه عبر "الشرق" سلسلة آراء حول إدارة الأموال، قائلاً: "إن توقع المستقبل صعب للغاية.. ومضاربة الناس بأموالهم فعلٌ خاطئ.. ومع أن الاستثمار ببطء وحذر سيحول بينك وبين أن تصبح مليارديراً، لكنه يحميك في الوقت عينه من الإفلاس".

وختم بأنه لا يفكر في التقاعد.. "فلدي أحلام مازلت أعمل على تحقيقها مثل تعلُّم اللغة الإسبانية ولعب الغولف".