هَنت يعرض خطة مالية لبريطانيا بقيمة 55 مليار جنيه إسترليني

جيريمي هَنت، وزير المالية البريطاني، يغادر 11 داونينج ستريت لتقديم بيان الخريف في البرلمان، في لندن، المملكة المتحدة، يوم الخميس، 17 نوفمبر 2022
جيريمي هَنت، وزير المالية البريطاني، يغادر 11 داونينج ستريت لتقديم بيان الخريف في البرلمان، في لندن، المملكة المتحدة، يوم الخميس، 17 نوفمبر 2022 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عرض جيرمي هَنت حزمة لزيادة الضرائب وخفض الإنفاق في المملكة المتحدة بقيمة 55 مليار جنيه إسترليني (65 مليار دولار) تهدف إلى سد فجوة في المالية العامة للبلاد وإعادة الثقة وسط المستثمرين.

وجه وزير المالية ضربة إلى الأثرياء بفرض ضريبة أعلى على الأجور وتوزيعات الأرباح مع تمديد مفعول ضريبة الأرباح الاستثنائية غير المتوقَّعة على شركات النفط والغاز، وأخطر مجلس العموم اليوم الخميس بأنَّه يعطي الأولوية "للاستقرار والنمو والخدمات العامة".

قال هَنت لأعضاء المجلس وهو يعرض "بيان الخريف"؛ وهو موازنة عامة في كل تفاصيله ماعدا اسمه: "نحن نتخذ قرارات صعبة لمعالجة مشكلة التضخم والمحافظة على انخفاض أسعار الفائدة على الرهن العقاري. غير أنَّ خطتنا أيضاً تجعل الأزمة أقل عمقاً، وفواتير استهلاك الطاقة أقل تكلفة، ومعدل نمو الاقتصاد أعلى في المدى الطويل، ونظام الرعاية الصحية والتعليم أقوى".

تحاول حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك الدفع بإجراءات تهدف إلى استعادة الثقة وسط المستثمرين في قدرة بريطانيا على تحمّل الأعباء الضرورية لتجاوز التجربة الكارثية لتخفيض الضرائب بنسبة هائلة من جانب رئيسة الوزراء السابقة ليز ترَس.

محافظ بنك إنجلترا: أمامنا الكثير من العمل لتخطي تداعيات خطة ترَس

الإجراءات التي أعلن عنها في موازنة هَنت يوم الخميس:

  • تخفيض الحد الأدنى الذي يبدأ عنده تحصيل ضريبة على الدخل بنسبة 45% إلى 125140 جنيهاً إسترلينياً بدلاً من 150000 جنيه.
  • تجميد شرائح ضريبة الدخل الأخرى وكذلك الحدود الدنيا لتحصيل التأمين الوطني وضريبة الميراث مدة سنتين إضافيتين حتى نهاية أبريل 2028.
  • زيادة ضريبة الأرباح الاستثنائية غير المتوقَّعة على شركات النفط والغاز إلى 35% بدلاً من 25% مع فرض ضريبة جديدة بنسبة 45% على محطات توليد الكهرباء.
  • تخفيض حد الإعفاء في ضريبة الأرباح الرأسمالية بما يتجاوز النصف إلى 6000 جنيه إسترليني في العام القادم ثم تخفيضه بمقدار النصف مرة أخرى إلى 3000 جنيه بداية من أبريل 2024.
  • تخفيض عتبة الإعفاء الضريبي في دخل التوزيعات بمقدار النصف إلى 1000 جنيه إسترليني في السنة القادمة ثم إلى 500 جنيه في السنة التالية لها.
  • استمرار تجميد موازنة المعونات الخارجية عند 0.5% من إجمالي الناتج المحلي حتى أبريل 2028 على الأقل. وكان سوناك قد تعهد قبل ذلك بإعادتها إلى مستوى 0.7% في عام 2024-2025.
  • تجميد عتبة الإيرادات التي تلتزم عندها الشركات بالتسجيل من أجل سداد ضريبة القيمة المضافة حتى مارس 2026.
  • زيادة مدفوعات الرعاية الاجتماعية والمعاشات بالتوازي مع معدل التضخم.
  • تمديد الحد الأعلى لفواتير الطاقة لمدة عام آخر بعد شهر أبريل، مع رفعه إلى 3000 جنيه استرليني بدلاً من 2500 جنيه.
  • تقديم إعانة تكلفة المعيشة للأسر بقيمة 900 جنيه إسترليني مشروطة بمستوى الدخل في العام القادم، وبقيمة 300 جنيه للمتقاعدين، و150 جنيهاً لذوي الاحتياجات الخاصة.
  • إشارة البدء لبناء محطة الطاقة النووية "سايز ويل سي" (Sizewell C).
  • إلغاء إعفاء السيارات الكهربائية من الرسوم على المركبات بداية من عام 2025.
  • سيتعين على 600 ألف شخص يحصلون على مزايا ائتمانية شاملة مقابلة مدربي العمل في محاولة لتخفيض أعداد الناس خارج سوق العمل.
  • زيادة بنسبة 9.7% في أجر المعيشة القومي (الحد الأدنى للأجور)، وهي الأكبر على الإطلاق.
  • الإبقاء على تفويض بنك إنجلترا، القائل بأنَّ وزارة الخزانة ستعمل مع البنك المركزي للحد من التضخم

تخفيض الدين العام

قال هَنت إنَّ هدف هذه الخطة هو تخفيض الدين العام كنسبة من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2027-2028، وكذلك من أجل أن يصبح اقتراض القطاع العام في الأعوام الخمسة القادمة تحت مستوى 3% من إجمالي الناتج المحلي.

المهمة ضخمة وهائلة، تتمثل في معالجة الأضرار الاقتصادية التي تسبّب فيها وباء كوفيد-19، والآثار الناجمة عن حرب روسيا في أوكرانيا، والإدارة الكارثية السابقة على إدارة سوناك، المتمثلة برئيسة الوزراء ليز ترَس ووزير ماليتها كوازي كوارتينغ، إذ تسبّب برنامجها الضخم غير الممول لتخفيض الضرائب في انهيار قيمة الجنيه، وأحدث الفوضى في أسواق السندات.

هَنت -الذي عيَّنته ترَس بدلاً من كوارتينغ بهدف تهدئة غضب السوق، وأبقى عليه سوناك في منصبه – قد قام فعلاً بتعديل معظم هذه الخطة الضريبية قبل يوم الخميس. ورغم أنَّه قال إنَّ كوارتينغ كان محقاً في سعيه لزيادة معدل النمو، فقد أضاف أنَّ "تخفيض الضرائب دون توفير التمويل اللازم لذلك يعادل في خطورته زيادة الإنفاق دون توفير غطاء مالي".

على جانب النمو، قال هَنت إنَّه يرغب في تنشط قطاع الطاقة والبنية التحتية والابتكار. وسوف تعمل وزارة الخزانة على تنشيط قطاع الطاقة النظيفة وبرامج تحسين الكفاءة. وهي تحتفظ أيضاً بموازنة لتمويل مشروعات مثل تحسين خط السكة الحديدية السريع (HS2)، ومشاريع أخرى للنقل مع تجنيب مزيد من الموارد لأنشطة البحث والتطوير.

قال هَنت: "نحن بحاجة إلى تحسين قدرتنا على تحويل الابتكار الذي يحظى بمكانة عالمية إلى شركات لها مكانة عالمية، وتحويل بريطانيا إلى وادي السيليكون القادم".

انكماش الاقتصاد

أوضح وزير المالية أنَّ "مكتب مسؤولية الموازنة"، وهو الجهة المستقلة للرقابة المالية على الحكومة، يتوقَّع الآن أن ينكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 1.4% في السنة القادمة، في تخفيض للتقديرات الرسمية السابقة التي توقَّعت نمواً بنسبة 1.8%. وقام هو نفسه بتخفيض توقُّعات سنة 2024، وعزا ذلك إلى "الرياح المعاكسة في الأسواق العالمية"، وأهمها ارتفاع أسعار الطاقة الذي أشعلته حرب روسيا في أوكرانيا.

أضاف هَنت: "نريد ضرائب منخفضة وتمويلاً قوياً. غير أنَّ التمويل القوي ينبغي أن يتحقق أولاً لأنَّ التضخم يأكل في قيمة الجنيه الذي في جيوب الناس بطريقة أشد ضرراً من الضرائب".

الإسترليني يفاقم معاناة الأسواق البريطانية وسط إشارات بنك إنجلترا إلى ركود طويل الأمد

من بين الإجراءات الأخرى التي أعلن عنها هَنت أنَّ الحكومة سوف تواصل العمل على إنشاء محطة نووية جديدة (سايزويل سي) في شرق انجلترا، وتؤكد على التزامها بمشروع خط السكة الحديدية السريع (HS2) وتعتزم بناء المزيد من المستشفيات، بالإضافة إلى طرح خدمة الإنترنت فائق السرعة.

غير أنَّه أعلن كذلك أنَّ الإنفاق العام سينمو بوتيرة أبطأ من نمو الاقتصاد، وأنَّ موازنة الإدارات الحكومية ستشهد تخفيضاً في نفقاتها، موضحاً أنَّ ما يزيد على نصف الحزمة المالية مصدره خفض الإنفاق، وما يقل قليلاً عن نصفها مصدره زيادة الضرائب.

هذه لحظة مهمة بالنسبة إلى حكومة المحافظين، التي حصلت على تقييم أقل بنحو 20 نقطة من حزب العمال المعارض في استطلاعات الرأي قبيل الانتخابات العامة القادمة.

غير أنَّ الموازنة بين زيادة الضرائب وتخفيض الإنفاق مسألة مهمة. فقد انخفض الإنفاق فعلاً على الخدمات العامة على مدى 10 سنوات من برنامج التقشف الذي طبّقته حكومة المحافظين، ولم يعد الناخبون يقبلون المزيد.

المملكة المتحدة تخفض الرسوم الإضافية على أرباح البنوك إلى 3% للحفاظ على التنافسية

في الوقت نفسه، تعتبر زيادة الضرائب لعنة بالنسبة لفلسفة المحافظين، وكانت هزيمة سوناك أمام ترَس في سباق الزعامة خلال الصيف الماضي بشكل جزئي نتيجة سجله كوزير للمالية وضع البلاد على مسار أعلى أعباء ضريبية في سبعة عقود.