بنوك "وول ستريت" منقسمة حول خفض "الفيدرالي" لأسعار الفائدة في 2023

خبراء الاقتصاد يتفقون على زيادة الأسعار ويختلفون حول موعد التراجع

مبني مارينر إس إيكلس، مقر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن العاصمة بالولايات المتحدة.
مبني مارينر إس إيكلس، مقر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في واشنطن العاصمة بالولايات المتحدة. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

اتفقت أكبر بنوك "وول ستريت" على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيزيد أسعار الفائدة بمستويات أعلى في السنة المقبلة، لكن هناك انقسام حول مدى هذه الزيادة، وما إذا كانت ستُخفض مع حلول نهاية 2023.

تعبيراً عن درجة صعوبة مهمة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، انقسم خبراء الاقتصاد البارزون حول ما إذا كان البنك المركزي الأميركي سيحتاج لمواصلة مهاجمة التضخم المرتفع بشدة أو ما إذا كانت مخاطر الركود الاقتصادي وصعود معدلات البطالة ستكون مصدر قلق أكبر.

نقاط الانقسام

بينما يوجد إجماع واسع النطاق على توقع أن الاحتياطي الفيدرالي سيزيد سعر الفائدة القياسي بمقدار 50 نقطة أساس إلى نطاق يتراوح من 4.25% إلى 4.5% في ديسمبر المقبل ثم إلى 5% تقريباً مع حلول مارس المقبل، لكن هذه النقطة التي ينتهي عندها التوافق حول التوقعات:

- يتوقع خبراء الاقتصاد في مصرف "يو بي إس غروب" تخفيضات بمقدار 175 نقطة أساس السنة المقبلة، كما يتوقع مصرف "دويتشه بنك" تراجعاً قدره نقطة مئوية كاملة أواخر 2023

- يتوقع بنك"نومورا هولدينغز" زيادات تبلغ 5.75% قبل الهبوط لـ5% ، بينما يتوقع مصرف "باركليز" تخفيضات بمقدار 75 نقطة أساس خلال الـ4 شهور الأخيرة من السنة المقبلة.

- بنك "مورغان ستانلي" يتوقع بلوغ الذروة عند 4.75%، بينما يرى "بنك أوف أميركا" انخفاضاً بمقدار ربع نقطة مئوية خلال ديسمبر المقبل

- يتوقع بنكا "غولدمان ساكس غروب" و"ويلز فارغو أند كو" أن تصل أسعار الفائدة ذروتها عند 5.25%، وستستمر عند ذلك المستوى خلال الفترة المتبقية من العام، فيما يتوقع بنك "جيه بي مورغان تشيس أند كو" أن أسعار الفائدة ستبلغ 5% وستبقى عند هذا المستوى حتى 2024.

- بنك "سيتي غروب" يتوقع أن يتراوح نطاق مستوى الذروة من 5.25% إلى 5.5% مع حلول منتصف 2023، وسيستمر عند ذلك المستوى خلال ما تبقى من السنة.

ماذا لو اضطر "الاحتياطي الفيدرالي" لرفع أسعار الفائدة إلى 6%؟

رأي بلومبرغ إيكونوميكس:

"كان رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول واضحاً للغاية في رسائله حول أن اللجنة تعلمت درساً واحداً أساسياً من حقبة السبعينيات من القرن الماضي، يتمثل في عدم تخفيف أسعار الفائدة في وقت سابق لأوانه حتى في خضم الركود الاقتصادي. يُعدّ المبرر الأكثر إلحاحاً لقيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بتقليص أسعار الفائدة خلال 2023 هو تراجع معدل التضخم إلى ما دون 3%. لا تُعدّ هذه توقعاتنا النموذجية. في الحقيقة فإن توقعاتنا للتضخم ترى وجود احتمالية بنسبة 68% لبلوغ التضخم نطاقاً بين 3% و5% خلال السنة المقبلة". - آنا وونغ ، كبيرة خبراء الاقتصاد الأميركيين.

استمرار التشدد

أوضح جوناثان ميلار، كبير خبراء الاقتصاد في بنك "باركليز" بنيويورك: "مع الأخذ في الاعتبار الشكوك المنتشرة فمن المفهوم أن نطاق التوقعات واسع تماماً".

رئيس الاحتياطي الفيدرالي بفيلادلفيا يتوقع تباطؤ وتيرة رفع أسعار الفائدة

رغم أن "باول" وزملاءه يبدون حالياً حازمين في إعطاء إشارات إلى أنهم سيبقون على سياسة نقدية متشددة لإعادة التضخم إلى هدفهم الذي يبلغ 2%، من 6.2% في سبتمبر الماضي و7% في يونيو الماضي، إلا أن "ميلار" قال إنه "لا يرى هذا الهدف على أنه يتمتع بمصداقية السيناريو الأساسي لدينا حيث يتراجع ​​التضخم سريعاً ويدخل الاقتصاد في ركود اقتصادي".

البنك الذروة نهاية 2023
نومورا هولدينغز 5.75% 5.00%
سيتي غروب5.50% 5.50%
غولدمان ساكس 5.25% 5.25%
ويلز فارغو 5.25% 5.25%
بنك أوف أميركا 5.25% 5.00%
باركليز 5.25% 4.50%
جيه بي مورغان تشيس 5.00% 5.00%
بلومبرغ إيكونوميكس 5.00% 5.00%
دويتشه بنك 5.00% 4.00%
يو بي إس 5.00% 3.25%
مورغان ستانلي 4.75% 4.50%

بالنسبة للأسواق، من المنتظر أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة في ديسمبر الماضي، بما يواكب وجهة نظر خبراء الاقتصاد، إذا وصلت أسعار الفائدة ذروتها قرب 5% مع حلول مارس المقبل مع الأخذ في الحسبان تخفيضات بمقدار نصف نقطة مئوية مع حلول ديسمبر 2023.

يرى بنك"نومورا" إمكانية بلوغ أعلى مستوى للذروة، ويتوقع أن الحاجة لمكافحة التضخم ستدفع المؤشر الرئيسي في مايو المقبل إلى 5.75%، وهو أعلى مستوى منذ 2001.

"الاحتياطي الفيدرالي" يمتلك سلاحاً سرياً لمكافحة التضخم

يتوقع بنك "يو بي إس" التحول الأكثر حدة في السياسية النقدية، كونه يراهن على الاقتصاد الذي يعاني "هبوطاً صعباً" مع صعود معدل البطالة إلى ما يفوق 5% في 2024.

سوق العمل

ينوّه خبراء الاقتصاد إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ربما يُغير مساره من الناحية التاريخية بسرعة هائلة بمجرد تسجيل خسائر كبيرة في الوظائف، ووصول الفجوة الوسطى بين بلوغ أسعار الفائدة لذروتها وخفضها عند 4.5 شهر فقط.

حرب الاحتياطي الفيدرالي على التضخم تغدو معركة على الوظائف

خلال 1984، كمثال، تبدل موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي الذي كان يترأسه بول فولكر في غضون 6 أسابيع، إذ انتقل من التشديد السريع إلى ما يزيد على 500 نقطة أساس لإجراء تخفيضات بأسعار الفائدة. في 1989، أبقى رئيس البنك حينذاك ألان غرينسبان الفائدة على الأموال الفيدرالية عند أعلى مستوى لها لمدة 3 أسابيع فقط، قبل أن يطلق دورة تخفيض 700 نقطة أساس تقريباً، بينما انتظر 23 أسبوعاً لتخفيف السياسة النقدية في 1995.

يعتمد الكثير من الأمور على تصدع سوق العمل. يقول محللو مصرف "بنك أوف أميركا" أنه في دورات صعود أسعار الفائدة الـ 16 الماضية منذ 1954، بلغ متوسط معدل ​​البطالة 5.7% عندما زاد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة في آخر مرة. وكان المتوسط 3.7% في أكتوبر الماضي.

محمد العريان: ركود الاقتصاد ليس محسوماً في معركة الاحتياطي الفيدرالي

يتوقع "دويتشه بنك"، الذي يُعدّ من أوائل الذين توقعوا وقوع ركود اقتصادي، حدوث تحول في مواجهة الانكماش الاقتصادي في حالة وصول معدل البطالة إلى 5.5%، وتراجع ​​التضخم أكثر ليفوق بقليل 3%.

خطأ التوقعات

قطعاً، يُعدّ التنبؤ عملية قائمة على المجازفة، وكان أحدثها في يناير الماضي حيث اعتقد غالبية خبراء الاقتصاد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيكون أقل تشدداً كثيراً عما كان عليه الأمر، بحسب استطلاع للرأي.

يقتنع بعض مراقبي بنك الاحتياطي الفيدرالي حالياً بأن تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية سيتواصل بجانب التضخم، وإن كان ذلك بطريقة جزئية لأنهم يراهنون على أن الاقتصاد ربما يصمد بصورة مذهلة رغم تشديد البنوك المركزية.

كيف تحولت الأرباح السيئة في "وول ستريت" إلى بارقة أمل لـ "الفيدرالي"؟

يعتقد خبراء الاقتصاد في " غولدمان ساكس" وعلى رأسهم يان هاتزيوس أنه في الوقت الراهن سيزيد الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الأساسي إلى 5.25%، وسيستمر على هذا المستوى حتى نهاية السنة المقبلة. ولدى بنك "ويلز فارغو" نفس التوقعات.

وفقا لخبراء "غولدمان ساكس" فقد: "يتعارض تخفيف السياسة النقدية بقدر كبير في وقت قريب للغاية مع جهود بنك الاحتياطي الفيدرالي للحفاظ على النمو دون المستوى المحتمل حتى رجوع التضخم بصورة واضحة إلى الهدف".

الركود الاقتصادي

ذكروا في السابق أنهم يتوقعون وجود مسار "معقول تماماً" للاقتصاد لتفادي ركود اقتصادي، ما يعني أيضاً أن التضخم ربما يصبح أشد ثباتاً مما يرغبه فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. ويتوقعون احتمال وقوع ركود اقتصادي بنسبة 35% في 2023، مقارنة مع احتمال نسبة الـ 65% المحددة بواسطة إجماع رأي خبراء الاقتصاد الذين استطلعت وجهات نظرهم "بلومبرغ".

يتوقع "مورغان ستانلي" أن يشرع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في تخفيف السياسة النقدية فقط في ديسمبر المقبل بمقدار ربع نقطة بعد سنة أفلت فيها الاقتصاد من الركود.

قال خبراء الاقتصاد بقيادة إيلين زينتنر في تقرير صادر الأسبوع الجاري: "التضخم الذي ما زال مرتفعاً سيبقي بنك الاحتياطي الفيدرالي متمسكاً بموقفه لفترة ممتدة".

الأولوية للتضخم

بما أنهم في موقف صعب بسبب صعود التضخم، بدأ قادة بنك الاحتياطي الفيدرالي في زيادة أسعار الفائدة من الصفر تقريباً في مارس الماضي ورفعوها 75 نقطة أساس خلال اجتماعاتهم الأربعة الأخيرة، مما أسفر عن تشديد السياسة النقدية بطريقة هي الأكثر قوة منذ حقبة الثمانينيات من القرن الماضي.

تدمير الطلب الطريقة الأسوأ لكبح التضخم..لماذا؟

يقول قادة البنك حالياً بشكل متواصل إنهم يتوقعون استقرار الأسعار كشرط مسبق لحماية سوق العمل مستقبلاً حتى لو كان ذلك يعني خسارة في الوظائف وضعف النمو في الأجل القريب.

قال "باول" في 21 سبتمبر الماضي: "تُبين السجلات أنه في حال أجلت فعل ذلك، فعلى الأرجح سيفاقم هذا التأخير الأوجاع".

5 تطورات هامة

أخبر محللون في شركة "بايبر ساندلر أند كو" (Piper Sandler & Co) الأسبوع الحالي العملاء بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيحتاج لمشاهدة معظم الـ5 تطورات التالية قبيل أن يتمكن من التحول عن السياسات الحالية، وتشمل:

- تحرك معدل التضخم عدا المواد الغذائية والطاقة بصورة موثوقة نحو 2%.

- توقعات بحدوث تراجعات في الأسعار.

- تشديد للشروط المالية.

- ضعف ملموس في سوق العمل.

- توفير وقت أكثر للسياسة النقدية لتكون مؤثرة.

نوّه روبرتو بيرلي وبنسون دورهام من شركة "بايبر ساندلر" في تقرير قائلين: "انطلقت هذه الدورة في مارس من العام الجاري، قبل 8 شهور فقط، وعلى الأرجح لن يكون هناك وقت أقرب كثيراً من مارس 2023 حتى يصبح لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي فكرة صائبة عما إذا كان التشديد الأخير كافياً للحد من معدلات التضخم".