ما هو مستقبل الطاقة المتجددة خلال السنوات المقبلة؟

صورة لمزرعة توليد كهرباء من الرياح
صورة لمزرعة توليد كهرباء من الرياح المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تُعَدُّ طاقة الرياح والطاقة الشمسية أرخص أشكال الكهرباء الجديدة في معظم أنحاء العالم اليوم. هذا ما كشفته دراسة لـ"مؤسسة بلومبرغ لأبحاث تمويل الطاقة الجديدة" (BloombergNEF)، التي تنبَّأت أيضًا بنقطة تحوُّل ستحدث في مجال الطاقة خلال السنوات الخمس القادمة، إذ ستصبح تكلفة تشغيل محطة طاقة قائمة بالفعل وتعمل بالفحم أو الغاز الطبيعي أكثر من تكلفة بناء مواقع جديدة للطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.

وتضيف نتائج الدراسة إلى الأبحاث الأخرى التي تستعرض أسباب انتشار الطاقة المتجددة في معظم أسواق الطاقة عالميًّا، إذ كانت وكالة الطاقة الدولية قد قالت هي الأخرى حديثًا إنَّ الطاقة الشمسية بدأت تحلُّ محلَّ تلك الناتجة عن الفحم كأرخص شكل من أشكال الكهرباء.

هل يستمر انتشار مصادر الطاقة النظيفة؟

يقول سيب هينبيست، كبير الاقتصاديين في "بلومبرغ NEF"، في المؤتمر السنوي للمجموعة البحثية في لندن، إنَّ لانتشار مصادر الطاقة النظيفة حدًّا اقتصاديًّا، إذ ستأتي مرحلة تصل فيها كل دولة إلى نقطة التشبع، نظرًا إلى أنَّ تقنيات الطاقة النظيفة لن تقلل من تكاليف توليد الطاقة مقارنة بتشغيل التوليد الحراري القائم بالفعل.

وتشير البيانات إلى أنَّ مصادر الطاقة المتجددة لن تستحوذ على أكثر من 70 في المئة أو 80 في المئة من سوق توليد الكهرباء، وذلك رهنًا بالظروف المحلِّية. وحتى في أوروبا، التي تتمتع ببعض أقوى السياسات التي وُضِعَت لتشجيع الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وتثبيط استخدام الوقود الأحفوري، فإنه من غير المرجَّح أن تستطيع طاقة الرياح والطاقة الشمسية تلبية أكثر من 80 في المئة من الطلب على الكهرباء.

وقال هينبيست في عرض موجز للنتائج الأولية للدراسة التي أجْرتها مؤسَّسة "بلومبرغ" للطاقة الجديدة (BNEF's New Energy Outlook)، والتي نُشِرَت بالكامل في أكتوبر 2020، إنَّ تحقيق ذلك القدر من الاعتماد الكبير (أكثر من 80 في المئة) من الطاقة المتجددة "مُستبعَدٌ للغاية في كل الأسواق الني نتطلع إليها تقريبًا". وأضاف: "نحن لن نصل إلى هذه المرحلة في أي وقت قريب، ويمكننا بالطبع أن ندفع باتجاه تجاوز هذه الحدود".

صناعة الشَّحن تواجه مخاطر الثورة الخضراء

ومِن المرجَّح أن يؤدِّي التحوُّل نحو مصادر الطاقة المتجدِّدة إلى إعادة تشكيل عدد من الصناعات، لا سيّما قطاع الشَّحن. فوفقًا لتقديرات "بلومبرغ NEF" يعتمد ثلث أميال الشَّحن التي تقطعها شركات الشَّحن على نقل منتجات الوقود الأحفوري حول العالم، ويمثل نقل النفط 70 في المئة منها.

ونظرًا إلى أنَّ مصادر الطاقة المتجددة تنتزع حصة في السوق من النفط والغاز والفحم، فإنَّ شركات الشَّحن التي توفر هذا الوقود وتغذيه بالآلات وخطوط الأنابيب ستعاني أيضًا.

يقول هينبيست: "من المحتمل جدًّا أن يُعاد تحديد أُسُس الطلب على الشحن والطلب على النقل من خلال السكك الحديدية، ما قد يعني استهلاكًا أقلّ للطاقة وانبعاثات أقلّ".

مزيد من الطاقة للمنازل

أظهر التقرير أنَّ استخدام الكهرباء لتدفئة المنازل وتشغيل السيارات يمكن أن يوفر الطاقة والانبعاثات. وبحسب ما ذكرته "بلومبرغ NEF" فإنَّ قيادة السيارة الكهربائية تستهلك طاقة أقلُّ بثلاث مرات من نظيرتها ذات محرك الاحتراق التقليدي. كما كشفت نتائج الدراسة أنَّ التحوّل إلى المضخَّات الحرارية بدلًا من تلك التقليدية التي تعمل بالغاز من شأنه أن يجعل تدفئة المباني أكثر كفاءة بعدَّة أضعاف.

وكان من نتائج الدراسة أيضًا أنَّ صهر الفولاذ القديم وإعادة تشكيله يُعَدَّان أكثر كفاءة في استخدام الطاقة بخمس مرات من تصنيع المادة الخام من الصفر.

وفي مجال توليد الطاقة أيضًا، تُقدِّر "بلومبرغ NEF" أنَّ الفحم يُعتبر إحدى أقلّ وسائل توليد الكهرباء من حيث الكفاءة، نظرًا إلى كون 65 في المئة من الطاقة تُفقَد في عملية الحرق، في حين أنَّ نسبة الطاقة المفقودة خلال توليد الكهرباء من الرياح تكاد تكون معدومة، ومِن ثَمّ فإنَّ النتيجة بحسب ما ذكرته الدراسة هي أنه إذا استحوذت مصادر الطاقة المتجددة على حصة أكبر من مزيج الطاقة، فإنَّ العالم سيحتاج إلى طاقة أقلّ لتوليد نفس الكمّية من الكهرباء. وخلصت الدراسة إلى أن ذلك "يعني بشكل عامّ أنه يمكننا الحصول على كفاءة أفضل للطاقة الاستهلاكية من خلال استخدام العمليات الكهربائية والتقنيات المشتقة منها. وإذا استخدمنا مصادر الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء فإننا نحقق مكاسب أخرى في خضمِّ العملية أيضًا. ويُترجَم هذا، عمومًا، إلى تقليل إمدادات الطاقة الأولية عامَّة بمقدار مرتين إلى ثلاث مرات".