نزيف الخسائر في أسوأ البورصات بالعالم يؤرق مستثمري فيتنام

%36 تراجعاً في المؤشر الرئيسي لبورصة "في إن" بعد حملة حكومية على العقارات والفساد

العلم الفيتنامي يرفرف على قمة بورصة هانوي، فيتنام.
العلم الفيتنامي يرفرف على قمة بورصة هانوي، فيتنام. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يختبر أكبر تراجع في سوق أسهم على مستوى العالم عزيمة جمهور الاستثمار في فيتنام. تسببت حملة حكومية على الشركات العقارية وتحقيقات فساد وتشديد شروط الائتمان في تراجع المؤشر الرئيسي لبورصة فيتنام "في إن" (VN) بنسبة 36% العام الجاري -متعادلاً مع مؤشر سيريلانكا باعتبارهما الأسوأ أداءً في العالم- بقيادة البنوك وشركات العقارات. في حين يرى بعض المستثمرين الأجانب الهبوط كفرصة شراء، فإن الأزمة الحالية تعاقب الفيتناميين الذين شقوا طريقهم بين الطبقة المتوسطة منذ 2002.

قال ناغوين بين، مدرب سباحة يبلغ من العمر 33 عاماً: "أنا مستاء للغاية"، واستطرد أن حلمه بشراء شقة في هانوي بدأ يتلاشى بعد أن تقلص استثماره الأولي البالغ 43 ألف دولار بنحو 40%. أضاف: "واصلت السوق الانخفاض كما لو أنها لن تتوقف أبداً، لذلك قررت تركها في الوقت الحالي".

ماذا وراء حرب فيتنام الأخيرة على الفساد؟

انهيار أسواق الأسهم عالمياً داهم المستثمرين الأفراد، لكن التأثير كان أكثر حِدّة في فيتنام، التي تُشكّل بها هذه الفئة من المتداولين نحو 85% من حجم التداول في المؤشر القياسي للبورصة. توتّرت المعنويات مع تكثيف السلطات الفيتنامية حملات التدقيق على أنشطة جمع الأموال لشركات العقارات في الدولة، واعتقالها لبعض الشخصيات الرئيسية البارزة في القطاع، ما زاد الضغط على الاقتصاد الذي يكافح من أجل إبقاء التضخم تحت السيطرة، ويعاني من أعباء ديون متزايدة.

تحت الحصار

نتيجة لذلك، أصبح الاقتصاد الذي يصفه البنك الدولي بـ"قصة نجاح إنمائية" تحت الحصار، نظراً لتحوله من واحدٍ من أفقر دول العالم إلى مستوى الدخل المتوسط في جيل واحد. وواصل مؤشر "في إن" تراجعه اليوم الثلاثاء بـ0.9%.

قال ها هاي دانغ، السمسار البالغ من العمر 26 عاماً، والذي يدير ما يقرب من 200 حساب مستثمر لشركة أوراق مالية مقرها هانوي، إن نحو 80% إلى 90% من عملائه يعانون من خسائر.

وأضاف "دانغ": "قبل عام أو عامين، لم أكن بحاجة حتى إلى دعوة الأشخاص لفتح حسابات تداول، ولكن الآن تغيرت الأمور". في أكتوبر، فتح المستثمرون الأفراد المحليون 96,290 حساب تداول جديداً، فيما يُعدّ انخفاضاً للشهر الخامس على التوالي بعد أن بلغ الرقم ذروته بأكثر من 476 ألف حساب جديد في مايو، وفق بيانات هيئة الأوراق المالية الفيتنامية، وهو أقل عدد من الحسابات الجديدة للمستثمرين المحليين منذ فبراير 2021.

تصعيد حملة مكافحة الفساد في فيتنام.. وإقالة وزير الصحة

تراجع السيولة

يبقى العديد من الفيتناميين الجدد في السوق على الهامش بلا تداول، أو يتخارجون بينما تنخفض السيولة. وبلغ متوسط قيمة التداول في بورصة مدينة هو تشي منه 436 مليون دولار يومياً الشهر الجاري حتى 21 نوفمبر، أي أقل من متوسط العام الجاري الذي ناهز 761 مليون دولار يومياً، وفق بيانات جمعتها "بلومبرغ".

قال فونغ ترونغ كين، مؤسس شركة إدارة الأصول "فيتنام هولدينغز" (Vietnam Holdings Inc)، إن تراجع السوق أثار أيضاً موجة من البيع لتلبية متطلبات قروض الهامش، ما عزز خسائر من تأخروا عن الركب.

في تقرير الأسبوع الماضي، دعمت وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية جهود المنظمين الفيتناميين "لاحتواء المخاطر المحتملة" في قطاع العقارات باعتبارها "إيجابية إلى حد ما"، ومع ذلك، حذّرت "فيتش" من أن هذه التحركات "قد تؤدي إلى تقلبات في النظام المالي على المدى القريب".

بينما يتعرض المستثمرون المحليون لخسائر، يرى بعض الأجانب فرصة شراء مع تداول مؤشر "في إن" بمضاعف ربحية يبلغ 8.3 مرة، وهو أدنى مستوى منذ ديسمبر 2012 على الأقل.

سنغافورة وفيتنام: سيطرة على كورونا.. لكن مُحرِّك الاستثمار مُعطَّل

اقتنص المستثمرون الأجانب أسهماً بقيمة صافية بلغت 315 مليون دولار حتى الآن الشهر الجاري، بعد أن كانوا هم من قاموا بالمبيعات الصافية في أكتوبر وسبتمبر، وهو ما يضع مشترياتهم على مسار تسجيل أكبر عمليات شراء شهرية منذ يونيو 2020، وفق بيانات "بلومبرغ".

نظرة إيجابية

قالت جيون تشونغ، رئيسة قسم الأسهم في "مانولايف آي إم فيتنام" (Manulife IM Vietnam)، ومقرها مدينة هو تشي منه: "بشكل عام، لديّ وجهة نظر إيجابية بشأن النمو الاقتصادي المستقبلي لفيتنام"، وأوضحت أن صندوقها يوصي بالشراء، قائلة: "هذه فرصة جيدة لتجميع أسهم شركات جيدة بأسعار مخفضة".

لكن هذا الإقبال لم يُحوّل اتجاه السوق، وفي ظل استمرار الحملة الحكومية، فإن أمام المستثمرين الأفراد المحليين آفاقاً كئيبة، وفقاً لـ"دانغ"، السمسار المقيم في هانوي.

قال: "أصبحت آمال المستثمرين الحاليين الآن هي تقليص الخسائر وليس تحقيق الثراء مثل السنوات الماضية".