كيف تخطط لندن لاستعادة جاذبيتها المالية بعد "بريكست"؟

لندن تحاول تقديم صورتها مجدداً كأكبر مركز مالي عالمي عقب الخروج من الاتحاد الأوروبي

جلسة مداولات معروضة على مجموعة من أجهزة التلفاز وفي منتصف الصورة يظهر وزير الخزانة جيريمي هانت، فيما يظهر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك جالساً في الصورة على اليسار.
جلسة مداولات معروضة على مجموعة من أجهزة التلفاز وفي منتصف الصورة يظهر وزير الخزانة جيريمي هانت، فيما يظهر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك جالساً في الصورة على اليسار. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

روّج المدافعون عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) له، باعتباره فرصة للتخلص من القواعد واللوائح غير الضرورية التي أعاقت النمو الاقتصادي. واعتمدوا بشكل أساسي على خطة لتكرار "الرواج الكبير" أو الـ(Big Bang) الذي حققته البلاد مع إلغاء القيود في عام 1986، والذي سمح للندن وقتها بالتحول إلى مركز مالي عالمي. والفكرة التي يقوم عليها ذلك، هي تخفيف القواعد التي وُضعت أصلاً لـ28 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي، بهدف جعل البورصات والبنوك والوسطاء وشركات التأمين في المملكة المتحدة، أكثر قدرة على المنافسة، ما يسمح لهم باقتناص حصة أكبر من الأسواق العالمية. وحالياً، فاقمت الأدلة المتزايدة على أن البريكست يضر بالشركات البريطانية أكثر مما ينفعها، الضغوط على الحكومة لإنجاح الإصلاحات المالية.

1) ما هي الخطة؟

اعتبرت حكومة المحافظين فشل لندن خلال العام الجاري في الحصول على إدراج أولي لأكبر شركاتها التكنولوجية، والتي تُدعى "آرم" (ARM) وتتخصص في تصميم الرقائق، بمثابة دعوة للتحرك والعمل. وتريد الحكومة تغيير قواعد طرح الأسهم، وأماكن التداول الخاصة، وغيرها من الأمور لمنح لندن ميزة تضمن تفوقها أمام المراكز المالية المنافسة.

لندن تفقد لقب أكبر سوق أسهم أوروبية لصالح باريس

كما تقلل متطلبات رأس المال لشركات التأمين، وتحرر عشرات المليارات من الجنيهات الإسترلينية التي يمكن استثمارها في البنية التحتية الوطنية. ويمكن أيضاً تخفيف بعض القواعد التي فُرضت على البنوك في أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008.

الفئة السوقية كيفية الاستهداف أبرز المنافسين
أسواق رأس المالإلغاء القيود المفروضة على مكان وكيفية تداول المستثمرين، ما يؤدي إلى مزيد من المرونة وخفض الأسعار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
إدراج الأسهم تسهيل الإدراجات الأولية وجعلها أكثر جاذبية للشركات الدولية ورواد الأعمال البورصات في منطقة أوروبا القارية والولايات المتحدة التي حصلت على حصة من السوق منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
أصول التشفير السماح بعمليات الدفع باستخدام العملات المستقرة الولايات المتحدة والهند
أسواق التداول الخاصة والمغلقة إلغاء أجزاء من "قواعد الاتحاد الأوروبي لأسواق الأدوات المالية 2" (MiFID II) مثل قاعدة وضع سقف للتداول في الأسواق الخاصة المؤسسات المالية في الخارج مثل البنوك الاستثمارية
التأمين التخلي عن القاعدة الثانية للملاءة المالية في قانون الاتحاد الأوروبي لتحفيز الاستثمار طويل الأجل من خلال صناديق التقاعد وزيادة الأرباح معظم الاقتصادات الكبرى خارج الاتحاد الأوروبي

2) كيف سيحدث ذلك؟

استعداداً لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تم تحديد بعض لوائح الاتحاد الأوروبي في القانون البريطاني بهدف تعديلها في وقت لاحق. بدأت تلك العملية في يوليو الماضي، عندما قدّمت إدارة رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون مشروع قانون برلماني يضع إطاراً قانونياً جديداً للبنوك وشركات التأمين ومديري الأصول. من المتوقع أن يصبح مشروع القانون قانوناً رسمياً في أبريل أو مايو 2023. في هذه الأثناء، تسعى الشركات المالية وجماعات الضغط التابعة لها إلى التأثير على شكل الإصلاحات.

3) كيف ستبدو الترتيبات النهائية؟

لم يجر التوصل إلى شكلها النهائي بعد، حيث ترك جونسون منصبه في سبتمبر، وأرادت رئيسة الوزراء التالية له ليز ترَس تشديد الإصلاحات.وأعلن وزير ماليتها، كواسي كوارتنغ، عن خطط لإلغاء الحدود القصوى التي فُرضت على مكافآت المصرفيين خلال فترة عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، مع السماح للوزراء بمنع أو تغيير قرارات المؤسسات التي تشرف على استقرار النظام المالي، بما في ذلك هيئة السلوك المالي وهيئة التنظيم الاحترازية التابعة لبنك إنجلترا.

المملكة المتحدة تخفض الرسوم الإضافية على أرباح البنوك إلى 3% للحفاظ على التنافسية

أما ريشي سوناك، رئيس الوزراء الذي خلف ترَس، فأيّد الإصلاح المتعلق بالمكافآت، لكن ليس من الواضح ما إذا كان سيؤيد أيضاً سلطة التدخل في عمل هيئة السلوك المالي وهيئة التنظيم الاحترازية. وكان سوناك أول من طرح الفكرة كوسيلة لجعل تلك الهيئات أكثر عرضة للمساءلة أمام الحكومة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك في الفترة التي شغل فيها منصب وزير الخزانة البريطاني. منذ ذلك الحين، حذّرت الجهات التنظيمية من أن تراجع استقلاليتها قد يضر بمصداقيتها.

4) هل تؤيد الشركات المالية الإصلاحات؟

رحّبت الشركات ببعض منها، بينما ضغطت من أجل تغيير بعضها الآخر. فالبنوك، على سبيل المثال، تريد تقليص القيود على معاملات الأفراد والصيرفة الاستثمارية. كما ترغب البنوك الصغيرة في خفض مقدار الاحتياطي المالي الإلزامي المطلوب منها الاحتفاظ به لتعويض الخسائر. لكن الأوساط المالية تشعر بالقلق أيضاً من مخاطر اللوائح التنظيمية التي قد تفتح الباب أمام نوع من الممارسات المتسرعة والفضفاضة التي تسببت من قبل في اندلاع الأزمة المالية.

5) ما هي المخاطر؟

سيساعد تأثير التغييرات في تحديد مدى نجاح مشروع البريكست الأوسع نطاقاً. يقول المنتقدون إنه لن يجعل بريطانيا دولة تجارية أكثر مرونة بأي شكل من الأشكال، حيث أضر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالاقتصاد من خلال إثقال كاهل الشركات بالأعمال الورقية الإضافية. كما فقدت الشركات المالية البريطانية إمكانية الوصول التلقائي إلى أسواق الكتلة الأوروبية، واضطرت البنوك إلى نقل بعض الموظفين والأنشطة إلى داخل الاتحاد الأوروبي للمحافظة على عملائها من الشركات هناك.

بورصة لندن للمعادن ترفض حظر المعادن الروسية

كان نظراء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي حريصين على الحفاظ على معيار "تكافؤ الفرص" من الناحية التنظيمية، معتبرين أن المملكة المتحدة شريك قريب جداً ومهم للدرجة التي لا تسمح بتغيير كامل في المعايير الخاصة بالشركات والضرائب والبيئة. هناك خطر من أن الإصلاحات المالية يمكن أن تدفع الاتحاد الأوروبي لتقييد وصول المملكة المتحدة إلى أسواقها في مجالات مثل تداول المشتقات. وهناك خطر آخر يتمثل في أن الإجراءات أكثر تشدداً مما يجب، وتقوض الاستقرار والشفافية اللذين يدعمان جاذبية لندن في أعين المستثمرين الدوليين.