أوجاع الصين وأزماتها تحفز البحث عن ملاذات آمنة وسط الغموض بشأن قيود كوفيد-19
هبطت الأسهم الأميركية مع تأكيد مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أن مزيداً من رفع أسعار الفائدة قادم في الطريق، علاوة على تعرض الإقبال على المخاطرة إلى ضربة ناتجة عن أسباب الغموض وعدم اليقين التي تحيط بقيود فيروس كوفيد في الصين وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.
خسر مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" جانباً من مكاسبه الشهرية بعد تصريحات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس جيمس بولارد بأن الأسواق ربما لا تقدر احتمالات رفع أسعار الفائدة حق قدرها، بينما لاحظ نظيره في الاحتياطي الفيدرالي بنيويورك جون وليامز أن صانعي السياسة النقدية مازال أمامهم عمل كثير لمواجهة ارتفاع التضخم.
وقالت نائبة رئيس الاحتياطي الفيدرالي لائيل برينارد إن سلسلة أزمات العرض تبقي على مخاطر التضخم عند مستوى مرتفع.
يتطلع المستثمرون الآن إلى خطاب جيروم باول يوم الأربعاء، مع توقع كثير من الاقتصاديين أن يقوم بتعزيز احتمال أن يبطئ الاحتياطي الفيدرالي وتيرة الزيادة في أسعار الفائدة في الشهر القادم – وفي نفس الوقت ينبه الأميركيين إلى أن معركته ضد التضخم سوف تمتد وتستمر في عام 2023.
محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي يعزز الثقة ويرفع أداء الأسهم الأميركية
كتب كريشنا غوها، نائب رئيس شركة "إيفركور" (Evercore ISI): "نتوقع أن يدفع باول باتجاه مزيد من تضييق مساحة رهانات السوق على سياسة تخفيض الفائدة بوقت مبكر، والتي زحفت مرة أخرى لأبعد مما ينبغي في عام 2023، مشدداً على أن قوة سوق العمل لفترة طويلة بما يتجاوز التقديرات تشير إلى أن زيادة أسعار الفائدة يجب أن تمتد لفترة أطول".
مع سعي المتعاملين وراء الملاذات الآمنة، ارتفع الدولار الأميركي بموازاة الين الياباني. وتعرضت "بتكوين" أيضاً لتأثير قلق المستثمرين، مع محاولة سوق الرموز المشفرة استيعاب تقدم شركة "بلوك فاي" (BlockFi) بطلب الحماية من الإفلاس.
وانتعشت الأسهم الصينية المدرجة بالولايات المتحدة بعد موجة بيع كثيفة، بينما انخفضت أسهم "أبل" بعد تقرير من "بلومبرغ نيوز" قال إن الاضطرابات في الصين قد ينتج عنها تراجع الإنتاج بما يقرب من 6 ملايين جهاز من أجهزة "أيفون برو" هذا العام.
أوجاع الصين تعقد توقعات مسارها نحو إعادة فتح الاقتصاد، مع حشد السلطات أعداداً كثيفة من أفراد الشرطة في بكين وفي شنغهاي بهدف منع تكرار احتجاجات نهاية الأسبوع.
وتزداد احتمالات أن يحدث وقف غير منظم لسياسة صفر كوفيد، وفق تحذيرات محللين لدى مجموعة "غولدمان ساكس" المصرفية.
قال فواد رزاقزاده، محلل أسواق في شركة "سيتي إندكس" وفي "فوركس دوت كوم": "سوف يترتب على ذلك ضعف النشاط الاقتصادي داخل البلاد وخارجها. فالاضطرابات تضيف طبقة أخرى من الغموض فوق الموقف الاقتصادي هناك. وهي تؤثر قطعاً تأثيراً سلبياً على ثقة المستثمرين في مختلف الأسواق المالية".
محللون: مسار متقلب ينتظر الأصول الصينية بسبب الاحتجاجات
تماماً في لحظة محاولة مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" تجاوز المستويات المرتفعة التي سجلها في منتصف شهر نوفمبر، تحولت مشاعر الثقة إلى مشاعر سلبية، تهدد حالة الزخم الأخيرة في الأسواق. ويعتبر التوقيت غير ملائم إلى حدود قصوى هنا، مع اقتراب المؤشر لمنطقة شديدة الأهمية من الناحية الفنية، على شكل كل من موجة الهبوط في عام 2022 والمتوسط المتحرك على مدى 200 يوم. فإذا تبخرت موجة الصعود الأخيرة، فإن التعاملات الهبوطية المضاربة في الأجل القصير ربما تفتح الطريق أمام فترة من جني الأرباح.
تتأهب أسواق المال لموجة ارتفاع قوية في السنة القادمة، إذ أنها لا تعكس حتى الآن مخاطر ركود اقتصادي بالولايات المتحدة، وفق تصريحات استراتيجيين لدى بنكي "غولدمان ساكس" و"دويتشه بنك". تصريحاتهم تعد تحذيراً بعد الارتفاع الحاد في أسعار الأسهم على مدى الشهرين الماضيين رهاناً على أن ارتفاع التضخم إلى ذروته سيؤدي إلى تهدئة وتلطيف سياسات البنك المركزي المتشددة.
رئيس شؤون الاستثمار في شركة "بلاك روك" ريك ريدر يرى فرصة لتقلب أسعار الفائدة حتى تتحول للانخفاض وتوفر شرطاً ضرورياً، "رغم احتمال عدم كفايته"، لتحقيق الاستقرار في أسواق الأصول عالية المخاطر.
الركود التضخمي هو الخطر الرئيسي الذي يواجه الاقتصاد العالمي في عام 2023، وفقاً لمستثمرين قالوا إن آمال صعود السوق سابقة للأوان بعد موجة البيع العنيفة هذا العام. وما يقرب من نصف عدد المشاركين البالغ 388 في آخر مسح أجراه برنامج "ماركت لايف بالس" (MLIV Pulse) قالوا إن سيناريو تباطؤ نمو الاقتصاد واستمرار ارتفاع التضخم سوف يهيمن عالمياً في السنة القادمة.
استطلاع: خطر الركود التضخمي يهدد الاقتصاد العالمي في 2023
من ناحية أخرى، قفزت أسعار النفط مع توقع دراسة تحالف "أوبك+" تخفيضاً أعمق في الإنتاج وسط سوق مترنحة.