اقتصاد تركيا يتعثر ويواجه مخاطر كبرى قبل الانتخابات

النمو يسجل أبطأ وتيرة منذ الانكماش خلال ذروة جائحة كورونا

بائع يعرض بضاعته من الملابس واقفاً في إسطنبول، تركيا
بائع يعرض بضاعته من الملابس واقفاً في إسطنبول، تركيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

حقق اقتصاد تركيا أداءً أسوأ من التوقعات، إذ نما بأبطأ وتيرة منذ تعرضه لانكماش اقتصادي في ذروة جائحة كورونا خلال 2020، وهو انكماش من المرجح أن يثير قلق الرئيس رجب طيب أردوغان قبيل الانتخابات العام المقبل.

أظهرت بيانات، اليوم الأربعاء، نمو الناتج المحلي الإجمالي 3.9% بمعدل سنوي في الربع الثالث، ما يعني أنه لا يزال من بين أفضل دول مجموعة العشرين أداءً، لكنه أقل بكثير من توقعات أغلب المحللين الذين استطلعت "بلومبرغ" آراءهم. يُعتبَر ذلك أيضاً تباطؤاً كبيراً عن الأشهر الثلاثة الماضية، عندما نما الناتج المحلي الإجمالي 7.7% وفق البيانات المعدلة.

رغم أن فقدان الزخم يفسر تَعجُّل البنك المركزي في استئناف خفض أسعار الفائدة بشكل مفاجئ خلال أغسطس، فإن النهج غير التقليدي يغذي التضخم الذي يؤثر بشكل متزايد على الاقتصاد. مع تعديله أخذاً في الحسبان أيام العمل والتغيرات الموسمية، انكمش الناتج المحلي الإجمالي 0.1% في الربع الثالث عن الأشهر الثلاثة الماضية.

نموذج أردوغان الاقتصادي

أيّد "أردوغان"، الزعيم الأطول بقاءً في السلطة بتركيا والمرشح لإعادة انتخابه العام المقبل، نموذجاً اقتصادياً يعطي الأولوية للصادرات والإنتاج والتوظيف على حساب العملة واستقرار الأسعار. وضغط الرئيس على البنك المركزي لخفض سعر الفائدة القياسي إلى خانة الآحاد، وهو هدف وصل البنك إليه في اجتماع الأسبوع الماضي من خلال خفض سعر الفائدة الأساسي إلى 9%.

أردوغان يشدّد على تمسّك تركيا بأسعار فائدة أقل من 10%

في تعليقات على منصة "تويتر" بعد نشر البيانات، قال وزير الخزانة والمالية التركي، نور الدين نبطي، إن نهج تركيا يؤتي ثماره، كما تعهَّد أن تلتزم الحكومة بسياساتها التي تركز على التوظيف.

لكن خفض أسعار الفائدة 4 مرات متتالية فشل حتى الآن في توفير الكثير من الزخم للاقتصاد الذي يبلغ حجمه 800 مليار دولار. وأثبت المستهلكون وأنشطة الأعمال أيضاً أنهم أقل حصانة ضد مساوئ التضخم، بعد طفرة أعقبت الجائحة نما خلالها الاقتصاد التركي أكثر من 6% كل ربع لمدة عامين.

ما يقوله اقتصاديو "بلومبرغ"

"حتى مع النمو المتراجع، سيظل التضخم مصدر قلق أكبر للاقتصاد. موقف سياسة البنك المركزي المتساهل سيؤثر على العملة ويعود بدوره لينعكس على التضخم. نتوقع أن تعزز السياسات التوسعية في الفترة التي تسبق الانتخابات المخطط عقدها في منتصف 2023 الطلب، وتضيف إلى مكاسب الأسعار".

- سيلفا بحر بازيكي، محلل اقتصادي

بدأت الضوابط الصارمة على الإقراض والتضخم الأعلى في مجموعة العشرين بعد الأرجنتين يؤثران على إنفاق رأس المال الخاص.

عجز الميزانية في تركيا يتسع للشهر الثاني

قال إركين إسيك، كبير الاقتصاديين في "كيو إن بي فينانس بنك" (QNB Finansbank) بإسطنبول، إنه بجانب صافي الصادرات، الذي كان له تأثير سلبي بلغ 1.5%، فإن أحد أكبر العوائق التي تواجه النمو في الربع الثالث تأتي من الاستثمار الذي يقاس وفق مكون رأس المال.

نقاط بارزة أخرى في تقرير الناتج المحلي الإجمالي لتركيا


  • ارتفع استهلاك الأسر، وهو مساهم رئيسي في النمو، 19.9% مقارنة مع مستواه قبل عام.
  • انكمش إجمالي تكوين رأس المال الثابت، وهو مقياس الشركات للاستثمار، 1.3% بمعدل سنوي.
  • ارتفعت الصادرات 12.6% على أساس سنوي، فيما زادت الواردات 12.2%.
  • ارتفع الإنفاق الاستهلاكي الحكومي 8.5% مقارنة مع مستواه قبل عام.

كان انخفاض الليرة التركية من بين أسباب اقتراب نمو الأسعار السنوي من 86%، وهو مستوى غير مشهود خلال أكثر من عقدين. وتم تداول العملة التركية، التي انخفضت قرابة 10% مقابل الدولار الأميركي في الربع الثالث، دون تغير يُذكَر بعد صدور البيانات الأربعاء.

رغم تعرض أوضاع الأسر المالية لضغوط، حافظ إنفاق المستهلكين على مرونته بما يكفي لدفع الاقتصاد في الربع الماضي. ومن المرجح أن بعض المتسوقين قاموا بعمليات شراء مسبقاً تحسباً لأن يلتهم التضخم جانباً من دخولهم المتاحة للإنفاق.

تحديات في الخارج

يتعرض هدف "أردوغان" لنقل الاقتصاد التركي إلى مرحلة ازدهار في الصادرات أيضاً للخطر، إذ يلوح خطر الركود في أوروبا، وهي أكبر شركاء تركيا التجاريين. في بداية مُخيِّبة للآمال للربع الأخير، نمت مبيعات السلع التركية في الخارج 3% فقط بمعدل سنوي، بانخفاض من أكثر من 9% الشهر الماضي.

ميزانية تركيا تسجل في سبتمبر أكبر عجز خلال العام

يمثل ذلك علامة على أن قدرة تركيا على الحفاظ على استدامة النمو في الأشهر المقبلة ستعتمد على ارتفاع الطلب المحلي والاستثمار في مجال الأعمال.

متنفس إضافي لمواجهة التضخم

من المرجح أن تدرس الحكومة إجراءات متنوعة لإعادة إحياء الاقتصاد قبل الانتخابات المفترض عقدها بحلول يونيو. وقد توفر زيادة متوقعة بفارغ الصبر في الحد الأدنى للأجور، من المتوقع الإعلان عنها في ديسمبر، متنفساً إضافياً للأسر في مواجهة التضخم.

أوضح "إسيك" من "كيو إن بي فينانس بنك"، الذي يُثبّت توقعاته للنمو الاقتصادي عند 5.2% هذا العام، أن الاستثمار خصَم 0.6% من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث، وعوضته مساهمة إيجابية من الإنفاق الحكومي بلغت 1.7%. كما أضاف: "جاءت النفقات الحكومية بمفاجأة سارة".