زيادة الوظائف والأجور الأميركية تواصل الضغط على "الفيدرالي"

الزيادة تركزت في مجالات محدودة على رأسها قطاعات الترفيه والضيافة والرعاية الصحية والحكومة

جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي
جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أضاف أصحاب العمل في الولايات المتحدة وظائف أكثر من المتوقع، وارتفعت الأجور إلى أعلى مستوى لها خلال عام تقريباً، في إشارة إلى استمرار ضغوط التضخم التي تعزز فرص زيادة أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

أظهر تقرير لوزارة العمل، الجمعة، أن الوظائف في القطاعات غير الزراعية زادت بواقع 263 ألف وظيفة في نوفمبر، بعد زيادة قدرها 284 ألفاً في أكتوبر وفقاً للبيانات المعدلة بالزيادة. واستقر معدل البطالة عند 3.7% مع تراجع مشاركة القوى العاملة في سوق العمل. كما ارتفع متوسط الأجور بالساعة ضعفي المتوقع، بعد تعديل البيانات الشهر السابق بالزيادة.

سوق العمل لا تزال مضغوطة

كان متوسط التقديرات في مسح أجرته بلومبرغ لاستطلاع آراء الاقتصاديين، قد أشار إلى زيادة عدد الوظائف بواقع 200 ألف وظيفة، وإلى استقرار معدل البطالة عند 3.7%. وقد انخفضت الأسهم الأميركية عند بداية التداول يوم الجمعة، فيما ارتفعت عوائد سندات الخزانة مع توقعات المستثمرين بسياسة نقدية أكثر تشدداً للاحتياطي الفيدرالي.

الموظفون يحتفظون بموقفهم القوي في سوق العمل رغم مخاوف الركود

كتب الخبيران الاقتصاديان في بنك "ميزوهو" (Mizuho)، أليكس بيل وستيفن ريكيوتو، في مذكرة: "الخلاصة هي أن سوق العمل لا تزال مضغوطة للغاية، وهي تهدأ لكن بوتيرة متدرجة جداً. ويشير ذلك إلى أن الاقتصاد مرن ويمكنه التعامل مع المزيد من زيادات أسعار الفائدة والسياسات المُقيِّدة لفترة أطول".

تركزت مكاسب الوظائف في مجالات محدودة، على رأسها الزيادة في قطاعات الترفيه والضيافة والرعاية الصحية والحكومة. وفي الوقت الحالي، خفّض أصحاب العمل في قطاعات التجزئة والنقل والمخازن وخدمات المساعدة المؤقتة، عدد الموظفين.

التفاوت بين الطلب والعرض على الموظفين

تؤكد الزيادة الأفضل من المتوقع في الوظائف، القوة المستدامة لسوق العمل، رغم ارتفاع أسعار الفائدة والمخاوف من ركود يلوح في الأفق. ويستمر التفاوت المتواصل بين الطلب والعرض على الموظفين في تعزيز نمو الأجور، وقد أدى إلى توقع العديد من الاقتصاديين أن الشركات ستكون أكثر تردداً في تسريح الموظفين في حالة الانكماش المحتمل.

حرب الاحتياطي الفيدرالي على التضخم تغدو معركة على الوظائف

مع ذلك، بدأت بعض القطاعات في إظهار علامات ضعف أكثر وضوحاً. يتوقع الكثير من الاقتصاديين ارتفاع البطالة في العام المقبل -وبشكل كبير في بعض الحالات- إذ يهدد تشديد الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية بدفع الولايات المتحدة نحو الركود.

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"

"تُظهِر عودة نمو متوسط الأجور بالساعة إلى الارتفاع، أن نقص الأيدي العاملة لا يزال يضغط على التضخم، ما يمثل مقاومة لفكرة أن نمو الأجور يهدأ بسرعة، والتي تدعمها قلة قليلة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، مثلما يظهر في مذكرة لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية لشهر نوفمبر. نظراً إلى التعديل البطيء في سوق العمل، من المرجح أن يضطر مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع توقعاتهم لسعر الفائدة النهائي عما كتبوه في المخطط النقطي لشهر سبتمبر". - آنا وونغ وإليزا وينغر، اقتصاديتان

إعادة التوازن إلى سوق العمل مطلوب

قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في وقت سابق من هذا الأسبوع، إن هناك حاجة إلى اعتدال في الطلب على العمالة لإعادة التوازن إلى سوق العمل، وقد شهد البنك المركزي "بوادر أوّلية" على ذلك حتى الآن. كما أشار إلى أهمية الدور الذي سيلعبه نمو الأجور، وسوق العمل بشكل عام، في تحديد مسار التضخم.

لهذه الأسباب سوق العمل الأميركية أكثر تراخياً مما تبدو

أظهر تقرير الوظائف أن متوسط الأجور بالساعة ارتفع بنسبة 0.6% بنوفمبر، وهي مكاسب واسعة النطاق وتُعتبر الأكبر منذ يناير، مع زيادة بنسبة 5.1% عما كانت عليه قبل عام. ارتفعت الأجور للإنتاج وللعمال في الوظائف غير الإشرافية بنسبة 0.7% عن الشهر السابق، وهو أكبر ارتفاع خلال عام تقريباً. ولا تتسق وتيرة زيادة الرواتب مع مستوى الاحتياطي الفيدرالي المُستهدف للتضخم، الذي يبلغ 2%.

هذا آخر تقرير للوظائف سيحصل عليه مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي قبل اجتماع ديسمبر لمناقشة السياسات، حيث من المتوقع أن يهدّئ البنك المركزي وتيرة رفع أسعار الفائدة إلى نصف نقطة مئوية، رغم أنها لا تزال نسبة كبيرة. وقد أظهرت بيانات التضخم على مدار الشهر الماضي، أن ضغوط الأسعار تهدأ ببطء، لكنها لا تزال مرتفعة للغاية.

نتائج تقرير الوظائف

يتكون تقرير الوظائف في الولايات المتحدة من مسحين، الأول للأسر والثاني للشركات. وكما حدث الشهر الماضي، أشارت بيانات المسحين إلى اتجاهات متباينة. ففيما يُظهِر مسح الشركات وتيرة توظيف عالية، أظهرت بيانات مسح الأسر، التي قد تتعرض للمزيد من التقلبات، معدلات توظيف أقل للشهر الثاني.

التعافي المفاجئ لسوق العمل بعد الجائحة يواجه خطر التضخم

انخفض معدل مشاركة القوى العاملة في سوق العمل، أي نسبة السكان التي تعمل أو تبحث عن عمل، إلى 62.1%، وهو أدنى معدل لها في 4 أشهر. بين هؤلاء الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و54، انخفض المعدل للشهر الثالث، بأغلبية من النساء.

تراجع معدل البطالة في أوساط العمال من أصول آسيوية أو لاتينية، إلا أن ذلك كان جزئياً بسبب المشاركة الأقل. أما انخفاض معدل البطالة للأميركيين من أصل أفريقي، فكان مدفوعاً بالمشاركة الأقل بين النساء، فيما شهد الرجال مكاسب كبيرة.

ارتفع معدل الأميركيين العاملين الذين تخلفوا عن العمل بسبب المرض، إلى أعلى مستوى له منذ موجة متحور أوميكرون في العام الماضي.

تراجع متوسط أسبوع العمل قليلاً للمرة الأولى منذ يونيو. وفي قطاع الصناعة، انخفض عدد ساعات العمل والساعات الإضافية. ويتوافق ذلك مع تقارير أخرى بتراجع النشاط في المصانع.

تفاصيل مستوى الصناعة

  • تراجع التوظيف في متاجر السلع العامة للشهر الثالث إلى أقل معدل له خلال عام.
  • تراجعت وظائف قطاعي النقل والمخازن للشهر الرابع إلى أقل مستوى لها منذ أبريل
  • رغم التباطؤ في سوق الإسكان، أضافت العقارات والتأجير وظائف خلال الشهر الماضي، كما زادت الوظائف أيضاً في قطاع البناء.
  • على خلفية تسريح الآلاف في قطاع التكنولوجيا، ارتفع التوظيف في مجال المعلومات إلى أعلى مستوى له منذ يونيو. وفيما تشمل وظائف قطاع التكنولوجيا قطاعات عدة في تقرير الحكومة، تضم هذه الفئة شريحة كبيرة من هؤلاء الموظفين.

أشارت بيانات منفصلة إلى بعض الانحسار في الطلب على الأيدي العاملة. تراجعت فرص العمل، وارتفعت المطالبات المستمرة بالتأمين ضد البطالة بشكل ثابت في الأسابيع الأخيرة لتسجل أعلى مستوى لها منذ فبراير. كما أظهر مسح في نوفمبر أن 18% فقط من أصحاب المشروعات الصغيرة، يخططون للتوظيف في الأشهر المقبلة، وهي أقل نسبة لتلك الفئة منذ مطلع عام 2021.