المتداولون الصينيون يراهنون على الأسهم طويلة المدى بعد إعادة فتح النشاط

الأسهم الاستهلاكية والرعاية الصحية الأوفر حظاً أمام المستثمرين

مُشاة على جسر عليه شاشة تداول لمؤشرات "شنغهاي شنزن" للأسهم أواخر الشهر الماضي.
مُشاة على جسر عليه شاشة تداول لمؤشرات "شنغهاي شنزن" للأسهم أواخر الشهر الماضي. المصدر: غيتي
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

مع إعادة فتح النشاط في الصين، يتحول تركيز المستثمرين بشكل متزايد من الرهانات على الأسهم النشطة إلى التداول طويل المدى، مثل الأسهم الاستهلاكية والرعاية الصحية.

يركّز مديرو الأموال على الشركات التي ستستفيد من الانتعاش الاقتصادي الذي يقوده إعادة فتح النشاط، بدلاً من شركات السفر والمطاعم التي قفزت أسهمها بشكل حادّ في الأيام الأولى من الانتعاش. تستعد بعض الشركات للاستفادة من التخفيف الكامل من قيود "كوفيد" بحلول شهر مارس المقبل، حتى لو كانت المسيرة نحو هذه الغاية وعِرة.

قال هوا تونغ، مدير صندوق في شركة "شينزن زينغيوان إنفستمنت" (.Shenzhen Zhengyuan Investment Co): "مع تعيين دفة توجيه الاقتصاد للعودة إلى المسار الصحيح، فقد حان الوقت لتحويل التركيز من الأسهم المهيأة للقفز نتيجة التغييرات قصيرة الأجل، ويمكننا الآن تقبل وجهة نظر طويلة المدى للبحث عن الفرص، وأكبر فرصة غير محققة موجودة في القطاع الاستهلاكي".

يُعد الارتفاع التاريخي لشهر نوفمبر عامل تغيير في قواعد اللعبة بالنسبة للأسهم الصينية بعد شهور من التقلبات المؤلمة بفعل عمليات الإغلاق المستمرة، التي قال الكثيرون إنها أكبر عائق منفرد في السوق. ويسعى المستثمرون إلى عمليات شراء محتملة في الوقت الذي تخفف بكين تدريجياً القيود التي تزامنت معها أزمة العقارات، والتي جعلت المؤشرات الصينية الرئيسية هي الأسوأ أداءً في العالم لمعظم هذا العام.

تشمل الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات السماح لبعض المرضى منخفضي الخطورة بالعزل في المنزل، وتخفيف القيود في مدن مختارة، مع تمحور الخطاب الرسمي بشأن "كوفيد" أيضاً حول نغمة أخف وطأة.

الأسهم الصينية تزيد ارتفاعها التاريخي مع تنامي مؤشرات إعادة فتح الاقتصاد

"الطلقة الأولى"

قال لي تشانغمين، مدير صندوق في "سنوبول ويلث" (Snowball Wealth)، "إن الأسهم الاستهلاكية والرعاية الصحية سوف تقود إعادة فتح النشاط التجاري في الأشهر المقبلة. كانت إعادة فتح غوانغشو المفاجئة، حتى في ظل ارتفاع عدد الإصابات، بمثابة الطلقة الأولى، وهذا يمكن أن يسرّع الجدول الزمني لإنهاء سياسة صفر كوفيد".

يتوقع "لي" أن يُعاد الفتح بالكامل قبل انعقاد الاجتماعات البرلمانية السنوية بالصين في مارس. وقال إن "عودة الحياة إلى طبيعتها ستفيد في الغالب الأسهم القيادية التي عانت من تخفيضات كبيرة في التقييم، في حين أن الاتجاه الصعودي لأسهم شركات الطيران والسفر غالباً ما تم وضعه في الحسبان".

وسيتم تداول مؤشر "سي إس آي 300" للسلع الاستهلاكية بما يقرب من 22 لمضاعف ربحيته الآجلة لعام واحد، مقارنة بمتوسط يقارب 27 مرة خلال السنوات الثلاث الماضية. وانخفضت أسهم الشركات ذات الوزن الثقيل بالمؤشر، مثل "كويتشو موتاي" (Kweichow Moutai) لتصنيع الخمور، و"يإنر منغوليا ييلي إندستريال غروب" (.Inner Mongolia Yili Industrial Group Co) لتصنيع منتجات الألبان بنحو 40% مقارنة بأعلى مستوياتها في العام الماضي.

شهدت المرحلة الأولى من إعادة فتح النشاط التجاري مزيداً من الأسهم المتقلبة التي تقود هذا التحرك. وكانت الأسهم المرتبطة بصناعات السفر والمطاعم والصناعات الدوائية من بين المستفيدين الأوائل.

على سبيل المثال، قفزت أسهم شركة "شيان توريزم" (.Xi’an Tourism Co) بنسبة 37% في نوفمبر، بينما صعدت أسهم شركة سلسلة الوجبات "هايديلاو إنترناشونال هولدينغ" (Haidilao International Holding Ltd) بنسبة 64% في هونغ كونغ. كما ارتفعت أسهم شركة "شنغهاي شينكي فارماسيوتيكال إنفستمنت مانجمنت" (Shanghai Shenqi Pharmaceutical Investment Management) بما يصل إلى 100% في نوفمبر الماضي، بعد التكهنات بأن دواءً تصنعه الشركة سيُستخدم لعلاج مرضى كوفيد.

في غضون ذلك، أنهت شركتا "موتاي" و"يلي" الشهر على ارتفاع بحوالي 18% و14% على التوالي.

مضاربو الأسهم الصينية يتطلعون إلى ما بعد نهج صفر كوفيد

الملابس الرياضية والسيارات

على نطاق أوسع، ارتفع مؤشر "هانغ سانغ تشاينا إنتربرايزس" (Hang Sang China Enterprises) في هونغ كونغ بنسبة 29% في نوفمبر، وهو أكبر ارتفاع له منذ عام 2003. وقفز مؤشر "سي إس آي 300" القياسي الصيني بـ10% تقريباً مسجلاً أفضل أداء له منذ يوليو 2020. وتراجع هذا النمو منذ ذلك الحين، مع التغير الذي شهده عدد قليل من المؤشرات على مدى جلستين في ديسمبر.

يفضل بول بونغ، العضو المنتدب في "بيغاسوس فاند مانجرز" (.Pegasus Fund Managers Ltd) الأسهم الاستهلاكية، مثل الملابس الرياضية وصانعي السيارات، التي من المتوقع أن تتفوق على نظرائها عندما يرتفع الإنفاق. وأضاف: "أسهم شركات التكنولوجيا الكبيرة التي كانت متراجعة، مثل علي بابا (Alibaba) وتينسنت (Tencent)، سوف تتفوق أيضاً في الأداء نظراً لأن لديها مخاطرة عالية وستستفيد بشكل مباشر من تعافي الاستهلاك".

من المؤكد أن البعض لا يزال يرى مجالاً لمزيد من الارتفاع في المجموعة التقليدية لأسهم إعادة فتح النشاط. ويقول مانيشي رايشاودري، استراتيجي الأسهم الآسيوية في "بي إن بي باريبا" (BNP Paribas)، إن الأسهم المرتبطة بالسياحة وسلاسل المطاعم والتجارة الإلكترونية وألعاب ماكاو وصناديق الاستثمار العقارية التي تركز على البيع بالتجزئة قد تحقق المزيد من الارتفاعات.

أضاف: "الأسواق الآسيوية الأخرى، مثل تايلندا، تقدم أيضاً عروضاً مثيرة للاهتمام في هذا الخصوص، من خلال أسهم المطارات وسلسلة الفنادق".

صعود الأسهم الصينية شريان حياة للمحافظ الآسيوية

اللعب طويل المدى

في نهاية المطاف يوجّه عدد متزايد من المستثمرين أنظارهم إلى اللعب على المدى الطويل على الرغم من أن خروج الصين من "صفر كوفيد" قد يكون محفوفاً بالتحديات.

قال ليو شياو دونغ، الشريك في "شنغهاي باور أسيت مانجمنت" (.Shanghai Power Asset Management Co): "المسار المعاكس سوف يكون شأنه شأن السير على حبل مشدود، حافل بالتعديلات في كلا الاتجاهين بحثاً عن الحل الأكثر ملاءمة".

أضاف: "هذا يعني أن العديد من الأنشطة التي أُعيد فتحها قد تكون عرضة للتقلب، وينتهي بها الأمر إلى التحرك أفقياً. وإذا كان هناك أي شيء، أعتقد أن أسهم الرعاية الصحية تنطوي على إمكانات، وبغض النظر عن الطريقة التي يتحول بها التيار على المدى القصير، سيحتاج الناس إلى حلّ".