استطلاع "بلومبرغ": الفيدرالي قد يُبقي على ذروة الفائدة لمدة أطول من المتوقع

%81 من الاقتصاديين يرجحون حدوث ركود في أميركا و76% يرون أنه سيجتاح العالم

جيروم باول
جيروم باول المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

من المقرر أن يخيّب "الاحتياطي الفيدرالي" آمال "وول ستريت" بالإبقاء على أسعار الفائدة عند ذروتها طوال عام 2023، محطماً الآمال التي أخذتها الأسواق في الحُسبان لخفض الفائدة في النصف الثاني مما يجعل الركود محتملاً للغاية.

كانت هذه توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت "بلومبرغ" آراءهم قبل اتخاذ القرار، والتوقعات التي من المقرر أن تصدر عن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يوم الأربعاء. أظهرت نتائج الاستطلاع أن صانعي السياسة النقدية سيرفعون أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس الأسبوع المقبل، بعد أربع زيادات متتالية بمقدار 75 نقطة أساس، وبربع نقطة في الاجتماعين التاليين. سيعلن صُناع السياسة قرارهم وتوقعاتهم الساعة 2 بعد الظهر في واشنطن.

من المتوقع أن يظهر متوسط توقعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أن معيار الفائدة سيبلغ ذروته عند 4.9% في عام 2023، ما يعكس نطاقاً مستهدفاً بين 4.75%- 5%، مقارنة بـ4.6% في سبتمبر الماضي. من شأن ذلك أن يقدم مفاجأة متشدّدة للمستثمرين، الذين يراهنون حالياً على أن أسعار الفائدة ستنخفض بمقدار نصف نقطة مئوية في النصف الثاني من العام المقبل، على الرغم من أنهم يرون أيضاً أن المعدلات بلغت ذروتها حول 4.9%.

بيّنت نتائج الاستطلاع خفض "الاحتياطي الفيدرالي" أسعار الفائدة إلى 4% بحلول يونيو 2024، وإلى 3.5% بنهاية ذلك العام.

تضخم الأجور قد يدفع "الاحتياطي الفيدرالي" لرفع ذروة الفائدة

قال رئيس بنك الاحتياطي جيروم باول إنه على استعداد لأن يعاني الاقتصاد من بعض الألم من أجل خفض التضخم ليصل قرب أعلى مستوياته في 40 عاماً، وينبغي أن يكون ذلك أكثر وضوحاً في التوقعات الجديدة.

من المحتمل أن يُظهر ملخص "الاحتياطي الفيدرالي" للتوقعات الاقتصادية أن صانعي السياسة يبحثون عن نمو أضعف في الولايات المتحدة وارتفاع طفيف في معدل البطالة عمّا كانوا يتوقعونه في سبتمبر، وقد يخفضون تقديرات النمو لعام 2023 إلى 0.8% مقارنة بـ 1.2% في سبتمبر، بينما يرون ارتفاع معدل البطالة إلى 4.6%، وهو المعدل الذي بلغ 3.7% الشهر الماضي.

أُجرى الاستطلاع بين 44 اقتصادياً في الفترة من 2 إلى 7 ديسمبر الجاري، أي قبل اجتماع "الاحتياطي الفيدرالي" في 13-14 ديسمبر.

أظهرت بيانات الاستطلاع الصادرة، يوم الجمعة، أن توقعات التضخم قصير الأجل في الولايات المتحدة تراجعت بشكل غير متوقع إلى أدنى مستوى في أكثر من عام، بينما ارتفعت أسعار المنتجين في نوفمبر بأكثر من المتوقع.

قالت كاثي بوستانسيك، كبيرة الاقتصاديين في شركة "نينش وايد لايف إنشورانس" (.Nationwide Life Insurance Co) إن مرونة الإنفاق الاستهلاكي وسوق العمل تلقيان ضغطاً تصاعدياً على التضخم، ونتيجة لذلك تزيد المخاطر بشكل متصاعد في توقعاتنا لسعر الفائدة النهائي بنسبة بين 5%- 5.25%.

ما تقوله "بلومبرغ إيكونوميكس"

"رجّح بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يصل سعر الفائدة النهائي إلى نحو 5%، ونعتقد أنه سيصل إلى مستوى أعلى عند 5%، في أوائل عام 2023. للوصول إلى هذا المستوى، من المرجح أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماعه في ديسمبر 2022، يلي ذلك زيادتان إضافيتان بمقدار 25 نقطة أساس في عام 2023. ثم نلاحظ استمرارها بنسبة 5% على مدار العام ".

- آنا وونغ، وإليزا وينغر (اقتصاديتان)

لا يزال من المبكر التساهل مع التضخم في الولايات المتحدة

البطالة والركود سببا الانعكاس

يبحث أقل من نصف الاقتصاديين الذين استُطلعت آراؤهم عن تخفيضات في أسعار الفائدة في عام 2023، ومنهم من يبحث عن معدل بطالة يقفز من 3.7% إلى 5%، ويرى معظمهم أن ارتفاع البطالة والركود هما السبب الرئيسي لعكس المسار.

رأى "باول" أن المعدلات المرتفعة ضرورية لفترة أطول، حتى في خضم الضعف الاقتصادي، من أجل دفع ضغوط الأسعار للانخفاض، وأنه لا يريد أن يرتكب خطأ من خلال التراجع قبل الأوان في معركة التضخم، إذ كان هذا هو الخطأ الذي ارتُكب في السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن الماضي والذي عزز التضخم المرتفع باستمرار، حيث دفع ذلك ببنك الاحتياطي الفيدرالي إلى إحداث ركود حاد لإعادته إلى الانخفاض.

أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في 30 نوفمبر الماضي إلى أن رفع أسعار الفائدة يمكن أن يكون معتدلاً في الاجتماع القادم، مما يشير إلى التحول الهبوطي لتحرك بنصف نقطة، ولكن هذا "أقل أهمية بكثير" من الذروة التي حققتها المعدلات ومدة بقائها عند هذا المستوى.

قال هيو جونسون، رئيس شركة "هيو جونسون إيكونوميكس" (Hugh Johnson Economics LLC): "ستكون هذه فترة صعبة للغاية بالنسبة لواضعي السياسات على جميع المستويات. في حين أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يرغب بوضوح في الإبقاء على المعدلات عند الذروة على مدار العام، فإن هذه القرارات تعتمد بشكل واضح على البيانات وسيتم الاحتجاج عليها، إذا استمرت العقود الاقتصادية ومعدلات التضخم في الاعتدال خلال النصف الأول من عام 2023، وهو ما أشك به".

من المرجح أن ترى اللجنة في توقعاتها أن التضخم أعلى إلى حد ما مقارنة بمستواه في سبتمبر عند 5.6% في 2022، و2.9% العام المقبل. ويستهدف بنك الاحتياطي الفيدرالي معدل تضخم بنسبة 2% قياساً بمؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، والذي ارتفع بأقل من المتوقع في أكتوبر، على الرغم من أنه كان أعلى وأكثر ثباتاً من المتوقع في معظم العام.

زيادة الوظائف والأجور الأميركية تواصل الضغط على "الفيدرالي"

هبوط قاسٍ

على الرغم من أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي يرون مساراً ضيقاً لهبوط سلس، فإن 81% من الاقتصاديين يرون أن الركود بالولايات المتحدة مرجّح. ويرى معظم بقية الاقتصاديين هبوطاً قاسياً مع فترة من الانكماش أو نمو صفري أقل بقليل من الانكماش المُعلن رسمياً. كما يرى 76% من الاقتصاديين أن الركود العالمي أمر مرجّح.

قال توماس كوستيرغ، كبير الاقتصاديين الأميركيين في "بيكتيت ويلث مانجمنت" ( Pictet Wealth Management)، إن هناك "مخاطر عالية لوقوع خطأ في السياسة النقدية. مع الأخذ في الاعتبار حدوث التأخيرات، وعلى الرغم من وضوحها في بيان بنك الاحتياطي الفيدرالي، لكن يبدو أنها لا تزال تحتل مركزاً متأخراً عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرار الفعلي. فكرة الهبوط السلس تصبح أقل احتمالاً".

من المتوقع أن يحافظ بيان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة على النبرة نفسها التي تقدم إرشادات بشأن أسعار الفائدة، والتي تتعهد بالزيادات المستمرة إلى مستوى "متشدّد بما فيه الكفاية" لإعادة التضخم إلى الهدف. وتم تعديل ذلك في الاجتماع الأخير في أوائل نوفمبر للاعتراف بتأثير التشديد التراكمي والتأخر الزمني الذي تؤثر فيه السياسة النقدية على الاقتصاد الحقيقي.

يتوقع ربع الاقتصاديين رأياً معارضاً في الاجتماع، وهو ما سيحدث للمرة الثالثة في عام 2022، فقد اعترضت إستر جورج، رئيسة "الاحتياطي الفيدرالي" في كانساس سيتي في يونيو لصالح زيادة أقل، محذرة من أن التغييرات المفاجئة للغاية في أسعار الفائدة يمكن أن تقوّض قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي لتحقيق مسار السعر المخطط له، فيما عارض جيمس بولارد، رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" في سانت لويس في مارس كأحد المؤيدين لسياسة التشديد.