تصاعد رهانات بيع السندات الأوروبية وسط توقعات بمعروض قياسي

بيانات أسعار الأسهم معروضة في مدخل بورصة "يورونكست" (Euronext NV) في باريس، فرنسا.
بيانات أسعار الأسهم معروضة في مدخل بورصة "يورونكست" (Euronext NV) في باريس، فرنسا. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يعكس ارتفاع ديون أوروبا علامات تعثر في الوقت الذي تنطوي فيه خطط البنك المركزي الأوروبي لتقليص حيازاته من السندات على مخاطر إثقال كاهل السوق التي تصارع في ظل مستوى عرض قياسي وتضخم مستمر.

تتزايد علامات عدم الارتياح بين المستثمرين، حيث تضاعف عدد مراهني خيارات بيع السندات الألمانية، التي من المفترض أن تكون الأصول الأكثر أماناً في القارة، بمقدار ثلاث مرات خلال الأسبوعين الماضيين. حيث تراجعت السندات الألمانية والإيطالية لأجل 10 سنوات في الأسبوع الماضي للمرة الأولى في شهر، مما أدى إلى تعافي العائدات من أدنى مستوياتها في ثلاثة أشهر.

في حين أن الارتفاع الأخير في الديون العالمية كان مدفوعاً بالمراهنات على تخفيف ضغوط الأسعار، يحذر المستثمرون من أن الخلفية التضخمية أكثر إثارة للقلق في أوروبا. بالتزامن مع ارتفاع وتيرة الاقتراض، فإن هذا يعني أن الاستراتيجيين في "غولدمان ساكس غروب" (.Goldman Sachs Group Inc) و"بي إن بي باريبا" (BNP Paribas SA) يتوقعون ارتفاع عائدات السندات الألمانية إلى 2.75% في الربع الأول، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من عقد.

قال غوليرمو فيليسيس، محلل الاستثمار العالمي في "بي جي آي إم" (PGIM)، التي تدير أصولاً تبلغ 1.3 تريليون دولار: "السوق يضع في الحسبان كل هذه الأخبار الطيبة، لذا فهو يتأثر بالاضطرابات. علينا توخي الحذر الشديد لأن هذا قد يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة".

انتعاشة السندات الأوروبية في خطر مع استسلام الأسواق لتوقعات التضخم

سندات التيسير الكمّي

في قرار البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس، والذي سيحدد وتيرة السوق مع اقتراب عام 2023، يتوقع المستثمرون تفاصيل حول كيفية التخلص من حيازاته من السندات البالغة قيمتها 5 تريليونات يورو (5.3 تريليون دولار) التي تم شراؤها بموجب خطة التيسير الكمّي. على الرغم من أن صانعي السياسة كانوا قد أشاروا إلى نهج تدريجي، فمن المحتمل أن يكون ذلك في شكل إيقاف إعادة استثمار السندات مستحقة السداد، فإنه سيظل يصطدم بالازدهار في مبيعات السندات الحكومية.

يأتي هذا مدفوعاً بالبرامج المالية المصممة لحماية المستهلكين من أزمة تكلفة المعيشة. وعلى عكس الإسراف الحكومي السابق في العقد الماضي، لن يتم دعم السوق من خلال شراء سندات البنك المركزي. تحذر البنوك من أن المستثمرين من القطاع الخاص في العام المقبل سيضطرون إلى استيعاب أكبر قدر من السندات الحكومية في منطقة اليورو هذا القرن.

يتوقع الخبراء الاستراتيجيون في "كوميرزبنك" (Commerzbank AG)، على سبيل المثال، أن يصل إجمالي المعروض من السندات الألمانية إلى 270 مليار يورو العام المقبل، وهو رقم قياسي في البيانات حتى عام 2010. وبالنظر إلى وزن هذا الإصدار، قد يبدأ المستثمرون في المطالبة بعائدات أعلى، حتى من الدول الأقوى اقتصادياً.

المركزي الأوروبي يحذر البنوك من الإفراط في التفاؤل بشأن مخاطر الاقتصاد الكلي

قال جون ليفي، كبير محللي الاستثمارات السيادية في "لوميس سايلز" (Loomis Sayles): "الجميع ينظر دائماً إلى الأمور الثانوية. هل نحن قلقون للغاية بشأن السياسة المالية الإيطالية لدرجة أننا ننسى بعض القضايا التي يجب أن ننتبه إليها فيما يسمى بالأسواق الخالية من المخاطر؟"

صدمة الغاز

يُنظر إلى البنك المركزي الأوروبي، جنباً إلى جنب مع "الاحتياطي الفيدرالي"، على أنهما يعملان على إبطاء نطاق رفع أسعار الفائدة إلى 50 نقطة أساس الأسبوع الجاري، بعد سلسلة زيادات ضخمة بـ75 نقطة. وسيركز المتداولون على توقعات الأجور والتضخم.

ينتظر صانعو السياسة تراجعاً في نمو الأسعار إلى 2% بحلول عام 2025 لإيقاف دورة رفع أسعار الفائدة مؤقتاً العام المقبل، وفقاً لغوربريت غيل، محلل الاقتصاد الكلي في شركة "غولدمان ساكس أسيت مانجمنت" (Goldman Sachs Asset Management)، التي ترى إمكانية أقل لرفع أسعار الفائدة الأساسية في منطقة اليورو.

البرد القارس يعزز الطلب ويرفع أسعار الغاز في أوروبا

هذا التباين في التوقعات بين الولايات المتحدة وأوروبا ينبع إلى حد كبير من أزمة الطاقة التي تلقي بظلالها على الاقتصاد الأوروبي منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في وقت سابق من هذا العام. فالتضخم الناجم عن تقلب أسعار الغاز يجعله أقل قابلية للتنبؤ به ومن المرجح أن يظل أعلى.

أضافت غيل: "يبدو أننا انتقلنا إلى نظام مختلف لبيئة التضخم في أوروبا"، في ظل التناقض مع التضخم المنخفض تاريخياً في منطقة اليورو بسبب حرية حركة العمالة، وتقول: "اتساع التضخم أكبر بكثير: فهو يمتد من السلع والطاقة إلى الخدمات، وخاصة الإيجارات".

خطر حدوث صفعة تضخمية أخرى نتيجة ارتفاع أسعار الغاز هو ما يبقي مايك ريدل، مدير محفظة ماكرو في "أليانز غلوبال إنفسترز" (Allianz Global Investors)، متحفظاً إزاء سندات منطقة اليورو، على الرغم من أنه يوصي بشراء سندات الخزانة الأميركية مراهناً على أن التضخم هناك سوف يتفوق الركود عليه.

قال ريدل: "نحن متفائلون بشأن السندات الحكومية أكثر مما كنا عليه في أي وقت مضى". ولكن في أوروبا هناك "خطر كبير" من حدوث صدمة أخرى في جانب العرض مع قدوم موجة برد شتوية تخلق احتمالية لارتفاع آخر في أسعار الغاز، على حد قوله.

أوروبا - عائدات السندات الحكومية 10 سنوات