الأسواق التركية تختتم عاماً حافلاً وتترقب انتخابات حاسمة

موظفون يعملون في بورصة إسطنبول، تركيا، يوم الثلاثاء 14 أغسطس 2018.
موظفون يعملون في بورصة إسطنبول، تركيا، يوم الثلاثاء 14 أغسطس 2018. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

شهدت الأسواق في تركيا عاماً عاصفاً، كانت الأسهم فيه هي الأفضل أداءً على مستوى العالم وتراجعت الليرة إلى أدنى مستوياتها القياسية. مع استعداد البلاد لانتخابات يمكن أن تنهي سنوات من السياسات الاقتصادية غير التقليدية، يمكن أن يتغير الكثير في عام 2023.

ستكون الانتخابات المقررة في يونيو 2023 لحظة حاسمة للأسواق والمستثمرين الأجانب الذين كانوا يتخارجون من الأصول التي تشهد تقلبات في تركيا.

تسببت سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان غير التقليدية -بما في ذلك خفض أسعار الفائدة لتعزيز النمو حتى مع وصول التضخم إلى أكثر من 80%- في انخفاض الليرة بنسبة 29% مقابل الدولار منذ بداية 2022.

تضاعف مؤشر "بورصة إسطنبول 100" القياسي تقريباً من حيث القيمة بالدولار حيث سعى المستثمرون المحليون للتحوط من التضخم.

قال كارلوس هاردنبيرج، مدير محفظة في "موبيوس كابيتال بارتنرز"، الذي يستثمر نحو 7% من محفظته البالغة 250 مليون دولار في الأسهم التركية: "ما تحتاجه تركيا هو بنك مركزي مستقل وسياسة مالية ونقدية تقليدية. إذا فازت حكومة ائتلافية وطبقت سياسات اقتصادية حكيمة وعينت إداريين مؤهلين وذوي مصداقية، فيمكننا أن نرى عودة رأس المال إلى تركيا".

أردوغان يشدّد على تمسّك تركيا بأسعار فائدة أقل من 10%

إليكم ما يراقبه المستثمرون خلال العام المقبل:

الانتخابات

انتخابات تركيا تمثل المجهول الأكبر.

أظهر استطلاع أجرته شركة "مترو بول"(Metropoll) في أواخر نوفمبر أن نسبة التأييد لـ أردوغان تبلغ نحو 45%، في حين بلغ التأييد لحزبه "العدالة والتنمية" 36.5%، مما يشير إلى أنه قد يكافح للفوز بأكثر من 50% من الأصوات اللازمة لمنحه الفوز في الجولة الأولى. هذا الوضع يعطي تحالف المعارضة أفضل فرصة للتغلب عليه.

لكن من الصعب التنبؤ بما قد يحدث في السياسة التركية. قضت محكمة تركية، يوم الأربعاء، على منافس محتمل لأردوغان -عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو- بالسجن لمدة عامين وسبعة أشهر بتهمة إهانة هيئة الانتخابات.

قد تشهد الأسواق التركية ارتفاعاً قصير الأجل حال حدوث تغيير في القيادة، وفقاً لما ذكره نيك ستاد ميلر مدير الأسواق الناشئة لدى "ميدلي غلوبال أدفايزرز" ( Medley Global Advisors) في نيويورك. لكن على المدى المتوسط، قد تكون الأمور صعبة.

قال "لا توجد حلول سهلة لإصلاح الاختلالات التي تراكمت في الاقتصاد التركي ولا يمكن لأحد أن يصحح مسار السفينة دون أن يتكبد بعض الألم على طول الطريق".

لم يعلن تحالف المعارضة التركية مرشحه المشترك بعد، ولا يزال الكثيرون في الولايات المحافظة بتركيا موالين لأردوغان. قال كارلوس هاردنبيرج، مدير محفظة في "موبيوس كابيتال بارتنرز"، إنه في حال فوز أردوغان مرة أخرى، فإن الليرة قد تشهد مزيداً من التراجع.

المعارضة التركية تتعهد بجذب 100 مليار دولار استثمارات إذا فازت بالانتخابات

السياسة النقدية

إلى جانب الانتخابات هناك الآثار المترتبة عليها بالنسبة للسياسة النقدية. استرشاداً باعتقاد أردوغان بأن أسعار الفائدة المرتفعة هي سبب التضخم، قام البنك المركزي التركي بخفض سعر إعادة الشراء القياسي لأجل أسبوع بمقدار 1000 نقطة أساس في الـ15 شهراً الماضية إلى 9%.

وأدى خفض الفائدة إلى أن يكون المعدل الحقيقي في تركيا عند سالب 75% (معدل الفائدة بعد احتساب التضخم)، من بين أدنى المعدلات في العالم.

قال أونور إيلجن، رئيس قسم الخزانة في مصرف "إم يو إف جي بنك تركيا" "بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات، أتوقع إعادة السياسة النقدية إلى وضعها الطبيعي وتشديد سياسة أسعار الفائدة".

وافق فيكتور سابو من "أبردن" (Abrdn) على نفس الطرح، قائلاً إن إطار السياسة الكلية الحالي غير مستدام على المدى الطويل.

البنك المركزي التركي يخفض سعر الفائدة إلى 9% منهياً دورة التسهيل النقدي

التضخم

أدت دورة التيسير النقدي في تركيا -إلى جانب ارتفاع تكاليف السلع الأساسية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا- لأن تواجه البلاد أعلى معدل تضخم منذ تولي أردوغان السلطة قبل عقدين تقريباً.

في حين قال الرئيس إنه يتوقع أن يتباطأ التضخم إلى نحو 40% "في غضون بضعة أشهر"، تسبب ارتفاع التكاليف في استياء واسع النطاق بين الأتراك الذين يكافحون لتلبية الاحتياجات اليومية ويحاولون الحفاظ على استمرار دورة الأعمال.

قال هنريك غولبرغ، خبير الاقتصاد الكلي لدى "كوكس بارتنرز ليمتد" (Coex Partners Limited) في لندن: "من المرجح أن يكون للبنك المركزي الذي ينتهج سياسة تقليدية تأثير واضح على توقعات التضخم، والتي ستكون إيجابية بالنسبة لليرة وتضغط بشدة على توقعات التضخم. حلقة الآثار المرتدة الإيجابية ستؤكد نفسها بسرعة".

التضخم في تركيا يتجاوز 85% في أكتوبر ..فهل وصل للذروة؟

تدفق رأس المال

باع المستثمرون الأجانب ما قيمته 20 مليار دولار من الأصول التركية منذ انتخابات 2018، مما جعل حيازة الأجانب لأسهم البلاد عند مستوى قياسي منخفض وملكية السندات بالقرب من 1%.

يتوقع سيباستيان كالفيلد من "دي دبليو إس إنفستمنت" ( DWS Investment)، ألا يعود المستثمرون الأجانب إلا في حال تطبيق المزيد من أدوات السياسة الاقتصادية التقليدية.

قال إن مثل هذا التغيير "قد يكون موضع تقدير من جانب المستثمرين الدوليين الذين يعرفون براعة الشركات التركية وقوتها الاقتصادية".