التضخم يرجّح كفّة رفع "بنك المغرب" سعر الفائدة مجدداً

اجتماع "المركزي" الثلاثاء قد يشهد زيادة الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إضافية

مقر بنك المغرب المركزي في العاصمة الرباط، المملكة المغربية
مقر بنك المغرب المركزي في العاصمة الرباط، المملكة المغربية المصدر: الشرق
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يعقد مجلس بنك المغرب المركزي، بعد غد الثلاثاء، آخر اجتماع له للعام 2022، وسط ترجيحاتٍ برفعه سعر الفائدة، وفقاً لإفادات ثلاثة خبراء اقتصاديين لـ"الشرق"، وتقرير بنك الاستثمار CDG.

كان بنك المغرب قرّر في سبتمبر رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 50 نقطة إلى 2%، بهدف كبح التضخم وتفادي انتشاره، بعدما ظلّت الفائدة دون تغيير عند 1.5% منذ يونيو 2020.

في سبتمبر، بلغ معدل التضخم في المملكة 8.3%، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق منذ 1995، نتيجة ارتفاع الأسعار على المستوى العالمي. وشهد التضخم تباطؤاً طفيفاً في أكتوبر بتسجيله 8.1%.

مجاراة "الفيدرالي"

يتوقّع عمر باكو، الاقتصادي المتخصص بسياسة الصرف، لجوء بنك المغرب لرفع سعر الفائدة الرئيسي "للعودة إلى السياسة النقدية العادية التي كانت معتمدة قبل 2020".

لم يقم "المركزي" برفع سعر الفائدة الرئيسي منذ عام 2008، كما لم يحرّكها منذ شهر يونيو 2020 عندما خفضها بمقدار 50 نقطة إلى 1.5% لدعم الاقتصاد الوطني الذي تضرّر من أزمة كورونا.

المغرب يقرّ موازنة 2023 بعجز 4.5%

تسعى البلاد، التي تواجه تداعيات الجفاف وآثار تقلّبات الأسعار في الأسواق العالمية، إلى تحقيق نمو اقتصادي بمعدل 4% العام المقبل، مقابل 1.5% في 2022، وحصر عجز الميزانية في حدود 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 5.3% المتوقَّع مع نهاية 2022.

بدوره، يُقدِّر محمد الشيكر، الخبير الاقتصادي، أن يسير بنك المغرب على نهج البنوك المركزية العالمية، وعلى رأسها الفيدرالي الأميركي، الذي رفع الأربعاء الماضي سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس. وهي خطوة يعزوها إلى مواجهة الولايات المتحدة مع الاقتصادات المنافسة، لاسيما الصين؛ "لذلك ستسعى واشنطن لجعل 2023 سنة ركود لتعيد الأمور إلى نصابها وتتحكم في زمام الاقتصاد العالمي".

مرحلة استثنائية

في ديسمبر 2019 كان سعر الفائدة الرئيسي عند 2.25%، واضطر البنك المركزي أمام الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا إلى تخفيضه مرتين عام 2020 ليصل إلى 1.5% في يونيو.

بنظر باكو، في حديثه لـ"الشرق"، فإن بنك المغرب قد يَعتبر الآن أن "منحنى المرحلة الاستثنائية للسياسة النقدية غير التقليدية، الذي بدأ مع جائحة كورونا، قد انتهى.. وهناك حاجة اليوم لرفع سعر الفائدة للعودة إلى مستوى 2.5% على الأقل".

باكو اعتبر أن رفع سعر الفائدة خلال اجتماع الثلاثاء "وارد جداً"، آخذاً بالاعتبار أن مستوى التضخم لا يزال مرتفعاً "وتجب مواجهته بسعر فائدة أعلى"، وأضاف: "السؤال الذي يُطرح اليوم هو حول التوقيت المناسب، هل سيتم ذلك خلال الأسبوع المقبل أو فيما بعد تدريجياً؟".

فيما يرى محمد طرشون، عضو منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية، أن كل "التوقعات تشير إلى رفع جديد لسعر الفائدة الرئيسي، وصولاً بسعرها النهائي إلى 3%".

تراهن الحكومة المغربية على عدم تجاوز معدل التضخم العام المقبل 2%، وهو توقع متفائل جداً مقارنةً بتوقعات البنك المركزي التي تُشير إلى 3.4%، كما أفصح عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، في مقابلة مؤخراً مع "الشرق".

هاجس الركود

سيكون لرفع جديد لسعر الفائدة الرئيسي في المغرب تأثير على الاستثمار، كما يقول طرشون. مبيّناً أن التأثير سيطال أيضاً الاستهلاك ووتيرة خلق الوظائف بسبب زيادة كلفة الاقتراض من البنوك. لكن في المقابل؛ فإن البنك المركزي "يسعى لاستقرار الأسعار من أجل تحقيق معدل تضخم في حدود 2%".

أقرّت الحكومة عدداً من الإجراءات لمواجهة التضخم لكنها لم تفلح في ذلك إلى حدٍّ كبير. وتضمّنت تلك الإجراءات زيادة نفقات صندوق المقاصة الذي يدعم أسعار السكر وغاز الطهي والدقيق، كما دعمت العاملين في قطاع نقل المسافرين والبضائع لتحمُّل زيادة أسعار المحروقات.

وتيرة التضخم في المغرب تتباطأ بعد تصاعد حاد منذ بداية العام

صندوق النقد يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد المغربي إلى 1.25% العام الجاري

بنك الاستثمار "سي دي جي كابيتال" (CDG Capital) توقّع في تقرير صادر الجمعة أن يرفع بنك المغرب سعر الفائدة الرئيسي بخمسين نقطة أساس، ليصل إلى 2.5%، نتيجة استمرار الضغوط التضخمية وترجيح امتداد تأثيرها على السوق العام المقبل.

ولفت البنك إلى وجود مخاطر محدقة بانتعاش الاقتصاد الوطني في 2023، من بينها ضعف التساقطات المطرية وانعكاس ذلك على الموسم الزراعي، وتباطؤ الطلب المحلّي بفعل ارتفاع البطالة، وبروز علامات الركود في الاقتصادات الشريكة بمنطقة اليورو، بعد تشديد السياسات النقدية.

يُنبِّه الخبير الاقتصادي محمد الشيكر إلى أن "رغبة بنك المغرب بمسايرة البنوك المركزية في العالم، قد تدفع باتجاه ركود اقتصادي في البلاد، لاسيما إذا ما تضرّرت أسواق الاتحاد الأوروبي، الشريك الاقتصادي الأول للمملكة".