لماذا يجب أن يخشى "الفيدرالي" على الدولار من اليوان الرقمي؟

الصين أجرت تجارب جادة بشأن الدفع وتسوية المعاملات التجارية بالعملة الرقمية

رموز الاستجابة السريعة لخدمات الدفع الرقمية لـ"علي باي" التابعة لـشركة "آنت غروب" و"ويتشات باي" المملوكة لـ" تينسينت هولدينغز" معروضة في متجر للوجبات الخفيفة في بكين، الصين، يوم الثلاثاء 14 سبتمبر 2021.
رموز الاستجابة السريعة لخدمات الدفع الرقمية لـ"علي باي" التابعة لـشركة "آنت غروب" و"ويتشات باي" المملوكة لـ" تينسينت هولدينغز" معروضة في متجر للوجبات الخفيفة في بكين، الصين، يوم الثلاثاء 14 سبتمبر 2021. المصدر: بلومبرغ
Andy Mukherjee
Andy Mukherjee

Andy Mukherjee is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies and financial services. He previously was a columnist for Reuters Breakingviews. He has also worked for the Straits Times, ET NOW and Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إذا كان الاحتياطي الفيدرالي لا يزال يريد دليلاً على نية الصين لتحدي هيمنة الدولار، فلا ينبغي أن ينظر إلى أبعد من تجربة صغيرة يجري تنفيذها حالياً في هونغ كونغ.

في الأسبوع الماضي، قام بنك الصين (هونغ كونغ)، أحد أكبر المؤسسات التي تتلقى الودائع في المدينة، بعرض 500 حساب تجريبي مرتبط بـ"اليوان الرقمي"، النسخة الإلكترونية للأموال الصينية الرسمية، على مدار يومين.

يتم منح كل عميل 100 يوان في شكل رقمي، ويمكنهم إنفاقها في متاجر البر الرئيسي أو عبر موقع "جيه دي دوت كوم" أو سلسلة متاجر في هونغ كونغ.

يؤكد الظهور المتواضع لأول مرة عزم بكين، إذ تختبر السلطات قدرات اليوان الرقمي في سوق أخرى حتى قبل أن يصبح أداة دفع مفضلة في البلاد.

من المتوقع أن تتزايد سرعة تكامل اليوان الرقمي مع ما يُسمّى بنظام الدفع السريع في هونغ كونغ، وهي شبكة تعمل على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، إذ يدفع الناس لبعضهم البعض، ويتم تسوية الفواتير فوراً باستخدام أرقام الهواتف المحمولة أو عناوين البريد الإلكتروني أو رموز الاستجابة السريعة.

بمجرد أن يتم إنشاء هذا الرابط، سيكون بمقدور الشخص الذي لديه حساب مصرفي في هونغ كونغ التسوق باستخدام اليوان الرقمي على موقعي "تيمول" (Tmall) و"تاوباو" (Taobao) التابعين لمجموعة "علي بابا" القابضة دون الرسوم التي تنطوي عليها معاملات بطاقات الائتمان، أو التأخير وعدم اليقين التي يواجهها عند الدفع من خلال حسابات بنكية محلية مرتبطة بمحفظة "علي باي" (AlipayHK).

تُعتبر هونغ كونغ مجرد حالة اختبار. بدءاً من كوريا الجنوبية في بداية الألفية الجديدة، توصل أكثر من 60 اقتصاداً إلى إصدارات خاصة من أنظمة الدفع بالتجزئة القائمة على الهواتف الذكية في الوقت الفعلي.

ماذا يعني الدولار الرقمي بالنسبة لمستقبل محفظتك؟

قد ترغب الصين في الارتباط بالمزيد منها لتوسيع استخدام اليوان الرقمي، لكن فقط في مجال التسويات الدولية.

(باعتبارها منطقة إدارية خاصة في الصين، تتمتع هونغ كونغ بوضع فريد. بشكل عام، ستكون بكين حريصة على الابتعاد عن المدفوعات المحلية، خشية اتهامها بالتعدي على السيادة النقدية للدول الأخرى).

تتمثل فائدة استخدام اليوان الرقمي في التجارة عبر تمكين أصغر الموردين في البر الرئيسي من تقديم الأسعار للأجانب بالعملة المحلية.

لن تمثل رسوم المعاملات المرتفعة على بوابات الدفع عبر الحدود عائقاً. سيكون لحصة العملة الصينية في المدفوعات العالمية فرصة للارتفاع من 2%، حيث كانت عالقة على الرغم من الجهود لتدويل اليوان على مدار عقدين.

لم يتخذ الاحتياطي الفيدرالي قراره بعد بشأن ما إذا كان سيسعى لإصدار دولار رقمي. قال بعض مسؤولي السياسة النقدية، مثل محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر إن أداة الدفع الجديدة قد لا تكون ضرورية لحماية الوضع المتميز للدولار.

مع ذلك، يجب على واشنطن أن تولي اهتماماً أكبر لكيفية قيام اليوان الصيني الرقمي بإزاحة العملة الأميركية عن التجارة الإقليمية، على الأقل في آسيا والشرق الأوسط.

الدولار المهيمن، المستخدم في تسوية 90% تقريباً من جميع المعاملات بالصرف الأجنبي، لن يتم إسقاطه بين عشية وضحاها.

"الفيدرالي الأمريكي" يتخذ خطوة أساسية لإصدار الدولار الرقمي

مع ذلك، قد يكون من المنطقي أن نتذكر أن ما يقدّر بنحو 36% إلى 40% من الطلب على العملة الأميركية يأتي من كونه "وسيلة" جيدة لتبادل عملتين غير الدولار بشكل غير مباشر، وهذه مهمة لها تكلفة.

تتقاضى البنوك 120 مليار دولار -ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي للمغرب- لنقل 23.5 تريليون دولار عبر الحدود سنويا، وفقاً لبحث أجراه "أوليفر وايمان" و"جيه بي مورغان".

استراتيجيون: الدولار لا يزال ملك العملات رغم التراجع

يجب على المستورد التايلندي الذي يدفع أقل من 3000 دولار لمصدر إندونيسي سداد 40 دولاراً كرسوم. أولاً، يأخذ بنك المستورد حصة لنقل الأموال إلى بنك يقوم بتحويل البات التايلندي إلى دولارات.

ثم تشق تلك الدولارات طريقها إلى مؤسسة كبيرة، تتمتع بالعضوية في شبكة البنوك المراسلة بالولايات المتحدة.

قد تضطر الأموال إلى القفز مرة أخرى للوصول إلى عضو آخر في الشبكة لديه حساب في بنك بإندونيسيا. وعند تلقي التعليمات، سيقوم هذا الوسيط بمبادلة الدولارات بالروبية الإندونيسية وتسليمها إلى بنك المدفوع لأمره، والذي سيدفع للمصدر. هناك رسوم في كل مرحلة.

يمكن أن تتقلص السلسلة بأكملها وتنخفض التكاليف بشكل كبير باستخدام تقنية دفتر الأستاذ الموزع. هذه هي الفكرة وراء "إم بريدج"، وهو مشروع مشترك أطلقته السلطات النقدية في الصين وهونغ كونغ وتايلندا والإمارات العربية المتحدة.

قام مشروع تجريبي حديث بتجميع 20 من مؤسساتهم المالية الكبيرة عبر بلوكتشين. قامت تلك المؤسسات بتبادل العملات الرقمية النموذجية التي أصدرتها البنوك المركزية في تلك البلدان لتسوية المطالبات عبر الحدود لعملاء الشركات.

لا تنتقل الأموال من بنك إلى آخر. ولم يظهر الدولار في الصورة.

ظهرت البنوك المراسلة في أواخر القرن التاسع عشر، لذلك من الطبيعي أن نتوقع أن التحول بعيداً عنها سيستغرق سنوات، إن لم يكن عقوداً. ولكن على الأقل بدأت تظهر أدوات تقليص دور الدولار كونه عملة وسيطة في التجارة الإقليمية الآسيوية.

يخدم اليوان الرقمي هدفين. الهدف الأكثر إلحاحاً هو سد ثغرة محلية في البلاد. ويتضاءل استخدام العملة النقدية لتسوية المدفوعات في الاقتصاد الصيني، كما هو الحال في السويد وبعض الأجزاء الأخرى من أوروبا.

نظراً لأن أموال الدولة مهمة جداً بحيث لا يمكن تركها بالكامل للقطاع الخاص، فقد توصلت السلطات إلى بديل رقمي لعملتها القانونية.

مع ذلك، فإن تدويل اليوان الرقمي له دوافع مختلفة جيوسياسية.

"وول ستريت" ترى الرهان على سقوط الدولار الملك سابقاً لأوانه

تمنح أداة الدفع بكين فرصة جديدة لتحقيق هدفها طويل الأجل المتمثل في إعادة تشكيل النظام النقدي العالمي المتمركز حول الولايات المتحدة.

لفهم التحدي القادم بالكامل، قد يتعين على واشنطن النظر في كيفية أداء اليوان الرقمي خلف الكواليس، حيث يتعين تسوية المطالبات المالية الناشئة عن التجارة، وهذا هو المجال الذي قد تنشأ فيه المنافسة الحقيقية بالنسبة للدولار.