كيف أصبحت الصين محركاً لنمو مبيعات السلع الفاخرة؟

مبيعات شركات السلع الفاخرة الكبرى ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالصين التي شكّل متسوقوها 17% إلى 19% من الإنفاق العالمي في 2022

أشخاص يرتدون الكمامات ويمشون بجوار متجر "هيرميس" في ووهان، الصين
أشخاص يرتدون الكمامات ويمشون بجوار متجر "هيرميس" في ووهان، الصين المصدر: غيتي إيمجز
Andrea Felsted
Andrea Felsted

Andrea Felsted is a Bloomberg Opinion columnist covering the consumer and retail industries. She previously worked at the Financial Times.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

هل المتسوقون الصينيون على وشك الشروع في موجة أخرى من "الإنفاق الانتقامي"؟ لا تعوّل على ذلك.

في الوقت الذي تبتعد فيه الصين عن نهج "صفر كوفيد" الذي اتبعته منذ فترة طويلة، تأمل صناعة السلع الفاخرة (ومستثمروها) أن يعوّض إعادة فتح البلاد عن تعثر الولايات المتحدة، التي كانت محركاً لنمو السلع الفاخرة على مدار العامين الماضيين. لكن من المرجح أن يكون مسار تخفيف القيود متقلباً، سواء من حيث الوتيرة أو بسبب ارتفاع حالات كوفيد مستقبلاً، لذلك هناك أسباب لتوخي الحذر.

منذ الضرر الذي خلّفته أولى موجات تفشي الوباء، تلك التي شهدت إغلاق المتاجر في جميع أنحاء الصين والولايات المتحدة، تمتع بائعو السلع الفاخرة بانتعاش ملحوظ كان مدفوعاً في البداية بإعادة فتح الصين لأول مرة في عام 2020، لكن الولايات المتحدة تولَّت تلك المهمة في 2021.

لماذا يصعب شراء ساعة "رولكس" في دبي حتى على كبار الشخصيات؟

في الوقت الذي كانت فيه الصين تتعرض لموجات متجددة من كوفيد تبعتها عمليات إغلاق، استمر المتسوقون الأميركيون في اقتناص حقائب "هيرميس"، وساعات "رولكس" داخل أميركا، ثم في أوروبا عندما استؤنف السفر وارتفع الدولار.

لكن الإنفاق على السلع الفاخرة في الولايات المتحدة بدأ في التراجع من أعلى مستوياته.

كل الشرائح تكبح الإنفاق

يتعقب "سيتي غروب" الإنفاق على السلع الفاخرة في الولايات المتحدة في الداخل والخارج من خلال 15 مليون حساب نشط لبطاقات الائتمان. في نوفمبر - قبل موسم التسوق المهم خلال العطلات - انخفض إجمالي الإنفاق الأميركي على السلع الفاخرة بأرقام من خانتين للمرة الأولى العام الجاري مقارنة بعام 2021، إذ هبط بنسبة 11%.

في البداية كان التباطؤ في الإنفاق بعد أن بلغ ذروته في فبراير الماضي مدفوعاً بتراجع عدد عمليات الشراء، إذ كبح بعض المشترين الأصغر سناً والأقل دخلاً مشترياتهم. لكن خلال الأشهر القليلة الماضية، لاحظ "سيتي" تدهوراً في نمو المبلغ الذي يتم إنفاقه في كل مرة أيضاً، مما يشير إلى أنه حتى العملاء الأكثر ثراءً - الذين يواجهون ارتفاع أسعار منتجات علاماتهم التجارية المفضلة - باتوا أيضاً يقللون من إنفاقهم.

الجيل زد يشتري العلامات الفاخرة بهدف البيع استثماراً للتضخم

لكن بعض الأسواق الأخرى، مثل كوريا الجنوبية، واليابان، والشرق الأوسط كانت تساعد في تعويض النقص.

وفقاً لشركة "بين آند كو" (Bain & Co)، ترتبط مبيعات شركات السلع الفاخرة الكبرى ارتباطاً وثيقاً بالصين، التي يُقدر أن عدد متسوقيها يمثلون 17% إلى 19% من الإنفاق العالمي في عام 2022.

تكرر الإنفاق الانتقامي غير مرجح

بدأ المسؤولون الصينيون في تفكيك نظام صارم للسيطرة على الوباء من الإغلاق، والاختبارات المسحية، والحجر الصحي الحكومي، والنظام الإلكتروني لمتابعة مخالطي المرضى. لكن الآن، تحتاج صناعة السلع الفاخرة إلى إعادة فتح كاملة ومستمرة.

في الواقع، تفترض توقعات "بين آند كو" الأكثر تفاؤلاً لنمو مبيعات السلع الفاخرة بنسبة 6% إلى 8% على أساس سنوي في عام 2023 باستثناء تحركات العملات، وأن يتعافى بر الصين الرئيسي بشكل تام بحلول منتصف العام، بينما يظل الطلب في أوروبا وأميركا الشمالية ثابتاً. حتى في هذه الظروف الوردية، سيكون نمو مبيعات السلع الفاخرة العام المقبل حوالي نصف النتائج المتوقعة لعام 2022.

مع ذلك، فإن تكرر "الإنفاق الانتقامي" كالذي رأيناه في عام 2020 يبدو غير مرجح.

العلامات التجارية تسارع بالاعتذار إلى المستهلكين الصينيين

على الرغم من أن تغيير بكين لنهج "صفر كوفيد" كان سريعاً، فإن العملية الفعلية لإعادة فتح البلاد لا تزال في مرحلة مبكرة نسبياً. سيكون من الجدير مراقبة مدى سوء الزيادة الحالية في حالات الإصابة بكوفيد - وما إذا كان هذا سيبدد حرية التحركات المكتسبة حديثاً. في كلتا الحالتين، ستكون أمامنا بضعة أشهر متقلبة.

على الرغم من أن بعض المتسوقين قد ينفقون بطيش، سيكون البعض الآخر أكثر تردداً في الإسراف. فبعد كل شيء، تحول عام 2020 إلى فجر مزيف، تبعته قيود متلاحقة أضعفت الحماس.

مزاج غير مشجع على الإنفاق

علاوة على ذلك، يميل الناس إلى الإنفاق أكثر على السلع عالية الجودة عندما يشعرون بالثقة والثراء، ونظراً للاحتجاجات الأخيرة ضد سياسة "صفر كوفيد" وضعف سوق الإسكان - المخزن الرئيسي للثروة في البلاد - لا يمكن الاعتماد على مثل هكذا مزاج عام لرفع مبيعات السلع الفاخرة. بينما يؤدي الارتفاع المفاجئ في حالات كوفيد إلى زيادة القلق.

وبالتالي فإن سيناريو "باين آند كو" الأكثر تشاؤماً - المتمثل في ركود الصين بالإضافة إلى تباطؤ في أوروبا والولايات المتحدة - هو نمو بنسبة 3% إلى 5% فقط في مبيعات السلع الفاخرة العام المقبل مقارنة بعام 2022.

في ظل هذه الخلفية غير الواضحة، تبدو شركة "هيرميس إنترناشيونال" في أفضل وضع. توفر قوائم انتظار حقائبها الشهيرة - مثل "كيلي" - بعض المرونة في مواجهة الأوقات الأصعب. وستكون أحد المستفيدين الرئيسيين من إعادة فتح الصين نظراً لاستحسان علامتها التجارية هناك.

من المتوقع أيضاً أن تشهد "إل في إم اتش- مويت هنسي لوي فيتون" - أكبر مجموعة فاخرة في العالم - ازدهاراً هي الأخرى نظراً لامتلاكها النطاق والموارد اللازمة للحفاظ على صدارة علاماتها التجارية، بقيادة "لوي فيتون"، و"ديور"، اللتين في طليعة أذهان المستهلكين.

مدينة آسيوية غنية ونائية يُخفِي الأثرياء فيها مقتنياتهم الثمينة

علاوةً على ذلك، لدى المجموعة التي يسيطر عليها برنارد أرنو - الذي تجاوز مؤخراً إيلون ماسك ليصبح أغنى رجل في العالم - بعض التنويع المفيد، على شكل سلع النبيذ والمشروبات الكحولية ومستحضرات التجميل.

تمثل البيئة تحدياً أكبر للشركات التي تنخرط في عمليات تحول، مثل شركة "بربري غروب" (Burberry Group) البريطانية، التي تتمتع بدرجة عالية من التعرض للصين، لكنها على وشك إعادة الانطلاق تحت إشراف مصمم جديد.

2024 عام المكافأة الحقيقية

"كيرينغ" (Kering SA) هي واحدة من الشركات الرائدة في مجال السلع الفاخرة، إلا أنها تحاول حالياً تعزيز مكانة علامتها التجارية "غوتشي"، بينما تورطت دار "بالنسياغا" (Balenciaga) للأزياء في جدل بعد حملة ترويجية أثارت انتقادات لتضمنها دلالات توحي باستغلال الأطفال جنسياً.

لكن إذا تمكنت العلامات التجارية من التغلب على عدم القدرة على التنبؤ بالأشهر القليلة المقبلة، فقد تتمتع بنصف ثانٍ أكثر استقراراً العام المقبل إذ أنه حتى الارتفاع المتواضع في السفر والشراء الصيني من شأنه أن يعزز الإيرادات. وفي الوقت نفسه، سيُقارن الجزء الأخير من العام بالفترة المقابلة في عام 2022 عندما بدأ متسوقو السلع الفاخرة الأميركيون بتقليص نفقاتهم.

لكن 2024 هو العام الذي يحمل المكافأة الحقيقية لشركات السلع الفاخرة الكبرى: إذ يتخلله احتمال سفر المستهلكين الصينيين خارج أسواقهم المحلية مرة أخرى. وهذا هو الوقت الذي يمكن أن يعود فيه "الإنفاق الانتقامي" أخيراً.