هبطت الأسهم الأميركية يوم الخميس مع استقبال المستثمرين بيانات اقتصادية تؤكد على رؤية الاحتياطي الفيدرالي بأن الاقتصاد قوي بدرجة تكفي لأن يتحمل مزيداً من تقشف السياسة النقدية.
أسهم التكنولوجيا تعرضت إلى ضربة قوية بعد توقعات مستقبلية متشائمة من جانب شركة "ميكرون تكنولوجي" لصناعة الرقائق الإليكترونية التي أثرت سلباً على مشاعر الثقة.
مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" أغلق منخفضاً بنسبة 1.4% بعد هبوطه بما يصل إلى 3% أثناء ساعات التداول. وهبط مؤشر "ناسداك 100"، الذي يعطي وزناً أكبر لأسهم التكنولوجيا، بنسبة بلغت 4%، غير أنه قلل من خسائره حتى أنهى تعاملات الخميس منخفضاً بنسبة 2.5%.
سجل الدولار الأميركي ارتفاعاً. وقفز العائد على سندات الخزانة أجل عامين، الذي يتسم بحساسية خاصة للسياسة النقدية، إلى 4.27%، بينما كسر النفط اتجاهاً صعوديا دام ثلاثة أيام.
الأرقام التي صدرت يوم الخميس رسمت صورة لاقتصاد قوي وأججت شعوراً بالقلق من أن الاحتياطي الفيدرالي مازالت أمامه رحلة طويلة ليقطعها حتى يستطيع ترويض التضخم.
طلبات إعانة البطالة ارتفعت بنسبة أقل من المتوقع خلال الأسبوع الذي انتهي في 17 ديسمبر، لتؤكد على قوة سوق العمل. وروجعت أرقام نمو الناتج المحلي في الربع الثالث بالزيادة إلى 3.2% - مقارنة مع معدل نمو أعلن عنه سابقا بلغ 2.9% - مدعوماً بقوة الإنفاق.
الاقتصاد الأميركي ينمو بنسبة 3.2% في الربع الثالث بقوة الإنفاق
قالت بريا ميسرا، رئيسة استراتيجية أسعار الفائدة العالمية في شركة "تي دي سيكيوريتيز" (TD Securities)، في لقاء مع "تلفزيون بلومبرغ": "إن أرقام اليوم تخطرنا بأن المستهلك الأميركي يتمتع بقوة تتجاوز ما كانت السوق تضعها في الحسبان"، مضيفة أن معدل التضخم سيتسم بدرجة من "المقاومة" وهو في اتجاه الهبوط بسبب أن سوق العمل مازالت قوية حتى الآن، وهو ما يعني أن الاحتياطي الفيدرالي سيمضي في سبيله إلى رفع أسعار الفائدة.
أوضحت ميسرا: "في الواقع، نحن نعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي سوف يستمر في رفع أسعار الفائدة حتى شهر مايو القادم إلى أن تبلغ 5.5%، ثم يتردد بشدة بعد ذلك في تيسير سياسته النقدية". وأضافت: "أعني أن السيناريو الافتراضي لدينا هو ركود الاقتصاد، غير أننا نعتقد أن البنك المركزي سوف يتأخر كثيراً في بدء تيسير السياسة النقدية بسبب ذلك التضخم العنيد".
وفق محللين لدى بنك "إس إي بي"، يتناقض هبوط مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بنسبة كبيرة هذا الشهر مع ارتفاعه المعتاد بنسبة 1.5% في ديسمبر من كل عام منذ 1950، مما يمنح المستثمرين العالميين قدراً وفيراً من "الأوراق المالية منخفضة المخاطر وشديدة السيولة" لاستثمارها. في نفس الوقت، تتجه أسهم التكنولوجيا إلى تسجيل أسوأ أداء في شهر ديسمبر منذ انفجار فقاعة التكنولوجيا قبل 20 عاماً.
أسباب القلق تتزايد أيضاً من أن المستثمرين اليابانيين قد يقتنعون بتوجيه بعض تريليونات الدولارات التي ضخوها في أسهم وسندات أجنبية إلى بلادهم مع ارتفاع قيمة الين وعوائد السندات المحلية بعد اتخاذ بنك اليابان إجراءً تقشفياً مفاجئاً في بداية هذا الأسبوع. وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من ارتفاع تكاليف الاقتراض عالمياً ويؤثر سلباً على اقتصاد يعاني فعلاً من الفتور، مع تعرض سندات منطقة اليورو على وجه الخصوص لمخاطر ذلك.