ارتفاع الإصابات بكوفيد يكبّل النشاط الاقتصادي في الصين

أحد الطرق خالٍ من البشر في الصين.
أحد الطرق خالٍ من البشر في الصين. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تشهد الصين ارتفاعاً في حالات الإصابة بفيروس كورونا، ما تسبب في مكوث المواطنين في منازلهم، وركود في حركة السفر والنشاط الاقتصادي، وفقاً لأحدث البيانات المتواترة.

بعد تعليق سياسة "صفر كوفيد" بشكل مفاجئ، واجهت المزيد من المدن الصينية موجة عدوى في الأسبوع الماضي، ما أدى إلى ازدحام المستشفيات والاصطفاف في الجنازات.

كما ساهم ذلك في تمنّع المواطنين في بكين وشنغهاي وأماكن أخرى عن الخروج، رغم مطالبة بعض أماكن العمل بالعودة إلى العمل حتى لو كان الموظفون مصابين.

اقرأ أيضاً: تخلي الصين عن "صفر كوفيد" يفاقم أزمة شح الطاقة العالمية في 2023

تراجعت العديد من مؤشرات التنقل، بما فيها الازدحام المروري في المدن الكبرى، واستخدام مترو الأنفاق، وعدد الرحلات المحلية. في الأيام الأخيرة، انخفض عدد ركاب مترو الأنفاق في مدن من بينها شنغهاي، وقوانغتشو، وشنتشن، وشيان، ونانجينغ مع ارتفاع عدد الإصابات. لكن بكين، وهي إحدى أوائل المدن التي تفشت فيها العدوى، شهدت استقرار استخدام مترو الأنفاق وانتعاشاً نسبياً في الأيام الأربعة الماضية- رغم أنه ما يزال أقل 80% من المستوى المسجل في الفترة ذاتها من عام 2019.

تُعدّ مستويات الازدحام في 15 مدينة كبرى أقل 56% من المستوى المسجل في يناير 2021، وهو المعيار المستخدم في مؤشر جمعته "بلومبرغ إن إي إف" استناداً إلى البيانات المرورية لشركة "بايدو" (Baidu). وهذا الوضع أسوأ مما كان عليه خلال إغلاق شنغهاي ومدن أخرى في فصل الربيع. كانت المرة الوحيدة الأخرى التي انخفض فيها مستوى الازدحام خلال العام الجاري في أوائل فبراير، عندما شهدت فترة احتفالات العام القمري الجديد إغلاق المصانع والمطاعم، فضلاً عن مغادرة المواطنين المدن الكبرى للعودة إلى ديارهم.

الصين تتعهد بدعم النمو الاقتصادي والعقارات في 2023

"سيستمر تقييد النشاط الاقتصادي في شهري ديسمبر ويناير إثر ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد-19 بعد تخفيف قيود التنقل"، وفق توقعات جوان يي لو، رئيس الدخل الثابت لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في "إم أند جي إنفستمنتس". وهذا يأتي تماشياً مع تجربة الاقتصادات الآسيوية الأخرى.

ذروة الإصابات

يستعد الاقتصاد الصيني لمواجهة مزيد من الصعوبات وانعدام اليقين في ظل تفشي موجة العدوى، ومع الافتقار للإحصاءات الموثوقة إزاء حالات الإصابة والوفيات مما يُصعب التنبؤ بموعد بلوغ الوباء ذروته أو بدء تلاشيه. مع ذلك، يتوقع تشين تشين، كبير الاقتصاديين في شركة استشارات البيانات "مترو داتا تك"، أن موجة الإصابات الحالية ستبلغ ذروتها بين منتصف ديسمبر وأواخر يناير في معظم المدن، بناءً على تحليل أجري على عمليات البحث عن كلمات رئيسية عبر الإنترنت.

يُحتمل أن ينخفض نشاط المصانع في ديسمبر أيضاً، وفقاً لمؤشر مديري المشتريات للصناعات الناشئة، وهو مؤشر متقدم (سابق للحدث) عن مؤشري مديري المشتريات للصناعات التحويلية الرسمي وكايكسين (Caixin).

اقرأ أيضاً: الصين تضع خططاً اقتصادية للتحول من نهج "صفر كوفيد" إلى النمو

انخفض مؤشر مديري المشتريات للشركات، استناداً إلى استطلاعات رأي أجريت للشركات في مجالات مثل التكنولوجيا الصديقة للبيئة ومركبات الطاقة الجديدة، إلى 46.8 نقطة هذا الشهر، وهو أدنى مستوى منذ أبريل، وهو في منطقة انكماش طالما دون عتبة 50 نقطة. كذلك، تراجعت المقاييس الفرعية للمشتريات والتوظيف وتوقعات الأعمال أكثر من غيرها.

الحل بيد المستهلكين

يعتقد صُناع السياسة وخبراء الاقتصاد أن المستهلكين سيمثلون محركاً رئيسياً لأي انتعاش اقتصادي، بعد تراجع الإصابات العام المقبل. فقد راكم الناس مدخراتهم في عام 2022 بسبب اضطرابات كوفيد وأزمة العقارات. لكن إنفاقهم من جديد سيكون مفتاحاً لاقتصاد يعاني من انخفاض ثقة الأعمال، وانخفاض الطلب الخارجي، والتراجع المستمر لقطاع الإسكان.

تلاشت بالفعل الدفعة الأولية لثقة المستهلك بعد إلغاء سياسة "صفر كوفيد"، حيث تراجعت معنويات المستهلكين بعد انتعاشها في بداية ديسمبر الجاري، بحسب استطلاع يومي أجرته شركة "مورنينغ كونسَت" الأميركية.

سفير الصين في أميركا: مستمرون في تخفيف إجراءات كوفيد

وبحسب جيسي ويلر، المحلل الاقتصادي في "مورنينغ كونسَلت"، "تواجه الصين مخاطر صحية واقتصادية خطيرة على المدى القريب، فربما يمكث العديد من المستهلكين المحتملين في المنزل ويتخلون عن أنشطة معينة لتجنب الإصابة بالفيروس".

يبدو أن زيادة الرحلات الداخلية المدفوعة بإعادة فتح البلاد لم تدم طويلاً، حيث تخلى الكثيرون عن السفر سريعاً الأسبوع الماضي. وانخفض عدد الرحلات يوم الخميس إلى 42% من مستويات عام 2019، وفق بيانات مؤقتة صادرة عن شركة بيانات الطيران الصينية "فاري فلايت" (VariFlight).

المزيد من عشاق السينما

عانت دور السينما وشركات إنتاج الأفلام من الإغلاق والقيود المفروضة طوال فترة الوباء. لكن إيرادات شباك التذاكر تشهد الآن أول تحسن ملموس منذ العطلة الرسمية التي استمرت سبعة أيام في بداية أكتوبر، وذلك بالرغم من ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد.

الصين تعلن تحوّلاً جذرياً في سياسة "صفر كوفيد" بإجراءات جديدة

بعد طرح فيلم "أفاتار: طريق الماء" (Avatar: The Way of Water) التابع لشركة "والت ديزني" لأول مرة في دور السينما، تجاوز متوسط الإيرادات اليومية لشباك التذاكر 50 مليون يوان (7.2 مليون دولار) من 17 مليون يوان قبل أسبوعين، وفقاً لبيانات منصة التذاكر الإلكترونية "ماويان إنترتينمت" (Maoyan Entertainment).