تباطؤ إنفاق المستهلك الأميركي.. والتضخم يواصل البرود

متسوق في أحد المحال بالولايات المتحدة حيث أسعار التضخم وصلت إلى مستويات تاريخية.
متسوق في أحد المحال بالولايات المتحدة حيث أسعار التضخم وصلت إلى مستويات تاريخية. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي خلال نوفمبر في حين أصاب الضعف الإنفاق الاستهلاكي، مما يشير إلى أن رفع البنك المركزي لأسعار الفائدة يساعد على تهدئة ضغوط زيادة الأسعار والطلب على النطاق الأوسع- مع ترقب مزيد من التشديد النقدي مستقبلاً.

أظهرت بيانات وزارة التجارة يوم الجمعة أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي باستثناء الغذاء والطاقة ارتفع بنسبة 0.2% في نوفمبر على أساس شهري، وهو المؤشر الذي يؤكد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أنه مقياس أكثر دقة في تحديد اتجاه معدل التضخم.

جاءت الأرقام متطابقة مع التقديرات، ولكن تم تعديل بيانات أكتوبر بالزيادة.

على أساس سنوي، ارتفع المؤشر بنسبة 4.7%، مقابل ارتفاع بنسبة 5% في أكتوبر. ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الإجمالي بنسبة 0.1% وارتفع بنسبة 5.5% عن مستواه خلال العام الماضي، وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر 2021 ولكنه لا يزال أعلى بكثير من مستهدف البنك المركزي البالغ 2%.

تباطأ الإنفاق الشخصي، بعد تعديله وفقاً للتغيرات في الأسعار خلال نوفمبر، وهو الأضعف منذ يوليو وأقل من التوقعات.

أدت الزيادة في الإنفاق على الخدمات، مدعومة بالمطاعم والسكن إلى تعويض انخفاض الإنفاق على البضائع. كانت المركبات الجديدة هي المساهم الرئيسي في انخفاض الإنفاق الشخصي.

على غرار أرقام مؤشر أسعار المستهلك التي صدرت في وقت سابق من ديسمبر، تشير الأرقام إلى تراجع في ضغوط الأسعار، وهي محل ترحيب، وتوضح أن الولايات المتحدة قد تجاوزت ذروة التضخم.

باول: من السابق لأوانه الحديث عن خفض أسعار الفائدة

رفع أسعار الفائدة

في حين يتوقع الكثيرون حدوث تراجع سريع في معدل التضخم خلال العام المقبل، يهدف بنك الاحتياطي الفيدرالي في النهاية خفضه للمعدل المستهدف البالغ 2%.

شدد باول الأسبوع الماضي أن البنك المركزي بحاجة إلى "المزيد من الأدلة بشكل كبير" ليثق في أن التضخم يتجه للانخفاض بشكل مستدام.

من المتوقع أن يواصل البنك المركزي مستقبلاً رفع أسعار الفائدة خلال العام المقبل -إلى مستوى أعلى مما توقعه العديد من المستثمرين- وسيظل يشدد السياسة النقدية لبعض الوقت.

فيما يتعلق بمستوى أي رفع لسعر الفائدة في فبراير 2023، قال باول إن القرار يستند إلى البيانات المرتقبة، مثل الأرقام الصادرة يوم الجمعة وأرقام أخرى مرتقب صدورها خلال الفترة المتبقية من ديسمبر والتي ستصدر طوال الشهر المقبل.

قال إيان شيبردسون، كبير الاقتصاديين في "بانثيون ماكرو إيكونوميكس" (Pantheon Macroeconomics) عبر مذكرة بحثية: "يبدو من المعقول أن نتوقع أن يتوخى الأفراد مزيداً من الحذر في الوقت الحالي بعد أن تقلص نحو نصف مدخراتهم المتراكمة بسبب الوباء، وظروف سوق العمل".

أضاف شيبردسون أن الاستهلاك من المتوقع أن يتوسع بوتيرة قوية في الربع الحالي، وفي غضون ذلك "سنشعر بالدهشة إذا تكررت هذه الوتيرة في الربع الأول من العام المقبل".

كان أوسط التقديرات في استطلاع أجرته "بلومبرغ" شمل خبراء اقتصاديين، يشير إلى ارتفاع بنسبة 0.2% في مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي وزيادة بنسبة 0.1% في الإنفاق المعدل بأرقام التضخم.

تقلبت العقود الآجلة للأسهم الأميركية في التعاملات المبكرة في حين ارتدت عوائد سندات الخزانة لأعلى.

الفائدة الأميركية تبلغ ذروتها منذ الأزمة المالية العالمية

تراجع إنفاق المستهلكين

يشير التقرير إلى أن المستهلكين فقدوا قوتهم على الإنفاق الشهر الماضي وسط ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع التضخم. في حين أن قوة سوق الوظائف وارتفاع الأجور عززا من إنفاق الأسر، فإن الأميركيين يستغلون المدخرات ويعتمدون أكثر على بطاقات الائتمان، مما يثير التساؤل حول ما إذا كان المستهلكون سيستطيعون الاستمرار في دفع النمو الاقتصادي خلال عام 2023.

أظهر تقرير وزارة التجارة أن معدل الادخار ارتفع إلى 2.4% في نوفمبر، وهي أول زيادة منذ يوليو ولكن من بين أدنى المستويات على الإطلاق.

انخفضت النفقات المعدلة بمستوى التضخم على البضائع بنسبة 0.6%، الأسوأ منذ فبراير، في حين ارتفع الإنفاق على الخدمات بنسبة 0.3 %.

يتوقع العديد من الاقتصاديين أن تواجه الولايات المتحدة ركوداً اقتصادياً خلال العام المقبل، لكن التوقعات لا تزال غير مؤكدة إلى حد كبير.

مع ذلك، فقد تسارع النشاط الاقتصادي بشكل عام في النصف الثاني من العام الجاري.

أظهرت البيانات الصادرة يوم الخميس ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.2% على أساس سنوي في الربع الثالث، أعلى من التقديرات السابقة.

ماذا لو اضطر "الاحتياطي الفيدرالي" لرفع أسعار الفائدة إلى 6%؟

زيادة الأجور

منح ارتفاع الأجور وانخفاض أسعار الغاز العديد من الأميركيين الأموال الكافية لمواصلة الإنفاق خلال نوفمبر. ارتفع الدخل المتاح للإنفاق المعدل حسب التضخم بنسبة 0.3%. وارتفعت الأجور والرواتب، غير المعدلة بتغير الأسعار، بنسبة 0.5% للشهر الثاني.

مكاسب الأجور المستمرة، لا سيما في قطاعات الخدمات، يمكن أن تبقي التضخم أعلى باستمرار من مستهدف الاحتياطي الفيدرالي لبعض الوقت، مما يؤكد أهمية سوق العمل لدى مسؤولي اتخاذ القرار، في الأشهر المقبلة.

بشكل عام، يتوقع الاقتصاديون أن تتباطأ مؤشرات أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بشكل أبطأ من مؤشر أسعار المستهلك الخاص بوزارة العمل.

بحلول نهاية 2023، يتوقع مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أن يبلغ معدل التضخم الأساسي في نفقات الاستهلاك الشخصي نحو 3.5%.

بالإضافة إلى أرقام الإنفاق الاستهلاكي الضعيفة، أظهر تقرير منفصل طلباً أكثر اعتدالاً على شراء المعدات من جانب الشركات.

الاقتصاد الأميركي يخالف التوقعات مضيفاً المزيد من الوظائف ورافعاً معدل البطالة

ارتفعت طلبيات السلع الرأسمالية غير الدفاعية عدا ​الطائرات​، والتي تُعدّ مؤشراً على خطط إنفاق الشركات على المعدات والآلات، بنسبة 0.2% في نوفمبر بعد مراجعة بالخفض الحاد للشهر السابق، وفقاً لوزارة التجارة.

انخفض إجمالي الحجوزات على السلع المعمرة بنسبة 2.1%، وهي أكبر وتيرة منذ أبريل 2020. لم يتم تعديل البيانات وفقاً للتضخم.