أبرز أسهم الشركات الأوروبية التي تضاعفت عائداتها بـ35000%

شركات "الكأس المقدسة" للاستثمار في الأسهم لا تتمتع بشهرة واسعة ويجب على المستثمرين التعلّم منها

موظفون داخل أحد الممرات في مصنع تابع لـ"إيه إس إم إل هولدينغ"، في فيلدهوفن، هولندا
موظفون داخل أحد الممرات في مصنع تابع لـ"إيه إس إم إل هولدينغ"، في فيلدهوفن، هولندا المصدر: بلومبرغ
Chris Bryant
Chris Bryant

Chris Bryant is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies. He previously worked for the Financial Times.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أخبرني هنريك لارسون ليون، الرئيس التنفيذي لمجموعة "هيكسا ترونيك" (Hexatronic)، أنه "لا يهتم كثيراً" بسعر أسهم شركته. لكن لو كنت أنا الرئيس التنفيذي لهذه المجموعة المتخصصة في كابلات الألياف الضوئية السويدية، لما كنت سأفكر في أي شيء آخر. فعمليات الاستحواذ والمبيعات المزدهرة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا عززت قيمة أسهم هذه المجموعة بأكثر من 10 أضعاف (900% تقريباً) خلال العامين الماضيين، وحققت عائداً بنسبة 35000% منذ 2012 بالدولار الأميركي (أو ما يعادل 55000% بالعملة المحلية) وهو ما يمثل نسبة مذهلة.

تعد "هيكسا ترونيك" واحدة من 55 شركة في أوروبا تزيد قيمتها على مليار دولار وتضاعف سعر أسهمها 10 مرات تقريباً خلال العقد الماضي، مع إعادة استثمارها للأرباح، بحسب بيانات "بلومبرغ". والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: في ظل مثل هذه العائدات، من قد يحتاج إلى العملات المشفرة؟

الكثير من هذه الشركات التي يُطلق عليها اسم "الكأس المقدسة" للاستثمار في الأسهم – لا تتمتع بشهرة واسعة، وهو أمر مؤسف لأن هناك كثير من المستثمرين قد يتعلمون منها.

يماثل عدد هذه الشركات الأوروبية المتفوقة نظيره في الولايات المتحدة تقريباً، إذ حققت 71 شركة أميركية الإنجاز نفسه خلال السنوات العشر الماضية، مما ينفي الفكرة القائلة بأن مشهد الشركات في أوروبا متصلب، فما يزال بإمكان المستثمرين تحقيق عوائد مذهلة في القارة بشرط أن يعرفوا أين يبحثون؟

على رؤساء الشركات الأميركية التحسب لصانعي الآلات الصينية

نأمل أن يساعدك هذا الدليل في تحديد الـ10 شركات ذات التوقعات الأفضل مستقبلاً في وقت مبكر، وتغيير رأيك بشأن المشهد التجاري "الراكد" وأسواق رأس المال في أوروبا.

فتش عن الشركات المغمورة.. باستثناء واحدة

يجب على المستثمرين بذل جهد أكبر في البحث عن الشركات ذات الأداء المتفوق بأوروبا لأن القارة تعاني من ندرة عمالقة التكنولوجيا، وزادت عوائد شركات "مايكروسوف"، و"نتفلكس"، و"تسلا" بنحو 10 أضعاف في السنوات العشر الماضية.

فيما تعد "إيه إس إم إل هولدينغ إن في"، المتخصصة في توريد تكنولوجيا الطباعة الحجرية التي تدخل في صناعة أشباه الموصلات، الشركة الأوروبية الحديثة الوحيدة التي ارتفعت أسهمها بأكثر من 10 أضعاف وتزيد قيمتها عن 100 مليار دولار.

كما تعتبر "إيه إس إم إل" الشركة الوحيدة القادرة على إنتاج آلات الأشعة فوق البنفسجية الفائقة التي تكلف حوالي 160 مليون يورو (ما يعادل 171 مليون دولار)، لكنها لا تتمتع حتى الآن بشهرة واسعة.

تضاعف ربحية الشركات الأوروبية

تميل الشركات التي تضاعفت قيمتها 10 مرات في فترة قصيرة إلى التوسّع السريع في الإيرادات وهوامش الأرباح، كما تتمتع بمكرر ربحية أعلى، وفقاً لتحليل حديث لشركة "برنشتاين ريسيرش" (Bernstein Research) الذي استخدم منهجية مختلفة قليلاً عن تلك الخاصة بي.

بلغ تقييم شركاتنا الأروروبية التي ارتفع سعر أسهمها بما يزيد عن 10 مرات نحو 40 ضعف الأرباح المقدرة لهذا العام في المتوسط (أي أكثر بـ3 مرات من تقييم مؤشر ستوكس يوروب 600). وفي المتوسط، زادت هوامشها التشغيلية بمقدار 9.5% إلى 23% منذ 2012، وحققت متوسط نمو مبيعات سنوي بنسبة 24% في السنوات الخمس الماضية.

كيف تتخارج من شركة صغيرة دون بيعها؟

غالباً ما تكون هناك حاجة إلى التوسّع خارج أوروبا لتحقيق نمو بهذه السرعة. على سبيل المثال، تولد مجموعة "أشتيد"(Ashtead) البريطانية لتأجير المعدات ما يقرب من 90% من مبيعاتها في أميركا الشمالية.

بطبيعة الحال، يحظى السهم بفرصة أفضل للارتفاع بمقدار 10 أضعاف إذا كان مقوماً بأقل من قيمته في البداية. على سبيل المثال، تجاهل المستثمرون الكثير من الأخبار السيئة عند شرائهم شركة "فستاس ويند سيستمز" (Vestas Wind Systems) لتصنيع توربينات الرياح في عام 2012، وحصل من استثمروا وقتها في هذه الشركة على عائد بنسبة 2720% (بصرف النظر عن الأداء المخيب للشركة هذا العام).

صانعو المعدات المعقدة يفرضون أسعارهم

إلى جانب "إيه إس إم إل"، تحتضن هولندا شركتين أخريين تصنعان معدات أشباه الموصلات، وزادت قيمة أسهمها بأكثر من 10 أضعاف، وهما: "بي إي سيمي كونداكتور إنداستريز" (BE Semiconductor Industries) المتخصصة في تغليف الرقائق، و"إيه إس إم إنترناشيونال" (ASM International)، اللتان تتحكمان في أكثر من نصف السوق العالمية لمعدات ترسيب الطبقة الذرية (وهي العملية التي يضاف فيها أغشية رفيعة للغاية إلى رقاقة السيليكون). ونظراً لأن قلة من الشركات يمكنها إنتاج مثل هذه الآلات المعقدة؛ تتمكن الشركتان من فرض أسعار عالية دون الخوف من خسارة الأعمال لصالح منافسين.

بالمثل، تحتكر شركة "مايكرونيك" (Mycronic) عالمياً صناعة أغلفة إدخال الأوامر المتقدمة التي تعتمد على استخدام الليزر وتستخدم في تصنيع شاشات التلفزيون والهواتف الذكية (كما تدخل في إنتاج أشباه الموصلات). وتنتج آلات الشركة السويدية أنماطاً فائقة الدقة تشبه الصورة السلبية، ويكلف أكثر طراز تقدماً في هذا المجال ما يصل إلى 45 مليون دولار لكل وحدة.

شركات كبرى تُقرض صناديق الملكية الخاصة لشراء الأصول غير المرغوبة

كان تصنيع المستحضرات الصيدلانية بالتعاقد أيضاً مصدراً غنياً لعائدات المستثمرين، ومن الأمثلة على ذلك كل من: مجموعة "لونزا" (Lonza) وشركة "باكيم هولدينغ"(Bachem Holding) و"دوتيكون إي إس هولدينغ" (Dottikon ES Holding) وكلها عبارة عن شركات زادت قيمة أسهمها بأكثر من 10 أضعاف. وتعكس هوامش الربح المرتفعة لهذه الشركات السويسرية ازدهار قطاع تطوير الأدوية في شركات التكنولوجيا الحيوية والمستحضرات الصيدلانية، والاتجاه نحو الاستعانة بمصادر خارجية في التصنيع. كما تساعد "لونزا" في صنع لقاحات "كوفيد- 19" التابعة لشركة "موديرنا"، وتعد "باكيم" شركة رائدة في السوق بمجال الببتيدات العلاجية، بينما تتخصص "دوتيكون" في "التفاعلات الخطرة".

فئات الشركات المتخصصة أكثر جاذبية

تعتبر معدات علوم الحياة قطاعاً آخر تتفوق فيه الشركات الأوروبية. على سبيل المثال، تصنع "سارتوريوس ستديم بيوتك"(Sartorius Stedim Biotech) -وهي الشركة الفرعية المدرجة في باريس وتتبع لمجموعة "سارتوريوس" الألمانية- المفاعلات الحيوية وأدوات الترشيح التي تدخل في صناعة المستحضرات الصيدلانية الحيوية.

يخضع هذا القطاع للوائح تنظيمية مشددة، وبعد عدة عمليات استحواذ بات هناك عدد قليل من الموردين البديلين. كما أدى استبدال مكونات الفولاذ المقاوم للصدأ القابلة لإعادة الاستخدام بتقنية الاستخدام الفردي الأرخص ثمناً إلى زيادة الإيرادات المتكررة، التي يقدرها المستثمرون بصورة أكبر.

كما تسيطر مجموعة "كيموميتك" (Chemometec)، التي ارتفع سعر سهمها بنحو 20640% في العقد الماضي، على أكثر من 20% من السوق العالمية لآلات حصر عدد الخلايا، والتي تُستخدم في أبحاث السرطان والخلايا الجذعية، وكذلك إنتاج جرعات الحيوانات المنوية والسائل المنوي للتلقيح. ووصلت هوامش تشغيل المجموعة الدنماركية إلى 47% في السنة المالية المنتهية يونيو الماضي.

تقتنص مجموعة "إس إي إس إيمدجو تاغ" (SES-imagotag) الفرنسية حصة تناهز 50% من السوق العالمية لملصقات الأرفف الإلكترونية، والتي يستخدمها تجار التجزئة بما في ذلك "وولمارت" لعرض الأسعار رقمياً وتحذير مديري المتاجر من الرفوف الفارغة. وارتفع سهم المجموعة بنسبة 67% خلال العام الجاري وحده، في الوقت نفسه الذي عانى فيه معظم أسهم شركات التكنولوجيا من هبوط شديد.

لا يشترط أن تندرج الشركات البارزة المتخصصة أسفل قطاع التكنولوجيا الفائقة، إذ تبيع مجموعة "غيمز وورك شوب" جنود الأوركس المصغرة ومحاربي الفضاء والعفاريت لممارسة أحد ألعاب الطاولة المتميزة. وساعد توسع الشركة البريطانية في أميركا الشمالية، إلى جانب ترخيص ملكيتها الفكرية لألعاب الكمبيوتر، على صعود هوامش ربح التشغيل من 15% تقريباً قبل عقد إلى 40% العام الماضي. ارتفعت الأسهم بنسبة 16% الجمعة الماضي بعد الإعلان عن احتمال عقدها لصفقة شراكة في قطاع التلفزيون والأفلام مع "أمازون دوت كوم".

أسهم الطاقة النظيفة تتضاعف 10 مرات

تصدرت أوروبا الجهود المبذولة للحد من تغير المناخ، لذا ليس من المستغرب وجود الكثير من شركات الطاقة النظيفة التي ارتفعت قيمة أسهمها 10 مرات، ومن ذلك على سبيل المثال شركتي تصنيع توربينات طاقة الرياح "فيستاس" (Vestas) و"سيمنز غيمسا رنيوبل إنرجي" (Siemens Gamesa Renewable Energy)، بالإضافة إلى شركتي تطوير مزارع توليد طارق الرياح الألمانية "بي إن إي" (PNE) و"إنرجي كونتور" (Energiekontor)، وشركتا تصنيع الوقود المستدام "نيستى أويج" (Neste Oyj) و"فيربيو فيرنجتي بيو إنرجي"(Verbio Vereinigte BioEnergie) ، وشركة توليد الطاقة الشمسية "سولاريا إنرجيا واي ميديو أمبينتى" (Solaria Energia y Medio Ambiente)، ومجموعة "إيمباكس أسيت مانجمنت" البريطانية المتخصصة في الاستثمار المستدام.

"تحول الطاقة" بدأ.. ولن يكون سلساً

في هذا القطاع أيضاً يمكن أن تكون الشركات ذات التخصصات الدقيقة مربحة للغاية، فعلى سبيل المثال تصنع شركة "نايب إندسترير" (Nibe Industrier) السويدية المضخات الحرارية منذ أربعة عقود، وهي تقنية كانت في يوم من الأيام غامضة، وجرى إعدادها لتلعب دوراً رئيسياً في إزالة الكربون من التدفئة المنزلية.

يعكس الأداء المتفوق لهذا القطاع كذلك التدفقات الضخمة التي تنهال على التكنولوجيا النظيفة في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى ارتفاع التقييمات نظراً لوجود عدد قليل نسبياً من الأسهم المتاحة للشراء. تقدر قيمة "نايب" بحوالي 50 ضعفاً للأرباح المقدرة.

صفقات استحواذ أوروبية كثيرة

على غرار "هيكساترونيك" فأن الكثير من الشركات التي تضاعفت قيمة أسهمها 10 مرات في أوروبا تبرم صفقات استحواذ كثيرة. وتنافست كل من "نايب" ومجموعتي "فيتيك سوفت ووير"(Vitec Software Group) و"ليغكرانتز" (Lagecrantz) وشركة "بيجير ريف" (Beijer Ref) في عشرات الاستحواذات خلال العقد الماضي. كما أعلنت "بيجير ريف"، وهي شركة تجارة جملة للمبردات مدرجة في ستوكهولم، الأسبوع الماضي عن الاستحواذ البالغة قيمته 1.275 مليار دولار على "هيرتيج ديستربيوشن هولدينغز" (Heritage Distribution Holdings)، بهدف الدخول إلى سوق أميركا الشمالية.

"مبادلة للاستثمار": 2023 سيكون عاماً صعباً للاقتصاد العالمي

رغم أن اندماج الشركات في السوق المفتتة يعزز نمو الأرباح، إلا أن استراتيجيات "الدمج" أحياناً تعتمد على مبدأ تجاري في سوق الأوراق المالية يقول إن المستثمرين يطلبون مضاعفات أرباح أعلى من الشركة المستحوذة مقارنة بنظيرتها الصغيرة المستحوذ عليها، ما يوفر مصدراً رخيصاً لتمويل مزيد من الصفقات. ومع زيادة حجم الشركة المستحوذة، قد يصبح العثور على أهداف بأسعار معقولة أكثر صعوبة، كما يمكن ألا تتحقق وفورات التكلفة في بعض الأحيان.

تحذير أخير من ضعف النمو

يمكن أن تنهار التقييمات المرتفعة إذا تشكك المستثمرون في احتمال ضعف النمو مستقبلاً. وخسرت شركة خدمات الإخصاب في المختبرات والعمليات الوراثية التناسلية "فيرتو لايف"(Vitrolife) ثلثي تقييمها هذا العام. كما تراجعت "نيميتسك"(Nemetschek) ، التي تبيع البرامج المتخصصة الخاصة بالمهندسين المعماريين والمهندسين المدنيين، بنسبة 59% بسبب مخاوف من تباطؤ صناعة البناء.

حتى شركة "هيكسا ترونيك" قد تفقد شعبيتها مع بيع صندوق التحوط "مارشال وايس" (Marshall Wace) لأسهمها على المكشوف هذا العام. فعندما تتغير مشاعر السوق يمكن أن تنخفض الأسهم بسرعة أكبر.