خلف القناع الطبي.. "كورونا" ينعش بيزنس التجميل

حقن البوتوكس تعتبر  مجرد بداية للأشخاص الذين بدأوا فجأة في مواجهة وجوههم على الشاشات أكثر مما اعتادوا عليه
حقن البوتوكس تعتبر مجرد بداية للأشخاص الذين بدأوا فجأة في مواجهة وجوههم على الشاشات أكثر مما اعتادوا عليه تصوير: ستيفيكا مرديا / إيم / إيم
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تبلغ جوسلين، التي تعمل ممثلة، من العمر 25 عامًا في نيويورك، وتصف نفسها بأنها "امرأة صغيرة الحجم"، وهي سعيدة بجسدها بشكل عامّ، مع أنها لطالما لاحظت بعض المناطق التي تزعجها ولا يمكن أن تعالجها بالحمية الغذائية أو التمارين الرياضية. ثم ظهر الوباء، ودخلت نيويورك في الإغلاق.

وتقول جوسلين، التي طلبت عدم استخدام اسمها الحقيقي لأسباب مهنية، إنّ وزنها أصبح زائدًا من كثرة تناول الطعام، والجلوس على الأريكة، ومشاهدة "نتفلكس"، حالها حال كثيرين من سكان المدينة.

وأمضت جوسلين نحو 3 أشهر من حياتها في حالة انتظار، وبعد ذلك ومع تخفيف القيود وجدت نفسها أثقل وزنًا، ومالًا أيضًا. وتقول: "لم أنفق كثيرًا من المال على تناول الطعام بالخارج أو التسوق بشكل مفرط، مثلما كنت أفعل عادة".

ونتيجة لوزنها غير الصحّي ورصيد حسابها البنكي الصحّي، أنفقت جوسلين المال على الجراحة التجميلية بمجرد أن تمكّنت من ذلك. في حالتها، كان العلاج عن طريق نحت الجسم أو ما يسمى "AirSculpt"، وهو بديل لتنسيق القوام عن طريق شفط الدهون.

وتوضّح: "لقد أجريت العملية يوم الأربعاء، وصوَّرتُ إعلانًا تجاريًّا يوم الجمعة، وبعد ذلك مباشرة خرجت في موعد، لقد كنت أبدو رائعة بشكل مذهل، وكنت متيقّنة بأن الجميع يراني كذلك".

مع تعميم الإغلاق في معظم أنحاء أمريكا في وقت سابق من هذا العام، كانت الخدمات غير الأساسية من بين أول ما وُقف وأُغلق، وكان من بينها جراحة التجميل وطب الأمراض الجلدية. وبحلول منتصف شهر مارس، في مراكز مثل نيويورك ولوس أنجلوس، كانت العمليات التجميلية بداية من البوتوكس إلى رفع المؤخرة، متوقفة. وعلى الرغم من ذلك، بعد مرور ثلاثة أشهر، كانت تلك العيادات تتلقى الإذن بإعادة الفتح ببطء، فضلًا عن فيض من الاستفسارات من المرضى الذين مع حصرهم في المنزل لأسابيع باتوا يتوقون إلى الخضوع تحت مشرط الجراحة في أسرع وقت ممكن.

فترة ممتازة للتجميل

يدير الدكتور آرون رولينز شبكة من العيادات الخاصة في الولايات المتحدة، وكانت أول المواقع التي يُعاد فتحها في أتلانتا وتكساس في نهاية أبريل، إوكان مقر نيويورك في آخر القائمة، حيث بدأ العمل مرة أخرى بداية من الثامن من يونيو. ويقول رولينز إنّ الطلب الإجمالي على ممارساته كان أعلى بنسبة 20 في المئة في يوليو مقابل نفس الشهر العام الماضي، حتى إنّ رولينز عيَّن موظفين إضافيين في الإدارة للمساعدة في التعامل مع حجم طلبات الاستشارات. ويوضح: "لدينا حجوزات لعدة أشهر مقبلة، ولم يبلغ عدد الحجوزات الذروة عند توقّف الحجر، بل إنه يستمر في التزايد"، وتعجّب قائلًا: "شهر يوليو كان أكثر الشهور ازدحامًا في تاريخ الشركة على مدار السنوات التسع الأخيرة".

الدكتورة تريسي فايفر، وهي جرّاحة تجميل تعمل في نيويورك وتوزع وقتها بين مانهاتن ولونغ أيلاند، شهدت زيادة خاصّة في عمليات تصغير الثدي، خصوصًا بين النساء الأصغر سنًّا، وتقدّر حجوزاتها لهذه العملية بأنها باتت أعلى بنسبة 25 في المئة مما كانت عليه قبل عام.

قد تبدو مثل هذه الزيادة في الجراحة مذهلة، نظرًا إلى الوضع الاقتصادي العام للبلاد الذي يعيش مع استمرار الوباء أشدّ حالات انكماش في الناتج الإجمالي المحلّي في التاريخ الحديث، ومعدل البطالة الذي يتجاوز 10 في المئة. ورغم ذلك، بالنسبة إلى عديد من الجراحين المتميزين، يبدو أن الفترة المتبقية من 2020 ستكون رائعة لإجراء مزيد من عمليات التجميل.

يقول الجراحون إنّ عديدًا من العوامل اجتمعت لدفع هذه الموجة. لم تكن جوسلين الوحيدة التي تمكّنت من تحقيق مكاسب مما أطلق عليه اسم "الحجر الصحي 15" في أثناء الإغلاق، فمع إغلاق الصالات الرياضية اتجه الأمريكيون لتناول الطعام سعيًا إل الراحة النفسية. يقول رولينز: "ازداد وزن الجميع، ولا أحد يريد ذلك. إنه الوقت المثالي كي تتخلص من الوزن الزائد".

لعنة "زووم"

يروي رولينز قصة شخص متزوج حديثًا يعيش في الولايات المتحدة، ظلّت عروسه عالقة في المملكة المتحدة عندما أُغلقت الحدود، فاعتمد الزوجان على التواصل عن طريق مكالمات الفيديو كل ليلة. فيقول: "قال لي الرجل: يا إلهي! لقد ظننت أن لديّ ذقنًا مزدوجًا! هذا ما كنت أفكر فيه". ويضيف رولينز: "لذا جاء إلينا. لقد تزايد إجراء عمليات الذقن المزدوج بشكل كبير، لأنّ أيّ ذقن يبدو أسوأ بعشر مرات على هواتف آيفون".


وتقول الدكتورة لارا ديفجان، متخصصة في جراحة التجميل والترميم في شرق نيويورك إنها شهدت ارتفاعًا أيضًا في الحجوزات، يتعلق جزء كبير منه بـ"زووم"، موضحة: "هناك شيء ما يجعلك لا تبدو جيدًا حين ترى نفسك من خلال الكاميرا الأمامية ذات الـ30 درجة، والمائلة إلى الأعلى. لديّ إحدى المريضات التي كانت سابقًا تكتفي بحقن البوتوكس والمواد المالئة، إلا أنها قررت إجراء عمليات شدّ الوجه والرقبة نتيجة لمشاهدة شكلها خلال مكالمات (زووم) بشكل مستمرّ. لقد رأت طيّات الفكّ والعنق التي لم تكُن لتهتمّ بها قبل الحجر الصحي".

وأكدت ديفجان تزايد مواعيدها الجراحية بمقدار الثلث، والآن تحجز مواعيد العمليات لموسم الأعياد في ديسمبر. وتقول ديفجان إنّ المريض يركّز على الجودة لا السعر، ويحرص على تجنُّب المضاعفات الجراحية ومخاطر دخول المستشفى، إذ قد يتعرض لفيروس "كوفيد-19".

ربما هو الوقت المناسب

كانت سرعة التعافي تمثل بشكل خاصّ الاستفسار الأكثر شيوعًا لدى المرضى الذين يرغبون في إجراء العمليات في عيادة "AVA MD"، وهي عيادة في كاليفورنيا ذات مواقع في بيفرلي هيلز وسانتا مونيكا. إحدى الممرضات الممارسات هناك، كاريئان خليل، تعمل في الإجراءات غير الجراحية مثل حقن الـ"بلازما بن" أو تطبيق الـ"فراكسيل"، وهو إجراء يتعرض خلاله العميل لليزر غير الجراحي لتجديد شباب البشرة. تقول كاريئان إنّ الـ"بلازما بن" زادت شعبيةً بشكل خاصّ في الآونة الأخيرة. ويؤدي هذا الإجراء إلى محو الخطوط الموجودة حول الفم "كالتي لدى بعض المدخنين"، ومن خلال إحداث جروح صغيرة بالبشرة ينتج عنها تقشير قد يستمر لـ10 أيام. ووسط انتشار ارتداء الأقنعة الطبية يكون من الممكن إخفاء هذه الجروح ببساطة.

مؤخرًا، كان من بين المرضى لدى كاريئان واحدة من كبار المسؤولين التنفيذيين، إذ كان من الممكن إخفاء إجراء تكبير شفتيها بنفس الطريقة التي يخفي بها مَن خضعوا للعلاج بالليزر جروحهم، كما أصبح بإمكانها تجديد الخلايا السطحية بالليزر على وجهها وعنقها وصدرها وكتفيها وذراعيها وظهرها. وبالنسبة إلى المشاهير فالوقت كذلك مناسب جدًّا لهذه الإجراءات: "أُغلقت الاستوديوهات وتوقف التصوير، لذلك كان لدينا الوقت للقيام بذلك دون الخوف من المصورين أو الكاميرات".

الادخار من أجل الجراحة التجميلية

ليس كل مريض يخضع لجراحة تجميلية في عصر الوباء العالمي هو من المشاهير. كيلي ( ليس اسمها الحقيقي) موظفة استقبال تبلغ من العمر 42 عامًا من مقاطعة روكلاند في نيويورك، بعد طلاقها قررت إجراء عمليات تجميلية متعددة بمجرد فتح العيادات، بما في ذلك شد البطن، والجراحات الجلدية التجميلية، وشفط الدهون، وتكبير الثدي.

تحدثت إلى "بلومبرغ" قائلة: "لقد ادخرت خلال فترة الوباء، بعدم الذهاب إلى أيّ مكان، وأيضًا كان تأمين البطالة من أكثر ما ساعدني على تحمّل تكلفة العمليات. لقد فقدت 150 رطلًا (الرطل = 0.45 كيلوجرام)، بعد أن تيقنت من أنني لن أفقد الترهلات من خلال أيّ رياضة". أجرى هذه العمليات الجراحية الدكتور ستيف فاليك، الذي لديه موقعان للنادي الصحي الطبي (بيوتي فيكس) في مدينة نيويورك، ويعتزم قريبًا افتتاح فرع جديد في ويستتشستر، لتلبية احتياجات عملائه الموسعة حديثًا للقرب من منازلهم.

استقبل فاليك عديدًا من المرضى الجُدد الذين كانوا مستعدّين للعودة إلى الحياة بعد إعادة الفتح. ويقول إنه لاحظ ارتفاعًا طفيفًا في الحجوزات مِن قِبل زملائه من العاملين في المجال الطبي، أولئك الذين يكونون في الخطوط الأمامية للوباء، والذين يرغبون في إجراء عمليات تجميل أساسية. "كان لديّ اختصاصية بأحد المختبرات تُجري اختبار (كوفيد) في أحد مستشفيات نيويورك، وتبدو في حاجة إلى تنشيط من نوع ما، شيء يجعلها تشعر بتحسن".