6 إنجازات مناخية جعلت 2022 عاماً مفصلياً لخفض الانبعاثات

شهد العام الماضي ظهور مسار واضح للأمل بشأن المناخ

قوس قزح فوق "نصب واشنطن التذكاري"، واشنطن، الولايات المتحدة.
قوس قزح فوق "نصب واشنطن التذكاري"، واشنطن، الولايات المتحدة. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كان الضرر الناجم عن تغير المناخ خلال العام الماضي هائلاً في بعض الأحيان بحيث كان من الصعب استيعابه، ففي باكستان وحدها، تسببت الفيضانات الصيفية الشديدة في مقتل الآلاف وتشريد الملايين وفي خسائر تزيد عن 40 مليار دولار.

أدت فيضانات الخريف في نيجيريا إلى مقتل المئات وتشريد أكثر من مليون شخص بينما تسبب الجفاف في أوروبا، والصين، والولايات المتحدة إلى جفاف أنهار لم تكن تتوقف عن الجريان في السابق، مما أبطأ تدفق التجارة في الشرايين الرئيسية مثل نهر المسيسيبي والراين.

في مواجهة هذه الظروف المناخية المتطرفة، كانت استجابة الإنسان غير متكافئة في أحسن الأحوال إذ انتعش استهلاك الفحم -أكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثاً- في عام 2022. وبدا أن دولاً مثل المملكة المتحدة والصين تراجعت عن تعهداتها المناخية الرئيسية. لكن كل هذا الوضع الكئيب جاء بأكثر من جانب مضيء، وفي واقع الأمر، من السهل جداً تجاهل الخطوات نحو عالم منخفض الكربون التي اتُخذت في ظل المزيد من الكوارث التي سيطرت على الانتباه.

خفض الإنفاق الحكومي يشكل تهديداً جديداً للأهداف المناخية

مع بداية عام 2022، ظهر مسار واضح للأمل بشأن المناخ، وتستطيع الإنجازات السياسية الجديدة إطلاق تقدم هائل في الجهود المبذولة لإبطاء درجات الحرارة المرتفعة وعكس مسارها. فيما يلي قائمة بستة تطورات مشجعة من عام بالغ الأهمية، حيث انتخبت دولة تلو الأخرى حكومات أكثر توجهاً نحو المناخ وبذلت جهوداً جديدة للحد من انبعاث غازات الاحتباس الحراري.

1- انتصار بايدن الكبير يغير كل شيء

عندما بدا أن واشنطن كانت عالقة في حالة جمود بشكل ميؤوس منه، تمكنت إدارة بايدن وأغلبية ديمقراطية ضيقة في الكونغرس في أغسطس من تمرير قانون "خفض التضخم"، ويُعتبر هذا القانون الأميركي الجديد، الذي يخصص نحو 374 مليار دولار للإنفاق على المناخ، هو أكثر تشريعات المناخ جرأة في البلاد على الإطلاق.

تضمن نصوص القانون أنه لعقود قادمة ستتجه مليارات الدولارات نحو تحول الطاقة، مما يسهل نشر الطاقة المتجددة، وبناء التقنيات الخضراء، ودعم تبني المستهلكين لكل شيء من السيارات الكهربائية إلى المضخات الحرارية. يتوقع الخبراء في نماذج الطاقة أن القانون سيقضي على 4 مليارات طن من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

2- "الاتحاد الأوروبي" يفرض ضرائب على ثاني أكسيد الكربون

بدأ "الاتحاد الأوروبي" في الوفاء بتعهده بخفض الانبعاثات بنسبة 55% في عام 2030 (من مستويات عام 1990). توصل أعضاء الكتلة البالغ عددهم 27 دولة إلى اتفاق تاريخي لإنشاء "آلية تعديل حدود الكربون"، وهي ضريبة انبعاثات على بعض الواردات تهدف إلى حماية الصناعات الأوروبية كثيفة الكربون التي تُجبر على الامتثال للقواعد الصارمة في المنطقة بشكل متزايد.

بمجرد دخول الآلية حيز التنفيذ، ستكون هناك تكاليف إضافية مفروضة على البضائع المستوردة من بلدان لا تتوافق مع قيود "الاتحاد الأوروبي" بشأن التلوث الناتج عن ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض.

كيف يخطط الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم على الانبعاثات الوافدة؟

شهد عام 2022 خطوة بارزة منفصلة، تكمن في أكبر إصلاح لسوق الكربون في "الاتحاد الأوروبي"، الذي سيمتد ليشمل النقل البري، والشحن، والتدفئة، وسيؤدي التوسع في السياسة أيضاً إلى تسريع وتيرة مطالبة الشركات -من منتجي الطاقة إلى صانعي الصلب- بخفض التلوث. كما وفّرت الاتفاقية اليقين للشركات والمستثمرين، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الكربون الأوروبية إلى مستوى قياسي خلال العام الماضي.

3 – إنجاز كبير لصالح الطيور والنحل والتنوع البيولوجي

قبل أسبوعين فقط من انتهاء عام 2022، حقق المفاوضون في مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي "كوب 15" الذي انعقد في مونتريال نصراً مفاجئاً إذ تعهدت 195 دولة بحماية واستعادة 30% على الأقل من أراضي ومياه الأرض بحلول عام 2030. تعهدت الدول الغنية أيضاً بدفع ما يُقدّر بنحو 30 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030 للدول الفقيرة جزئياً من خلال صندوق جديد للتنوع البيولوجي.

4- الدول الغنية توافق على تمويل الأضرار وانتقال الطاقة

جاء اختراق التنوع البيولوجي بعد شهر من لحظة تاريخية أخرى حدثت في مؤتمر تدعمه الأمم المتحدة. توصل المندوبون في "كوب 27" الذي عُقد في شرم الشيخ بمصر إلى اتفاق اللحظة الأخيرة لإنشاء "صندوق الخسائر والأضرار" لمساعدة البلدان النامية المتأثرة بتغير المناخ، وهو طلب عمره عقود قدمته الدول التي ساهمت بأقل قدر في ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض.

مع إسدال ستار "كوب27".. مصر تكافح لبناء مستقبل باهظ التكلفة

كما استُخدم شكل آخر من أشكال التمويل المناخي، ألا وهو "شراكة الانتقال العادل للطاقة"، على نطاق أوسع في عام 2022. تهدف الآلية إلى مساعدة الاقتصادات الناشئة التي تعتمد بشكل كبير على الفحم في الابتعاد عن الوقود الأحفوري الأكثر تلويثاً بطريقة لا تتخلى عن العمال والمجتمعات.

أصبحت "شراكة الانتقال العادل للطاقة" في جنوب أفريقيا البالغة 8.5 مليار دولار -المعلن عنها في عام 2021- نموذجاً لهذه الصفقات. من المقرر أن تجمع الصفقات الإضافية التي أبرمت في عام 2022 مبالغ تصل إلى 20 مليار دولار لإندونيسيا، و15.5 مليار دولار لفيتنام.

5- تغيير القادة يعني تغيير المواقف

استطاع الناخبون تحقيق تغييرات كبيرة في القيادة في العديد من البلدان الرئيسية. في البرازيل، فاز لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بالرئاسة جزئياً بفضل وعده بعدم إزالة غابات الأمازون. كما فازت الأحزاب المناصرة للمناخ بنسب كبيرة في الانتخابات الأسترالية.

في الوقت نفسه، التقى الرئيس جو بايدن في نوفمبر بالزعيم الصيني شي جين بينغ وأعاد العلاقات التي توقفت بسبب الخلاف الدبلوماسي بشأن تايوان. كان التعاون بين أكبر اقتصادين (وأكبر باعثين لغازات الاحتباس الحراري) ضرورياً لترسيخ الإنجازات المناخية السابقة مثل "اتفاقية باريس" لعام 2015. بدورها قالت وزارة الخارجية الصينية إن من مصلحة البلدين معالجة تغير المناخ بطريقة تعاونية.

6- أخذ الميثان على محمل الجد

كان العالم بطيئاً في فهم مخاطر الميثان، وهو غاز شديد القدرة بشكل خاص على حبس الحرارة. لكن منذ مؤتمر "كوب 26" العام الماضي في غلاسكو، وقّعت الدول على تعهد عالمي بخفض تلك الانبعاثات، التي يمكن أن تأتي من آبار النفط والغاز، وطبقات الفحم، ومدافن النفايات، والثروة الحيوانية.

كبار المستثمرين يطالبون شركات النفط بأهداف مناخية أكثر صرامة

على سبيل المثال، في الفترة التي سبقت مؤتمر "كوب 27" الذي انعقد في مصر، انضمت دول جديدة مثل أستراليا إلى التعهد، ما رفع العدد الإجمالي للدول الموقعة إلى أكثر من 150 دولة. في غضون ذلك، في الولايات المتحدة، دفعت إدارة بايدن بقواعد أقوى من شأنها أن تتطلب من شركات الطاقة بذل المزيد من الجهد لكبح تسربات غاز الميثان.