هل تنجح رحلة "تسلا" إلى الهند كما فعلت في الصين؟

سيارة "تسلا" من طراز Y
سيارة "تسلا" من طراز Y المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أكد إيلون ماسك الأسبوع الماضي أن شركة تسلا ستدخل الهند، مما أثار ابتهاج محبي سيارات الطاقة النظيفة والذين اشترى بعضهم سيارات كهربائية منذ سنوات، ولكن بالنظر إلى سوق الهند فنجده بين أكثر الأسواق صعوبة من حيث إمكانية اختراقه من الشركة.

وقال أغنى رجل في العالم في تغريدة على تويتر يوم 13 يناير "كما وعدت"، في تعليقه على تقرير بإحدى المدونات التي تركز على منتجات تسلا، مفادها أن صانع السيارات يجري محادثات مع عدة ولايات هندية لفتح مكتب للشركة، وصالات عرض، ومركز بحث وتطوير - وربما مصنع.

وقال نيغيل تشودري، الطالب البالغ من العمر 20 عاما بجامعة دلهي والذي ساعد في إنشاء نادي مشجعي تسلا بالهند في أوائل عام 2019 ، "إنه يحدث حقا" ، مضيفًا أنه "أصيب بالجنون" عندما سمع الأخبار.

وسعد آرون بهات، 34 عامًا، مدير شركة في بنغالورو، المدينة التي كانت تُعرف سابقًا باسم بنغالور، بالخبر أيضاً، قائلاً إنه أخيراً يوجد احتمال أن يكون قادراً على قيادة سيارة تسلا موديل 3 التي يحلم بها منذ عام 2016.

وعلى الرغم من كل هذه الضجة، فإن دخول تسلا إلى الهند بعيد كل البعد عن أن يكون صفقة سهلة الإنجاز.

تجري الشركة مباحثات مع المسؤولين بالحكومة الهندية لكنها لم تتخذ قرارا بعد في هذا الشأن، وفقا لمدونة "تسمانيان" التي علق ماسك على احدى تقاريرها في تغريدته بالتأكيد على ما نشرته، وتأتي تأكيدات ماسك بعد أشهر من التكهنات غير المؤكدة في وسائل إعلام محلية. ورفض ممثل تسلا في بكين التعليق.

تحديات أمام سيارات تسلا في الهند

رغم أن الهند هي ثالث أكبر اقتصاد ناشئ في آسيا وموطن لطبقة وسطى كبيرة، إلا أنها لم تطرح مقدمات الترحيب للسيارات الكهربائية بالصورة الكافية، على عكس الصين المجاورة، حيث أقامت تسلا هناك أول مصنع لها خارج الولايات المتحدة وتهيمن الآن على مبيعات السيارات الكهربائية.

وتمثل السيارات الكهربائية حوالي 5% من مبيعات السيارات السنوية في الصين، وفقًا لـ بلومبرغ NEF، مقارنة بأقل من 1% في الهند. ويتوقع معظم مراقبي السوق أن تتفوق الصين على الدول الأخرى عندما يتعلق الأمر بالسيارات الكهربائية في الأجل القصير، مدعومة بالإعانات الحكومية السخية، واشتياق الشباب في البلاد للمركبات الصديقة للبيئة، وحجم التنقل الواسع بين سكان البلاد اضافة لتوفر شبكة واسعة من محطات شحن السيارات الكهربائية.

ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، تستحوذ الصين على نحو 60% من مواقع الشحن البطيء والسريع للسيارات الكهربائية في العالم.

وكتب محللو يو بي إس في تقرير الشهر الماضي، مع طرح شركات صناعة السيارات الصينية لنماذج سيارات كهربائية تنافسية وتطوير نظام بيئي متنوع، "تتجه الصين نحو تغيير المشهد العالمي الحالي لصناعة السيارات". وتتخذ الهند خطوات مماثلة لكنها ليست على نفس القدر.

واعتمدت الهند في 2015 خطة تصنيع أسرع للمركبات الهجينة والكهربائية، مع التزام من الدولة بقيمة 9 مليارات روبية (123 مليون دولار) لدعم استخدام المركبات المصاحبة للبيئة بدءً من الدراجات ثلاثية العجلات الكهربائية إلى الحافلات، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

وقدمت الهند حزمة دعم ثانية في عام 2019 بقيمة أكبر بلغت 100 مليار روبية لتشجيع شراء السيارات الكهربائية وتشييد البنية التحتية اللازمة لشبكة الشحن الكهربائي.

صدمة التكلفة

خفضت الهند أيضا ضريبة السلع والخدمات على المركبات الكهربائية إلى 5% من 12%، اعتبارا من أغسطس 2019 ، وهو أقل بكثير من الرسوم التي تصل إلى 28% على السيارات الأخرى، والتي أثارت انتقادات شركات مثل "تويوتا".

وعلى النقيض من ذلك في الصين، حيث التزمت شركة المرافق العامة الحكومية الصينية بإنفاق 2.7 مليار يوان (416 مليون دولار) على محطات الشحن في عام 2020 فقط. في علامة أخرى على التزام الصين الأكبر بكثير، وقالت شركة المرافق المملوكة للدولة إنها تخطط لاستثمار 25.1 مليار يوان في البنية التحتية للشحن على مدى أربع سنوات. لتأتي تلك الاستثمارات بالبنية التحتية بعد عدة سنوات من دعم شراء المستهلكين للمركبات الكهربائية بشكل كبير.

وتبقى التكلفة حجر عثرة رئيسية.

لن تقدم برنامج التحفيز الهندي FAME لدعم انتشار السيارات الكهربائية الكثير للمساعدة في خفض سعر تسلا أمام العملاء المحتملين، نظرا لأن الحد الأعلى لسعر السيارة الكهربائية المستحقة للدعم هو 1.5 مليون روبية. وهو أقل بكثير من أسعار سيارات تسلا بما يفقدها ميزة السعر التنافسية للعملاء الراغبين في اقتناء تلك الفئة من السيارات، وفقًا لمحلل بلومبرغ NEF ألين توم أبراهام.

ويبدأ سعر طراز تسلا 3 في الصين من 265,740 يوان، أو حوالي 40,960 دولار أمريكي، في حين أن تكلفة السيارة الرياضية متعددة الاستخدامات طراز Y في شنغهاي بالصين، والتي يمكن أن تسير لمسافة 600 كيلومتر تقريبا (373 ميلا) بشحنة واحدة ، من 339,900 يوان. علاوة على مصاريف التصدير، فإن سيارة تسلا التي يتم بيعها بالتجزئة في الهند سيجعلها بعيدة عن متناول معظم الراغبين في شراء سيارة كهربائية.

وتتراوح أسعار نحو 75 % من السيارات في الهند حول 10 ألاف دولار أو أقل، مقابل 50% من السيارات في الصين بنفس متوسط الأسعار و25% من السيارات في الولايات المتحدة، وهذا يعني أنه حتى أقل سيارات تسلا من حيث السعر، من المرجح أن تجذب حوالي 1% فقط من مشتري السيارات في الهند بحسب أبراهام الذي قال: "الكميات التي يمكن أن يتوقعوها في سوق مثل الهند ستكون صغيرة حقا".

الصناعة المحلية

ومع ذلك، فإن سوق السيارات الكهربائية في الهند ينمو وقد تصل قيمته إلى ما يقرب من 206 مليار دولار في العقد المقبل، وفقاً لدراسة أجراها مركز تمويل الطاقة CEEW، والتي أشارت إلى أن هناك حاجة لاستثمار أكثر من 180 مليار دولار بحلول عام 2030 لتحقيق ذلك.

وفي بلد كبير مثل الهند، يمكن أن يكون المنتج الذي يتمتع بحصة سوقية صغيرة مفيدا لشركة تسلا، لا سيما بالنظر إلى الوعي القوي بالعلامة التجارية للشركة بين الأثرياء والمهتمين بالبيئة.

وكتب الطالب تشودري على موقع نادي المحبين لشركة تسلا في الهند "التعليم حول الطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية ضروري" وأضاف "علينا تثقيف الناس حول الطاقة المستدامة. نحن بحاجة إلى أن يفهم الناس مدى التأثير الإيجابي على حياتهم ".

الوعي بعلامة تسلا في الهند

ووفقا لراغيف سينغ، الشريك في شركة "ديلويت الهند" (Deloitte India)، فإن تسلا بالفعل اسم مشهور - "هناك عامل جذب من منظور العلامة التجارية" - كما أن قطاع السيارات الفاخرة في الهند مهيأ للنمو بنحو 15% وتتوقع ديلويت أن الفترة ما بين 5 – 7 سنوات المقبلة ستشهد نمو لسوق السيارات الكهربائية في الهند بصورة أكبر.

ولكن من غير الواضح مدى جدية تفكير ماسك في احتمال صنع السيارات يوماً ما في الهند، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لجذب شركات مصنعة ذات علامات تجارية رائدة، ستكون تسلا هدف رئيسي لها - كما كان الحال بالنسبة للصين.

وتعتزم إدارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي تقديم حوافز بنحو 1.7 تريليون روبية لجذب الشركات العالمية لإقامة مصانعها في الهند، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر في سبتمبر، وهو ما حقق بعض النجاح، حيث تعهدت حوالي 20 شركة بما في ذلك سامسونغ و"هون هاي" (Hon Hai Precision Industry Co) المعروفة بالعلامة التجارية "فوكسن" وكذلك شركة "ويسترن كورب" (Wistron Corp) بإنشاء مصانع للهواتف المحمولة في الهند.

وفي حال اتجاه تسلا للهند فمن المرجح أن يتم البدء بتوريد سياراتها إلى الهند من الخارج نظراً للتحديات، بحسب اكثر الآراء تحمساً مثل بهات - مدير الشركة في بنغالورو والذي يقود حاليا سيارة هيونداي كونا الكهربائية، وأضاف قائلاً "حتى يكون هناك مصنع تجميع محلي، سيكون منتجا مخصصاً للسوق الهندية".