تطوير دمية لزيادة أمان السيارات للنساء

نماذج أولية لدمى اختبار اصطدام السيارات بمقاييس نسائية لتحسين أمان السيارات عليهن

دمية اختبار معدة لتكون أشبه بصفات المرأة
دمية اختبار معدة لتكون أشبه بصفات المرأة المصدر: في تي آي
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أسهمت التطورات التقنية وتعديلات القوانين الناظمة على مرّ عقود بالحفاظ أكثر على سلامة ركاب السيارات في الاصطدامات المرورية. مع ذلك، تبقى النساء أكثر عرضة للإصابات الخطيرة أو الموت في الاصطدامات الأمامية بنسبة 73% مقارنة بالرجال، كما أن احتمال تعرضهن لإصابات مثل كسور العظام أو الارتجاج الدماغي أعلى بثلاث مرات. تسعى المهندسة السويدية أستريد ليندر للحدّ من هذا التفاوت بتطوير أول نموذج لدمية اختبار الاصطدامات مصممة على شكل امرأة متوسطة الحجم.

لماذا نموت أحياناً ونحن نحاول تجنب المخاطر؟

تعمل ليندر أستاذة مساعدة في الوقاية من الإصابات في جامعة تشالمرز السويدية ومديرة لقسم الأبحاث حول السلامة المرورية في المعهد الوطني السويدي لأبحاث الطرق والنقل. تقول: "تُظهر إحصائيات الإصابات أن الفجوة بين الرجال والنساء لم تتقلص رغم التحسينات الكبيرة التي طرأت على السلامة من الاصطدامات".

أتمّت ليندر مع فريقها في نوفمبر العمل على مشروع استمر لأربع سنوات ونصف بتمويل من المفوضية الأوروبية وشركة صناعة السيارات "فولفو" لابتكار دمية واختبارها في مختبر في لينشوبينغ في السويد. صنعت هذه الدمية وفق مقاسات الجسم الأنثوي وتزن 62 كيلوغراماً ويبلغ طولها 166 سنتمتراً. أخذ الفريق الاختلافات في صلابة المفاصل وقوتها بين الرجال والنساء بعين الاعتبار، كما ركزوا بشكل خاص على حركة العمود الفقري والرقبة والكتفين ليحاكوا بأكبر قدر ممكن طريقة تفاعل جسم المرأة مع مقعد السيارة عند حدوث اصطدام.

تلزم تشريعات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي صانعي السيارات باستخدام دمى تشبه الذكور وتزن 75.5 كيلوغرام. قالت ليندر إن هذه القواعد تمثل جزءاً من المشكلة، لأنها لا تحفز الشركات على أخذ باقي الأشخاص في الحسبان.

دمى اختبار بشكل نساء

قال كريستوفر أوكونور، الرئيس التنفيذي لمجموعة "هيومانيتكس" (Humanetics Group) الرائدة في صناعة دمى اختبار اصطدامات السيارات في فارمينغتون هيلز في ميشيغان، التي تزود شركات صناعة السيارات حول العالم بدمى الاختبار منذ ستينيات القرن العشرين: "بصراحة، يجب أن تغضب النساء. ينبغي أن تكون السيارة آمنة بغض النظر عمَّا إن كان هناك رجل أو امرأة في أي من مقاعدها".

تعمل شركة "هيومانيتكس" على صنع دمى جديدة تأمل بأن تصبح هي المعيار. ولديها دمية على شكل امرأة تحمل اسم "ثور – 5 ف" (THOR-5F) بها 150 مجساً دقيق القياس مصممة انسجاماً مع أجزاء الجسم النسائي الأضعف عند التعرض للإصابات. قال أوكونور إن هذه الدمية تمثل تحسناً كبيراً مقارنة بالدمى السابقة المصممة على شكل امرأة، وقد كانت مجرد نسخ مصغرة من دمى الرجال. صمّمت "ثور - 5 ف" على شكل امرأة صغيرة الحجم، تمثّل فقط الخمسة بالمئة الأقل حجماً من النساء بشكل عام. برغم عدم فرض قوانين ناظمة تلزم شركات صناعة السيارات باستخدام مثل هذه الدمية، إلا أن الشركة باعت بضع عشرات منها إلى المصانع والمختبرات الرائدة.

"فولفو" مهتمة

تبدي شركة "فولفو" اهتماماً بدميتي ليندر و"ثور – 5 ف" (THOR-5F)، لكنهما ما تزالان بحاجة إلى كثير من العمل قبل أن تفكر الشركة بشرائهما، حسب لوتا ياكوبسون كبيرة الأخصائيين التقنيين في الوقاية من الإصابات في "فولفو".

قالت ياكوبسون إن الهيئة الناظمة في الولايات المتحدة، أي الإدارة الوطنية للسلامة على الطرق السريعة، تعمل مع "هيومانيتكس" لتحسين متانة صدر "ثور-5 ف" الذي ما يزال طرياً للغاية.

أشارت إلى أن النموذج الأولي من "ثور-5 ف" طُرح للمرّة الأولى قبل عدة سنوات، وتحتاج الدمية إلى عام آخر على الأقل قبل أن تصبح جاهزة لشرائها. أضافت: "سنشتري الدمى عندما تصبح جيدة بما يكفي وحتى ذلك الحين نفضل العمل بشكل افتراضي" في إشارة إلى المحاكاة الحاسوبية. أضافت: "إن شراء دمية استثمار كبير".

تزايد وفيات حوادث الطرق رغم تراجع قيادة الأمريكيين لسياراتهم

قال بارني لوينيس كبير مسؤولي التسويق في "هيومانيتكس" إن كلفة "ثور" تبلغ حوالي مليون دولار، لكن هذه التكلفة قد تختلف كثيراً ربطاً بنظام جمع بيانات المستخدم. شرح لينيس أنه في حين يمكن للمحاكاة الحاسوبية أن تساعد بتسريع تطوير منتجات خاصة بالسيارات وإتاحة تقدير نطاق واسع من أحجام الركاب، إلا أن المهندسين يحتاجون اختبارات فعلية لرؤية كيفية عمل الهيكل المعدني وأشرطة حزام الأمان وفتح الوسائد الهوائية على أرض الواقع. أضاف: "ستبقى الاختبارات الفعلية مطلوبة دائماً للتأكد من نماذج المحاكاة ومن التصميم".

ترى جيسيكا جيرماكيان، رئيسة أبحاث المركبات في معهد التأمين للسلامة على الطرق السريعة، وهو منظمة غير ربحية يمولها قطاع التأمين في الولايات المتحدة، أن توسع الاهتمام بحماية ركاب السيارات إلى "أبعد من الذكور متوسطي الحجم" مشجع. لكن وضع دمية لامرأة ببساطة في مقعد السائق لن يؤدي تلقائياً لتحسين الحفاظ على سلامة النساء. قالت: "يجب أن نفكر بشمولية أكثر. نحن نحتاج للتفكير بطرق تمكننا من الحدّ من السرعة الزائدة، وبوسائل تحدّ من وقوع حوادث الاصطدامات بالمطلق، وطرق تمكننا من معالجة التباين بين السيارات الكبيرة والصغيرة".

رأي مختلف

خلُص بحث نشره معهد التأمين للسلامة على الطرق السريعة في 2021 أن تعرض النساء لمخاطر أكبر في حوادث الاصطدام يعزى بجزء كبير منه لأنواع المركبات التي تقودها النساء وظروف وقوع الاصطدام وليس الاختلافات الجسدية. تميل النساء لقيادة سيارات أصغر وأخف وزناً، وهن أكثر عرضة من الرجال لحوادث تصاب بها سيارتهن من الجانب وفي حوادث الاصطدام بين مقدمة السيارة وسيارة أخرى من الخلف، وفقاً لمعهد التأمين للسلامة على الطرق السريعة.

لم تُثن ليندر صعوبة تحويل الدمية على شكل امرأة من نموذج أولي إلى أداة معتمدة ذات سمات جسدية تشبه أنماط حركة المرأة، فهي تسعى لتقديم نتائج اختبارات اصطدام دقيقة. قالت إنها ستفعل "ما يفعله الباحثون، وسأحاول الحصول على تمويل جديد ومتابعة عملي".