مخاوف الركود تعيد شبح عام 2012 لشركات البرمجيات الهندية

القلق بشأن الطلب الأوروبي يفاقم الشعور بالتشاؤم تجاه العام المالي الجديد

عامل ينظف لافتة خارج المقر الرئيسي لشركة "تاتا كونولتانسي سيرفيسز" بمومباي في الهند.
عامل ينظف لافتة خارج المقر الرئيسي لشركة "تاتا كونولتانسي سيرفيسز" بمومباي في الهند. المصدر: بلومبرغ
Andy Mukherjee
Andy Mukherjee

Andy Mukherjee is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies and financial services. He previously was a columnist for Reuters Breakingviews. He has also worked for the Straits Times, ET NOW and Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يُعتبر قطاع التعهيد الأكثر تركيزاً على الخارج في الهند. لذلك من الطبيعي أن هواجس الركود الاقتصادي من شأنها جعل المحللين حذرين تجاه شركات البرمجيات الكبرى على غرار "تاتا كونسولتانسي سيرفيسز" (Tata Consultancy Services Ltd) و"إنفوسيس".

لا ترتبط مخاوف المحللين، على نحو كبير، بفترة ربع العام المنتهي في ديسمبر، والذي عادة ما يشهد تباطؤاً، أو حتى العام المالي الحالي الذي ينتهي مارس المقبل. ربما يُعتبر الإطار الزمني الذي يمثل إشكالية أكبر هو الـ12 شهراً منذ بداية أبريل المقبل. مع الأخذ بالاعتبار أن بؤرة التشاؤم تتركز في أوروبا، إلا أن هناك محللين يقارنون ذلك بأزمة الديون السيادية بالمنطقة خلال 2012. ربما يجعل تكرار هذه التجربة التعافي الاقتصادي محدوداً ويستغرق وقتاً طويلاً.

التباطؤ الاقتصادي

على ما يبدو أن التباطؤ الاقتصادي بات مسألة لا مفر منها، رغم أنه عندما يتصل الأمر بقياس مدى التراجع، فإن نتائج "تاتا كونسولتانسي" المالية الصادرة يوم الإثنين الماضي وفرت أدلة جديدة محدودة على ذلك. ويبدو أن توسيع نطاق شراكة دامت لعقد مع شركة التجزئة البريطانية "ماركس أند سبنسر غروب" واتفاق مع شركة الأدوية الحيوية الأميركية "غيلياد ساينسز" عوّض القلق في قارة أوروبا. وسجلت أكبر شركة مُصدّرة للبرمجيات في الهند إيرادات وصلت إلى 7.08 مليار دولار، بارتفاع بلغ 8.4% مقارنة بالربع الأخير من 2021. ولم يطرأ تغير على صافي الدخل الذي وصل إلى 1.3 مليار دولار تقريباً مقارنة بالسنة السابقة.

تعطل قطار اكتتابات التكنولوجيا في الهند بعد هوس طروحات 2021

قال الرئيس التنفيذي راجيش غوبيناثان في مؤتمر صحفي عقب الإعلان عن الأرباح: "لقد دخلنا إلى ديسمبر الماضي في ظل حالة يتوخى فيها الجميع الحذر، لكن من وجهة نظرنا أن هذا الحذر كان متباين السمات بأنحاء الأسواق".

هوامش الأرباح

رغم ذلك، فإن الشركة التي مقرها يقع بمومباي ترفض أي نوع من المجازفة. خفضت قاعدة الموظفين لديها بما يفوق بقليل 2000 فرد، وهو أول تقليص لأعداد الموظفين منذ يونيو 2020. استطاعت "تاتا كونسولتانسي" رفع هامش الأرباح التشغيلية من 23% تقريباً منذ 6 شهور إلى 24.5%، لكن معدل الربحية يمثل فقط جزءاً واحداً من القصة. ويحتاج أيضاً المستثمرون الحصول على بيانات أكثر تحديداً فيما يتعلق بدفتر الطلبيات الكلي. على صعيد كل من "تاتا كونولتانسي" ومنافستها "إنفوسيس" التي يقع مقرها بمدينة بنغالورو، يتوقع محللون تحقيق نمو في الإيرادات الدولارية بنسبة 10% تقريباً خلال العام المالي المقبل.

تُعتبر هذه التوقعات متفائلة نوعاً ما. من المنطقي توقع حدوث تحول سريع من هذا النوع في حال كان تباطؤ الاقتصاد المقبل مشابهاً للأزمة المالية لسنة 2008، أو فترة تفشي وباء كورونا الذي فتح الباب على مصراعيه للطلبيات الجديدة. رغم ذلك، إذا كانت المقارنة مع الأزمة الأوروبية خلال 2012 أكثر ملاءمة فقد تستغرق عملية استعادة العملاء للثقة مجدداً وقتاً أطول بكثير.

وبالتالي، فإن المستثمرين سيولون اهتماماً وثيقاً لإعلان "إنفوسيس" عن أرباحها الخميس المقبل. وقللت الشركة الهندية التي تحتل المرتبة الثانية بشدة من شأن المخاوف السائدة في 2012، وتأثيرها على عملاء المصارف الأوروبية، ما دفعها لإلغاء صدور الدليل التوجيهي الخاص بالإيرادات الفصلية في يوليو من تلك السنة، عقب الإخفاق المتكرر في الوفاء بتعهداتها.

الهند تتجه إلى خسارة لقب الاقتصاد الرئيسي الأسرع نمواً

كتبت شركة الوساطة المالية "جيه إم فانيانشال إنستيتيوشنال سيكيوريتيز" (JM Financial Institutional Securities) ومقرها بمومباي في رسالة للعملاء الشهر الماضي: "أثناء أزمة منطقة اليورو لسنة 2012 أيضاً، بالغت التقديرات المجمع عليها دائماً في تقدير الدليل التوجيهي المبدئي الخاص بـ"إنفوسيس"، والتي أفرطت بتقدير النمو النهائي، وقد يعني وجود اتجاه مشابه إجراء تخفيض تدريجي في الأرباح لدى مراجعتها على مدى فترة زمنية طويلة".

عمليات التوظيف

تتمثل الصعوبات الإضافية هذه المرة في التوظيف أثناء حقبة وباء كورونا. بداية من يونيو 2020، توسعت "تاتا كونسولتانسي" بمقدار 172 ألف موظف خلال 9 فترات ربع سنوية، إذ سارع العملاء إلى رقمنة سلاسل التوريد. عاد هذا الطلب حالياً لمعدله الطبيعي بدرجة أكبر. في نفس الوقت، ورغم ذلك، لم يبدأ عملاء الشركات في تصميم مشروعات ضخمة لتكنولوجيا المعلومات تعمل على تقليص التكاليف أيضاً، حيث يعتمد الجميع استراتيجية "فلننتظر ونرى". أوضح سونيل تشيمانكوتيل، الرئيس التنفيذي لشركة التوظيف المؤقت "تيمليز ديجيتال" (Teamlease Digital)، لصحيفة "إيكونوميك تايمز" مؤخراً: "نرى هبوطاً حاداً بمعدلات التوظيف على النقيض من الأعوام السابقة عندما كان علينا الدخول في صراع على المواهب".

شركات التكنولوجيا العملاقة تقود موجة قاسية لتسريح العمالة في 2022

يقدم كبح عمليات التوظيف بقوة المساعدة عبر طريقتين. الأولى، هي تدعيم هوامش الأرباح الحالية. الثانية، تعمل على الحد من التناقص الطبيعي للموظفين، الذي بقي مرتفعاً بصورة مزعجة، حيث بلغت نسبته 21.3% خلال الربع الأخير من العام المنصرم لدى "تاتا كونسولتانسي"، نتيجة تقليص توقعات زيادة رواتب العاملين. تتيح شركات التعهيد الخارجي لقطاع تكنولوجيا المعلومات 70% من وظائف كتابة الأكواد بالهند.

يمثّل قطاع الشركات الناشئة المحلية الجانب الآخر من السوق، وهو القطاع الذي يستغني عن أعداد هائلة من الأفراد بسبب أزمة نقص التمويل. تفيد الرسالة العامة الموجهة لمهندسي البرمجيات بطريقة واضحة بأن ترك الشخص لوظيفته العام الجاري قد يكون أمراً غير حكيم.

لكن حتى مع ثبات معدلات الربحية لمُصدري البرمجيات الهنود، مدعومة بحدود أشد صرامة بالنسبة لتكاليف الموظفين، وهبوط 10% في سعر صرف الروبية مقابل الدولار الأميركي السنة الماضية، فقد يهتز دفتر الطلبيات في حال أوقف العملاء الأوروبيون مشاريع تكنولوجيا المعلومات الضخمة أو تم تأجيلها. ويشكل تكرار ما حدث خلال 2012 أكبر مصادر القلق حالياً.