بايدن يبدأ رئاسته بعودة للسياسات الصديقة للبيئة ولاتفاقية باريس للمناخ

جو بايدن الرئيس الأمريكي
جو بايدن الرئيس الأمريكي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

سيكشف "جو بايدن" النقاب عن إجراءات كاسحة لمكافحة تغيُّر المناخ بعد ساعات من توليه الرئاسة، متحركاً نحو الانضمام إلى اتفاقية باريس، وفرض حظر على اعتماد تأجير النفط في محمية القطب الشمالي الوطنية للحياة البرية.

مما جعل دعاة حماية البيئة يقولون أنَّ إجراءات "بايدن" - التي قد يستغرق تنفيذ بعضها سنوات - ستجدد التزام الولايات المتحدة بحماية البيئة، وستعطي إشارة إلى العالم أنَّ أمريكا عادت إلى الكفاح العالمي ضد تغيُّر المناخ.

العودة لاتفاق باريس خلال شهر

ومن شأن هذه الخطوات أن تعبِّر عن ازدراء دراماتيكيٍّ تجاه سياسة الرئيس "دونالد ترمب" المتحيزة للصناعة في مجالي الطاقة والبيئة.

ففي حين يتعلَّق باتفاق باريس وحدها، يتراجع بايدن بشكل مباشر عن قرار "ترمب" انتزاع الولايات المتحدة من الاتفاق، فقد وصف "ترمب" الاتفاقية بأنَّها "كارثة كاملة" من شأنها الإضرار بالقدرة التنافسية الأمريكية عبر تمكين "نقل هائل للثروة الأمريكية إلى الدول الأجنبية المسؤولة عن معظم التلوُّث في العالم".

ومن المنتظر أن يخطر "بايدن" الأمم المتحدة أنَّ الولايات المتحدة ستنضمُّ مجدداً إلى اتفاقية باريس للمناخ قبل نهاية يوم تنصيبه، ومن المقرر أن تكون عودة الولايات المتحدة حيز التنفيذ بعد 30 يوماً، وفقاً لإحاطة من فريق "بايدن" الانتقالي.

ومن جهته قال "أندريا ماكغيمسي" كبير مديري حملة البيئة الأمريكية لحلول الاحتباس الحراري:" في حين نشعر بالامتنان لهذا الإجراء، فنحن نعلم أيضاً أنَّ هذه ليست سوى البداية، إننا بحاجة إلى أن تكون كامل بلادنا مدعومة بالطاقة النظيفة، ويجب أن نفعل ذلك بسرعة وبعناية، علينا أن نجعل أيام احتراق الوقود الأحفوري المتسخ، وتقنيات القرن التاسع عشر معدودة من أجل الوصول إلى غد أنظف."

لقد أعلن "بايدن" أنَّه ستتم مراجعة مذهلة لمجموعة من السياسات، من معايير صناعة السيارات، ومتطلَّبات كفاءة الأجهزة التي تمَّ تخفيضها في عهد "ترمب" إلى تضييق حدود المحميات الطبيعية في غربي الولايات المتحدة.

ويتضمَّن أمر "بايدن" التنفيذي الصادر يوم الأربعاء، توجيهاته للوكالات بمراجعة ومعالجة سياسات عهد "ترمب "التي كانت مؤذية للصحة العامة، أو مضرَّة بالبيئة، أو التي لا تستند إلى أفضل العلوم المتاحة أو لا تصب في المصلحة الوطنية"، وفقاً للوثيقة المقدَّمة من قبل فريق "بايدن" الانتقالي.

إعادة النظر في سياسات عهد "ترمب"

وسيوجِّه "بايدن" الوكالات الفيدرالية إلى إعادة النظر في سياسات عهد "ترمب" الأخرى، بما في ذلك التدابير التي تحكم عمليات التنقيب عن النفط الزلزالي في خليج المكسيك، مما يسمح ببناء الطرق عبر غابة تونغاس الوطنية في ألاسكا، والعودة إلى مراقبة مدى التقيد بهذه المعاير. وهناك هدف آخر، وهو مراجعة قانون "ترمب" الذي يضيِّق نطاق مراجعات الوكالات الحكومية لكيفية تأثير قراراتها على البيئة.

إجراءات أخرى قد أعلن "بايدن" عن تنفيذها:

  • توجيه وكالة حماية البيئة وإدارة النقل للنظر بمراجعة المعايير الاقتصادية المتعلِّقة باستهلاك وقود السيارات، وانبعاثات العوادم التي كان قد تمَّ تخفيفها في عهد "ترمب".
  • أمر وزارة الداخلية بمراجعة حدود النصب التي تقلَّصت خلال إدارة "ترمب" ، بما في ذلك "المحميات" في بيرز إيرز الواقعة في ولاية يوتا، التي تمَّ تقليصها إلى حوالي 220 ألف فدان من مساحة 1.4 مليون فدان.
  • وقف خط أنابيب النفط " خط أنابيب كيستون" العابر للحدود عبر إلغاء التصريح الممنوح من قبل "ترمب".

وكما كان حال الديمقراطيين الآخرين في الحملة الانتخابية، لم يخفِ "بايدن" خططه لاستعادة عضوية الولايات المتحدة في اتفاقية عام 2015، وإعادة التزامها بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ومع ذلك، قال دعاة حماية البيئة إنَّ تحرُّكه في اليوم الأول ضروري للمساعدة في تشجيع اتخاذ إجراءات عالمية أكبر لوقف التهديدات التي يواجهها المناخ.

أهداف أمريكية أكثر صرامة

ومن المعروف أنَّه في عهد الرئيس "باراك أوباما"، كانت الولايات المتحدة قوَّة دافعة وراء تشكيل اتفاقية باريس التاريخية. والآن، بإمكانية إدارة "بايدن" أن تلعب دوراً حاسماً في تحديد أهداف أمريكية أكثر صرامة، تهدف إلى خفض الانبعاثات، وتشجيع الدول الأخرى على أن تحذو حذوها.

وحول ذلك قال "ديفيد واسكو"، وهو الذي يشغل منصب مدير مبادرة المناخ الدولية لمعهد الموارد العالمية: "على الصعيد الدولي، سيكون هناك توقُّع بأنَّ الولايات المتحدة تقدِّم هدفاً جديداً وطموحاً بموجب اتفاقية باريس.

وقال "واسكو": "على الصعيد الدولي، إنَّها طريقة مهمة لتوضيح أنَّ الولايات المتحدة ستهتم بالمسألة بداية بنفسها."

ويذكر أنَّه بموجب اتفاقية باريس، حدَّدت 195 دولة عضواً أهدافها الطوعية لخفض الانبعاثات، بهدف الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية دون درجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة. وفي وقت إدارة "أوباما"، تعهَّدت الولايات المتحدة بأنَّه مع حلول عام 2025، ستحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 26% -28% مقارنة مع مستويات عام 2005.

وكان كلٌّ من معهد الموارد العالمية، وجماعات بيئية أخرى قد دعوا سويةً إلى التزام الولايات المتحدة بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تصل إلى 50% خلال العقد المقبل. وسيتطلَّب تحقيق ذلك مزيجاً واسعاً من العمل تجاه المناخ على الصعيد المحلي، بما في ذلك المزيد من المركبات التي لا تصدر أيَّة انبعاثات، بالإضافة إلى تحوُّلات سريعة في كيفية توليد الولايات المتحدة للكهرباء، بما يشمل حوالي 38% من الغاز الطبيعي المتوفِّر حالياً.

خفض نصيب الولايات المتحدة من الانبعاثات

من جهتهم، يقوم بعض النشطاء بالدعوة إلى تخفيضات أسرع قبل حلول عام 2030. فقد دعت شبكة العمل المناخي الأمريكية إلى خفض الولايات المتحدة "نصيبها العادل" من الانبعاثات عن طريق تقليصها بنسبة 70% عن مستويات عام 2005 بحلول عام 2030، بالإضافة إلى مساعدتها للبلدان النامية في خنق غازات الاحتباس الحراري أيضاً.

وقال "سريرام مادهوسودانان"، وهو مدير حملة المناخ الأمريكية ، إنَّ الولايات المتحدة عليها التزام بإجراء تخفيضات تماشياً مع "مسؤوليتها التاريخية عن تأجيج أزمة المناخ."

الصين ترحب بالإجراءات الأمريكية

من جهتها، رحَّبت الصين بعودة الولايات المتحدة عبر التزامها المتجدد بميثاق باريس،

ويوضِّح "مادهوسودانان" أنَّ إعادة الانضمام إلى اتفاقية باريس "يجب أن تتبعها التزامات، وإجراءات جريئة وفعلية لخفض الانبعاثات الصادرة من الولايات المتحدة بشكل كبير، والمساعدة في تمويل انتقال عادل بعيداً عن الوقود الأحفوري في أجزاء من العالم الأقل مسؤولية عن أزمة المناخ".

وستستغرق هذه الجهود الأخرى مزيداً من الوقت - وستكون أكثر صعوبة. في حين أنَّ "بايدن" قد يعيد الولايات المتحدة إلى اتفاق باريس بجرَّة قلم؛ فإنَّ الإجراءات الأخرى ستتطلَّب مساعدة من الكونغرس أو إعادة صياغة مطوَّلة للقوانين من قبل وكالاته الفيدرالية.

ويشير "واسكو" التابع إلى معهد الموارد المائية إلى أنَّ الولايات المتحدة لديها بعض المهمات التي يتعيَّن عليها فعلها لإعادة بناء الثقة. إذ يختم قائلاً: "على الولايات المتحدة أن تعود إلى المسرح الدولي متحليةً ببعض التواضع، وعليها أن تفهم أنَّها كانت خارج هذا المزيج خلال السنوات الأربع الماضية، وخلال هذه السنوات كانت تلقي بالعقبات في طريق التقدُّم".