الطاقة المتجددة تزدهر في أوروبا فيما تلوح في أفقها أزمة طاقة

كثّفت حكومات أوروبا التحول إلى الطاقة النظيفة.. لكن بعضها يعتمد على الفحم لسد عجز الكهرباء

صورة تعبيرية عن شح إمدادات الوقود إلى دول الاتحاد الأوروبي
صورة تعبيرية عن شح إمدادات الوقود إلى دول الاتحاد الأوروبي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعهدت الحكومات الأوروبية بخفض اعتمادها على الغاز الطبيعي المستورد وتسريع الانتقال نحو الطاقة النظيفة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير. سُجلت بعض النجاحات بعد مضي نحو عام على انطلاق هذا المسعى فقد ازدهر بناء منشآت الطاقة المتجددة، إلا أن بعض الدول تعتمد في الوقت عينه على الفحم المسبب للتلوث لسد عجز الكهرباء، ولعل التحدي الأصعب لم يأت بعد.

تراجعت إمدادات الغاز إلى أوروبا عبر الأنابيب نتيجة إغلاق شبكة "نورد ستريم" الروسية مع بداية 2023، وقد تنقطع تماماً في حال إغلاق الخط المتبقي عبر أوكرانيا.

كان الاتحاد الأوروبي قبل الحرب يستورد سنوياً نحو 155 مليار متر مكعب من الغاز من روسيا، أي ما يكفي لتلبية 40% من إجمالي طلب دوله على الوقود، يصل جلّها عبر أنابيب، وهي الطريقة الأرخص لنقل الغاز.

طوارئ في أوروبا لتأمين البنية التحتية للطاقة بعد انفجار "نورد ستريم"

على مدى العام الماضي، تقلبت أسعار الغاز في أوروبا، محلّقة تارة ومنخفضة تارة أخرى استناداً إلى أخبار حول كمية الغاز المتدفقة عبر الأنابيب.

رددت روسيا على مدى أشهر أن الحاجة لإجراء صيانة ضرورية للشبكة عرقلت الإمدادات، في حين أعاقت العقوبات نقل المعدات الأساسية، ما صعّب إتمام صيانة الشبكة. كانت شركة "غازبروم" التي تملكها الدولة الروسية قد أعلنت في سبتمبر أنها لن تعيد فتح خط أنابيب "نورد ستريم"، وما هي إلا أسابيع حتى تعرضت لتفجيرات أحبطت كل أمل باستئناف الإمدادات.

بدائل مؤقتة

بالتالي، لجأت أوروبا إلى الغاز المسال الذي يُشحن عبر السفن، خاصة من منتجين في الولايات المتحدة والشرق الأوسط بل ومن روسيا نفسها. كانت حصة أوروبا من السوق العالمية للغاز الطبيعي المسال قد تضخمت في 2022، ويُتوقع أن يستمر هذا التوجه في 2023، حيث سيكون أساسياً لتتمكن دول أوروبا من تأمين ما يكفي من الغاز للشتاء المقبل.

إلا أن الغموض الأكبر يلفّ حجم الإمدادات الإضافية التي ستحتاجها الصين فيما ترفع القيود المتعلقة بوباء كورونا. قال أرون تورا، المحلل في بلومبرغ أن إي أف: "سيكون الوضع مختلفاً تماماً في الشتاء المقبل".

حسب وكالة الطاقة الدولية، سيواجه الاتحاد الأوروبي نقصاً يصل إلى نحو 27 مليار متر مكعب من الغاز في 2023، وفي حال تعذّر تأمين ما يكفي من الإمدادات، قد يضطر التكتل لخفض الاستهلاك سريعاً.

في بعض الدول، كألمانيا على سبيل المثال، أدى بدء التخلي عن الغاز لإحراق كميات أكبر بكثير من الفحم. رغم أن هذا الأمر مؤقت، إلا أنه سيتطلب من أوروبا أن تتحرك أسرع في السنوات المقبلة من أجل البقاء على المسار الصحيح لبلوغ أهدافها المناخية.

"كيري": استخدام الغاز قد يساعد في خفض الانبعاثات حتى 50%

في غضون ذلك، ساعد ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري وشح وارداته في 2022 على تعزيز الطاقة المتجددة، بالأخص الشمسية، حيث سيزداد هذا التوجه على الأرجح هذا العام مع تخفيف عقبات إمدادات الألواح الشمسية وغيرها من المعدات.

قال ماتياس تافت، كبير المسؤولين التنفيذيين في شركة "بايفا ار إي" (.BayWa r.e)، وهي أحد كبار بائعي الجملة في مجال الألواح الشمسية في أوروبا: "كان الطلب على سوق الطاقة الشمسية على كلّ المستويات هائلاً سواء على مستوى المرافق أو المستوى التجاري أو السكني... من الآن وصاعداً سيبقى الطلب مرتفعاً جداً“.

مؤتمر أطراف آخر يتأثر بالنفط

تستقبل دبي مؤتمر الأطراف السنوي حول المناخ بين نهاية نوفمبر وبداية ديسمبر. كان حضور عملاق النفط السعودي طاغياً في نسخة 2022 من المؤتمر التي عُقدت في شرم الشيخ في مصر، مع جناحين ضخمين مقببين على مقربة من مكان عقد الاجتماع.

شارك أيضاً مئات من ممثلي جماعات الضغط الناشطة في مجال الوقود الأحفوري في المؤتمر، حيث روجوا لرسالة مفادها بأنه يمكن أن يتماشى خفض الانبعاثات مع استمرار ضخّ الوقود الأحفوري.

إلا أن عديداً من الناشطين المناخيين يخالفونهم الرأي، ويعتبرون أن التأثير القوي للوقود الأحفوري في المحادثات عرقل تبني أهداف أكثر طموحاً. يُتوقع أن يتجلى تفاعل مشابه في مؤتمر الأطراف في دورته الـ28 مع استضافة الإمارات العربية المتحدة له، وأن تكون كلمة منتجي النفط والغاز مسموعة مجدداً إن استمرت أزمة الطاقة العالمية.