مبيعات السندات عالمياً تتجاوز نصف تريليون دولار منذ بداية 2023

شهية المستثمرين للقروض لا تنتهي وسط مؤشرات على تراجع التضخم

انعكاس أفق مانهاتن على زجاج قمرة القيادة في إحدى عبارات "إيست ريفر فيري" بالقرب من حي "لونغ آيلاند سيتي" بحي كوينز في نيويورك، الولايات المتحدة، يوم 17 أغسطس 2022.
انعكاس أفق مانهاتن على زجاج قمرة القيادة في إحدى عبارات "إيست ريفر فيري" بالقرب من حي "لونغ آيلاند سيتي" بحي كوينز في نيويورك، الولايات المتحدة، يوم 17 أغسطس 2022. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

البداية القوية والأفضل لعائدات السندات في مستهل هذا العام، توفر زخماً للطفرة غير المسبوقة في بيع أدوات الديون من جانب الحكومات والشركات في كل أنحاء العالم، والتي تجاوزت نصف تريليون دولار.

من إصدارات البنوك الأوروبية إلى الشركات الآسيوية، وصولاً إلى السندات السيادية للدول النامية، تزدهر كل جوانب سوق الإصدارات الجديدة تقريباً، وهذا عائد بشكل جزئي إلى ارتفاع السندات عالمياً بـ4.1% مع بداية العام، وهو أفضل أداء وفق البيانات التي تعود إلى 1999.

الجهات المقترضة التي تتطلع للحصول على تمويل جديد بعد رفض طلباتها في معظم الفترات خلال 2022، تجد بشكل مفاجئ، مستثمرين لديهم شهية لا نهاية لها على ما يبدو لمنح القروض، وسط مؤشرات على تراجع التضخم وتحرك البنوك المركزية نحو تقليص أكثر عمليات تشديد للسياسة النقدية حدة منذ جيل.

صفقات المراجحة تعود إلى سوق السندات اليابانية

بالنسبة إلى الكثيرين، تبدو الأصول ذات الدخل الثابت جذابة بشكل متزايد، بعدما أدى التراجع التاريخي خلال العام الماضي إلى ارتفاع العوائد لتسجل أعلى مستوياتها منذ 2008، خصوصاً أن احتمال حدوث تباطؤ في الاقتصاد العالمي، يتيح إمكانية تحقيق المزيد من المكاسب.

قال عمر سليم، الرئيس المشارك لقسم الدخل الثابت في آسيا بخلاف اليابان لدى "باين بريدج إنفستمنتس" (PineBridge Investments): "الارتفاع في أسعار السندات سيتواصل من وجهة نظرنا، لا سيما عندما يتعلق الأمر بأسواق الدرجة الاستثمارية".

أضاف: "تظل أساسيات الشركات قوية على نطاق واسع"، لافتاً إلى أن "التحوّل الحاد الذي نشهده في السياسات الصينية، سيمنح دفعة ضرورية للنمو العالمي، ويخفّف بعض مخاطر التقلبات التي تضرب الأسواق الناشئة، ويوفر مزيداً من الدعم".

اقرأ أيضاً: الحيرة تطال الجميع في سوق السندات

ساعد الطلب الزائد على الإصدارات الجديدة وانخفاض امتيازات الإصدارات الجديدة والتدفقات الأكبر إلى السندات الأميركية ذات الدرجة الاستثمارية منذ أكثر من 17 شهراً، في أن يكون الاقتراض في يناير الجاري الأكثر نشاطاً على الإطلاق.

عائد 10% في 2023

الإصدارات العالمية من السندات الحكومية وسندات الشركات من الفئة الاستثمارية ودون الدرجة الاستثمارية بمختلف العملات وصلت قيمتها إلى 586 مليار دولار حتى 18 يناير الجاري، فيما تُعدّ أكبر حصيلة على الإطلاق لهذه الفترة، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".

تتوقع "بلومبرغ إنتليجنس" أن تحقق السندات الأميركية ذات الدرجة الاستثمارية عائداً بـ10% هذا العام، بعد أسوأ أداء لها منذ نصف قرن في 2022.

يتجاوز هذا العائد ضعف توقعاتها للديون من الدرجة دون الدرجة الاستثمارية في الولايات المتحدة، حيث غالباً ما تستفيد السندات عالية الجودة أكثر من السندات دون الدرجة الاستثمارية عندما يتباطأ نمو الاقتصادات.

الاقتصاد العالمي يستقبل العام الجديد بتفاؤل حذر رغم مخاوف الركود

وفقاً للمحللين، قد ترتفع السندات المصدرة باليورو في الأسواق الناشئة ومن الدرجة الاستثمارية بنسبة 8% و4.5% على التوالي.

في ما يلي بعض التطورات البارزة الأخرى المسجلة حتى الآن منذ بداية عام 2023

إصدارات قياسية لسندات اليورو

اتسم الارتفاع في مبيعات السندات عالمياً في بداية العام بالتفاوت. أدى إصدار السندات باليورو إلى تحطيم الأرقام القياسية، وارتفع بنحو 39% مقارنة بالعام السابق، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ".

تظهر البيانات أن مبيعات السندات المقوّمة بالدولار تقترب من الوتيرة القوية تقريباً التي شهدها العام الماضي.

هناك أيضاً مؤشرات على أن إصدار السندات من المرتقب أن يتباطأ في بعض المناطق.

من المقرر أن تتوقف جهات الإصدار المحلية في الصين لمدة أسبوع كامل يبدأ في 23 يناير لقضاء عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، ما يقلل المعروض من السندات في آسيا على الأرجح، كما يقول مراقبو السوق.

دور البنوك

قادت المؤسسات المالية، كقطاع، زمام عمليات إصدار السندات عالمياً منذ بداية 2023، حيث تجاوزت المبيعات حتى تاريخه 250 مليار دولار.

البداية البطيئة للسندات غير الاستثمارية

واحدة من الأسواق القليلة التي تكافح من أجل العثور على موطئ قدم لها في سوق الإصدار، هي السندات دون الدرجة الاستثمارية. تسير طروحات الشركات والجهات الحكومية من السندات ذات العائد المرتفع بأبطأ وتيرة منذ عام 2019، حيث تم إصدار ما قيمته نحو 24 مليار دولار حتى 18 يناير.

يرجع السبب في ذلك جزئياً إلى أن الشركات المصنّفة على أنها عالية المخاطر ومدّدت آجال السندات المستحقة في السنوات الماضية، تنتظر المزيد من خفض أسعار الفائدة قبل أن تتخذ زمام المبادرة وتصدر سندات جديدة.

كما أن توخي المستثمرين الحذر بشأن الكيفية التي قد تتغلب بها الجهات المُصدِرة للسندات على الركود عالمياً، هو عامل محتمل أيضاً.

"بلاك روك": الأسواق مخطئة في الرهان على خفض أسعار الفائدة

مع ذلك، هناك إشارات على أن الطلب على شراء السندات المصدرة قد يرتفع قريباً.

سندات قصيرة الأجل مُفضّلة

مبيعات السندات لأجل ثلاث سنوات أو أقل، ارتفعت بأكثر من 80% إلى 138.5 مليار دولار مقارنة بالفترة نفسها قبل عامين فقط، بعد أن زادت العوائد في 2022. على النقيض من ذلك، تراجع إصدار السندات ذات آجال استحقاق 10 سنوات أو أكثر.

قالت بولين كريستال، مديرة محفظة في "كابستريم كابيتال" (Kapstream Capital) في سيدني: "ما زلنا في وضع دفاعي تماماً، إذ لم نشهد بعد التأثير الكامل لرفع أسعار الفائدة على الاقتصاد الحقيقي والأرباح".

إس آند بي: الديون تتسارع إلى 366% من الناتج العالمي في 2030

أضاف: "مع ذلك، فقد تحوّل النقاش بالنسبة إلينا من حماية المحفظة العام الماضي إلى نهج أكثر توازناً، حيث نبحث أيضاً عن كيفية المشاركة في ارتفاع السوق".

أسواق الائتمان في أماكن أخرى:

آسيا

تتجه تكلفة التأمين ضد التخلف عن السداد للسندات الدولارية ذات الدرجة الاستثمارية في آسيا، باستثناء اليابان، نحو الزيادة للمرة الأولى في أكثر من أسبوع، بعد تجدّد المخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي.

  • تنتظر سوق إصدار سندات الشركات الصينية بالخارج البالغة 740 مليار دولار، اختباراً جديداً بشأن سبل حماية الدائنين من خلال شكل غامض من دعم السداد، أو ما يُسمى بمستندات ضمان السداد، حيث يلوح في الأفق صدور قرار قضائي مهم بشأن واحدة من أكبر الشركات المتعثرة في البلاد.
  • تتعافى سوق الائتمان في كوريا الجنوبية من أزمة بوتيرة أسرع مقارنة بغيرها من القطاعات، مع استحواذ المستثمرين على ديون الشركات ذات المستوى الأول، بينما تجد بعض الشركات الأخرى صعوبة في جمع الأموال.
  • المستثمرون في الهند يحجمون عن أموال الديون قصيرة الأجل، حيث تؤثر الزيادات الأخيرة في أسعار الفائدة على العوائد ويقبلون على الأسهم.

محافظ بنك كوريا الجنوبية: التضخم سيظل مرتفعاً ويجب مواصلة كبحه

  • انتعشت سندات الخزانة الأميركية مجدداً، ليهبط العائد على السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 4 نقاط أساس إلى 3.33%. هوى العائد على السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 55 نقطة أساس حتى الآن منذ بداية يناير متجهاً إلى أكبر انخفاض منذ 2011.

الأميركتان

استطلعت شركة "جيفريز فايننشال غروب" (.Jefferies Financial Group Inc) آراء المستثمرين بشأن صفقة سندات مضمونة محتملة لشركة "سيفرز" (Savers LLC) من شأنها المساعدة في تمويل دفعة توزيعات أرباح للجهة المالكة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

  • تعمل شركة "سيكستيرا تكنولوجيز" (.Cyxtera Technologies Inc) المتعثرة والعاملة في مجال البيانات مع "غوغنهايم بارتنرز" (Guggenheim Partners) لمساعدتها على مواجهة آجال استحقاق الديون القادمة، وفقاً لأشخاص على دراية بالموقف طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مصرح لهم بالحديث للرأي العام.
  • دخلت شركة "بلو أول" (.Blue Owl Inc) العاملة في منح الائتمان الخاص في شراكة مع شركتي التكنولوجيا المالية "آي كابيتال" (iCapital) و"أول فاندز"(Allfunds) لتوسيع تقديم الإقراض المباشر لصالح المستثمرين الأفراد.

عمالقة إدارة الأصول يحذرون من الاستهانة بالتضخم مجدداً

  • تتوقع وكالة "موديز إنفستورز سيرفيس" أن تقفز حالات التخلف عن سداد سندات الشركات دون الدرجة الاستثمارية (المضاربة) خلال 2023 مع تباطؤ النمو الاقتصادي وتأثير ظروف التمويل الأكثر صعوبة على التدفقات النقدية للشركات.
  • يخطط الفريق الاقتصادي في البرازيل لاستعادة تصنيف الدرجة الاستثمارية بحلول نهاية 2026 من خلال مجموعة من الإصلاحات المالية والضريبية التي من شأنها أن تسمح بمزيد من الإنفاق الاجتماعي واستقرار الديون، وفقاً لوزير الخزانة البرازيلي، روجيريو سيرون.

أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا

شهدت السوق الأولية في أوروبا تدفقاً جديداً من جانب المقترضين الماليين الأربعاء الماضي، في حين اختبرت بعض جهات الإصدار أيضاً الطلب على أشكال الديون الأكثر خطورة.

  • باعت "إيبردرولا" (Iberdrola SA)، أكبر شركة للمرافق في إسبانيا، سندات هجينة خضراء بقيمة مليار يورو (1.1 مليار دولار)، وجذبت طلبات اكتتاب بأكثر من 6.6 مليار يورو، رغم انخفاضها إلى 3.2 مليار يورو إبان التسعير.
  • تجاوزت سوق الإصدار الأولي للسندات في أوروبا حاجز الـ200 مليار يورو منذ بداية 2023، وهي أسرع وتيرة إصدار على الإطلاق.

لاغارد: التضخم مازال مرتفعاً للغاية وسنواصل رفع الفائدة

  • قال الرئيس التنفيذي بلاز برودينياك في مقابلة إن أكبر بنك في سلوفينيا " إن إل بي" (NLB) يخطط لإصدار سندات من الفئة الممتازة بقيمة 300 مليون يورو متوافقة مع الحد الأدنى من متطلبات الأموال الخاصة والالتزامات.

أوروبا