شركات روسية تتحايل على "وول ستريت" لخدمة ديون ما قبل العقوبات

مجمع تكسير النفط في مصفاة النفط "لوك أويل-نيجغورودنفتيورغسينتز" بإقليم نيجني نوفغورود، روسيا
مجمع تكسير النفط في مصفاة النفط "لوك أويل-نيجغورودنفتيورغسينتز" بإقليم نيجني نوفغورود، روسيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تلتف أكبر الشركات الروسية، حتى تلك التي لم تستهدفها العقوبات الأخيرة بشكل مباشر، حول "وول ستريت" لسداد ديونها القائمة، بعدما أثّرت حملة التضييق على روسيا بشكل واسع النطاق على الوسائل المالية المطلوبة لخدمة الدَّين.

من خلال "لوك أويل سكيوريتيز" (Lukoil Securities)، شركة الأغراض الخاصة التابعة لها، استعانت عملاقة النفط الروسية "لوك أويل" بشركات وساطة في قبرص لإعادة شراء كل سنداتها القائمة المقومة بعملات أجنبية، وفقاً لعدة أشخاص مطلعين على الأمر طلبوا عدم الإفصاح عن هويتهم في سياق الحديث عن معلومات سرية.

تظهِر إفصاحات أن شركات أخرى، من بينها "أورالكالي" (Uralkali) و "إم إم سي نوريلسك نيكل" (MMC Norilsk Nickel) و"ميتالوإنفست" (Metalloinvest)، طلبت إذن حاملي السندات لاستبدال السندات، لكي تتمكن من صرف المدفوعات المباشرة للمستثمرين بالروبل الروسي بدلاً من العملة المقوّمة بها السندات. استبدلت شركتا "غازبروم" و"ماغنيتوغورسك أيرون آند ستيل ووركس" بعض سنداتهما المقومة بعملات أجنبية بسندات مقومة بالروبل الروسي.

انكماش سوق السندات الدولية

تظهِر حسابات بلومبرغ، بناءً على بيانات البنك المركزي، أن سوق سندات الشركات الدولية في روسيا، التي بلغت قيمتها 85.6 مليار دولار قبل غزو أوكرانيا، انكمشت بنحو 12.7 مليار دولار منذ أن دفع غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لمنع وصول روسيا إلى سوق رأس المال الأجنبي. ويُرجَّح أن تنكمش السوق أكثر هذا العام بعد استكمال شركة "غازبروم" المزيد من المبادلات المخطط لها.

روسيا تضاعف حيازات صندوقها السيادي من اليوان والذهب

حتى في الحالات التي لا تنطبق فيها العقوبات على الشركات المقترِضة، وجدت الشركات ومستثمروها أن القيود تستهدف الكثير من العمليات المطلوبة لكي تظل السندات سارية، وأنه أصبح من الضروري سحب هذه السندات خارج السوق.

دميتري دوروفيف، أحد مديري المحافظ بشركة الاستثمار "أرمبروك" (Armbrok) في يريفان بأرمينيا، التي تداولت بعض السندات الروسية المقومة بعملات أجنبية خلال الأشهر الأخيرة، قال: "خلال شهرين، سيتم شراء كل شيء" من قبل المستثمرين المحليين. كما أضاف: "الشركات الروسية ستستبدل السندات وتعود إلى روسيا".

تعقيدات متزايدة

رغم أن مدفوعات الأصل والعائد تتم، أصبحت العملية أكثر تعقيداً وهناك تأخيرات كبيرة. الشركات في حاجة لتجهيز أوراقها في روسيا للسداد لحاملي السندات الأجانب، والطرق المالية المستخدَمة لصرف المدفوعات لم تعمل بسلاسة منذ فرض العقوبات. "يوروكلير بنك" (Euroclear Bank) و"كليرستريم بانكنغ" (Clearstream Banking)، وهما شركتان رئيسيتان للإيداع المركزي بأوروبا، تنفذان فقط المعاملات التي دقق وكلاء الدفع فيها ونفذوها، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر طلبوا عدم ذكر أسمائهم في سياق الحديث عن معلومات غير معلنة.

وزير المالية الروسي لـ"الشرق": نبحث عن أسواق جديدة للنفط ولوجستيات بديلة

اتجهت بعض الشركات لبدائل أخرى، من بينها المبادلات وعمليات إعادة الشراء والمدفوعات المباشرة لحاملي السندات، رغم أن الخيار الأخير ذلك متاح فقط للحسابات في روسيا.

أوضح الأشخاص المطلعون على الأمر أن العقبة رغم ذلك هي أن "يوروكلير" و"كليرستريم" لم تكونا على استعداد لتنفيذ إجراءات الشركات، مثل عمليات إعادة الشراء، منذ فرض العقوبات. رفض متحدثون باسم شركتي الإيداع التعليق على الأمر.

شركات وساطة قبرصية

تحاول الشركات العثور على طرق تستبعد "يوروكلير" و"كليرستريم"، وهي عملية قد تتركها عرضة لخلافات الملكية، وفقاً لألكساندر غيدا، المستشار في شركة المحاماة "ريبالكين، غورتسونيان، دياكين آند بارتنرز" (Rybalkin, Gortsunyan, Dyakin and Partners)، التي تتخذ من موسكو مقراً لها، والتي قدمت المشورة لشركة "ماغنيتوغورسك أيرون آند ستيل ووركس" بشأن طلب الموافقة الخاص بها.

على سبيل المثال، أعلنت "لوك أويل" عرضها لإعادة الشراء في بيان صحفي دون الإفصاح علناً عن الشروط. تواصلت شركات وساطة، تتخذ من قبرص مقراً لها، مع المستثمرين الذين أبدوا اهتماماً، واشترت هذه الشركات بدورها سندات المستثمرين في معاملات خارج البورصة، وفقاً لعدة أشخاص مطلعين على الأمر. لم ترد "لوك أويل" على مكالمات هاتفية وأسئلة مرسلة بالبريد الإلكتروني.

الشركات الروسية تلجأ إلى هونغ كونغ في محاولة لتجنب العقوبات

متحدثون باسم المفوضية الأوروبية ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية ومكتب تنفيذ العقوبات المالية في المملكة المتحدة رفضوا التعليق على ما إذا كانت عمليات إعادة شراء سندات الشركات الروسية بشكل عام – وفي حالة "لوك أويل" بشكل خاص – تخرق عقوباتهم.

خطط "غازبروم"

عملاقة النفط الروسية ليست عرضة للعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو المملكة المتحدة، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. مع ذلك، لا تنفذ جهات الإيداع المركزية الإجراءات المتعلقة بالشركات الروسية.

صادرات "غازبروم" تتراجع مع استمرار تقليص التدفقات إلى أوروبا

قال فاميل ساديغوف، المدير المالي لـ"غازبروم"، في مكالمة هاتفية، إن الشركة تعتزم تحويل كل حيازاتها المحلية من سنداتها المقومة بالعملات الأجنبية إلى بدائل محلية من السندات مساوية في القيمة ومقوّمة بالروبل. وأضاف أنه جرى تغيير حيازات 10 إصدارات من السندات وسيجري تبديل 12 إصداراً آخر بنهاية مارس. ومن المقرر أن يجري تبديل 4 من هذه الإصدارات الأسبوع الجاري.

أوضح ساديغوف أن السندات البديلة هي "أكثر الوسائل الموثوقة" لخدمة الدَّين، نظراً للقيود على البنية التحتية المالية. كما ذكر أن السندات المقومة بالعملات الأجنبية التي يجري الحصول عليها في المقابل تُلغى، وبالتالي يقل إجمالي عدد السندات المتداول، مضيفاً أنه بمجرد إتمام عملية التبادل، تدفع "غازبروم" العوائد على كل من السندات الروسية البديلة والسندات الدولية المتبقية.

الاتجاه شرقاً

في الوقت الحالي، تتجه بعض الشركات إلى الشرق، إذ استدانت شركة "يونايتد كو روسال إنترناشونال" (United Co. Rusal International) وغيرها من الشركات 52.7 مليار يوان صيني (7.7 مليار دولار) بإصدار سندات مقومة بالعملة الصينية في الخارج خلال الأشهر الأخيرة. لكن تلك السندات تمثل نسبة "ضئيلة" تبلغ 2.9% من إجمالي سوق سندات الشركات الروسية، وفقاً لتقرير أصدره بنك روسيا المركزي عن مخاطر السوق المالية في 19 يناير.

موجة صعود الروبل الروسي 11% على مدار الأشهر الـ12 الماضية بفعل قيود على رأس المال وأسعار الطاقة المرتفعة ساهمت في تكوين أوضاع جذابة لعمليات إعادة الشراء، وفقاً لأليكسي كوبريانوف، مدير بنك الاستثمار الروسي "أسبرينغ كابيتال" (Aspring Capital)، الذي قدّم المشورة لمطار دوموديدوفو بموسكو بشأن طلب الموافقة الخاص به، ولشبكة التواصل الاجتماعي "في كيه" (VK) بشأن إعادة هيكلتها. وقال كوبريانوف إن هذه الاتجاهات قد تتغير.

كما أضاف: "قد نشهد تدهوراً في العملة والاقتصاد الروسي، لذا يُرجَّح أن تقل قدرة الشركات على إعادة شراء السندات".