مخاوف الركود تحوم حول الاقتصاد البريطاني من جديد

"إس آند بي غلوبال": مؤشر مديري المشتريات انخفض إلى 47.8 في يناير من 49 في الشهر السابق

بناية مكتبية مضاءة في لندن، المملكة المتحدة.
بناية مكتبية مضاءة في لندن، المملكة المتحدة. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أشارت الشركات البريطانية إلى أن الإنتاج انخفض بأعنف وتيرة منذ عامين، تزامناً مع اتساع عجز الميزانية الحكومية ليصل إلى مستوى قياسي، مما يضيف إلى الدلائل على أن الاقتصاد ربما يكون قد انزلق إلى الركود.

قالت "إس آند بي غلوبال" (S&P Global) إن مؤشر مديري المشتريات انخفض إلى 47.8 في يناير من 49 في الشهر السابق، وهو أقل بكثير من توقعات الاقتصاديين بحدوث تغيير طفيف.

الخدمات، التي كانت محرك الاقتصاد، انخفضت بشكل حاد بينما تراجعت وتيرة الانكماش في التصنيع بشكل طفيف.

من جهة أخرى، كشف مكتب الإحصاءات الوطنية عن تسجيل أكبر عجز في ديسمبر على الإطلاق، بعد أن أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى صعود تكلفة خدمة الدين.

تقلص هذه البيانات من آمال أن تساعد قوة قطاع الخدمات في حماية اقتصاد المملكة المتحدة حال حدوث انكماش. ويزيد ذلك من الضغط على رئيس الوزراء، ريشي سوناك، للتوصل إلى برنامج للنمو ونزع فتيل بعض النزاعات العمالية والتجارية التي أدت إلى توقف بعض القطاعات.

بريطانيا تتجنب الركود مع ارتفاع إنفاق المستهلكين

تحديات هيكلية

قال كريس ويليامسون، كبير اقتصاديي الأعمال في "إس آند بي غلوبال ماركت إنتليجنس" (S&P Global Market Intelligence)، في بيان يوم الثلاثاء: "النزاعات الصناعية، ونقص الموظفين، وخسائر الصادرات، وارتفاع تكاليف المعيشة، وارتفاع أسعار الفائدة كلها تعني أن معدل التدهور الاقتصادي استعاد وتيرته مرة أخرى".

أكد ويليامسون أن المملكة المتحدة تواجه أيضاً: "ضرراً مستمراً للاقتصاد من مشكلات هيكلية طويلة الأجل مثل نقص العمالة والمشاكل التجارية المرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".

انخفض الجنيه الإسترليني بعد البيانات التي كشفت عنها "ستاندرد آند بورز"، ليهبط 0.6% إلى 1.2309 دولار، ووسعت السندات الحكومية البريطانية مكاسبها. كما قلص التجار الرهانات على ذروة سعر الفائدة الرئيسي لبنك إنجلترا، مرجحين زيادة الفائدة بنحو 101 نقطة أساس إضافية بحلول أغسطس مقابل 105 نقاط أساس عند إغلاق يوم الاثنين.

رأي خبراء بلومبرغ إيكونوميكس:

قالت آنا أندرادي، من بلومبرغ إيكونوميكس: "يشير الانخفاض في مؤشر مديري المشتريات المركب لشهر يناير إلى أن الاقتصاد البريطاني ربما يكون قد دخل في مرحلة الركود في بداية 2023. إذا أخذنا في الاعتبار الدليل على تخفيف ضغوط الأسعار، فإننا نعتقد أن المسح يدعم وجهة نظرنا بأن بنك إنجلترا يقترب من نهاية دورة تشديد السياسة النقدية".

أضافت أندرادي "نتوقع زيادة الفائدة 50 نقطة أساس في فبراير، تليها زيادة بـ 25 نقطة أساس في مارس، وبعد ذلك نرجح توقفاً مؤقتاً".

عجز قياسي

رفع ريشي سوناك الضرائب إلى أعلى مستوياتها منذ الحرب العالمية الثانية لتمويل دعم الطاقة الذي يحمي الأسر من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء. تسلط أرقام المالية العامة الضوء على مقدار الأموال التي تستنزفها وزارة الخزانة من المستهلكين في شكل ضرائب، وتزايد نضال الحكومة لتمويل برامج الصحة والرعاية الاجتماعية.

قال مكتب الإحصاءات الوطنية إن عجز الميزانية بلغ 27.4 مليار جنيه إسترليني (34 مليار دولار)، وهو رقم قياسي لشهر ديسمبر، ويبلغ ثلاثة أضعاف العجز البالغ 10.7 مليار جنيه إسترليني في نفس الشهر من العام السابق. كان الاقتصاديون قد توقعوا بلوغه 17.3 مليار جنيه إسترليني.

كتبت روث غريغوري من "كابيتال إيكونوميكس" في مذكرة للعملاء: "أرقام المالية العامة التي تم الكشف عنها اليوم والتي جاءت أسوأ من المتوقع ستشجع رئيس الوزراء على إحكام قبضته على المالية العامة في الميزانية التي سيتم الإعلان عنها في 15 مارس.. هذا يعني أنه سينتظر حتى اقتراب موعد الانتخابات العامة المقبلة، ربما في 2024، قبل الإعلان عن أي تخفيضات ضريبية كبيرة".

تظهر البيانات أيضاً أن الأسعار المرتفعة ومعدلات الضرائب تجلب المزيد من الأموال إلى الخزانة.

قفز إجمالي الإيرادات 11% إلى 658 مليار جنيه إسترليني في السنة المالية المنتهية في ديسمبر. نمت عوائد ضريبة القيمة المضافة وضريبة الدخل بوتيرة تفوق 10% الشهر الماضي.

حطمت التكلفة الهائلة لمساعدة بريطانيا على تجاوز أزمة مستويات المعيشة، الآمال في أن الاقتراض كان في مسار هبوطي. فكان مكتب مسؤولية الميزانية قد توقع قبل أقل من عام أن ينخفض ​​العجز إلى أقل من 100 مليار جنيه إسترليني في 2022-2023.

كما تسببت تكلفة دعم الغاز والكهرباء في حدوث أثر أيضاً، لتبلغ 7 مليارات جنيه إسترليني في ديسمبر وحده.

قال وزير الخزانة، جيريمي هانت، في بيان: "نحن نساعد ملايين العائلات على تغطية تكاليف المعيشة، لكن يجب علينا أيضاً أن نضمن أن يكون مستوى ديوننا عادلاً للأجيال القادمة.. لقد اتخذنا بالفعل بعض القرارات الصعبة للتراجع عن الديون، ومن الأهمية بمكان أن نتمسك بهذه الخطة".