بايدن يضع ترودو في مأزق شديد لإلغائه خطاً نفطياً

 رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أدَّى إلغاء الرئيس الأمريكي جو بايدن مشروع خط أنابيب "كيستون إكس.إل"، لنقل النفط الخام من كندا إلى ساحل الخليج الأمريكي، إلى وضع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في مأزق شديد. ولايملك ترودو خيارات جيدة للرد على خطوة بايدن، على أنَّ عدم قيامه بالرد عليها، يمكن أن يثير الانقسام في بلاده.

وألغى بايدن التصريح الخاص بخطِّ أنابيب النفط التابع لشركة "تي سي إنرجي كورب"، عبر أمر تنفيذي بعد ساعات من توليه مهام منصبه يوم الأربعاء.

والمشروع العابر للحدود كان سينقل أكثر من 800 ألف برميل يومياً من مقاطعة ألبرتا غربي البلاد، موطن ثالث أكبر احتياطيات النفط الخام في العالم، إلى نبراسكا، ومن هناك إلى مصافي التكرير الأمريكية.

وتعرَّض ترودو سريعاً لضغوط من رئيس وزراء ألبرتا جيسون كيني، الذي دعا بدوره رئيس الوزراء الكندي للنظر في فرض عقوبات تجارية ضد الولايات المتحدة. ومن غير الواضح أنَّ ترودو سيكون قادراً على فرض عقوبات تجارية ضد الولايات المتحدة.

وقال رئيس الوزراء في بيان مساء الأربعاء: "نشعر بخيبة أمل، لكنَّنا نقر أنَّ قرار الرئيس (بايدن) صدر للوفاء بوعد إبان حملته الانتخابية بشأن (كيستون إكس.إل) ".

وأدَّت خطوة إلغاء خط الأنابيب لنقل النفط إلى إرباك خطة ترودو لإعادة ضبط كامل لعلاقة بلاده مع الولايات المتحدة - إلى حدٍّ بعيد أهم حليف خارجي لكندا- بعد أربع سنوات من الحروب التجارية المؤلمة مع دونالد ترمب.

وفي غرب كندا، يتسبب عدم الرد على بايدن زيادة عدم الثقة حول طريقة تعامل ترودو مع الثروات النفطية الهائلة في البلاد.

"ضربة مؤلمة"

وخط أنابيب "كيستون إكس إل" يحمل رمزية سياسية، ويمثِّل مشروعاً اقتصادياً حيوياً في غرب البلاد، وقد يحقق مليارات الدولارات سنوياً من عائدات النفط الإضافية. وكانت إقامة المشروع ستفتح الطريق لتطوير الطاقة الجديدة في ألبرتا، إذ يبلغ معدَّل البطالة 11%، ويساعد المنطقة على بيع نفطها من الخام الثقيل بأسعار أعلى.

وفي الحملة الانتخابية لعام 2015 التي أوصلت ترودو إلى السلطة، كان قد قال، إنَّ إقرار سياسة قوية بشأن المناخ سيساعد في الفوز بالموافقة لتنفيذ مشروع "كيستون إكس إل". ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن، فمن المرجَّح أن تؤجج خطوة بايدن المزيد من الغضب ضد الحكومة الاتحادية في الغرب.

وقال كيني في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء: "هذه ضربة قوية لاقتصاد كندا وألبرتا، للأسف، إنَّها إهانة موجَّهة لأهم حليف وشريك تجاري للولايات المتحدة في اليوم الأول من عمر الإدارة الجديدة".

وينبع جزء من معضلة ترودو السياسية من محاولته التوفيق بين صورته بكونه سياسياً تقدمياً، ودوره كقائد لاقتصاد يتمتَّع بموارد ضخمة من الطاقة والمعادن. وأثناء إقرار سياسات بيئية جديدة، بما في ذلك ضريبة الكربون، حاول رئيس الوزراء الكندي أيضاً مساعدة قطاعي النفط والغاز في بلاده بوسائل أخرى، بما في ذلك توفير 4.5 مليار دولار كندي (3.6 مليار دولار) لشراء خط أنابيب "ترانس ماونتن" في عام 2018.

وكان الهدف من هذه الخطوة الحفاظ على خطَّة لتوسيع خط الأنابيب الذي يمتد من ألبرتا إلى الساحل الغربي لكندا. لكنَّها أثارت النفور لدى بعض الناخبين في الدوائر ذات الميول اليسارية التي يحتاج حزب ترودو الليبرالي للفوز بها من أجل استعادة الأغلبية البرلمانية في الانتخابات المقبلة.

ضرر سياسي

ولم تحقق صفقة "ترانس ماونتن" الكثير لينال التأييد في غرب كندا، ولم يفز حزب ترودو بأيِّ مقاعد في ألبرتا، أو ساسكاتشوان المجاورة في عام 2019.

وقد تشهد كندا إجراء انتخابات أخرى في وقت مبكِّر بفصل الربيع. وقال جورج هوبيرج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كولومبيا البريطانية، إنَّ وقف مشروع "كيستون إكس إل" "سيساعد في تغذية الاستياء الذي يشعر به سكان ألبرتا تجاه بقية البلاد". وقد يتسبَّب الأمر التنفيذي لـِ بايدن أيضاً بإلحاق ضرر سياسي بـ "كيني"، وهو محافظ ينتقد بشكل متكرر حكومة ترودو.

وأما بالنسبة لكيني، الذي استثمرت حكومته 1.1 مليار دولار في خط الأنابيب، فيراهن على أنَّ بدء البناء في خط الأنابيب سيجعل إلغاءه أكثر صعوبة، وأنَّ قرار بايدن له أثار مدمِّرة. ولخطوة بادين تكلفة مالية علاوة على فقدان آلاف الوظائف في قطاع الإنشاء. وقال كيني، إنَّه قد جرى إطلاق تسريح 2000 شخص على الفور، وإنَّ حكومته ستنظر في اتخاذ إجراء قانوني.

وقد يتراجع نقص خطوط الأنابيب في المقاطعة على المدى المتوسط. فهناك خطان آخران لأنابيب التصدير - توسعة "ترانس ماونتن"، و خط " لاين3" التابع لشركة "إنبريدج" في مينيسوتا – وهما قيد الإنشاء، ومن المقرَّر أن يشرعا في شحن الخام خلال العامين المقبلين. ويوفِّر الخطان معاً مساحة كافية لاستيعاب النمو في الرمال النفطية في أوائل عام 2030، وفقاً للهيئة الكندية لتنظيم شؤون الطاقة. لكنَّ كيني حذَّر من أنَّه إذا لم يقاوم ترودو خطوة بايدن، فسوف يشجِّع الإدارة الأمريكية الجديدة على إلغاء المشاريع الأخرى أيضاً.

وقال دينيس جيه ماكوناغي، نائب الرئيس التنفيذي السابق لتطوير الشركات في " تي سي إنرجي" عبر الهاتف، إنَّ "كيستون إكس إل" يمثِّل أهمية اقتصادية، ويمكن إحياؤه في المستقبل. وأضاف: "لقد انتهى الأمر لاسترضاء مطالب الحركة البيئية.. في غضون أربع سنوات، قد يكون هناك رئيس جديد ( في البيت الأبيض)، وقد يتبنى وجهة نظر مختلفة".