اتباع نهج تنظيمي استباقي من شأنه تعظيم فوائد هذه التكنولوجيا التي ماتزال تملك إمكانات كبيرة
Bill Dudley is a senior research scholar at Princeton University’s Center for Economic Policy Studies. He served as president of the Federal Reserve Bank of New York from 2009 to 2018, and as vice chairman of the Federal Open Market Committee. He was previously chief U.S. economist at Goldman Sachs.
يستمر انهيار عالم العملات المشفرة والتمويل اللامركزي الذي كان مزدهراً في يوم من الأيام، مما يجعل من صانعي السياسات الاقتصادية والنقدية في حالة من الارتباك: هل يجب عليهم تركه يحترق؟ أم يتوجب عليهم أن يتدخلوا لمعالجة عيوبه التي باتت واضحة الآن؟
أنا أنتمي إلى الجناح الذي يتبنى الطرح الثاني. لكي تحافظ على مصداقيتها، وتحقّق أكبر فائدة من تكنولوجيا "بلوكتشين"؛ يجب على الجهات التنظيمية التدخل، واتخاذ إجراءات صارمة ضدّ عمليات الاحتيال، وحماية المستثمرين، وضمان سلامة ونزاهة السوق.
يستمر سقوط أحجار الدومينو بعد زوال إمبراطورية "إف تي إكس". كانت منصة إقراض العملات المشفَّرة "جينيسيس غلوبال كابيتال" (Genesis Global Capital) آخر ضحية على هذا الصعيد. من شأن كل فشل أن يقوّض الثقة، ويقلل من النشاط، والإيرادات، ويفرض ضغوطاً على بقية القطاع. في ظل عدم وجود مُقرض للملاذ الأخير الذي يقدّم الدعم الطارئ -كما يفعل "الاحتياطي الفيدرالي" مع البنوك التقليدية- ليس هناك الكثير مما يمكن فعله لتجنّب المزيد من الانحدار.
مكاسب التمويل اللامركزي لسوق العملات المشفرة تُعمي محترفي التمويل عن المخاطر
يعتقد بعضهم أنَّ هذا أمر جيد، ويجادلون بأنَّ العملات المشفَّرة كانت إلى حد كبير فقاعة مضاربة غير منتجة، وبالتالي؛ يجب أن تُترك لتنكمش من تلقاء نفسها. كثيراً ما تم تحذير المستثمرين، ولم تكن لدى الوسطاء الذين يشبهون البنوك وغير الخاضعين للوائح التنظيمية -الذين عهدوا إليهم بأموالهم بشكل غير رشيد– سوى علاقة محدودة، أو لم تكن لديهم علاقة على الإطلاق بإمكانات التكنولوجيا الأساسية.
لكن مثل هذا التفكير يتجاهل نقطتين مهمتين. الأولى، وهي أنَّ الحكومة عادة ما تتخذ خطوات لحماية الأشخاص الذين ليست لديهم القدرة أو الوسائل لحماية أنفسهم، إذ تسعى إلى ضمان فاعلية العلاجات التي تستلزم وصفة طبية، وأن يكون توزيعها بشكل ملائم، كما تسعى لضمان أنَّ السيارات آمنة، وأنَّ الطرق تخضع للصيانة وتُوضع عليها الإرشادات الصحيحة، وأنَّ الأطباء والمحامين لديهم المؤهلات اللازمة، وأنَّ الكازينوهات لا تسبب المشكلات بشكل مفرط. فلماذا إذاً يجب أن يكون قطاع التشفير مختلفاً؟
أما النقطة الثانية؛ فيعبر عنها التساؤل الآتي: لماذا يجب أن نرفض هذه التكنولوجيا بشكل كامل ونخسر إيجابياتها بسبب بعض السلبيات؟ إذا أصبح الاستثمار في العملات المشفَّرة أكثر أماناً؛ فمن شأن ذلك أن يساعد في تطوير تكنولوجيا قد تحتوي على استخدامات قيّمة. وإليك بعض المجالات الواعدة:
لذا؛ قد يتساءل المرء بشكل محقّ، لماذا لم تتحقق هذه الحالات من الاستخدام بشكل كامل؟ قد تستغرق التقنيات الجديدة وقتاً لتنتج صناعات وطرقاً جديدة لممارسة الأعمال التجارية، وفي المراحل الأولى يكون من غير المعروف فعلياً إلى أين ستقود؟.
كيف يمكن لقطاع التشفير أن يكون كصناعة الموسيقى؟
استغرق توليد الكهرباء عقوداً عدة قبل أن يصبح إنتاجها بكميات كبيرة متاحاً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى "الطراز تي" (سيارة "فورد" الأولى). وبالمثل؛ كانت هناك فجوة واسعة ما بين الظهور الأول للبرامج مفتوحة المصدر، واستخدام "لينوكس" (LINUX) في تطبيقات تتراوح من الحوسبة السحابية إلى الهواتف الذكية التي تعمل بنظام "أندرويد".
أنتج "مركز بالو ألتو للأبحاث" الشهير، التابع لشركة "زيروكس" ابتكارات أدت في نهاية المطاف إلى ظهور الكمبيوتر الشخصي، وأكثر من ذلك بكثير، على الرغم من أنَّ "زيروكس" حصدت القليل من المكاسب.
إنَّ الوقوف موقف المُتفرج والسماح بانهيار قطاع العملات المشفَّرة، ليس طريقة لتحقيق أقصى قدر من فوائد هذه التكنولوجيا الناشئة. بدلاً من ذلك؛ يجب على المشرّعين، والمنظّمين، القيام بمهامهم: من ضمان حماية لأصول العملاء، والتأكد من سلامة الأسواق؛ واشتراط أن تكون العملات المستقرة -الرموز المميزة ذات القيم المرتبطة بالعملات الورقية- مدعومة بالكامل بأصول آمنة مقوّمة بتلك العملات، مثل الديون السيادية قصيرة الأجل، واحتياطيات البنك المركزي. وعليهم أيضاً العمل مع العاملين في القطاع لإرساء أفضل الممارسات، وفرض تلك المعايير على الصعيدين المحلي والعالمي.
مرحباً بكم في "ميتافيرس" العملات المشفرة حيث تسهل خسارة كل شيء
حتى الآن، اختار المنظمون أخطاء إغفال الفعل، بدلاً من الأخطاء الناجمة عن محاولة القيام به، كما اختاروا التقاعس عن العمل بدلاً من المخاطرة بارتكاب الأخطاء. النتيجة هي خسائر بمليارات الدولارات، وتآكل الثقة في كلٍ من القطاع، وعمليات التنظيم، في حين أنَّ المطلوب هو أن يكونوا أكثر استباقية.