لماذا تثير إعانات بايدن للصناعات الخضراء غضب حلفاء أميركا؟

الرئيس الأميركي يقدم مساعدات ضريبية بقيمة 370 مليار دولار.. وشركاء واشنطن يعتبرونها "تمييزية"

علم الولايات المتحدة إلى جانب نظيره الخاص بالاتحاد الأوروبي
علم الولايات المتحدة إلى جانب نظيره الخاص بالاتحاد الأوروبي المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يقدم الرئيس الأميركي جو بايدن إعانات وإعفاءات ضريبية بنحو 370 مليار دولار لتعزيز الصناعات الخضراء وخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الولايات المتحدة. لكن بعضاً من أكبر شركاء واشنطن التجاريين، بمن فيهم الاتحاد الأوروبي واليابان، يقولون إن الإجراءات ستفيد الشركات الأميركية على نحو غير عادل وتضر بالتجارة الحرة. وإذا تصاعد الخلاف، فمن المحتمل أن يعوق ذلك نمو التقنيات اللازمة للتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون.

1) بؤرة الخلاف؟

يقدم قانون خفض التضخم، الذي أقرته الولايات المتحدة العام الماضي، إعانات وائتمانات ضريبية لإنتاج السيارات الكهربائية والكهرباء من مصادر متجددة، وكذا وقود الطائرات المستدام والهيدروجين. وتعمل مشاريع الطاقة الشمسية والصناعات الخضراء الأخرى على توفير آلاف الوظائف في الولايات المتحدة مع تعافي الاقتصاد من جائحة كورونا، وسيساعد الاقتصاد القوي بايدن إذا سعى للفوز بفترة رئاسية جديدة في 2024. لكن صانعي السياسة في أوروبا، واليابان، وكوريا الجنوبية يخشون من أن يجذب القانون استثمارات إلى الولايات المتحدة كانت ربما ستتدفق لولاه إلى مناطقهم.

2) ما هي المخاطر؟

قالت اليابان إن الإجراءات "تمييزية"، ويمكن أن تجعل شركات صناعة السيارات العملاقة لديها أكثر تردداً في الاستثمار بتحول الولايات المتحدة إلى السيارات الكهربائية. وذهبت شركة "هيونداي موتور" الكورية الجنوبية و"كيا كورب" إلى حد القول إن القانون يجعلهما في وضع غير موات لأنهما لا تملكان أي مصانع للسيارات الكهربائية في الولايات المتحدة حتى الآن (وإن كانتا ستفعلان ذلك قريباً). وجاء أقوى الشكاوى من أوروبا، حيث كان الدعم الصناعي في صميم بعض من أكثر الخلافات الشائكة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بما في ذلك نزاع دام لعقود بخصوص دعم شركتي "بوينغ" و"إيرباص" لصناعة الطائرات، ما أدى إلى فرض رسوم على تجارة بعشرات المليارات من الدولارات في 2019. ويمكن لهذه المواجهات أن تؤدي إلى تكاليف إضافية على عاتق الشركات، ما يرفع الأسعار ويضعف النمو. وهذا هو آخر شيء يحتاجه أي من الجانبين في الوقت الحالي، إذ تحرص الحكومات على تعزيز الصناعات التي يمكن أن تساعدها على الوفاء بتعهداتها الملزمة تجاه المناخ.

3) ما هي اعتراضات الاتحاد الأوروبي الرئيسية؟

تقول المفوضية الأوروبية، التي تتولى شؤون التجارة الدولية نيابة عن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27، إن الإجراءات الأميركية تشمل المحتوى المحلي ومتطلبات الإنتاج والتجميع، التي تنطوي على تمييز ضد الشركات غير الأميركية.

أوروبا تكشف عن خطة استثمار خضراء لمنافسة أميركا والصين

على وجه التحديد، يمنح القانون المستهلكين خصماً ضريبياً قيمته 7500 دولار للسيارات الكهربائية طالما أن 40% من المواد الخام في بطارياتها استُخرجت وعُولجت في الولايات المتحدة أو في البلدان التي لديها اتفاقية تجارة حرة معها. وهذا يعني أن شركاء الولايات المتحدة-مثل كندا والمكسيك- مُعفَون من قيود المحتوى الواردة في القانون، بينما لا يحصل منتجو السيارات الأجانب الآخرون على إعفاءات من هذا القبيل.

4) هل تصدت الولايات المتحدة للمخاوف؟

لا يأبه الرئيس بايدن بما قد يثيره هذا القانون من خلافات، فهو يقول إنه يفيد العمال الأميركيين ويساعد في مكافحة تغير المناخ. ومع ذلك، أقر بوجود بعض "الثغرات" في القانون، وأخبر المراسلين في أواخر 2022 بوجود فرصة لإجراء تعديلات لـ"تسهيل مشاركة الدول الأوروبية". وبشكل منفصل، أشارت وزارة الخزانة الأميركية إلى أن بعض السيارات المستوردة ستكون مؤهلة للحصول على الائتمانات الضريبية المخصصة للسيارات الكهربائية، مما هدأ المخاوف نوعاً ما.

5) ما رد الاتحاد الأوروبي؟

ما يزال يتعين على الدول الأعضاء الاتفاق على موقف مشترك إزاء القانون الأميركي. ودعت المفوضية وزعماء الاتحاد الأوروبي مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واشنطن إلى تغيير القواعد.

فرنسا وإسبانيا تدعمان موقفاً أوروبياً موحداً لمواجهة خطة بايدن

كما أبدت المفوضية مخاوفها مباشرة لوزارة الخزانة الأميركية. ودعا رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي، بيرند لانغ، المفوضية إلى تقديم شكوى إلى منظمة التجارة العالمية. وإذا ادعى الاتحاد الأوروبي لدى هيئة التجارة العالمية وحُكم لصالحه، فقد تضطر الولايات المتحدة إلى تغيير قواعدها أو مواجهة الانتقام التجاري. لكن قد يستغرق ذلك عدة سنوات.

6) ما صلة الصين بهذه المعركة؟

يهدد النزاع بتقويض جهود بايدن لبناء تحالف من الحلفاء الغربيين لمواجهة الانتهاكات التجارية المزعومة من قبل الصين. وبسبب استعدادهم لتقديم الدعم المالي لصناعاتهم المحلية؛ من الصعب عليهم الشكوى من توزيع الصين إعاناتها الخاصة على مجموعة من السلع الحيوية. ففي الآونة الأخيرة، وتحديداً العام الماضي، كانت واشنطن وبروكسل تتفاوضان على اتفاق لوضع قواعد دولية جديدة تهدف إلى كبح الدعم الصيني المشوّه للتجارة.

إنفوغراف: أكثر الدول تمويلاً لمشروعات تكنولوجيا المناخ

يمثل القانون الأميركي الجديد تغييراً في الأساليب، حيث يهدف إلى إعادة توجيه سلاسل التوريد العالمية لمواد الطاقة النظيفة بعيداً عن الصين، ولمنع بكين من إساءة استخدام هيمنتها على بعض المواد الخام الرئيسية. ويمكن أن يؤثر أي تعطل في سلاسل التوريد نتيجة لذلك على الاتحاد الأوروبي بشكل غير متناسب لأنه يعتمد على الصين في 98% من احتياجاته من المعادن النادرة وأحجار المغناطيس التي تستخدم في بطاريات السيارات، والألواح الشمسية، ومولدات الطاقة، ومعدات تخزين الهيدروجين.

7) ماذا تقول منظمة التجارة العالمية؟

لم تصدر المنظمة شيئاً رسمياً بعد، حيث لم يقدم الاتحاد الأوروبي شكوى. لكن المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نغوزي أوكونجو إيويالا، حثت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على محاولة تسوية الخلاف ودياً لمنع "التنافس المحموم" بشأن الإعانات.

8) هل يمكن أن يضاهي الاتحاد الأوروبي إعانات بايدن الخضراء؟

نعم. فقد حثت إدارة بايدن الاتحاد الأوروبي على تقديم إعانات خضراء خاصة به. وفي يناير الماضي أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن "قانون الصناعات التي تهدف إلى الوصول للانبعاثات الصفرية" ويركز على زيادة تمويل التقنيات الخضراء ليكون معادلاً لقانون المناخ الأميركي الوشيك. إذا تمكنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من مواءمة خططهما للدعم الأخضر بنجاح، فقد يؤدي ذلك إلى تسريع الجهود العالمية للتخلص من الكربون، ويصبح الطرفان نموذجاً يحتذى للدول الأخرى.

9) هل ستندلع حرب تجارية أخرى عبر الأطلسي؟

من السابق لأوانه قول ذلك. فبايدن يقول إنه ملتزم بمعالجة مخاوف الاتحاد الأوروبي، ووزارة الخزانة مستمرة في العمل على ذلك. وأعرب المستشار الألماني أولاف شولتز عن اقتناعه بأنه لن تندلع حرب تجارية، بل ويتوقع أن تتوصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق لتبديد مخاوف أوروبا.