خزينة المغرب تلجأ للفائدة المتغيرة لترويج سندات طويلة الأجل

أولى المحاولات لبيع سندات لأجل 5 و10 سنوات الأسبوع الماضي لم تلقَ إقبالاً من المستثمرين

زائر يمر أمام نسخة عملاقة من ورقة نقدية من فئة 10 دراهم تعود إلى الستينيات في متحف النقود بالعاصمة المغربية الرباط
زائر يمر أمام نسخة عملاقة من ورقة نقدية من فئة 10 دراهم تعود إلى الستينيات في متحف النقود بالعاصمة المغربية الرباط المصدر: بلومبرغ
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لم تفلح خزينة المغرب بجذب المستثمرين لشراء سندات بآجال استحقاق 5 و10 سنوات، أصدرتها الأسبوع الماضي، رغم اعتمادها أسعار فائدة "متغيرة"، في خطوةٍ جديدة تسعى من خلالها لضمان استمرار تمويلها للمدى الطويل.

عانت سوق الدين الحكومية في المملكة، نهاية 2022، من ضعف إقبال المستثمرين نتيجة عدم قبول مديرية الخزينة بوزارة الاقتصاد والمالية لنسب فائدة مرتفعة لسندات الآجال المتوسطة والطويلة، وهو ما دفعها لتجربة سندات بفائدة متغيرة.

نتيجة الشلل الذي أصاب سوق السندات، لجأ بنك المغرب المركزي، مطلع العام الحالي، لاستعمال وسيلة ضخ هيكلية للسيولة تُسمّى بـ"السوق المفتوحة"، من خلال شراء السندات في السوق الثانوية لدى البنوك بسقف 25 مليار درهم، وذلك لأول مرّة في تاريخه.

تأتي هذه الخطوات بعدما رفع "المركزي" سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 100 نقطة أساس إلى 2.5% عام 2022، لمواجهة التضخم الذي سجل 6.6% كمعدل للسنة بأكملها، وهو مستوى قياسي لم يُسجل في البلاد مدة ثلاثة عقود، وكان مدفوعاً بقفزة أسعار الوقود والغذاء.

عدم يقين المستثمرين

خلال الأسبوع الماضي، أعلنت الخزينة عن حاجتها لجمع 5 مليارات درهم بإصدار سندات استحقاق تمتد من 26 أسبوعاً إلى 20 عاماً، وتلقّت طلبات شراء بـ24 مليار درهم، منها 19.6 مليار مهتمة فقط بسندات ثابتة بأجل 26 أسبوعاً.

الجديد في هذا الإصدار، الذي امتدّ من 31 يناير إلى 2 فبراير، هو عرض سندات لأجل 5 سنوات باعتماد سعر فائدة أساس لـ13 أسبوعاً (الذي يبلغ حالياً 3.23%) تضاف إليه 5 نقاط، و10 نقاط إضافية للسندات التي يستحق أجلها بعد 10 سنوات.

نتيجة الإصدار، الذي استمرّ 3 أيام، انتهت ببيع سندات بقيمة 10.9 مليار درهم في المجموع، منها 7.2 مليار درهم لأجل استحقاق 26 أسبوعاً بسعر فائدة ثابت عند 3.14%، بالإضافة إلى 2.25 مليار درهم لأجل سنتين بسعر ثابت 3.84%. في حين لم تتمكن الخزينة من استقطاب أكثر من 1.4 مليار درهم للسندات لأجل 5 سنوات بسعر فائدة متغير مقابل طلب يبلغ 1.6 مليار درهم، بينما لم يبدِ المستثمرون أي اهتمام بالسندات التي يستحق أجلها بعد 10 سنوات.

"المركزي المغربي" يتصدى لنقص السيولة بشراء سندات خزينة من البنوك بـ25 مليار درهم

الخبير الاقتصادي عمر باكو، أشار إلى أن الطلب الذي تلقته الخزينة كان مركزاً، بشكلٍ أساسي، على السندات قصيرة الاستحقاق. مفسراً ذلك بتخوف المستثمرين من آفاق ارتفاع التضخم وسعر الفائدة الرئيسي خلال العام الحالي.

كان مسعى الخزينة هو خلق شهية لدى المستثمرين على سندات الخزينة ذات الاستحقاق المتوسط والطويل "لتضمن تمويلاً مريحاً، لكن خطوتها لم تلقَ النجاح المنشود"، بحسب باكو. لافتاً إلى أن "السندات ذات سعر الفائدة المتغير توفر أماناً للمستثمرين، لكن استمرار عدم اليقين بخصوص التضخم والقرارات المرتقبة لبنك المغرب المركزي، جعلت المستثمرين يحجمون عنها".

أسباب ضعف الطلب

يرى أحمد الزهاني، اقتصادي رئيسي في بنك الأعمال "سي دي جي كابيتال" (CDG CAPITAL)، أن السبب وراء انعدام الطلب على سندات 10 سنوات، وضعفه بالنسبة لسندات 5 سنوات، هو "تفضيل المستثمرين للمدد القصيرة بالنظر لسهولة بيعها للمستثمرين في السوق الثانوية، أو لبنك المغرب في إطار عمليات السوق المفتوحة".

تتيح المدد القصيرة للمستثمرين تجنب مخاطر ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة الرئيسي في المستقبل، بالنظر إلى تطور الأوضاع الاقتصادية في العالم واستمرار كبرى البنوك المركزية العالمية في سياسة التشديد.

المغرب يعرض للبيع مصفاة نفط للملياردير السعودي محمد العمودي

الزهاني نوّه بأن "الفائدة المتغيرة المقترحة للسندات ذات آجال 5 و10 سنوات تقل عن المستوى الحالي المسجل في السوق الثانوية للسندات المماثلة". موضحاً أن تطور هذه السوق يرتبط بشكل وثيق بتكهنات المستثمرين لسياسة بنك المغرب لسنة 2023، وتطبيق سياسة التمويل الخارجي من قِبل الخزينة التي ستلجأ إلى السوق الدولية لاقتراض نصف احتياجاتها".

تعتزم الحكومة المغربية هذا العام اللجوء إلى الاقتراض الداخلي بإجمالي 69 مليار درهم، بزيادة 5.6% على أرقام العام الماضي، في حين سيقفز الاقتراض من الأسواق الخارجية بأكثر من 50% إلى 60 مليار درهم، وفق معطيات موازنة 2023.